قبل عشر سنوات كانت إفريقيا من بين المستفيدين من طفرة الاستثمارات التى تدفقت على الأسواق الناشئة فى أنحاء العالم. وحاليا تضع صناديق أسهم خاصة فى الدول الغربية إفريقيا ضمن أولوياتها، وعلى سبيل المثال، جمعت شركة بريطانية لصندوقها الإفريقى الأول ما يزيد على مليار دولار. وبحسب تقديرات البنك الدولى تحتاج إفريقيا لاستثمارات بقيمة 90 مليار دولار سنويا لتمويل مشروعات بنية تحتية فقط. ووفقا لتقرير هيئة الأمم حالة وآفاق الاقتصاد العالمي لعام 2015، فإن الاقتصاديات الإفريقية ستواصل النمو بفضل ارتفاع ثقة المستهلكين وتوسع شريحة الطبقة المتوسطة وتحسن مناخ الاستثمار وانخفاض تكلفة القيام بالأعمال وهى عوامل ساهمت فى النمو الاقتصادى للقارة السمراء بمعدل 3.5٪ العام الماضي، وبمعدل 4.6٪ هذا العام كما هو متوقع وب4.9٪ فى عام 2016 وتوقع التقرير نمو شرق إفريقيا بمعدل يصل إلى 6.8٪ فى العام الحالى و6.6٪ فى 2016.وقال إن كينياوأوغندا هما محركا النمو الرئيسى للقارة، وكينيا سوف تستفيد من التوسع السريع فى قطاعات البنوك والاتصالات والاستثمار فى البنية التحتية. أما أوغندا فسوف تعتمد على قطاعات البناء والخدمات المالية والاتصالات للنمو. وتشير التوقعات بشأن اقتصاديات الشمال والجنوب إلى ارتفاع معدلات النمو من 1.6٪ و2.9٪ فى عام 2014 إلى 3.9٪ و3.6٪ فى 2015 على التوالي. أما بالنسبة إلى وسط وغرب إفريقيا فقد توقع التقرير نموا متواضعا من 4.3٪ و5.9٪ فى عام 2014 إلى 4.7٪ و 6.2٪ فى 2015 على التوالى. (قوة ناشئة) ولكن إفريقيا التى تسجل العديد من دولها معدلات نمو مرتفعة بدون أن تستفيد شعوبها منها، تطمح من الآن فصاعدا إلى أن تصبح قوة ناشئة اقتصاديا واجتماعيا مما يتطلب توزيعا أفضل للثروات بما يضع حدا لنزعة التشاؤم الإفريقية. على سبيل المثال تحلم ساحل العاج التى تعد أول منتج عالمى للكاكاو فى العالم بان تكون مصدرا رئيسيا للمعادن والطاقة فى 2020 . وهى طموحات تثير تهكم المعارضة السياسية فى البلاد. ولكن هذا البلد الذى خرج بصعوبة من أزمة سياسية عسكرية دامية استمرت عقدا من الزمن، أصبح قويا مع نمو بلغ معدله 9٪ بالوتيرة السنوية، ويأمل فى أن يحظى بعائدات مرتفعة بحلول عام 2030 .. وهناك دول إفريقية أخرى اقل طموحا لكنها تمتلك التصميم نفسه. فتشاد التى كانت تتوقع فى البداية أن تصبح ناشئة فى 2020 باتت تراهن على عام 2030 على غرار توجو. والسنغال الأكثر حذرا تتطلع إلى عام 2035 وترى هيلين كلارك مسئولة برنامج التنمية فى الأممالمتحدة إن النشوء لا يعنى نمو إجمالى الناتج الداخلى بحد ذاته، بل بالأحرى السعى إلى تحسين صحة ورفاهية المواطنين. فالاستثمار فى الصحة والتعليم ومكافحة ظواهر التفاوت (بين المدينة والريف، وبين الذكور والإناث) وبناء البنى التحتية وأيضا تنويع الاقتصاديات هى أدوات ذكرها الخبراء للتوصل إلى تحقيق الهدف بدون الإعلان عن أهداف بالأرقام. ولتصبح إفريقيا ناشئة ينبغى أن تعمل لوصول 1,4 مليار إفريقى إلى صفوف الطبقة المتوسطة وخاصة تقليص عدد الأشخاص الذى يعيشون فى فقر مدقع بعشرة أضعاف بحلول2050 . (طبقة وسطى) وفى قارة ينتمى ثلاثمائة مليون شخص من سكانها إلى الطبقة المتوسطة فى 2011 بحسب البنك الإفريقى للتنمية، حل التفاؤل مكان النزعة التشاؤمية بحسب البير تويكوس مابرى وزير التخطيط فى ساحل العاج. ولفت ستيف كايزيز موجروا نائب رئيس البنك الإفريقى للتنمية إلى أن طريقة التحدث عن إفريقيا قد تغيرت. فإفريقيا كانت قبل زمن ليس ببعيد استثنائية لكن بشكل سلبى، فلم يكن هناك نمو ولا قانون بل كانت الحرب والموت