* د. شريف دلاور: ضرائب علي الأرباح القصيرة الأجل بالبورصة ووضع قيود علي الاستيراد وعدم دعم الأغنياء أبرز الحلول * أحمد شيحة:70 مليار دولار سنويا قيمة الواردات تسبب ضغطا علي الدولار * بسنت فهمي: لست منزعجة علي الإطلاق وسياسة العقدة كانت تدعم مافيا الاستيراد * محمد المصري:60% من المنتجات الغذائية مستوردة وطبيعي أن يدفع المستهلك الثمن * مدير بإحدي شركات الصرافة: نعاني ركودا والتجارة بالسوق السوداء أربح من المخدرات --------------- واصل الدولار قفزاته المتوالية ليسجل7.56 جنيه بالسوق الموازية أمام الجنيه العاجز عن الصمود أمام العملات الأجنبية نتيجة قلة موارد النقد الأجنبي فالسياحة وصلت إلي أدني مستوياتها والاستثمارات الأجنبية تراجعت والاستيراد مازال مستمرا. ويحذر المختصون من خطورة ارتفاع سعر الدولار الذي سينعكس علي المواطن الفقير من خلال ارتفاع أسعار السلع, وفي المقابل يري البعض أن الأمر غير مزعج علي الإطلاق بل قد يكون في مصلحة الاقتصاد المصري فهو خطوة نحو إيقاف استيراد السلع الاستفزازية والإقبال علي المنتجات المصرية, وتنشيط السياحة والاستثمار. هذا التحقيق يكشف أسباب أزمة ارتفاع الدولار وأثرها وكيفية علاجها.. يقول د. شريف دلاور أستاذ الإدارة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا إن أسباب الأزمة تتمثل في انخفاض تدفق النقد الأجنبي لتراجع السياحة وضعف الاستثمارات الأجنبية بدليل استهلاك النقد الأجنبي.. بالإضافة إلي الاستيراد المستمر من الطاقة والمحروقات والمنتجات البترولية بنحو800 مليون دولار شهريا فهذه التزامات ندفعها للوقود مما يسبب خللا في ميزان العملة الداخلة والخارجة. وأيضا توجد أمور خاصة بالاستيراد الاستهلاكي كما هي رغم القيود التي وضعت من قبل الدولة, بالإضافة إلي كثير من التحويلات الخاصة بالبورصة وإن كان المضاربون يدخلون البورصة بدولارات ولكنهم يضاربون فيها ويربحون ثم يحولون الأرباح إلي خارج مصر. مشيرا إلي أن الأمر كان يمكن أن يتفاقم لولا وجود قناة السويس وتحويلات المصريين والمساعدات العربية بالدولار التي بعضها في شكل وديعة في احتياطي البنك المركزي فكل هذا عضد من عدم نزول سعر الجنيه أكثر من ذلك. ولعلاج تلك الأزمة يؤكد ضرورة وضع ضوابط علي البورصة مثل فرض ضرائب علي الأرباح القصيرة الأجل لنحمي البورصة من الخروج العشوائي ونقلل المضاربة. مستشهدا بما حدث عقب ثورة25 يناير2011 حيث بلغ صافي الخروج من البورصة9 مليارات دولار, لذا أراد سمير رضوان وزير المالية الأسبق أن يضع ضرائب علي الأرباح القصيرة الأجل ولكنه ووجه بمعارضة.. لافتا إلي أن منظمة التجارة العالمية تسمح للدول التي تمر بظروف مثلنا أن تضع قيودا علي الواردات فنضع ضريبة مبيعات عليها لنقلل من الاستيراد الاستهلاكي. مبينا أن المشكلة الأولي والكبري هي الطاقة التي يجب معالجتها من خلال استراتيجية تمكننا من تقليل وارداتنا من المشتقات البترولية والغاز. وكذلك رفع الدعم عن الأغنياء متعجبا لماذا ندعم بنزين92 الذي يستفيد منه الأغنياء؟! وأيضا المحلات المفتوحة طوال الليل تستنزف جزءا كبيرا من الطاقة مستشهدا ببعض الدول الأوروبية حيث تغلق في السابعة أو الثامنة علي الأكثر فيمكن أن ننفذ مقترح غلق المحلات في العاشرة. كما أن عودة الأمن ستجعل السياحة تتدفق من جديد. مشددا علي ضرورة التوافق بين السياستين النقدية