تتعترض الشركات العائدة من الخصخصة وفقا لأحكام القضاء، لمشكلات مالية وإدارية ضخمة ومتعددة، فعلى الرغم من تشكيل لجنة وزارية من وزارات الاستثمار والعدل وقطاع الأعمال العام والمالية، لحل مشكلات هذه الشركات العائدة للدولة، فإن اللجنة تمكنت من تسوية مشكلات شركة واحدة فقط، والباقى لا يزال تحت وطأة المشكلات، مثل تفعيل اتفاقية تسوية المديونية فى شركة المراجل البخارية، أو نقل الملكية بصورة رسمية كما فى حالة طنطا للكتان، أو تقييم سعر السهم فى شركة النيل لحليج فضلا عن تردى وضع شركة سيمو للورق أو تراكم المديونية فى شركة عمر أفندى. فى البداية نشير إلى أن مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة لتوفيق أوضاع الشركات الخمس العائدة من الخصخصة، وهى شركات: المراجل البخارية، طنطا للكتان والزيوت، عمر أفندى، النيل لحليج الأقطان، شبين الكوم للغزل. واللجنة تضم وزراء العدل وقطاع الأعمال العام والمالية والاستثمار، وتقوم اللجنة على حل المشكلات المالية والقانونية التى تواجه الشركات الخمس، وقد تمت تسوية أوضاع شركة واحدة فقط وهى شركة شبين الكوم للغزل لكن باقى الشركات لم تسو أوضاعها المالية بل انضمت إليها شركة جديدة، هى شركة سيمو للورق. طنطا للكتان لاتزال مملوكة للمستثمر فى البداية يقول وليد الرشيد العضو المنتدب للشركة القابضة للصناعات الكيماوية: إن الشركات العائدة لتبعية القابضة الكيماوية وفقا لأحكام القضاء 3 شركات، هى شركات: طنطا للكتان والزيوت، المراجل البخارية، شركة سيمو للورق. وعن وضع الشركات الثلاث يتحدث قائلا: إن شركة طنطا للكتان تمتلك 10 مصانع، يعمل منها 5 مصانع وليس بالطاقة القصوى لأنها فى حاجة إلى ضخ استثمارات، ولكن لا نستطيع ذلك نظرا لأن أسهم الشركة حتى الآن مملوكة للمستثمر، والقابضة تقوم بضخ المصروفات التى تمكن الشركة من الاستمرار، سواء أجور عمالة أو مصروفات إدارية حتى تستمر وتتحمل وزارة المالية الأجور بمقتضى الحكم القضائى، وتتولى الشركة القابضة الكيماوية إدارة الشركة وتوفير السيولة اللازمة للشركة لتستمر وحتى لا تتوقف عن العمل، وسداد الأجور على أن يتم خصمها من توزيعات الأرباح التى تتولى القابضة تحويلها لوزارة المالية، وقد أقرت وزارة المالية 24 مليون جنيه منها حتى الآن من إجمالى 140 مليون جنيه قامت القابضة الكيماوية بسدادها، وعن الوضع المالى للشركة فإن الشركة تسجل صافى خسائر بنحو 12 مليون جنيه، مقابل 18 مليون جنيه خسارة وقت تسلم القابضة الكيماوية للشركة، ويوضح الرشيد أن نقل الملكية للقابضة الكيماوية هى مسئولية اللجنة الوزارية المشكلة لبحث مشكلات الشركات العائدة من الخصخصة، وتم تشكيلها من 3 سنوات، برئاسة وزيرة الاستثمار وتضم وزراء المالية والعدل ومجلس الدولة، وانضم إليها مؤخرا قطاع الأعمال العام بعد فصله فى وزارة مستقلة، وقد قامت اللجنة بالفعل بحل مشكلة شركة غزل شبين وإنهاء مشكلة التحكيم مع المستثمر بالتفاوض معه، ونتمنى إنهاء مشكلة المستثمر فى شركة طنطا للكتان، والذى يطالب بمليار