وكل ذلك كان إفريقيا. والنزاعات الأخيرة فى إفريقيا الوسطى وجنوب السودان أو فى الصومال لا تغير هذا الاتجاه. إلا إن جنوب إفريقيا أو بتسوانا وموزمبيق وبلدان إفريقيا الشمالية يتم الحديث عنها بايجابية فى الوقت الحاضر لنجاحاتها فى مجال التنمية. وقال عبدا لله مارديه المدير الإقليمى لبرنامج الأممالمتحدة للتنمية إن التحول إلى دول ناشئة هو «رهان للمستقبل».. وهذا يعنى القول أيضا بحسب مختار ديوب نائب رئيس البنك العالمى لإفريقيا أن نموا اقتصاديا بدون آثار اجتماعية لا معنى له وان إعادة توزيع الثروات أمر أساسى لرفاهية المجتمعات.. لكن عوائق كبيرة مثل اعتماد بعض الدول الإفريقية إلى حد كبير على مصدر واحد للواردات - النفط بالنسبة لنيجيريا أو انجولا - وعدم تكامل اقتصاديات القارة أو انتشار ظاهرة الفساد، كلها عوامل تمنع فى الوقت الحاضر تحقيق نجاحات بهذه الأهمية. ////////// تقرير رسمى يرصد معوقات التجارة مع إفريقيا يرصد تقرير للخارجية المعوقات التى تواجه التجارة فى إفريقيا من بينها تلك التى تتعلق بطبيعة السوق حيث تتشابه الهياكل الانتاجية للدول الإفريقية، والمنافسة القوية من جانب دول جنوب شرق آسيا للعديد من المنتجات المصرية مثل الملابس والمنسوجات، وفقدان وجود نظام اعتراف متبادل بالمواصفات الفنية على المستوى الاقليمى بجانب المعوقات الخاصة بالنقل، التى تتمثل فى عدم وجود خطوط ملاحية «بحرية وجوية» منتظمة بين مصر وأكثرية الدول الإفريقية، وعدم كفاءة خطوط السكك الحديدية لنقل البضائع داخل القارة، علاوة على ارتفاع تكاليف الشحن لارتفاع قيمة التأمين بسبب المخاطر التى قد تتعرض لها الشاحنات. وبحسب تقرير الخارجية فقد وقعت مصر نحو 21 اتفاقية من أجل تشجيع وحماية الاستثمارات مع العديد من دول القارة فيما كشف عن أن هذه الاستثمارات تتركز فى مجال البنية التحتية التى تنخرط فيها شركات اوراسكوم والسويدى للكابلات والمقاولون العرب والمصرية للخدمات الملاحية والبترولية «ماراديف» والقلعة وشركة المعز القابضة وشركة البهاء للمقاولات وشركة ريديكون للتعمير. ويوصى التقرير بتشجيع شركة مصر للطيران على التوسع فى رحلاتها وخطوطها الجوية المباشرة مع العواصم الإفريقية، خاصة فى ظل السمعة الطيبة التى تتمتع بها وسط شعوبها وكذا بين الجاليات العربية والأجنبية الموجودة بالقارة. كما يوصى باعداد خطة جديدة للمجلس التصديرى للصناعات الدوائية للتوسع فى الصادرات الى عدد من أسواق القارة للتغلب على التحديات ومنها عدم تسجيل الأدوية المصرية من جانب حكومات الدول الإفريقية بجانب التنافسية فى السعر واحتكار الدول الأوروبية للسوق فى مجال الدواء. ويوصى أيضا بالتوسع فى انشاء مراكز لانتاج المحاصيل الزراعية وكذا شركات استصلاح للأراضى بالنظر الى اعتماد اقتصاديات دول القارة على الزراعة، والعمل على ضخ المزيد من السلع الاستهلاكية غير الغذائية فى أسواق القارة وزيادة حملات التوعية لدى الشباب لتشجيعهم على التوجه للعمل فى إفريقيا من أجل الحد من البطالة التى تشهدها مصر كما يوصى بالتركيز على منتجات مصرية تتمتع بميزات تنافسية فى إفريقيا مثل السيراميك والأدوات الصحية والخلاطات والأجهزة الكهربائية والتكييفات، وانشاء شبكات تعاون فى مجالات مختلفة مثل مكافحة الأمراض والأوبئة ورصد التصحر والمشكلات البيئية وتنمية الموارد الطبيعية، وتشجيع مراكز البحث على القيام باجراء أبحاث مشتركة فى مجالات مختلفة، وتبنى مبادرة بانشاء جامعة مصرية فى بعض دول القارة خاصة تلك التى تمثل أهمية كبيرة بالنسبة الى مصر ولزيادة الروابط الثقافية والتعليمية.