والمالية ونجاح التوليفة بينهما فالمفروض وجود مجلس تنسيقي بين البنك المركزي والحكومة لتنسيق السياسات ومحاولة وجود سعر واحد للعملة, محذرا من خطورة وجود سعرين. وعن كون المضاربات سببا من أسباب الأزمة يؤكد أن المضاربات نتيجة وليست سببا فالسبب هو وجود سعرين نتيجة سياسات مالية ونقدية غير متوافقة وبضبط سوق الصرف الموازية مع البنوك وشركات الصرافة لن تكون هناك مضاربة. ويوضح أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين أن المشكلة الرئيسية بدأت منذ ثورة25 يناير حيث توقفت بعض الأنشطة مثل السياحة حيث نفقد نحو13 مليار دولار سنويا, أيضا الاستثمارات الأجنبية حيث لا توجد أنشطة جديدة بل علي العكس هناك استثمارات توقفت وخرجت مثل بعض شركات التنقيب عن البترول والسياحة والفنادق وعزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في مصر مما جعل الاحتياطي النقدي يتراجع إلي أدني مستوي, ولا توجد سيولة دولارية في حين أن قيمة الواردات من60-70 مليار دولار سنويا وهذا يسبب ضغطا علي الدولار.. بالإضافة إلي تغيير الحكومات حيث تتم ترضية البعض علي حساب البلاد. مؤكدا أن موسم رمضان لا ليس له علاقة بارتفاع سعر الدولار فالاعتماد فيه بنسبة95% علي السلع الأساسية التي تستهلك علي مدار العام مثل الزيت والسكر واللحوم والدواجن التي تزيد نسبة استهلاكها في رمضان, أما السلع الرمضانية فلا تزيد علي5% وأغلبها في الأسبوع الأول. ولمواجهة هذه الأزمة يري شيحة أنه يجب أن تتخذ الدولة التدابير اللازمة لمواجهة المتلاعبين الذين يستحوذون علي كل القيمة الدولارية الذين يصدرون بالدولار وبدلا من أن توضع الحصيلة في البنك المركزي وتضخ في مشروعات أخري يقومون ببيعها في السوق السوداء, فيجب اتخاذ إجراءات فورية حيال ذلك. مضيفا أنه يوجد نحو38 بنكا أجنبيا في مصر ينبغي أن يطلب منها البنك المركزي أن ترفع رأسمالها بالدولار مليارا واحدا وبذلك يمكن أن يوجد عندي احتياطي نقدي نحو38 مليار دولار ولا يتدخل البنك في تشغيلها وإنما تستخدم حصيلتها في تنشيط العملية التجارية والاستيرادية والصناعية, مشيرا إلي أن شركات الأسمنت الأجنبية تستحوذ علي نحو90% من حجم الصناعة وحصيلة التصدير تخرج إلي بلادها لذا يقترح ألا يتم تحويل الأرباح خارج مصر إلا بعد مرور سنة مالية داخل السوق المصرية, فهي تنتج نحو50 مليون طن سنويا بمعدل ربح400 جنيه في الطن أي أكثر من2 مليار دولار سنويا تذهب للخارج. لافتا إلي أن المستوردين يضطرون للتعامل مع السوق السوداء فالبنوك رغم أنها تحصل علي عمولة3 4% فإنه قد لا تتوافر لديها الدولارات. ويري محمد المصري نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أن العرض والطلب يتحكمان في السوق فموارد النقد الأجنبي انخفضت فلا سياحة ولا استثمار ولا تصدير.. فالدولار في العالم كله سعره ينخفض فهذا انخفاض للجنيه وليس ارتفاعا للدولار بدليل انخفاض الجنيه أمام جميع العملات, مشيرا إلي أن الاقتصاد المصري مبشر لأنه متنوع لكن الأمر يتوقف علي الاستقرار الأمني والسياسي حتي نجذب الاستثمار العربي والأجنبي.. مؤكدا أنه من الطبيعي أن ينعكس ارتفاع سعر الدولار علي الأسعار فنحو60% من المواد الغذائية مستوردة. أما محمد محمود زينهم مدير تنفيذي في إحدي شركات الصرافة فيؤكد أن المستوردين يلجأون للبنوك أو شركات الصرافة لتوفير الدولار فلا