أعلن البنك المركزي انتهاءه من مشروع «قانون البنوك» بعد موافقة مجلس الوزراء عليه بشكل نهائي، ومن المفترض أن يتم إرساله إلى مجلس النواب خلال الأيام المقبلة؛ تمهيدًا لمناقشته وإقراره بشكل نهائي عقب بدء دور الانعقاد الثالث في مطلع الشهر المقبل، في المقابل أعلنت عدة جهات من بينها نواب وقوى سياسية وبنوك اعتراضها على مشروع القانون بشكله الحالي لعدة أسباب؛ أبرزها توسع صلاحيات محافظ البنك المركزي، والتدخل في أدق التفاصيل فيما يتعلق بإدارة البنوك، لدرجة تحديد رواتب ومكافآت كبار الموظفين وأعضاء مجالس الإدارات، كذلك تم الاعتراض علي اتجاه إنشاء شركة لطباعة وسك النقد، بجانب مضاعفة مصاريف تأسيس وتراخيص الشركات. ملامح مشروع القانون يتضمن مشروع قانون البنوك الجديد الذي أعده البنك المركزي من 170 مادة مقسمة إلى 6 أبواب تشمل دور البنك المركزي في الرقابة على الشركات، والذي شهد توسعًا في دور البنك المركزي، حيث تشير مواد في القانون الجديد إلى سعي البنك المركزي لتوسيع مظلته الرقابية، لتضم بجانب الجهاز المصرفي كلًّا من شركات الصرافة وتحويل الأموال وشركات ضمان مخاطر الائتمان وجهات منح الائتمان وشركات الاستعلام الائتماني والتصنيف الائتماني والشركات التي تقوم بخدمات التعهيد، بالإضافة للشركات والجهات العاملة بمجال نظم وخدمات الدفع. وبحسب المادة 38 من مشروع القانون تكون الشركة الجديدة مملوكة بنسبة 99% للبنك المركزي و0.5% لصندوق التأمين الخاص بالعاملين بالبنك، والنسبة ذاتها لنقابة العاملين بالمركزي، وتؤول للشركة أصول والتزامات دار طباعة النقد التي يمتلكها المركزي، وينقل العاملين بالدار إليها بذات أوضاعهم ومزاياهم الوظيفية، ويصدر مجلس إدارة البنك المركزي قرارًا بتشكيل مجلس إدارتها، بناء على اقتراح من المحافظ. وتضمن مشروع القانون وضع ضوابط وتحديد رسوم التراخيص لإنشاء الشركات، وضاعف القانون الجديد رسوم الترخيص وعمليات الرقابة على المصارف بنسبة ألف% أي 10 مرات الرسوم المطبقة حاليًا، لتصل إلى 100 ألف جنيه عن المركز الرئيسي لأي بنك أو شركة تخضع لأحكام القانون، و50 ألفًا عن كل فرع أو وكالة، وتودع حصيلة الرسوم في حساب خاص باسم الرقابة والإشراف بالبنك المركزي، وينظم قواعد هذا الحساب والصرف منه قرار من المحافظ. وتحظر المادة 33 من مشروع القانون على أي شخص، بخلاف الجهات المرخص لها بالقانون، إصدار أي أوراق أو مسكوكات من أي نوع يكون لها مظهر النقد أو تشبه النقد، كما نص مشروع القانون الجديد على أن يكون التعامل داخل مصر بالجنيه، بدلًا من اقتصار النص عليها في اللائحة التنفيذية بالقانون الحالي. وتطرق الجزء الثالث إلى ضوابط وصلاحيات البنك المركزي على مجالس إدارة البنوك وطريقة اختيارها وتحديدا المادة 109 من مشروع القانون، والتي اعترض عليها اتحاد البنوك بسبب تقلص صلاحيات مجالس الإدارة ووضع معيار اختيارها وطريقة احتساب رواتب أعضائها ومكافآتهم، حيث اشترط مشروع القانون أن يكون رئيس مجلس الإدارة مستقلًّا، وحدد معنى الاستقلال بألَّا يكون موظفًا في البنك أو مساهمًا رئيسيًّا فيه أو يمثله خلال السنوات الثلاث السابقة على بدء سريان القانون، مما يعنى استبعاد جميع رؤساء البنوك الحاليين، كما ألزم المشروع كل البنوك والجهات المخاطبة بتوفيق أوضاعها خلال فترة لا تجاوز سنة من تاريخ العمل به، مع إمكانية مدها بقرار من مجلس إدارة البنك المركزي إلى فترات أخرى لا تجاوز ثلاث سنوات. الرافضون تصدر اتحاد البنوك، قائمة الجهات الرافضة لمشروع القانون بشكله الحالي، حيث أعلن ملاحظاته بأن تدخل البنك المركزي في تحديد رواتب ومكافآت وبدلات أعضاء مجلس الإدارة غير دستوري، كما رفض الاتحاد الضوابط التي وضعها المركزي لاختيار الرؤساء التنفيذيين بالبنوك. وأعلنت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب رفضها لمشروع القانون قبل عرضه على البرلمان، حيث أكد عدد من أعضاء اللجنة أن طارق عامر، محافظ البنك المركزي، نصَّب نفسه حاكمًا على جميع البنوك، ووسع من صلاحيته، وهذا أمر مرفوض، معتبرة أن محافظ البنك المركزي تجاوز دوره وقلص من الدور الرقابي للبرلمان، وأن مشروع القانون بحاجة إلى تعديل وإجراء حوار مجتمعي قبل إرسال القانون للبرلمان، وفي حالة تمسك البنك المركزي بالشكل الحالي للقانون سيتم تعديله من جانب البرلمان. وقال الدكتور محمد فؤاد، المتحدث الإعلامي للهيئة البرلمانية لحزب الوفد: البنك المركزي ومحافظه طارق عامر عليه إجراء مناقشات واسعة مع ممثلي القطاع المصرفي وخبراء الاقتصاد؛ لوضع الصياغه النهائية لمسودة تعديلات قانون البنوك الذي أثار الكثير من الجدل منذ تداول مسودته الأولى، مضيفًا أن رئيس البنك المركزي منح نفسه العديد من الصلاحيات في القانون الجديد بشكل يحتاج إلى تفسير وربما توضيح للمسؤوليات والالتزامات، مشددًا على أن «الوفد» بينما يتبنى استقلالية البنك المركزي فإنه لا يتفق مع السعي الحالي لمنح المركزي ومحافظه صلاحيات مطلقة من شأنها إحداث حالة من عدم الاتزان . وأضاف فؤاد أن الوفد سيشكل مجموعة عمل متخصصة برئاسة الدكتور هاني سري الدين لدراسة النسخة الأخيرة من المشروع عند تقديمها، منوهًا إلى أنه قد سبق وتقدم الوفد في دور الانعقاد السابق بمشروع خاص بتعديل قانون البنك المركزى والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003، مؤكدًا أن الوفد سيبدي ملاحظاته على المسودة النهائية لمشروع القانون حين عرضها على البرلمان أثناء خضوعها لمناقشات اللجنة الاقتصادية، وأن الوفد سيسعى لخروج قانون متوازن لا يكرس لمركزية أو هيمنة ويشكل نقلة نوعية في الحوكمة النقدية والاقتصادية.