الحديث مع شخصية مصرفية كمحمد نصر عابدين الرئيس التنفيذى ببنك الاتحاد الوطنى يأخذ طابعا خاصا بصفته ممثلا لأهم البنوك الخليجية العاملة بالسوق المصرى فى ظل استحواذه على حصة سوقية ملائمة وسعيه للوجود بقوة على الخريطة المصرفية. وفى حوار خاص ينفرد به "الاقتصادى" يتحدث عابدين عن تفاؤله بالاقتصاد المصرى وتوقعاته بحدوث انفراجة خلال 2017 مع بدء ضخ تمويلات للمشروعات القومية التى تمثل عصب الاقتصاد المصرى، واصفا تجربة تحرير سعر الصرف بالعملية المؤلمة التى ستؤتى بثمارها على المدى القريب، كما تحدث عن استيراتيجية مصرفه خلال 2017، وإلى نص الحوار.
بداية.. كيف ترى الوضع الاقتصادى حاليا؟ - الاقتصاد المصرى يواجه تحديات كبيرة، وهى متراكمة عبر عقود طويلة، ومن حسن الحظ ان القيادة السياسية عازمة على الحل الجذرى لتلك المشكلات، ولقد تم اتخاذ اجراءات مهمة فى هذا الصدد، سواء تحرير سعر الصرف واعادة هيكلة الدعم على الوقود والكهرباء، الى جانب فرض ضريبة القيمة المضافة، وهى اجراءات مهمة لمعالجة التشوهات التى يعانى منها الاقتصاد، وفى مقدمتها معالجة العجز فى الموازنة العامة والخفض التدريجى للدين العام المحلى. وعلى الرغم من ان تداعيات هذه الاجراءات قاسية ومؤلمة، فاننى متفائل بحدوث انفراجة خلال 2017 استنادا الى عدد من التطورات المهمة.
ما دواعى التفاؤل؟ دواعى التفاؤل تستند الى التطورات المهمة بالسوق المصرية، وفى مقدمتها الانتهاء من المشروعات القومية الكبرى ودخولها الخدمة والتشغيل الفعلى، وهو ما سينعكس ايجابيا فى تخفيف الضغط على الموازنة العامة، الى جانب رفع كفاءة الأداء الاقتصادى، خاصة ان هذه المشروعات استراتيجية ومردودها كبير ومستمر.. ويجب ان نتذكر هنا ان مصر تبنى بيد وتحارب باليد الاخرى الارهاب الغاشم، كما تقوم بتأمين حدودها فى مواجهة استهدافها من كل جانب. ويكفى ان اشير الى مشروع تنمية محور قناة السويس والانتهاء من البنية التحتية فى المنطقة الاقتصادية الخاصة بالسويس، ذلك المشروع الذى تستهدف الدولة من خلاله إنشاء منطقة لجذب الاستثمار المحلى والاجنبى، كما يجب النظر الى القناة الجديدة التى تمت اقامتها على انها خطوة ايجابية مهمة وعائدها سيظهر على مدى السنوات المقبلة، وسيعزز من القدرة التنافسية لمنطقة قناة السويس، وسيعظم من ايراداتها. وكذلك بالنظر الى مشروع شبكة الطرق الجديدة التى تصل الى 7 الاف كيلو متر، سوف يكون لها مردود كبير على التنمية والتعمير، وتقليل تكلفة نقل التجارة للسلع والبضائع، كما تسهم فى تنمية وتعمير المناطق الجديدة. كما أنها تعد سبيلا لفتح آفاق جديدة للاستثمار، وتحسين البنية التحتية، والربط بين محافظات الجمهورية، وبناء مجتمعات عمرانية جديدة، وزيادة الدخل القومى للبلاد. ولا يقل اهمية عن ذلك مشروع استصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان إلى توسيع الحيز العمرانى وزيادة الرقعة الزراعية وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة خارج الوادى وهو من شأنه العمل على تقليص الفجوة الغذائية وهذا الامر يجب النظر اليه من منظور أمن قومى . واعتبر أن هذه المشروعات تخفف الضعط على الاقتصاد المصرى والعملة الصعبة والعجز المزمن فى الميزان التجارى. اضف الى هذه المشروعات الاسكان الاجتماعى وبناء الف وحدة سكنية لمواجهة الدولة العشوائيات ولاحداث نقلة نوعية اجتماعية للفئات الهشة، ما يسهم فى تحقيق نقلة حضارية تعالج الارهاب والمخدرات وتساعد على سيادة الاستقرار الاجتماعى لتكون مصر فى مصاف الدول المتقدمة. تبقى الاشارة الى مشروعات الطاقة التى تمثل انجازا غير مسبوق حيث بلغت تكلفة هذه المشروعات 12 مليار دولار من قبل مستثمرين محليين وأجانب، ما حقق نقلة نوعية لاستخدامات الكهرباء المتنوعة سواء الاستخدام المنزلى أوالصناعة، كما انها حجر الزاوية لجذب الاستثمارات.
