كثيرة هي المشاهد التي تتزاحم أمام الأعين خلال مناسك الحج هذا العام أبرزها ما يتعرض له المصريون من نواح عديدة. وهو ما يهمنا في هذا التقرير والرصد الدقيق لهذا الحدث، والمؤتمر الاسلامي السنوي الذي يجمع الملايين من بقاع الأرض. في مشهد يهتز له الوجدان وتراقبه المعمورة علي اتساعها. - تكلفة الحج المصري. يأتي في مقدمة هذه المشاهد والملاحظات تكلفة الحج من مصر وهي قضية الأمس واليوم وربما الغد ويبدو أنها ستظل كذلك' الي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا' ونشهد بشأنها قرارا علويا 'رئاسيا' يخفف عن المصريين هذا الجشع الذي يتعرضون له من جانب الشركات وعلي رأسها شركة مصر للطيران والاحتيال والنصب أحيانا من جانب بعض الشركات السياحية. في هذا الصدد لاحظت أن تكلفة الفرد القاصد لأداء فريضة الحج من مصر تصل في بعض الأحيان الي4 أضعاف مثيله القادم الي الأراضي المقدسة من دول كثيرة عربية وأجنبية. وكان من الطبيعي أن تشغلني هذه المسألة حتي إنني سألت حجاجا مصريين وأجانب من دول أوروبية وآسيوية وهالني أن أجد تكلفة الواحد منهم لا تتجاوز ألفي دولار تشمل السكن والانتقال وربما الطعام أيضا. ومن الغريب أن الحاج القادم من القدس ومن الجزائر مع بعد المسافة للأخيرة عن السعودية بنحو ضعفها من مصر كانت تكلفته تقل عن هذا المبلغ، ما بين1500 وألفي دولار. ويؤخذ في الاعتبار أن شركة مصر للطيران دأبت علي استغلال موسم الحج كل عام لتغطية خسائرها الضخمة وتحقيق وفرة مالية كبيرة تعود بالنفع بالأساس علي الطاقم العامل من أفرادها بموسم الحج. ملحوظة: ' تبلغ قيمة التذكرة ما بين5500 جنيه و11 ألف جنيه وفقا للفترة الزمنية للتذكرة'. - شركات للاحتيال والنصب علي البسطاء ولا يقف الأمر أو يقتصر عن هذا الحد من المبالغة في تكلفة الحج للمصريين القاصدين للأراضي السعودية من الداخل اذ لوحظ انتشار ضحايا شركات النصب التي تدعي أنها تقدم خدمات سياحية وتحصل علي مبالغ خيالية من البسطاء بلغت60 ألف جنيها ووعدتهم بالسكن في مناطق قريبة من الحرمين الشريفين وكانت المفاجأة أن بعضهم وخاصة من كبار السن' من الأقاليم' اكتشف أنه وقع فريسة وضحية للنصب. من هذه الأمثلة رأيت حاجا مسنا من الشرقية ضمن الحجاج الفرادي وقد دفع لشركة سياحية60 ألف جنيه منحته التذكرة والتأشيرة وتاه الرجل الشيخ بين الحجاج في مني وعرفات وأثناء السفر الي المدينةالمنورة حتي أتي ممثلون لوزارة الحج السعودية وسلموه الي القنصلية والبعثة الرسمية، ومثله شكا لي أحد الحجاج' مدرس' أيضا أنه تكبد 48 ألف جنيه ووعدته الشركة بمسكن قريب من الحرم وكانت المفاجأة أنه اكتشف وقوعه ضحية للنصب أيضا. واستمعت الي الكثير من شكاوي الحجاج من عدم وجود خدمات للبعث الرسمية وتوعدوا بتقديم مذكرات ضدها بعد عودتهم، حتي البعثة الطبية لتي تحصلت رسوما مسبقة في المطارات من كل حاج نظير تقديم هذه الخدمة لم يكن لها وجود بأي من المناسك. المزدحمة سواء في مني أو عرفات. - المصريون القوة الشرائية الأكبر ويعد الحجاج المصريون القوة الشرائية الأكبر التي تنعش السوق والاقتصاد الشعبي السعودي حيث يتباري المصريون في اقتناء الهدايا للأهل والأقارب والتي من أبرزها الجلاليب والسبح والطواقي والعطور. وترتقي هذه الهدايا بحسب كل فئة وتصل الي العطور والملابس الباهظة الثمن والتمور العالية الجودة بالمكسرات التي يبلغ ثمن الكيلو منها زهاء المائتي ريال بما يعادل395 جنيها. ويتسابق المصريون علي شراء هذه الهدايا بجانب جراكن مياه زمزم من مختلف الأحجام، فيما كانت المفاجأة المريرة علي مستقلي شركات الطيران السعودية أنها وضعت اجراءات شديدة القسوة والصرامة في مطار جدة حيث حظرت علي أي من الركاب دخول المطار بجراكن ماء زمزم حتي لو كانت مغلفة ومجهزة وفرضت عليهم شراء عبوات من المطار زنة 5 كيلو جرامات فقط حتي الذين كان برفقتهم عبوات10 كيلو جرامات من نفس العينة' المكرتنة' تم منع دخولها، كما حددت لكل راكب حقيبتين فقط وحمل ثالثة خفيفة الي الطائرة، فيما كان الإجراء الأغرب الاصرار علي تغليف الحقيبتين معا وكذا أي بطاطين أو كراتين بها أجهزة حتي لو كانت صغيرة الحجم، حيث تتكلف التغلفة20 ريال. وقد تراجعت مشتريات المصريين من الأجهزة الكهربائية والبطاطين الي حد كبير بعد أن ازدحم السوق المصري بهذه المقتنيات وتماثل الأسعار وتجنب التعرض للوزن الزائد تحاشيا لدفع مبالغ ضخمة لشركات الطيران تنسف فارق الأسعار. - متسولون يسرقون الحجاج ومن أبرز ظواهر الحج انتشار المتسولين من' ذوي البشرة السمراء الداكنة: من مختلف الأعمار وان بدت الغلبة للأطفال الصغار ومن عجب أن الكثير منهم أياديهم مقطوعة وبالاستفسار من أحد المصريين المقيمين فاجأني بأنهم وافدون من دول آسيوية. وهؤلاء الصبية والفتيان والفتيات ينتشرون طوال العام في محيط الحرم يبيعون ويشترون حتي اذا حل موسم الحج تفرغوا اما للتسول أو السرقة وقال إنهم يتخفون بين الحجاج حتي داخل الحرم المكي وفي مشعري مني وعرفة وتتعقبهم سلطات الأمن السعودية دوما. - توسعات الحرمين والخدمات الضخمة تبقي أهمية الإشارة الي ما شهدته المملكة من توسعات بالحرمين الشريفين تحت رعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز وبفضل رعايته للحرمين خففت الكثير من آلام الزحام حتي إن تدفق الملايين علي أداء المناسك في وقت واحد لا يشعرك بوجود أكثر من ستة ملايين في هذه البقعة والمساحة الضيقة التي لا تجاوز بضعة كيلو متراتفهي تماثل رحم الأم. ويشار أيضا الي الخدمات الضخمة التي تقدمها السلطات السعودية لضيوف الرحمن لعل أبرزها توفير الرعاية الصحية المجانية الكاملة وانتشار المستشفيات والمراكز الصحية في جميع الأنحاء وقد أسعدني أن أجد الغالبية العظمي من الأطباء العاملين بها من المصريين. بالاضافة الي تباري المواطنين السعوديين وكبار رجال الأعمال الي توفير الأطعمة المجهزة والمشروبات للحجيج خاصة في يوم عرفة.