حزمة الإجراءات التى أعلنتها الحكومة فى اجتماعها الاثنين الماضى، والتى تستهدف تخفيف الأعباء عن الفئات الأكثر تأثرا بارتفاع الأسعار الناجم عن تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، خطوة مهمة على الطريق الصحيح، ولاسيما فى توقيتها، التضخم بلغ ذروته ليسجل 32.8% فى إبريل الماضى، وهو أعلى معدل يصل إليه، ليتجاوز ما بلغه فى ثمانينيات القرن الماضى – 29% - وتيرة معدل التضخم السنوى فى ارتفاع مستمر منذ تطبيق إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى بدأت بتطبيق ضريبة القيمة المضافة، والمرحلة الثانية من الرفع التدريجى للدعم عن المحروقات والكهرباء، وبلغت ذروتها مع قرار تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر 2016، التوقيت مهم أيضا حيث ارتفاع معدلات الاستهلاك فى شهر رمضان الكريم. ولعل الأهم أن هذه الإجراءات تسبق تطبيق المرحلة الثالثة من إعادة هيكلة الدعم على الوقود والكهرباء، ما يعكس التعاطى السياسى المحمود من جانب الحكومة. الإجراءات اكتسبت أهميتها فى أنها جاءت حزمة متكاملة تلبى احتياجات فئات المجتمع التى تأثرت بتنفيذ برنامج الإصلاح، بدءا بأصحاب المعاشات- 9.5 مليون - حيث تمت زيادة المعاشات بنسبة 15% وبحد أدنى 130 جنيها، وهو ما يكلف ميزانية الدولة نحو 20 مليار جنيه، إضافة إلى زيادة قيمة الدعم النقدى لبرنامج تكافل وكرامة بنحو 100 جنيه للأسرة الواحدة، كحد أقصى، وهو ما تصل تكلفته إلى نحو 2 مليار جنيه وتستفيد منه 1.7مليون أسرة، وتضمنت حزمة الإجراءات زيادة استثنائية للموظفين فى الجهاز الحكومى للدولة، وهذه الزيادات سيتم صرفها من أول يوليو المقبل، مع بداية السنة المالية، وتصل تكلفتها جميعا إلى نحو 46 مليار جنيه، إضافة إلى رفع حد الإعفاء الضريبى الذى تصل تكلفته إلى 7 مليارات جنيه . رفع حد الإعفاء الضريبى يسهم فى تحقيق العدالة الاجتماعية، حيث يخفف الأعباء الضريبية عن كاهل الفئات الأقل دخلا، ولكن يجب أن يواكبه إصلاح المنظومة الضريبية من أجل الوصول إلى المهنيين الذين يكسبون ملايين ولا يدفعون الضرائب كحق أصيل للمجتمع، فلا يعقل أن تصل نسبة تحصيل الضريبة لدينا 12% مقابل 25% عالميا و18% فى الأردن و20% فى المغرب، ما يعنى أن نسبة التهرب الضريبى مرتفعة بمصر – تقدر بنحو 400 مليار جنيه سنويا - ويضع علامة تعجب كبيرة حول أولوية إصلاح المنظومة ورفع كفاءة العاملين بالضرائب. الخطوة المهمة المكملة لإجراءات تعزيز شبكة الحماية الاجتماعية، يجب أن تكون التحرك فى اتجاه ضبط الأسواق من أجل الحيلولة دون استغلال بعض التجار للموقف فى رفع الأسعار، كفى الارتفاع الذى شهدته الأسعار قبيل شهر رمضان الكريم وهى زيادة موسمية معروفة، الأسواق تعانى من عشوائية كبيرة يقابلها ضعف وعدم كفاءة الأجهزة الرقابية، ما يحتاج إلى تنظيم الأسواق ورفع كفاءة الرقابة، وتطبيق تسجيل سعر العبوات وتاريخ إنتاجها أو استيرادها لكبح استغلال بعض التجار. البعض يرى أن حزمة الإجراءات جيدة ولكنها ليست كافية، ولكن فى رأيى هى خطوة مهمة لامتصاص الآثار السلبية لبرنامج الإصلاح، كما تمثل ضمانة مهمة لاستمرار ونجاح البرنامج وتحقيق أهدافه.