شدد الدكتور هادي بن علي اليامي رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية علي أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان يمثل نقلة نوعية حقيقية في عالمنا العربي،للتعامل مع هذه القضية جاء ذلك في بيان لرئيس اللجنة في ختام زيارة قامت بها إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ولفت اليامي الي أن العبرة ستكون في تنفيذ وتطبيق بنود الميثاق من خلال المصادقة والانضمام اليه، قائلا " لقد سجلنا في لجنة الميثاق قيمة فعلية ومؤثرة في دراسة تقارير الدول الأطراف التي قدمت إلينا، وأصدرنا ملاحظاتنا وتوصياتنا الختامية إلى عشرة دولة أطراف، هي: المملكة الأردنية الهاشمية، والجمهورية الجزائرية الشعبية الديمقراطية، ومملكة البحرين، ودولة قطر، ودولة الإمارات العربية، وجمهورية العراق، والجمهورية اللبنانية، وجمهورية السودان، والمملكة العربية السعودية، وأخيرا دولة الكويت"، مؤكدا أن الميثاق العربي لحقوق الإنسان هو مكسب يقتضي التمسك به والحفاظ عليه والعمل على تطويره وتفعيله. وبحسب بيانه فقد جاءت هذه الزيارة بناء على دعوة كريمة من الحكومة الموريتانية، وامتدت على مدى أربعة أيام، التقى فيها د. اليامي مع معالي الوزير الأول السيد يحيى ولد حدمين ووزراء العدل والشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة ومفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني ورئيس الجمعية الوطنية بالإضافة إلى مختلف المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان وممثلين عن المجتمع المدني. كما عقد ورشة عمل تعريفية بالميثاق العربي لحقوق الإنسان للعاملين في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان. وعبر اليامي عن شكره وامتنانه لرئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد ولد عبدالعزيز على الجهود المبذولة من قبل بلاده على صعيد حماية وتعزيز حقوق الإنسان والتي انعكست على مستوى التفاعل الايجابي مع الآليات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان وبخاصة الآلية العربية ممثلة بلجنة حقوق الإنسان العربية، معربا عن تطلعه إلى أن يكون العمل العربي المشترك في مجال حقوق الإنسان على قائمة جدول أعمال الحكومات العربية في ظل رئاسة موريتانيا للقمة العربية، وبخاصة تبني ملف تشجيع الدول العربية التي لم تصادق على الميثاق من أجل اكتمال العقد العربي في المنظومة العربية لحقوق الإنسان. ورحب اليامي بالإجراءات التشريعية التي أنجزتها الجمهورية الإسلامية الموريتانية في إطار المصادقة على الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وخاصة بعد إقرار مجلس الوزراء لمشروع قانون بهذا الشأن صادق عليه مجلس الشيوخ ويتوقع ان يعرض على الجمعية الوطنية للمصادقة عليه في دورتها القادمة، لتكون بذلك موريتانيا الدولة الخامسة عشرة الطرف في الميثاق بعد أن صادقت وانضمت إليه أربعة عشرة دولة عربية حتى الان. وقال اليامي أن هذه الزيارة أتاحت للجنة حقوق الإنسان العربية الاطلاع الواسع على ما حققته الجمهورية الإسلامية الموريتانية من انجازات ملموسة ومكتسبات جديدة في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان على المستويين التشريعي والعملي، مشيدا بالنهج التراكمي الايجابي الذي حققته موريتانيا، وبخاصة مع إقرار التعديلات الدستورية الجديدة عام 2012، والتي عززت الضمانات القانونية لحماية كافة الحقوق والحريات الأساسية. كما ثمن انضمام موريتانيا إلى جميع الاتفاقيات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، وأخرها البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهنية وما تبعه من إنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب، وهي التجربة الثانية على المستوى العربي، بما يجعلها نموذجا يحتذى به عربيا في هذا المجال. وأضاف اليامي أن هذه الزيارة تشكل استمرارا لنهج لجنة حقوق الإنسان العربية في زيارة الدول العربية غير الأطراف في الميثاق العربي لحقوق الإنسان