جنيه تعويضا بعد عودة الشركة لتبعية الدولة مرة أخرى، وفى المقابل فإن الدولة تحملت أجور ومصروفات الشركة التى تصل إلى نحو 200 مليون جنيه ويوجد بها 450 عاملا بعد خروج 240 عاملا للمعاش المبكر، وتمت الموافقة من قبل الجمعية العمومية للقابضة الكيماوية، ما تم صرفه للعمالة التى سبق خروجها للمعاش المبكر وأقر الحكم القضائى عودتهم للشركة، بما يعادل 62 مليون جنية تم صرف 35 ألف جنيه لكل عامل منه. تسوية المراجل البخارية لم تتم الشركة الثانية، هى شركة المراجل البخارية وعودتها بصورة كاملة لتبعية الشركة القابضة الكيماوية يعترضها هى الأخرى بعض المشكلات، فالشركة كما هو معلوم لم يعد لها كيان والمتبقى هو الأرض وبعض الآلات المتقادمة عديمة الاستخدام فى الوقت الحالى، وفى حال تأسيس شركة أخرى لا يمكن أن تقام على الأرض التابعة، فالأرض بمساحة 86 ألف متر فى منطقة منيل شيحة وهى منطقة فيلات وقصور ولا يمكن تأسيس نشاط صناعى فى هذه المنطقة ولكن الأولى إقامة مشروع عقارى، عامين بعد تفاوض طويل تم الاتفاق على أن تقوم شركة الخلود التى يسهم فيها بنك فيصل بنسبة 70% والباقى مملوك للمستثمر خالد شتا بسداد 89.5 مليون دولار عن شركة المراجل، على أن تخصم القيمة المدفوعة من الوعاء الضريبى لبنك فيصل، وينتظر أن تقوم وزارة المالية بوضع هذا الاتفاق محل التنفيذ، لكى نقوم بنقل ملكية الأرض للشركة القابضة والتفاوض، ويرى الرشيد أن السوق المصرى فى حاجة لشركة للمراجل، ويمكن أن تسهم الدولة فى إقامة شركة للمراجل لكن بمساهمة من القطاع الخاص لتقدم أفضل تكنولوجيا متقدمة فى هذا المجال. الخراب يحاصر سيمو للورق الشركة الثالثة، هى شركة سيمو للورق وهذه الشركة لم يعد لها أى كيان ففى أعقاب أحداث يناير 2011 تم تخريب المصنع وتعرض المصنع للنهب، وتمت سرقة المصنع حتى الكابلات النحاسية فى المصانع سرقت، وللأسف فإن الشركة القابضة لا تمتلك فيها سوى 14% فقط من رأسمال الشركة والباقى بنسبة 70% لدى مستثمر من القطاع الخاص والباقى متداول فى بورصة الأوراق المالية، والشركة مستحيل أن تعمل وتحتاج إلى مليارات لكى تبنى من جديد وحتى العمالة تم تشريدها، والتساؤل الأهم: هو كيف يتم الحكم بعودة الشركة لصاحب الحصة الأقل؟ ومن أجل ذلك تم الطعن على الحكم الصادر من القضاء الإدارى، ومن المقرر الطعن فيه أمام الإدارية العليا فى 2 يوليو الجارى، ومن السابق الحديث عن وضع الشركة المستقبلى قبل الوصول لحكم نهائى فى تبعية الشركة، لكن الأمر المؤكد هى أنها عبء جديد ألقى على كاهل الدولة، فشركة سيمو متوقفة عن النشاط منذ 10 سنوات، ولا يوجد مصنع أو أى نشاط، وتعرضت للنهب والتخريب، فالمتبقى منها حطام لشركة سابقة. مديونية عمر أفندى ويقول أيمن سالم رئيس شركة عمر أفندى: إن إجمالى مديونيات شركة عمر أفندى مليار جنيه، وتشمل إلى جانب مديونية البنوك لدى مؤسسة التمويل الدولية بقيمة 35 مليون دولار، مديونية الموردين والتأمينات والضرائب، وكل هذه المديونية تراكمت فى فترة تبعية المستثمر، مشيرا إلى أن