ألقى التعويم بظلاله على ميزانيات الشركات العاملة فى السوق، حيث ينتظر هذه الشركات مصير مجهول فى ظل الفرق الشاسع بين سعر العملة الذى تعاملوا به طوال عام 2016 والسعر الرسمى قبل التعويم وأيضا السعر الذى تتعامل به مصلحة الضرائب معهم بعد تعويم الجنيه الذى يبعد كثيرا عن الحقيقة فى التعاملات الدولارية لتلك الشركات، فخلال أيام تتقدم الشركات باقراراتها الضريبية للمصلحة عن حجم أعمالها وفقا لموسم الإقرار الضريبى الذى يبدأ فى يناير وينتهى فى إبريل. فوققا لقواعد المحاسبة لا يمكن معالجة فروق الأسعار فى الميزانيات، الأمر الذى يهدد الحصيلة الضريبية المستهدفة وهى 411 مليار جنيه لأن حساب فروق الأسعار كخسائر فى الميزانيات سوف يظهر المراكز المالية خاسرة وبالتالى تقل الحصيلة الضريبية. أكد نصر أبو العباس، الشريك الرئيسى بمكتب نصر أبو العباس وشركاه، أن الأزمة الحقيقية التى ستواجه الممولين خلال الموسم المقبل تكمن فى فروق أسعار العملة التى لو لم تحل قبل انتهاء شهر ديسمبر الجارى فستتسبب فى تحمل الممولين لأعباء إضافية متمثلة فى محاسبتهم على أرباح وهمية، تمثل الفارق بين قيمة تدبيرهم لمصروفاتهم الممولة بالدولار، وبين ما تحتسبه مصلحة الضرائب من السعر الرسمى. وأكد أن اعتماد تلك الفروق ليس بدعة قانونية؛ فنص المادة 21 من قانون الضريبة على الدخل يقضى باعتماد أى مصروف على أن يكون مؤيدًا بالمستندات، وما تعثَّر توفير مستندات له يعتمد أيضا. وأشار أبو العباس إلى أن اعتماد فروق أسعار العملة له أيضا سوابق تاريخية نشرت خلالها مصلحة الضرائب تعليمات باعتماد سعر السوق السوداء المعلن فى الصحف عام 1981، وظل اعتماد هذه الفروق 5 أعوام كاملة، فهو أيضا ليس بدعة. وأضاف أن الحل المطروح بزيادة المصروفات غير المؤيدة بمستندات، والواردة بنسبة 7٪ فى اللائحة التنفيذية للقانون، ليس حلا عمليا، ولا سيما أن تحديد اللائحة لهذه النسبة افتئات على القانون، وتشريع ما لم تنص عليه المادتان 21 و22 من قانون الضريبة على الدخل، اللتان قضتا باعتماد كامل المصروف. ويؤكد الدكتور خالد عبدالعزيز حجازى، شريك بمكتب حجازى للمحاسبة، أن المسألة تهدد استثمارات الشركات بالسوق المصرى لأن تحمل ميزانية الشركات بفرق أسعار ضخمة سوف يجعل البنوك ترفض منح هذه الشركات قروضا جديدة، ما يقف أمام ضخ مزيد من الأموال فى الشركة، وأضاف أن هناك بعض الشركات الكبرى سوف تكون فروق الأسعار بالنسبة لها مليارات الجنيهات، ما يجعل وضعها صعبا خاصة أن هذه الشركات تعاملت خلال 2016 بأسعار مختلفة للدولار؛ فهناك سعر المركزى الرسمى والسعر الذى كان متداولا فى السوق الموازى والسعر الذى حددته الدولة بعد التعويم فضلا عن السعر الذى تحاسب به مصلحة الضرائب الممولين وهو قريب من السعر الرسمى، وطالب الدكتور خالد باتخاذ قرار سيادى لحل هذه المشكلة وليس مجرد قرار من المالية لأن معايير المحاسبة تصعب معها معالجة مشكلة فروق الأسعار. من جانبه أشار طارق حشيش، الشريك التنفيذى لشركة Rsm مصر - مجدى حشيش وشركاه، إلى أن خسائر فروق تقيم العملة بالقوائم المالية فى ديسمبر 2016 سوف تكون كارثية ما لم يحدث تدخل من الدولة بإصدار معيار جديد أو تعديل معيار قائم يمكن معدى القوائم المالية من تجنب الآثار التى سوف تحدث نتيجة تعويم الجنيه، مشددا على أن هذه الآثار سيكون لها مردود سلبى على حقوق الملكية والتى قد تأتى على كامل حقوق المساهمين بالشركات إلى جانب تبعات ذلك على المحاسبة الضريبة لهذه الشركات. وقد قدمت جمعية المحاسبين القانونيين مذكرة لوزير المالية، بعد أن وصلت فروق العملة خلال 2016 إلى أكثر من 100٪، لكن الأزمة لا تزال قائمة، وأشارت المذكرة إلى أن احتساب قيمة المديونيات الدولارية أيضا ستواجه أزمة بعد التعويم فمعظم الممولين لديهم أرصدة دائنة اختلفت قيمتها بعد التعويم. قال عبد المنعم مطر، المشرف العام على تطبيق قانون القيمة المضافة بمصلحة الضرائب، ورئيس مصلحة الضرائب السابق، إن مصلحته قدرت سعر صرف الدولار، فى تكاليف الممولين الممولة بالدولار، داخل إقرارات الضريبة على القيمة المضافة، وفقا لسعر الدولار الذى اعتمدته الجمارك فى يوم الإفراج نفسه عن مشترياته من الجمرك. وفيما يخص موسم الإقرارات الضريبية الجديد، الذى يبدأ فى مطلع يناير المقبل، قال مطر إن المصلحة ستتلقى الإقرارات الضريبية من الممولين وستعتمدها وفقا للتقديرات الحقيقية، التى يدرجها الممول لتكاليفه الممولة بالدولار فى الإقرار، التى تراجع فيما بعد فى مرحلة الفحص الضريبى. وأشار محمود حسن، صاحب شركة استثمارية، إلى أن قرار التعويم الصادر فى نوفمبر الماضى وضع الشركات التى ينتهى عامها المالى فى ديسمبر الحالى أمام مأزق كبير، مطالبا بضرورة تغيير المعايير المحاسبية المتداخلة في هذا الشأن، موضحا أهمية إعادة تقييم الأصول بقيمة الاستبدال لعمل توازن فى القيمة الحقيقية نتيجة لفرق السعر لفرق الأسعار أو فروق تحويل العملة. يذكر أن مصلحة الضرائب أصدرت تعليمات تنفيذية بالسعر الذى ستقدر عليه بالدولار، بعد تحرير سعر الصرف فى عام 2004، حتى تكون الرؤية واضحة للجميع، فلماذا لم تفعل المصلحة الإجراء نفسه؟ وقد اضطرت المصلحة لمد مهلة تلقى الإقرارات الضريبية الخاصة بالضريبة على القيمة المضافة عن شهر سبتمبر أول شهور المحاسبة بالقيمة المضافة يوما بعد انتهاء مهلته نهاية نوفمبر الماضى، لمراجعتها بسبب سعر الصرف، وكان عليها أن تصدر تعليمات قبلها تفيد باحتساب الدولار وفقا للقيمة الجمركية، حتى لا تضطر للمد، كما أن المراجعة أدت إلى تكدس وطوابير فى بعض المأموريات، والتخوف الآن أن يحدث ذلك فى موسم الإقرارات.