شدد السيد رئيس الجمهورية على اهمية رصد حالات ووقائع الفساد والتصدى لها بشكل مسبق للحيولة دون وقوعها بما يساهم فى اعادة الثقة لدى المواطن المصرى فى حرص الدولة على حماية حقوقه. كما وجه سيادته بأهمية المتابعة الدورية والمستمرة للمسئولين بالمواقع الهامة والمؤثرة وعرض ما تسفر عنه التحريات بدقة بما يساهم فى نشر قيم الجدية والالتزام فى العمل. ورغم تعدد صور واشكال الفساد الخفية والمعلنة فإن جميعها قد اجتمعت على مخالفة صريح اعمال القانون العام للدولة وذلك على النحو التالى: من المسلمات القانونية ان الدعوى الجنائية هى اهم وسائل القصاص من الجناة لحق المجنى عليهم من الخاصة او العامة . الا ان هناك من الاسباب التى تنقضى على اثرها هذه الدعوى سواء كانت اسبابا موضوعية فى العقاب او شكلية تتعلق بالرابطة الاجرائية التى إذا ما اصابها احد العيوب يحول دون طرحها على القضاء. وفى جميع الاحوال فان انقضاء الدعوى الجنائية يأتى اما بصدور حكم قضائى فى موضوعها ينهى الخصومة الجنائية او يكون نتيجة لاسباب عارضة حدثت عقب ارتكاب الجريمة وقبل صدور حكم بات فيها. ومن اهم هذه الاسباب ما يسمى بالتصالح الذى بموجبه تنقضى الدعوى الجنائية نتيجة سداد مبلغ مالى لخزينة الدولة، وقد اجازت احكام المادة 18 مكرر من قانون الاجراءات الجنائية 150 لسنة 1950 المعدل بالقانون 174 لسنة 1998 والقانون 74 لسنة 2007 للمتهم التصالح فى نوعين من الجرائم النوع الاول: وهى المخالفات التى عرفتها المادة 12 من قانون العقوبات 58 لسنة 1937 المعدل بالقانون رقم 169 لسنة 1981 بأنها الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التى لا تزيد على مائة جنيه مصرى. اما النوع الثانى فهى جرائم الجنح التى عرفتها المادة 11 من ذات القانون بأنها الجرائم المعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تزيد على ثلاث سنوات الا فى الاحوال الخاصة المنصوص عليها قانونا والمعاقب عليها ايضا بالغرامة التى لا تقل عن مائة قرش ولا تزيد على خمسمائة جنيه وفقا للقانون 29 لسنة 1982 . كما خاطبت هذه المادة 18 مكرر من قانون الاجراءات كلا من محرر محضر الواقعة والنيابة العامة واوجبت عليهما بحسب الاحوال عرض التصالح على المتهم او وكيله واثبات ذلك مع محضر الواقعة. كما خاطبت ايضا المتهم الراغب فى التصالح وأوجبت عليه سداد مبلغ مالى يعادل ثلث الحد الاقصى للغرامة لخزينة الدولة وذلك قبل رفع الدعوى الجنائية ضده بحيث لا يسقط حقه فى التصالح اذا سدد ثلثى الحد الاقصى للغرامة او قيمة الحد الادنى لها ايهما اكبر وذلك قبل صدور حكم بات فى الدعوى. ولما كانت جرائم التجارة الداخلية من جرائم الخطر المهدد للنظام الاقتصادى للدولة وجرائم الضرر اللاحق بالافراد فقد اصدر المشرع عدة قوانين لذلك من اهمها قانون حماية المستهلك 67 لسنة 2006 اختص وزير التجارة والصناعة بتنفيذه وليس وزير التموين والتجارة الداخلية فضلا عن ذلك فان الجرائم المخالفة لاحكامه جميعها من جرائم الجنح وليست المخالفات ولا الجنايات. وقد اجازت احكام هذا القانون لرئيس مجلس ادارة جهازه حق التصالح مع المتهم قبل صدور حكم بات فى الدعوى الجنائية مقابل اداء مبلغ لا يقل عن عشرة آلاف جنيه ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية. هذا النص قد اصابه بطلان يرقى لمستوى الانعدام لمخالفته قواعد النظام العام المنصوص عليها بقانون الاجراءات الجنائية التى أوجبت على المتهم الراغب فى التصالح سداد مبلغ مالى قبل رفع الدعوى الجنائية يعادل ثلث الحد الاقصى للغرامة المقررة للجريمة. وباعتبار ان مخالفة قانون حماية المستهلك 67 لسنة 2006 يعاقب عليها بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على مائة الف جنيه فاذا اراد المتهم بهذا القانون التصالح فعليه سداد مبلغ مالى لا يقل عن 33.3 الف جنيه قبل رفع الدعوى الجنائية وليس بما لا يقل عن عشرة آلاف جنيه كما ورد بهذا القانون. كما ان حق المتهم فى التصالح لا يسقط برفع الدعوى الجنائية ضده اذا سدد ثلثى الحد الاقصى للغرامة او قيمة الحد الادنى لها ايهما اكبر وعندئذ يكون المبلغ المستحق سداده لا يقل عن 66.6 الف جنيه مصرى. والسؤال المطروح: هل يصح التصالح مع رئيس مجلس ادارة جهاز حماية المستهلك وفقا للقانون 67 لسنة 2006؟ الاجابة طبعا لا باعتبار ان قواعد النظام العام فى قانون الاجراءات اعطت لكل من محرر محضر ضبط الواقعة والنيابة العامة حق اجراء التصالح مع المتهم فقط كما ان مبلغ التصالح يسدد اما لخزينة المحكمة او النيابة العامة او الى من يرخص له فى ذلك من وزير العدل. ورئيس جهاز حماية المستهلك ليس من هؤلاء قط خاصة أنه لم يصدر لهذا الجهاز هيكل ادارى تنظيمى معتمد من الوزير المختص او من الجهاز المركزى للتنظيم والادارة يشمل على وظائف لها بطاقات وصف وظيفية تبين شروط شغلها والواجبات الملقاة على عاتق من يشغلها.