المستثمر قام برفع قضية تحكيم دولى لدى مركز التحكيم الدولى وخسرها، ومن ثم فإن المستثمر ليس لديه له أى حقوق بل إن إجمالى ما سدده لا يتجاوز نصف مليار جنيه فى حين أن المديونية المتراكمة على الشركة تجاوزت المليار جنيه أى أنه ملزم بسداد نصف المليار جنيه الآخر. تدهور أوضاع النيل لحليج الأقطان ومن الشركات العائدة للخصخصة التى تدهورت أوضاعها شركة النيل لحليج الأقطان، وأظهرت المؤشرات المالية للشركة، خلال الأشهر التسعة المنتهية فى مارس 2017، ارتفاع خسائرها بنسبة 665%، على أساس سنوى. وأوضحت الشركة فى بيان لها، أنها سجلت خسائر خلال الفترة من يوليو إلى مارس الماضيين بقيمة 70.07 مليون جنيه، مقابل خسائر بلغت 9.15 مليون جنيه فى الفترة المماثلة من العام السابق. وتراجعت إيرادات الشركة خلال الأشهر التسعة المنتهية فى مارس إلى 2.5 مليون جنيه، مقابل إيرادات بلغت 3.3 مليون جنيه فى الفترة المماثلة من العام السابق، بحسب البيان. وأكد خيرى مرزوق، رئيس اللجنة النقابية لعمال مصانع النيل لحليج الأقطان بالمنيا، أن القيمة التى تم بيع أصول الشركة بها لا تمثل القيمة الفعلية، موضحا أن القيمة الفعلية لأصول الشركة تتعدى ال 4 مليارات جنيه، ولم تقم الشركة القابضة للتشييد والبناء بتقييم سهم الشركة حتى الآن، لكى يتم شراء الأسهم بالقيمة العادلة من المساهمين، وقد لجأت الشركة القابضة إلى أكثر من مكتب استشارى لتقييم سهم إلا أنه لم يتم الوصول إلى سعر للتقييم حتى الآن. وقد ناقشت لجنة الصناعة بمجلس النواب، برئاسة أحمد سمير طلب الإحاطة المقدم من النائب علاء السبيعى، بشأن مشكلات شركة النيل لحليج الأقطان والعائدة بحكم قضائى بعد الخصخصة دون تنفيذ حكم الإعادة للدولة وأسبابه. تحصين قرارات لجان الخصخصة ويرى د.محمود سالم مدير المكتب الفنى لوزير قطاع الأعمال – سابقا، أن معظم الشركات العائدة لتبعية الدولة، عادت وفقا لظروف سياسية، وعدد كبير من الشركات العائدة محملة فقط بالمشكلات ولا تمثل أى إضافة للاقتصاد المصرى، لكن عودتها أصبحت واقعا، لابد من التعامل معها لتحقيق أفضل عائد منها، مشيرا إلى أنه لا يوجد حل واحد للتعامل مع هذه الشركات، فلابد من دراسة كل حالة على حدة وعلاجها وفقا لذلك، مؤكدا أن اللجان المشكلة لحل مشكلات شركات الخصخصة العائدة، لابد أن تكون قراراتها محصنة حتى يتم حسم مشكلات الشركات بشكل نهائى وتبدأ ممارسة نشاطها مرة أخرى، مشيرا إلى أن ذلك يسهم فى تحسين مناخ الاستثمار فى مصر ويعيد ثقة المستثمرين بالاقتصاد المصرى. شركات عاجزة عن الإنتاج وأكد رضا العدل الرئيس السابق للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، أن الشركات التى عادت لأحضان الحكومة من المستثمرين الأجانب بأحكام قضائية هى الآن مدمرة وغير قادرة على الإنتاج، مستشهدا بأوضاع شركة «سيمو» للورق التى توقفت عن الإنتاج وتعرضت للسرقة والنهب ما جعلها غير قادرة على العمل، وكذا شركة «المراجل البخارية» التى كانت ناجحة ولكن حين عادت للدولة بعد انتهاء نشاطها من عقود.