تؤدي الاحداث السياسية المتلاحقة في مصر ومنطقة الشرق الاوسط في الشهور الماضية الي نتيجة واحدة وهي اعادة هندسة العلاقات المصرية الامريكية علي أسس جديدة. ورغم ما يبدو من رفض امريكي لهذه الهندسة الجديدة لما تمثله من صياغة متوازنة وندية بين الطرفين الا انه يدور وبوضوح اصرار مصري صلب وإرادة سياسية أخذت قرارها بضرورة المضي قدما في عملية اعادة الهندسة للوصول الي صيغة اكثر توازنا في العلاقات تنهي سنوات التبعية وتمهد لمرحلة من التعاون المتكافيء والمصالح المتبادلة. في هذه الاجواء جاءت زيارة بعثة طرق الابواب السنوية التي تنظمها غرفة التجار ة الامريكية هذا العام لتواجه ما يمكن اعتباره بالمهمة الصعبة حيث كان عليها شرح ما يدور في مصر من وجهة نظر رجال البيزنس ودوائر الاعمال وتسعي لاقناع الطرف الامريكي المتعدد المصالح والرؤي بأن مصلحته المباشرة هي التسليم بإرادة الشعب المصري ونسيج خيوط جديدة من العلاقات الايجابية معه. القضايا التي طرحها الجانب الأمريكي كانت هي نفسها بالنسبة للجانب الاقتصادي وهي الدعم والعجز الكبير في الموازنة العامة ولكن في المجال السياسي كانت هناك قضايا أخري اهمها احكام الحبس علي صحفيي الجزيرة والقبض علي الناشطين السياسيين ومحاكمتهم واصدار احكام بحقهم وكذلك احكام الاعدام, بل ذهبت جريدة الواشنطن بوست في مقال لها نشر خلال زيارة الوفد لواشنطن في الاسبوع الاخير من الشهر الماضي قالت فيه ان أحمد ماهر( الناشط السياسي)'' سجين الحرية'' وقائد الثورة وهو موقف دائم للواشنطن بوست التي تدعي دائما أن الثوار الحقيقيين محبوسون الآن وان الجيش سرق السلطة وان الإخوان مازال لهم الحق في السلطة في مصر ويدخل علي الخط معها احيانا النيويورك تايمز ايضا, ومن الواضح ان تغذية الصحف وصانعي القرار بالأخبار والمعلومات مازالت من مصادر معادية لمصر. الواقعة الأخطر ان6 من اهم معاوني اوباما في الشئون الاسلامية ينتمون لجماعة الاخوان المقيمين في أمريكا طبقا لما أكده أحد اعضاء البعثة المقيم في واشنطن بشكل دائم وأنهم يعطون للإدارة الأمريكية معلومات غير حقيقية, واضاف ان المنطق الذي يجادل به الاخوان هو انهم فصيل سياسي وانه يوجد لهم مع الحكومةخلاف وهو خلاف سياسي تاريخي يمكن حله بالتفاوض والمساومة وليس بالاقصاء ويدعون ان عدد القتلي بلغ حتي الآن16 الفا ويطلقون علي مصر'' جمهورية الخوف'' وانها تتجه الي النموذج الكوري الشمالي الشمولي. الموقف الامريكي كما يقول أحد الصحفيين الأمريكيين يجد صدي نظرا لأن أمريكا منذ عهد الرئيس ريجان تعتبر أن حقوق الانسان قضية أمن قومي بالنسبي لها, وعلي الجانب الآخر توجد خلافات في الرأي والتوجه داخل الإدارة الأمريكية في الكونجرس بغرفتيه وفي الإدارة الأمريكية( خاصة وزارات الخارجية والتجارة) والمكان الوحيد الذي يتبني وجة نظر واحدة هي وزارة الدفاع الأمريكية نظرا لعلاقاتها مع وزارة الدفاع المصرية وفهمها للدور الاستراتيجي لمصر في المنطقة. وبالطبع هناك مؤيدون ومعارضون لمصر ولكن الشيء اللافت للنظر هو ترؤس آن باترسون السفيرة الأمريكية السابقة بمصر- وتشرف الآن علي قطاع الشرق الأوسط بوزارةالخارجيةالأمريكية- للجهود المؤيدة لمصر خلافا لموقفها السابق خلال وجودها كسفيرة بالقاهرة وكان علي رأس الداعمين لمصر ديفيد ثورنو هواحد أهم مستشاري وزيرالخارجية كيري وهو الذي حضر حفل تنصيب الرئيس السيسي وقال لأعضاء البعثةإن المجتمع الامريكي كان منبهرا بزيارة الرئيس السيسي للسيدة التي تعرضت للاعتداء,وذكر أنها المرةالاولي التي يري فيها العالم رئيس دولة يقدم وردا لسيدة ويعتذر لها. أما أشد مهاجمي السياسات المصرية فهو عضو الكونجرس باتريكليهي وهو ديمقراطي عن ولاية فيرمونت ورئيس لجنة منظومة العدالة في مجلس الشيوخ وهو الذي وقف وراء تجميد إرسال طائرات الأباتشيلمصر, والغريب ان أحدا من الوفد المصري لم يزره لمناقشة افكاره وآرائه وهو ما اعتبره رجل الاعمال المصري الذي رفض ذكر اسمه من الاخطاء التي يجب ان نتداركها حيث ان زيارة الاعداء اهم من زيارة الاصدقاء, وايضا كان من أكبر معارضي مصر ديفيد اولواي وزوجته وهما يعملان بمركز ويلسون للابحاث في واشنطن واستندا في هجومهما علي مصر علي واقعتين الاولي الاحكام التي صدرت بحق صحفيي الجزيرة والثانية احكام الاعدام التي صدرت بحق جماعة الاخوان. ومن الواضح أن زيارة الغرفة هذا العام كانت مميزة لأنها تأتي بعد ثورة30 يونيو رغم ترحيب الإدارة بالوفد لم يكن ممهدا وناعما, بل كان مليئا بالعقبات والمطبات الطبيعية والصناعية وتجب ملاحظة ان وزارة الخارجية الأمريكية لم تستعمل تعبير الانقلاب بل انها قررت ارسال ممثلين ومستشارين لها ضمن الوفد التجاري الأمريكي الذي سيزور مصر في شهر نوفمبر المقبل. الظاهرة اللافتة للنظر والتي أكدها أنيس أكليمندوس رئيس الغرفة ان الجانب الأمريكي لم يطرح خلال فعاليات البعثة قضية حرق الكنائس بعد فض اعتصام رابعة والتي وصلت في بعص التقديرات الي اكثر من60 كنيسة وكانت الإدارة الأمريكية تقيم الدنيا ولا تقعدها عند حرق أي كنيسة في السنوات السابقة. وفي النهاية فالموقف الأمريكي كما أكد أحد المسئولين بوزارة الخارجية فيما قال انه ليس للنشر ان المسئولين لابد طبقا للنظام أن يعربوا عن قلقهم من الممارسات غير الديموقراطية التي تمارسها العديد من الدول ثم تبدأ المباحثات الاقتصادية والتجارية والتعاون العسكري وغيرها.