هل ترى ان مصر تواجه مؤامرت خارجية تستهدفها فى الوقت الحالى؟ - بكل تأكيد، وهناك شواهد كثيرة على ذلك لا تحتاج الا الى اعمال العقل، ولننظر الى ما تعرضت له بعض الدول العربية، وفى رأيى ان التحدى الاساسى يتمثل فى زيادة الوعى لدى المصريين، وادراك حجم التحديات التى يتعرض لها الوطن، وفى هذا الاطار من الضرورى ان تساهم الميديا بدورها الى جانب التعليم.
هل ساهمت هذه المشروعات فى دفع معدل النمو والتشغيل؟ - من المعروف اقتصاديا انه خلال فترات الركود، يتم تنشيط الاقتصاد ودفع معدل النمو بضخ استثمارات فى البنية التحتية، ولا شك ان ضخ الاستثمارات فى المشروعات القومية بمصر ساهم فى دفع معدل النمو بشكل ملموس، فالاموال التى يتم انفاقها على تنفيذ هذه المشروعات تدخل فى جيوب الملايين من المصريين، سواء شركات المقاولات او العاملون بها، كما ساهم فى توفير فرص عمل كبيرة امام الشباب، وكذلك العائدون من الدول العربية التى تشهد اضطرابات، وفى مقدمتها ليبيا. وأعتقد أن ضخ استثمارات فى القطاع العقارى وشركات المقاولات والبناء والتشييد ومواد البناء ساعد فى تنشيط الكثير من القطاعات ولا سيما انتاج مواد البناء ومصانع الاسمنت وحديد التسليح وغيرها.
هل لاحظت من خلال انتشار بنك الاتحاد الوطنى فى العديد من الدول ان هناك تطورا ايجابيا فى تدفق الاسثتمار الاجنبى الى مصر؟ - المستثمر يهتم بالدرجة الأولى بمصلحته العامة ممثلا فى العائد الذى يعود عليه من ضخ استثمارات بالسوق المصرى وهذا يتأتى باستقرار القوانين ووضوحها وحماية حقوق المستثمرين، بحيث لا تخضع للمتغيرات ولا تحكمها الاهواء، واعتقد أن تطبيق قانون الاستثمار سيشجع المستثمرين على تعزيز استثماراتهم بالسوق المصرى ليكون واعدا بين الأسواق الأخرى فى ظل وجود رغبة قوية فى ضخ استثمارات لمصر ليس على الصعيد العربى فقط، وانما هناك اهتمام من أوروبا وشرق آسيا بالسوق المصرى.
كيف ترى الاتفاق مع صندوق النقد الدولى؟ - اتفاق مصر مع صندوق الدولى للحصول على حزمة قروض ب12 مليار دولار، بمنزلة شهادة ثقة على قدرة مصر على تجاوز الصعوبات كون الصندوق أكبر مؤسسة دولية اقتصادية، وأهمية القروض تكمن فى توجيهها للاستثمار وليس الاستهلاك، كما يساعد فى اعادة مصر الى خريطة الاستثمار العالمى ولا سيما مع استكمال باقى اجراءات الاصلاح الاقتصادى، وتحسين بيئة وتنافسية السوق المصرية، خاصة ان السوق المصرية تتميز بانها سوق ضخمة وموقع جغرافى متميز.
كيف ترى تحرير سعر الصرف؟ وهل أتى بثماره؟ - تحرير سعر الصرف كان ضرورة ملحة، وكان يجب اتخاذ هذا القرار منذ فترة، وانا اشبه الامر بزائدة دودية على وشك الانفجار وكان ينبغى استئصالها قبل تسمم الجسد الاقتصادى، حيث ان توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية، كان امرا لا مفر منه، من اجل عودة الاستثمار، ولا شك ان هذه الخطوة على اهميتها فان تداعياتها قاسية ومؤلمة، ولكنها مؤقتة، اذ يتوقع ان تزول قريبا، مع تحسن مصادر النقد الاجنبى وترشيد الاستيراد.
