جاء التراجع الحاد فى أسعار النفط ليمثل لكمة جديدة لبورصة طهران التى تئن تحت نير تداعيات العقوبات على اقتصاد طهران التى لجأت للسحب من صندوقها السيادى لتوفير احتياجات المقاولين العموميين، وذلك وسط ارتفاع التضخم لمستويات قياسية تزيد على 35٪، ومخاوف من حدوث عجز ضخم بالموازنة الجديدة التى من المقرر إقرارها فى مارس المقبل. وخسر مؤشر «تيبيكس» الرئيسى لبورصة طهران 479 نقطة خلال تعاملات أسبوع، ليبلغ المؤشر مستوى 71381.7 نقطة بنهاية تعاملات الثلاثاء الماضي، مقابل 71860.2 نقطة بنهاية تعاملات اليوم ذاته من الأسبوع السابق، ويبلغ عدد أسهم مؤشر تييبكس 340 شركة تم إدراج 15 من بين 30 تمثل كبرى شركات المؤشر بعد إعادة طهران برنامج الخصخصة قبل 8 سنوات. وعلى الصعيد الشهرى، خسر المؤشر نحو 5179 نقطة إذ كان قد سجل مستوى 76560.18 بنهاية تعاملات 10 نوفمبر الماضي، أما على المستوى نصف السنوى، ففقد المؤشر نحو 2135 نقطة وذلك بعدما سجل مستوى 73516 نقطة بنهاية تداولات يونيو الماضى الذى شهد بداية الهبوط الدراماتيكى لأسعار البترول الذى لا يزال مستمرًا حتى الآن. كان مؤشر «تييبكس» قد استطاع مقاومة العقوبات الغربية خلال السنوات الماضية حتى إنه سجل مستويات قياسية فى شهر ديسمبر من العام الماضى بعدما قفز إلى 87024.1 نقطة مقابل 11753.1 نقطة فى ديسمبر 2009، لتبلغ مكاسبه فى 4 سنوات نحو 75.2 ألف نقطة، واعتبرها محللون اقتصاديون غربيون حينها «عجيبة اقتصادية لا تتكرر». إلا أن الاقتصاد الإيرانى الذى استطاع أن يتماسك أمام العقوبات الغربية لم يستطع أن يتحمل التراجع الحاد لأسعار النفط، خصوصًا بعدما قررت دول «أوبك» الإبقاء على حجم إنتاج النفط دون تغير، واعتبرته طهران ليس مفيدًا لمعظم الدول الأعضاء، عازية التراجع إلى تعمد بعض المصدرين الذين يبقون الإنتاج مرتفعًا لتقويض اقتصادها المتضرر بالفعل من جراء العقوبات. وبلغ إنتاج إيران اليومى من النفط خلال شهر سبتمبر الماضى 2.675 مليون برميل وفقا لبيانات منظمة «أوبك»، وتمتلك احتياطيات مؤكدة من النفط تكفيها لمدة 60 عاما، مع وجود تحركات من جانبها لزيادة طاقتها التكريرية الحالية من 1.8 مليون برميل يوميا إلى 3 ملايين برميل. وكانت أسعار العقود الآجلة لخام برنت قد واصلت الهبوط، الأربعاء الماضى لتهبط عن مستوى 60 دولارًا للبرميل، ليبلغ إجمالى خسائره 40٪ منذ يونيو الماضى، ويسجل أدنى مستوى منذ 6 سنوات. واتهمت وزارة النفط الإيرانى دولاً لم يسمها باختلاق أعذار لتبرير معارضتهم لاستقرار الأسعار من خلال خفض الإنتاج مشيراً إلى أن العقوبات الدولية التى أجبرت بلاده على خفض صادراتها بشكل حاد لتقوم تلك الدول بزيادة إنتاجها، وذلك قبل أيام قليلة من اجتماع دول أوبك فى 27 ديسمبر من الشهر الجارى. وأعلنت إيران أنها ستلجأ إلى صندوق ثروتها السيادية لمواجهة الأثر الاقتصادى لانخفاض أسعار النفط وذلك لتسديد مستحقات المقاولين العاملين بالمشروعات الحكومية، ويبلغ حجم ذلك الصندوق 62 مليار دولار، وذلك وسط آمال بأن تستطيع رفع إنتاجها من النفط والغاز حال رفع العقوبات عنها من خلال المحادثات النووية مع القوى العالمية الشهر الحالي. وبينما يقول صندوق النقد الدولى إن إيران تحتاج سعرا لبرميل النفط يبلغ 130 دولاراً لتحقيق توازن فى الموازنة الإيرانية، يؤكد البرلمان الإيرانى أنه سيوصى بحساب ميزانية العام المقبل التى تبدأ فى مارس، على أساس سعر بين 75 و80 دولارا لبرميل النفط مقابل 100 دولار فى موازنة العام المالى الحالي. وتجاهد الحكومة الإيرانية لخفض معدلات التضخم التى وصلت ل 35٪ حتى نهاية ذلك العام و25٪ حتى نهاية العام الجارى، بينما تبلغ موازنة العام القادم 8379 تريليونا و801 مليار ريال بزيادة 4.3٪ مقارنة مع العام الجارى، حيث ستلجأ الحكومة لرفع ضريبة الدخل لتعويض أثر انخفاض أسعار النفط واتباع سياسية نقدية متقشفة. وخلال عام واحد، واصلت العملة الإيرانية الهبوط أمام سلة العملات الأجنبية، إذ تراجعت أمام الدولار الأمريكى بنسبة تقارب ال 10٪، والسبب الرئيسى وراء ذلك التراجع هو العقوبات الغربية وهبوط أسعار النفط، حيث تمثل العوائد النفطية نحو 33 ٪ من إيرادات الموازنة العامة لإيران فى العام المالى 2014/2015 ، بينما تبلغ الحصيلة الضريبية نحو 72.5 تريليون ريال، والعوائد الجمركية نحو 13.6 تريليون ريال. وكانت آخر العقوبات الغربية على إيران فى 29 أغسطس الماضي، حينما فرضت أمريكا عقوبات ضد أفراد وشركات ومؤسسات على صلة ببرنامجها النووى وبدعم الإرهاب، وتعود بداية العقوبات المفروضة على إيران إلى عام 1979، وتتعلق بمنع بعض الصادرات العسكرية والنووية إلى إيران، الاستثمارات فى مجال النفط والبتروكيماويات، وصادرات منتجات النفط المكرر، التجارة مع قوات الحرس الإيراني، صفقات الصرافة والتأمين، وتشمل البنك المركزى الإيراني، والشحن، إلا أن تلك العقوبات زادت بسبب البرنامج النووى الإيراني. ورغم تلك الأوضاع فإن المحللين الغربيين يراهنون على بورصة طهران حال اتفاقها مع الغرب على رفع العقوبات باعتبارها بورصة طهران هى «آخر أكبر سوق ناشئة غير مستغلة على المستوى العالمي، موضحين أن السوق قفزت فى عام 2013 بنحو 136٪.