رغم إشادة صندوق النقد الدولى، كبيت خبرة عالمى، بالجهود الحثيثة التى تبذلها حكومة المهندس شريف إسماعيل والثناء على الإجراءات القوية التى يتخذها البنك المركزى المصرى لإصلاح المسار الاقتصادى، ورغم نجاح مصر فى اختبار المراجعة الأولى لتقييم أداء الاقتصاد المصرى وصرف الشريحة الثانية البالغة 1.25 مليار دولار .. ورغم كل ذلك، فإن الوضع الاقتصادى وباعتراف الصندوق مازال هشا. إلا أننى .. وبعقلية المحلل الاقتصادى وخبرة سنين طويلة، فإننى أستطيع القول.. نعم، هناك ضوء فى نهاية طريق الإصلاح الذى يستهدف: 1- علاج الاختلالات المالية بجسم الاقتصاد المصرى من خلال تخفيض عجز الموازنة وميزان المدفوعات ومعدلات التضخم واحتواء الدين العام وزيادة احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى وتعزيز استقرار سعر صرف الجنيه. 2- إصلاح هيكلى لمنظومات الدعم والضرائب والمعاشات والأجور والجهاز الإدارى للدولة وقطاع الأعمال العام والتشريعات الاقتصادية والتعليم والصحة .. وغيرها. 3- تعزيز شبكة الحماية الاجتماعية من خلال توفير فرص العمل وبحد أدنى مناسب وتعويضات ضد البطالة وتوصيل الدعم إلى مستحقيه.. وتخفيف الضرائب عن الشرائح الأقل دخلا وتحسين جودة الخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة وتطوير العشوائيات.. وتخفيض معدلات التضخم إلى الحدود المقبولة.. وتطوير العشوائيات وتوفير الإسكان الاجتماعى .. وغيرها. فى هذا الإطار قامت الحكومة المصرية مؤخرا بتطبيق حزمة من سبعة قرارات لحماية وتعزيز الوضع الاجتماعى للشريحة العريضة غير المقتدرة (نحو 75%) من شعب مصر، هذه القرارات تستهدف تعزيز قدرتهم على مواجهة معدلات التضخم غير المسبوقة والناجم بدرجة أساسية عن إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الحكومة كتحرير سعر الصرف وكذلك رفع أسعار الطاقة (الكهرباء والمياه والمحروقات) ورفع سعر الفائدة أكثر من مرة. ورغم أن تلك الجهود التى بذلتها الحكومة بدأت تؤتى ثمارها من حيث ارتفاع معدلات النمو الحقيقى واحتواء العجز فى الموازنة وميزان المدفوعات واستقرار سعر الصرف واختفاء السوق السوداء تقريبا، كما ارتفع احتياطى البنك المركزى إلى مستويات مريحة بلغت 31.3 مليار دولار بنهاية شهر يونيو الماضى. هذه النتائج كانت مسار ترحيب من جانب مجتمع الأعمال وكذلك المؤسسات المالية على الصعيدين المحلى والدولى، خاصة أنها تتم فى إطار برنامج قوى للإصلاح الاقتصادى الذى هو مدعوم ماليا وفنيا من قبل صندوق النقد الدولى.. إلا أن مستويات البطالة والغلاء والدين العام ما زالت مرتفعة وتؤثر سلبا فى الوضع الاجتماعى وقدرة الشريحة غير المقتدرة والأجيال القادمة على تحملها. لذا فإن توصياتنا تتضمن ما يلى: 1- المزيد من تفعيل دور المجلس التنسيقى للسياسة النقدية لتحقيق التناغم بين كل من السياسة المالية للحكومة والسياسة النقدية للبنك المركزى، ويتم ذلك باختيار ثلاثة أعضاء جدد من ذوى الخبرة من شيوخ الاقتصاديين المشهود لهم بالكفاءة والخبرة. 2- تطبيق فكرة الكارت الذكى الواحد لصرف الخبز والسلع التموينية والمحروقات بحيث يوزع المبلغ الإجمالى المخصص للدعم بالموازنة على عدد 18 مليون رب أسرة غير مقتدرة (من إجمالى نحو 23 مليون رب أسرة) لأن ذلك يمكن أن يحقق مزايا مهمة.. منها: أ- ضبط منظومة الدعم واستهداف المستحقين له. ب- فتح شهية المتلقى للدعم شبه النقدى للمساهمة بجهد أكبر فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى. ج- زيادة أعداد ونسبة الشمول المالى (من لهم حسابات بالبنوك وفى سن 16 سنة فأكثر) من 8 ملايين فرد أى 15% إلى 18 مليون فرد أى نحو 35% فقط، الأمر الذى تزيد معه فاعلية وكفاءة السياسات الاقتصادية المطبقة.. كما يقلل من التعاملات النقدية ومن ثم دمج التعاملات غير الرسمية فى الاقتصاد الرسمى.