وفتح حوار تفاعلي مع كافة الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بملف حقوق الإنسان، وذلك في إطار الوفاء بمسؤوليتها في حث هذه الدول على المصادقة أو الانضمام الى الميثاق؛ بوصفه ركيزة النظام الإقليمي العربي لحماية حقوق الإنسان. ودعا كافة الوزارات والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان في موريتانيا الى التأكيد على أهمية المصادقة على الميثاق العربي لحقوق الإنسان؛ سيما وان هذه الوثيقة هي أول وثيقة عربية جامعة وشاملة تعنى بحقوق الإنسان في عالمنا العربي، وتفرض التزامات على الدول العربية تتعلق بحقوق الإنسان. كما أن هذه الوثيقة تتضمن من الحقوق والحريات ما يتسق مع العديد من المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، وتنسجم في الوقت ذاته مع المبادئ الكبرى لديننا الإسلامي الحنيف والديانات السماوية الأخرى؛ وقيمنا العربية وهويتنا الوطنية وخصوصيتنا الثقافية. ونوه بأن الميثاق يمثل استجابة لدعوة الأممالمتحدة في إنشاء ترتيبات إقليمية ودون إقليمية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بالتكامل مع الآليات الدولية، وبما يكفل مبادئ عالمية حقوق الإنسان وترابطها وتشابكها وغير قابليتها للتجزئة، ويضع في الاعتبار أهمية الخصوصيات الإقليمية والخلفيات التاريخية والثقافية والدينية المختلفة وأكد اليامي أن الميثاق في ديباجته ومواده الثلاثة والخمسين، لا ينتقص من أي حق من حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية والإقليمية، وينبغي النظر إليه من منظور إثراء المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وهو الذي نص صراحة وبوضوح على "ترسيخ المبدأ القاضي بأن جميع حقوق الإنسان حقوق عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة"، وأنه "لا يجوز تفسير هذا الميثاق أو تأويله على نحو ينتقص من الحقوق والحريات التي تحميها القوانين الداخلية للدول الأطراف أو القوانين المنصوص عليها في المواثيق الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها أو أقرتها بما فيها حقوق المرأة والطفل والأشخاص المنتميين إلى الأقليات". وأوضح اليامي أن الميثاق نفسه قد أتاح الفرصة لتقديم أي اقتراحات وتعديلات لتطوير نصوص الميثاق وأحكامه والية عمله، شريطة أن يكون هذا التطوير من الدول الأطراف ذاتها، وهو ما يعطيه ميزة الحركة ويبعد عنه سمة الجمود، ويضع على عاتقنا جميعا مسؤولية مواصلة العمل البناء، أفرادا ومؤسسات، شعوبا وحكومات، ليصبح أكثر قربا من القيم الإنسانية الكبرى: الحرية والعدل والمساواة. ورحب اليامي بقرار الحكومة الموريتانية بالإسراع في مسار انضمام موريتانيا إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان وتعهدها بدعم لجنة حقوق الإنسان العربية في اطار تعزيز العمل العربي المشترك في مجال حقوق الإنسان، والعمل مع اللجنة على تبادل الخبرات والمعلومات والتجارب ونقلها الى المعنينين وأصحاب المصلحة في العالم العربي، وبخاصة تجربة الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وتجربة مركز الإعلام والتحسيس والتوثيق التابع لمفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني، وأخيرا وضع آلية للتنسيق والمتابعة المشتركة بين لجنة حقوق الإنسان العربية والحكومة ممثلة بمفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني من أجل وضع مخرجات الزيارة موضع التنفيذ. يشار إلى أن كافة اللقاءات التي عقدها اليامي مع الوزارات والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان قد رحبت بأهمية العمل والتنسيق المشترك في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والسير الحثيث نحو مصادقة موريتانيا على الميثاق في اقرب وقت ممكن، بما يتطلبه ذلك من عقد ندوات وورش عمل يتم فيها تقاسم الخبرات وتحري عوامل القوة ومواطن الضعف في سبيل دفع المنظومة العربية لحقوق الإنسان قدما والارتقاء بمعاييرها واليتها وفقا للممارسات الدولية الفضلى النظيرة في هذا المجال.