طالعتنا جريدة الأهرام بعددها الصادر في13/4/2014 بتحقيق صحفي تضمن سردا تاريخيا لاسعار الاسمنت بدءا من200 جنيه للطن عام2002 ثم اخذ في الارتفاع الي280 جنيها للطن عام2004 ثم300 جنيه للطن عام2005 ثم قفز الي400 جنيه عن2007, ومع حلول عام2011 بلغ سعر الطن530 جنيها ثم650 جنيها ثم700 جنيه حتي بلغ800 جنيه للطن وهو سعر يتجاوز الاسعار العالمية للاسمنت, ولايزال في طريقه للارتفاع نتيجة لايقاف الحكومات السابقة خلال النظم الفاسدة والحكومات اللاحقة والحالية للقوانين الحاكمة لهذا الانفلات السعري الذي سوف تكشف عنه الحقائق التالية: تصدي المشرع للجريمة التي يرتكبها الموظف العام عند استخدامه لسلطة موقعه الوظيفي في ايقاف تنفيذ احكام القوانين المعمول بها بالحبس والعزل عملا بأحكام المادة123 من قانون العقوبات احتراما للمبدأ الدستوري الذي يقضي بأن سيادة القانون هي اساس الحكم في الدولة الذي رغم اختلاف البعض في تحديد مفهومه فإنه يعني ضمان حقوق الافراد وحماية حرياتهم ومصالحهم في مواجهة سلطات الدولة بالالتزامات القانونية والدستورية, وباعتبار ان التجارة الداخلية احد المحاور الرئيسية لتحقيق المعدلات المستهدفة للنمو الاقتصادي فهي ترتبط ارتباطا مباشرا بسياسة وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأحد عناصر التنمية الشاملة, وباعتبار ان اقتصاد السوق ليس مجرد ترك الامور تجري في اعنتها انما الأساس فيه ترك الافراد والمشروعات تعمل بحرية تامة بما لا يقلل من دور الدولة في مراقبة حركة تجارة السلع والخدمات الداخلية للبلاد, علي هدي من ذلك وضع المشرع المصري قواعد لتنظيم حركة التجارة الداخلية تتسم بالمشروعية والحيدة المطلقة تحقق حماية كاملة لجميع الاطراف من المنتجين والمستوردين والتجار بأنواعهم فضلا عن حماية حقوق المستهلك الاقتصادية والقانونية من اهمها التشريعات المنوط بها تحديد نسب الارباح وفقا لارقام الاعمال الضريبية للمنشآت التي تباشر نشاطا تجاريا او انتاجيا او استيراديا للاسمنت باعتباره احد السلع الهامة في مواد البناء والتشييد علي النحو التالي: اولا: اجازت احكام المرسوم بقانون163/1950 المعدل بالقانون109/1980 لوزير التجارة والصناعة ان يعين بقرار منه الحد الاقصي للربح المرخص لاصحاب المصانع والمنتجين والمستوردين وتجار الجملة والتجزئة لاي سلعة تصنع محليا او تستورد من الخارج اذا رأي انها تباع بأرباح تجاوز الحد المألوف وتتحدد هذه الارباح بالنسبة للمنتجين كنسب مئوية من تكاليف الانتاج الكلية. وبالنسبة للمستوردين كنسب مئوية من تكاليف الاستيراد الاجمالية وبالنسبة لتجار الجملة ونصف الجملة وتجار التجزئة كنسب مئوية من تكاليف الانتاح الكلية او تكاليف الاستيراد الاجمالية او سعر الشراء ايهما اقل, الا انه من المؤسف له اشد الاسف ان الحكومات السابقة والحالية اوقفت نفاذ وتطبيق تلك المواد القانونية دون مبرر وعلي غير سند من القانون. ثانيا: اصدر الهارب خارج البلاد من أحكام قضائية إبان عمله وزيرا للتجارة والصناعة قرارين الاول: القرار162 لسنة2009 الذي اعطي لمنتجي الاسمنت حقا واختصاصا في تحديد سعر بيع الاسمنت بحيث لا يجوز تجاوزه. والثاني: القرار163 لسنة2009 الصادر بتشكيل لجنة من ممثلين عن قطاع التجارة الداخلية واصحاب مصانع