يجدونه فيلجأون إلي السوق السوداء فالأزمة أصبحت في البنوك وشركات الصرافة ورجع السوق إلي الشارع مثل الثمانينيات فالشارع هو المتحكم في السوق وليس البنوك أو شركات الصرافة وعندما يأتي أحد إلي الشركة فإنه يضع في مخيلته أنه سيقوم بالتحويل بسعر الشارع فتعرضنا للاتهامات والإهانات من العملاء الذين يعزفون عن التعامل معنا ويتجهون إلي السوق السوداء لذا توجد حالة ركود كبيرة في شركات الصرافة والسوق السوداء هي المتحكمة فتجارة العملة تربح أكثر من المخدرات, مما كبد أصحاب الشركات خسائر كبيرة مما قد يضطر البعض لإيقاف النشاط وتسريح الموظفين, وربما يضطر بعض العاملين في هذه الشركات إلي العمل في السوق السوداء بعد أن سدت جميع الطرق في وجوههم فلا يمكن أن يبحث عن عمل جديد بعد أن وصل إلي سن كبيرة فمجال تجارة العملة هو المجال الوحيد الذي يفهم فيه. موضحا أن العطاءات التي طرحها البنك المركزي لن تكفي أو المعونات العربية فلا بد من استقرار الأوضاع والعمل والإنتاج. مشيرا إلي أنه في الماضي كان يرتفع السعر في مواسم الحج ولكن إذا كان سعر العملة ثابتا فلن تتأثر بالمواسم فشركات الصرافة تلتزم بأسعار البنك في البيع والشراء ولو رفع صاحب الشركة في السعر فقد يتعرض لإغلاق الشركة. ويطالب زينهم محافظ البنك المركزي بمراعاة شركات الصرافة بعودة نظام العمولة مرة ثانية5 أو10% علي قيمة البيع, فقد ألغيت من شركات الصرافة وعادت إلي البنوك. وتختلف بسنت فهمي الخبيرة المصرفية مع الآراء السابقة فبدأت بقولها: أنا ضد عبارة كبح جماح الدولار التي يرددها البعض, مضيفة: لابد أن نترك الدولار يتحرك بهدوء ارتفاعا وهبوطا, فكلما قمت بدعم الدولار فأنا أدعم الاقتصاد الأجنبي مما يرفع الأسعار, فبهذا الإجراء نقوي الدولار علي حساب الجنيه حتي نستطيع أن نستورد كل شيء أجنبي حتي أصبحنا سوق الزبالة للعالم فأبشع البضائع المستوردة تأتي إلي مصر علي حساب السلع المصرية, فنحن نستورد لأنه أرخص من المصري وعندما يرتفع سعره سنشتري المصري وهو الأجود لأن السلع المستوردة كلها رديئة. منتقدة سياسة فاروق العقدة التي كانت تحاول تثبيت سعر الدولار من أجل مصلحة مافيا الاستيراد من رجال الأعمال الذين يقومون مثلا باستيراد السمك من فيتنام في مقابل إيقاف الصيد عندنا في النيل والبحيرات السبع الموجودة بمصر, ولا نقوم بتربية الدواجن من أجل استيرادها أرخص من الخارج فهذه سياسة خاطئة. وتضيف: أنا غير منزعجة من ارتفاع سعر الدولار بل علي العكس فإن هذا الارتفاع له جوانب إيجابية فسوف تختفي السلع الاستفزازية مثل أطعمة القطط والكلاب المستوردة وغير ذلك من السلع التي لها بديل محلي فارتفاع سعر المستورد يحمي الصناعة الوطنية, كما أنه يشجع السياحة فمصر ستكون من المقاصد السياحية الأقل تكلفة بالنسبة للسياح وأيضا الاستثمار يمكن عمل مشروعات بتكلفة أقل.. وتوضح بسنت فهمي أنه لمواجهة غلاء السلع يوجد لدينا شركات وجمعيات تعاونية بها نحو14 ألف فرع يمكن أن تطرح من خلالها السلع بأسعار مخفضة لوصول الدعم إلي مستحقيه وعدم دعم الأغنياء. مشددة علي أنه ينبغي علي البنك المركزي والبنوك ألا تمول إلا استيراد السلع الأساسية والمواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع, فالكل أحجم عن الصناعة ولجأ إلي التجارة علي حساب العملة الوطنية حتي الحكومة نفسها استوردت مكاتب وكراسي من الخارج.