يكاد المتابع لتحركات الدبلوماسية المصرية فى الأيام الأخيرة أن يلحق ببعض تفاصيلها وجهودها وبعض نتائجها . ففى بضعة أيام انتقل رئيس مصر من الهند فى زيارة ثنائية وإقليمية إلى الصين التى دعى إليها ليشارك فى قمة العشرين لدول العالم الأكثر غنى. وما أن بلغ القاهرة حتى شد الرحال إلى نيويورك ليشارك فى الدورة (71) للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأوفد فى نفس الوقت وزير الخارجية سامح شكرى إلى كراكاس / فنزويلا ليمثل الرئيس فى قمة مجموعة عدم الانحياز ويحمل الرئيس فى حقائبه ملفات عديدة تهم الوطن والمواطن مقصدها الأساسى خدمة أهداف الداخل وخير للمواطنين. ولعل من أهم القضايا التى حملها الرئيس: أولا : حشد التأييد الدولى والإقليمى والثنائى لبرنامج الإصلاح الاقتصاد المصرى الذى حظى بموافقة إدارة الصندوق الدولى التى عبرت عنها مديرته كريستين لاجارد بعد لقائها الرئيس على هامش قمة العشرين . والمتوقع بإذن الله أن يحظى البرنامج بموافقة مجلس إدارة الصندوق . الأمر الذى يستتبع مساندة البنك الدولى وبنك التنمية الإفريقى ومؤسسات مالية عالمية وإقليمية للبرنامج، لتستكمل مصر هدف تمويل برنامجها بواحد وعشرين مليار دولار . ويتصدر برنامج الإصلاح الاقتصادى فى الأجل عودة الاستقرار لسوق الصرف الأجنبى فى مصر مما ستكون له انعكاسات على تحسين أوضاع التجارة والاستثمار وتحويلات المصريين . ولاشك أن هذه النتيجة هى من أهم ما أسفرت عنه مشاركة الرئيس فى قمة العشرين. ثانيا: الاستقرار السياسى والأمنى فى مصر . فقد دعا الرئيس لتكوين جبهة عالمية لمحاربة الإرهاب . كما دعا إلى وقف التدخل فى الشئون الداخلية للدول . ومكافحة الجريمة المنظمة متمثلة فى الإرهاب والمخدرات وغسل الأموال والهجرة غير المشروعة. ثالثا: حروب الشرق الأوسط والمنطقة العربية فى سوريا واليمن وليبيا وعدم الاستقرار فى السودان والعراق ولبنان وكلها تؤثر سلبا على العمل العربى والسلام، الهم الأكبر بين قضايا مصر والعالم العربى. والواضح أن مصر تمثل الوجه الأكثر قبولا لدى أغلب أطراف النزاعات فى المنطقة. ولاشك أن مصر مدعوة بقوة من أطراف عديدة لممارسة دورها التوفيقى بين مختلف الأطراف . أما فى كراكاس / فنزويلا فقد عرض وزير الخارجية خطاب الرئيس إلى مجموعة عدم الانحياز . وكان من أهم رسائل الخطاب للمجموعة وللعالم : 1 تعظيم فرص التعاون بين بلدان الجنوب بالتوازى مع التعاون بين الشمال والجنوب . والتنسيق بين المجموعات الإقليمية للمجموعة مثل منطقة التجارة الحرة العربية والكوميسا وأغادير والميركوسور وغيرها . 2 تحفيز الدول المتقدمة بالوفاء بتعهداتها نحو تعزيز اقتصادات الدول النامية وتحسين شروط التجارة الدولية وفرص الاستثمار والتعاون الاقتصادى والفنى. 3 التحالف الجماعى لمكافحة الإرهاب أيا كانت مصادره أو مقاصده ومحاصرة وكشف من يدعمه. 4 الاهتمام بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان دون اتخاذها ذريعة للتدخل فى الشئون الداخلية. 5 تسوية النزاعات المسلحة فى سوريا وليبيا واليمن. أبرز نتائج مهمة نيويورك: تناولت مهمة الرئيس أكثر من ملف وهدف . لكنه عندما استقبل كلا من هيلارى كلينتون مرشحة الحزب الوطنى، ودونالد ترامب مرشح الحزب الجمهورى لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية فتعتبر تلك اللقاءات من أبرز تحركات الرئيس الأخيرة. ولو كانت هذه اللقاءات هى النتيجة والمحصلة الوحيدة لمهمته فى نيويورك لكانت كافية كنتيجة طيبة لكل أعباء وجهود الرحلة. إن استقبال رئيس مصر للرئيس المرتقب للولايات المتحدةالأمريكية يعد فرصة غالية وإنجازا للدبلوماسية المصرية . ففى مثل هذا اللقاءات يجرى تبادل المعلومات والآراء وتقدير المواقف حول كل ما يهم الطرفين من قضايا عالمية وإقليمية وثنائية حيث يطلع كل طرف على مواقف الآخر خاصة مسائل التنمية والتعاون الاقتصادى وتحسين فرص التبادل التجارى والاستثمار وتبادل الرأى حول القضايا الدولية والإقليمية وأفضل سبل التعاون لحلها . كما تتيح فرصة للاستماع لأجندة رئيس الولاياتالمتحدة القادم وإسماعه لطلبات مصر . وأكاد ألمح الرئيس يناقش مع المرشحين مسألة الدعم غير المسبوق الذى تقدمه أمريكا لإسرائيل وحق مصر فى تثبيت بل زيادة الدعم المقدم لها. وأيضا موضوع قيام منطقة التجارة الحرة المصرية الأمريكية لتعزيز مصالحهما. لقد نجحت الدبلوماسية المصرية فى توظيف كل أدواتها ومستوياتها التى عززها الآن المستوى الرئاسى القادر على كسب القضايا حتى فى الساعات القليلة التى يمضيها الرئيس أو وزير الخارجية فى بعض المدن أو المطارات.