الاسمنت ورئيس شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس غرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية وممثل عن جهاز حماية المستهلك لدراسة تنظيم سوق الاسمنت من خلال وضع الحد الاقصي لسعر البيع للمستهلك والمعلن بمعرفة الصانع علي شكائر الاسمنت, ولايزال الوزير المختص بشئون التجارة الداخلية في الحكومة الحالية يقوم بتنفيذ هذين القرارين بالرغم مما اصابهما من فساد وبطلان يرقي لمستوي الانعدام باعتبار ان الاختصاص في تحديد الاسعار لا ينعقد وجودا وعدما علي تجار الاسمنت ولا علي اللجنة المشكلة بالقرار163 لسنة2005 حيث ان الاختصاص في تحديد الاسعار او نسب الارباح ينعقد علي وزير التجارة والصناعة علي النحو المشار اليه سلفا وايضا علي جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار المشكل بالقانون رقم3 لسنة2005 وتعديلاته ولائحته التنفيذية وكذلك لجان التسعير سواء بالمحافظات التي يرأسها المحافظون او اللجنة العليا للاسعار التي يرأسها وزير التجارة والصناعة والتي يصدر بتشكيلها قرار رئيس مجلس الوزراء, ومما يؤسف له اشد الاسف ان الفساد لم يقف عند هذا الحد بل امتدت يده لتصل الي القوانين التي صدرت في ظل حكومة رجال المال والاعمال التي يجب علي الحكومات اللاحقة تطهيرها من هذه الفساد اوجبت احكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية3/2005 المعدل بالقانون190/2008 علي الاشخاص الطبيعية والاعتبارية المتنافسة داخل سوق تقع في منطقة جغرافية تتجانس فيها ظروف التنافس علي تداول منتجات يعد كل منها بديلا عمليا وموضوعيا للاخر قيامهم برفع او خفض او تثبيت اسعارها او اقتسام سوقها علي اساس جغرافي او تقييد عمليات انتاجها او توزيعها او تسويقها كما اوجبت احكام هذا القانون علي من تزيد حصته السوقية علي25% من حصة هذه السوق تقييد صناعتها او انتاجها او توزيعها ويعقاب مرتكب هذه الافعال بغرامة لا تقل عن100 الف جنيه ولا تجاوز300 مليون جنيه وتضاعف العقوبة في حديها عند العود, وقد اعطي هذا القانون لرئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم344 لسنة2014 حق التصالح قبل صدور حكم بات في المخالفات المتعلقة بالقانون مقابل اداء مبلغ لا يقل عن مثلي الحد الادني للغرامة ولا يجاوز مثلي حدها الاقصي ويعتبر التصالح تنازلا عن طلب رفع الدعوي الجنائية وتنقضي علي اثره الدعوي وهذا يخالف قواعد التصالح في القانون العام الوارد بالمادة18 مكرر من قانون الاجراءات الجنائية التي تقضي بأن الاختصاص في التصالح للجنح يقع علي النيابة العامة وعندئذ يقوم المتهم بسداد ربع الحد الاقصي للغرامة او قيمة الحد الادني ايهما اكثر, وان كان التصالح ليس من اختصاصات رئيس جهاز حماية المنافسة وفقا للمادة28 من القانون رقم3 لسنة2005 الا ان التصالح من اختصاصات النيابة العامة باعتبارها الامينة علي الدعوي العمومية دون ثمة ارتباط يجمع بين المصالح الخاصة والعامة وتحية لرئيس الجمهورية في قراره الصادر106 لعام2013 في شأن حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة فلا يبقي الا تنفيذ نصوصه وتطبيق احكامه حتي تتطهر البلاد من صدور مثل هذا الفساد. ------------- رئيس مصلحة التسجيل التجاري وعضو مجلس إدارة جهاز المنافسة الأسبق