فى رأيك.. متى تنتهى حالة تذبذب سعر الصرف ويتجه السوق الى الاستقرار؟ - دعنى اؤكد ان سعر الصرف يجب ألا يكون القضية، بل القضية هى رفع الانتاج لرفع مستويات المعيشة وتحسين الدخول، وكذلك التشغيل لمواجهة مشكلة البطالة. هذا الامر سيتحقق عندما يتوازن العرض مع الطلب بالسوق، وهو ما يرتبط بمعدلات الاستيراد والتصدير، وكذلك معدلات الاستهلاك والانتاج. واعتقد ان خفض قيمة الجنيه فرصة لمضاعفة الصادرات، ويجب ان تكون هناك استراتيجية لهذا الامر تركز على تشجيع الانتاج المحلى، مع الالتزام بمعايير الجودة وورفع تنافسيته فى السعر بهدف النفاذ للاسواق الخارجية. كما يجب ان يتم تشديد العقوبات ضد المضاربين على الدولار، انطلاقا من ان هذه الممارسات تمثل تخريبا للاقتصاد، خاصة مع تحرير سعر الصرف. واعتقد ان تحسن حركة السياحة، وتعافيها وكذلك بدء انتاج الغاز الطبيعى بنهاية هذا العام سيسهمان فى تخفيف الضغط على العملات الاجنبية، كما ان تصدير الغاز الطبيعى خلال العام المقبل 2018، سيسهم فى تعزيز استقرار سعر الصرف.
كيف ترى القيمة العادلة للجنيه المصرى؟ - القيمة العادلة للجنيه يحددها عوامل العرض والطلب وفقا للانتاج، وأتوقع تحقيق توازن فى سعر الجنيه بعد انتاج الغاز ودخول المشروعات الكبرى واستقرار أسعار البترول. أؤكد ضرورة اتخاذ اجراءات صارمة ضد المضاربين على العملة وتغليظ العقوبات لمنع الضغط على العملة وتهيئة الوضع لها لأن يكون الدولار وسيلة تكامل وليست سلعة يتحارب عليها.
أعلن البنك المركزى عن زيادة إيرادات السياحة نحو 9٪ فهل ترى ان هذا التحسن سيعزز سعر الصرف؟ - الواقع ان مصر لديها مقومات هائلة لجذب اضعاف اعداد السائحين، وفرص هائلة فى هذا القطاع. نحتاج الى استراتيجية لتنشيط السياحة والاهم هو زيادة الوعى لدى المواطنين باهمية المعاملة اللائقة للسائح. على سبيل المثال فقد بلغ عدد السائحين الى الامارات 23 مليون سائح خلال العام الماضى، وذلك فى ظل الجهود التى تنتهجها فى التعامل مع السياح والترويج للسياحة هناك وفقا للخطط العلمية والتسويقية، والمعاملة الكريمة والترحيب الكبير بالسائح.
وعلى صعيد بنك الاتحاد الوطنى مصر ما الخطة المستهدف تطبيقها خلال 2017؟ - بنك الاتحاد الوطنى سيشهد انطلاقة كبيرة استنادا إلى الخطة التى تم اعتمادها، وتطوير وسائل الوصول للعملاء من خلال تدشين منتجات جديدة ونستهدف زيادة الأرباح بنحو 50٪ خلال العام الجارى، كما نستهدف الاستمرار فى الانتشار الجغرافى، حيث تقدمنا الى البنك المركزى للموافقة على افتتاح 5 أفرع خلال العام الحالى ليصل عدد الفروع ل 48 فرعا.
ما خطتكم فى التوسع بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ - البنك يولى اهتماما كبيرا بهذا القطاع الحيوى الذى يمثل 10٪ من اجمالى محفظة القروض والتسهيلات الائتماينة بالبنك فى الوقت الحالى، ويسعى البنك للوصول به إلى 20٪ خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. ونمت ودائع العملاء بنحو 21 مليار جنيه بمعدل نمو بنحو 98٪ حيث ارتفعت ودائع الافراد من 3.2 مليار جنيه فى نهاية 2015 الى 3.8 مليار جنيه فى نهاية 2016 بمعدل زيادة 18٪ وارتفعت ودائع المؤسسات والهيئات والمشروعات الصغيرة من 7 مليارات جنيه فى نهاية عام 2015 الى 17 مليار جنيه فى نهاية عام 2016 بمعدل زيادة 135٪.
هل ساهم قرض ال 50 مليون دولار الممنوع من البنك الأم فى دعم القاعدة الرأسمالية؟ - بالفعل ساهم القرض فى تعزيز القاعدة الرأسمالية وأدى إلى رفع كفاية رأس المال إلى 11.8٪ بعد التعويم، ومن المستهدف زيادتها إلى 14٪ بنهاية 2017
هل تم تحويل ارباح البنك الى المجموعة الام فى ابوظبى؟ - لم يتم تحويل أى من الأرباح على مدار السنوات الماضية منذ الاستحواذ على بنك الاسكندرية التجارى البحرى، حيث إن سياسة البنك الأم تسعى الى دعم القاعدة الرأسمالية للبنك فى مصر.