فى ضوء ما تناقلته وسائل الإعلام عن الخلافات التى ثارت حول مشروع قانون «تطوير منظومة الإستثمار» ، وبصفة خاصة ما أثير فى جلسة الاستماع التى عقدتها لجنة التشريعات الاقتصادية المنبثقة من اللجنة العليا للإصلاح التشريعى والتى عقدت برئاسة المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 14 يناير 2015 لمناقشة المسودة الحادية عشرة لمشروع القانون ، حيث أبدى عدد من المستثمرين ورؤساء جمعيات رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد اعتراضات كثيرة على مشروع القانون أهمها عدم دستورية بعض مواده وكثرة عدد مواده والتى تضاربت مع بعضها فضلا عن الصياغة المبهمة لكثير من هذه المواد ، وفيما يلى بعضا مما تناولته الصحف حول ما دار فى هذا الاجتماع .نشرت جريدة الأهرام بتاريخ 15 يناير : خلافات حول مشروع قانون الاستثمار ، ومحلب يرحب بالمقترحات ويؤكد سعى مصر لصياغة قانون يليق بمواردها . كما نشرت تصريحا لوزير الاستثمار فى المؤتمر الصحفى الذى عقده فى نفس يوم الاجتماع المشار إليه أن تطبيق نظام الشباك الواحد يحتاج إلى 18 شهراً لتكون جميع مراحل الموافقات إلكترونية . ونشرت كل من صحيفتى الوطن و الوفد فى نفس اليوم ما صرح به الوزير فى المؤتمر الصحفى عن مسودة جديدة للقانون خلال أسبوعين وأن تنفيذ الشباك الواحد على مرحلتين ويستغرق 18 شهراً . كما نشرت جريدة «المصرى اليوم» بتاريخ 16 يناير بعنوان «كواليس لقاء محلب ورجال الأعمال لمناقشة قانون الاستثمار» المستثمرون يصفون القانون بأنه طارد للاستثمارات وغير دستورى ورئيس الوزراء يكلف «الهنيدى وسالمان» بتلافى العيوب . نحن إذن أمام ضجة إعلامية حول هذا القانون والذى لا يعلم أحد من الذى يقوم بصياغة مواده التى تضمنت كل هذه المثالب والعيوب فى مسودته الحادية عشرة . ولماذا هذا الإصرار على ضرورة إصدار القانون قبل إنعقاد المؤتمر الاقتصادى ودون عرضه على قسم التشريع بمجلس الدولة نزولا على حكم المادة (190) من الدستور حتى نتلافى كل ما تضمنه هذا القانون من عوار دستورى صارخ مثل عدم تقرير الحوافز والإعفاءات بالقانون وتركها للائحة التنفيذية فضلا عن تلك التعريفات المبهمة للمال المستثمر والتفرقة بين المستثمر المحلى والأجنبى انتهاء بالاسم المقترح والبالغ الغرابة «قانون تطوير منظومة الاستثمار». وقد تناولت فى مقالى المنشور بالعدد الماضى بعضا من الاعتراضات والملاحظات حول هذا القانون أكدها المستثمرون ورجال الأعمال وأضافوا إليها الكثير. وبالمناسبة فإن تطوير منظومة الإستثمار لا تعنى إصدار قانون بهذا الاسم ، وإنما تعنى البنية التشريعية والقانونية التى تنظم العلاقات الاقتصادية فى المجتمع بما فى ذلك قانون الاستثمار وقوانين الضرائب والجمارك والشركات والإفلاس وغيرها . إن الإعداد الجيد للمؤتمر الاقتصادى ينبغى أن يكون هو الشاغل الأول والأخير لكل المسئولين بالدولة ، وهو الأمر الذى يوليه رئيس الوزراء اهتمامه منذ شكل لجنة برئاسته للإعداد للمؤتمر تضم وزراء المجموعة الاقتصادية ، كما تعاقد مع إحدى الشركات العالمية المتخصصة لتقوم بدور المنسق العام للمؤتمر ، وشركة أخرى متخصصة لتنظيم المؤتمر من الناحية اللوجستية ، كما أن ما قام به وزير الاستثمار من إعداد قائمة بالمشروعات التى سيتم طرحها على المؤتمر سواء من الحكومة أو القطاع الخاص وما قام به من تكليف عدد من البنوك الاستثمارية لإعداد دراسات جدوى لعدد آخر من المشروعات أو مراجعة دراسات الجدوى للمشروعات التى سوف تطرح فى المؤتمر .. ذلك هو ما ينبغى أن يحظى بكل الاهتمام الإعلامى ، أما أن يكون إعداد قانون للاستثمار هدفا من أهداف المؤتمر الاقتصادى يجعلنا نسابق الزمن لإصداره فإنى أخشى من العواقب التى سوف تترتب على ذلك خاصة وأن تهيئة مناخ جاذب للاستثمار يتطلب إصدار أو تعديل قوانين أخرى كما أشرت . وقد يكون من الأجدى والأهم أن يصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا بإنشاء المجلس الأعلى للاستثمار الذى يضع الإستراتيجية التى تحقق ما ننشده من تنمية اقتصادية وأن تصدر التشريعات الاقتصادية فى ضوء تلك الاستراتيجية ، لأن الهدف الحقيقى للمؤتمر هو وضع مصر على خريطة الاستثمار العالمية ، وليس الهدف أن نتعجل فى إصدار قانون جديد للاستثمار يتم الطعن على كثير من مواده بعدم الدستورية.