أكد جيمس وات السفير البريطاني بالقاهرة حرص الحكومة البريطانية علي استعادة كل أصول الدولة المصرية المنهوبة والمهربة إلي بريطانيا. وأثني علي التعاون بين سلطات النيابة المصرية والبريطانية في ظل مجال قانوني يتسم بالصعوبة. وأعرب وات في حواره مع الأهرام الاقتصادي عن اهتمام المستثمرين البريطانيين بالاستثمار في مصر عقب إقرار الدستور وما يتبعه من إصدار حزمة من القوانين الجديدة التي يأمل ان تشجع الاستثمار علي العكس من سابقتها. كما تطرق إلي الأسباب المعوقة للاستثمارات البريطانية والأفاق الجديدة للتعاون بين البلدين.. وفيما يلي نص الحوار. لماذا لا يشعر الشعب المصري بدعم بريطانيا السياسي والاقتصادي لخارطة الطريق كما هو الحال مع الدول العربية؟ أولا يجب التفرقة بين ما يتم تداوله في الإعلام البريطاني عن الأوضاع في مصر الذي اعترف ان به بعض المبالغة المجافية للواقع, وبين الموقف الرسمي البريطاني. فدولة بريطانيا تدعم اختيارات الشعب المصري وخارطة الطريق بكل وضوح, لكن مصر دولة كبيرة ومشكلاتها الاقتصادية مركبة علي العكس من الدول الصغيرة التي يمكن ان يتحسن اقتصادها جذريا بنصف مليار إسترليني من المساعدات. كما ان الحكومات المصرية المتعاقبة, من وجه نظري, لم تقم بدور جيد في إدارة المساعدات التي حصلت عليها منذ اندلاع ثورة يناير2011 وحتي الآن. - وما أسباب ذلك في اعتقادك؟ المشكلة تكمن في ان أيا من تلك الحكومات لم تجرؤ علي القيام بالإصلاحات الهيكلية الحقيقية المطلوبة للنهوض بالاقتصاد المصري التي يأتي سد عجز الموازنة علي رأسها. وفي اعتقادي أن علي مصر المضي قدما في العودة إلي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتطبيق ما يراه برامج لإصلاح الاقتصاد المصري لان ذلك سوف يكون بمثابة رسالة ايجابية للدول الأخري والمستثمرين الأجانب. - كيف يمكن ان تدعم بريطانيا مصر في هذا الوقت الحرج؟ تحاول بريطانيا تقديم دعم لقطاعات تكنولوجيا المعلومات والتركيز علي تدريب وتمويل رواد الأعمال في المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن طريق التعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية والمحافظين مع عدم إغفال دور الشركات البريطانية الكبيرة العاملة في السوق المصري ذات الاستثمارات التراكمية التي تسعي إلي مزيد من الاستثمارات في مصر بعد استقرار الأوضاع. والأهم ان بريطانيا تحاول المساعدة في تدريب وتأهيل الكوادر المصرية علي كيفية إدارة المؤسسات والمشروعات بكفاءة. - ما آخر التطورات في استرجاع الأموال المصرية المهربة إلي بريطانيا؟ نحن في غاية الرضا عن مستوي التعاون بين سلطات النيابة المصرية والبريطانية في هذا الشأن, هذا التعاون تم إبرازه كنموذج غاية في الإيجابية عن التعاون الدولي في حقل قانوني يتسم بالصعوبة والتعقيد البالغين. كما أننا نؤمن بإحراز تقدم في تحقيق المزيد من الجهود, بمنأي عن المجال السياسي. وقد أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بوضوح علي التزام الحكومة البريطانية باستعادة كل أصول الدولة المصرية المنهوبة. - اتهم البعض القطاع الخاص المصري بعدم القيام بدوره التكافلي المنشود لتحقيق العدالة الاجتماعية علي العكس من نظرائه في الخارج؟ صحيح ان هامش الربح للقطاع الخاص المصري مرتفع جدا مقارنة بالدول الأوروبية علي سبيل المثال لكن هذا هو الوضع الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط وهناك العديد من الشركات المصرية التي ترعي أنشطة لتنمية المجتمع منها علي سبيل المثال لا الحصر فودافون وبنكCIB كما لا يمكن إغفال دور القطاع الخاص المصري في النهوض بالاقتصاد المصري. بالإضافة إلي ان الرغبة المبالغ فيها للربح من قبل القطاع الخاص موجودة في دول كثيرة. - ماذا عن آفاق التعاون الاقتصادي المرتقب بين مصر وبريطانيا؟ قام وفد تجاري بريطاني رفيع المستوي بزيارة القاهرة مؤخرا لدراسة إمكانية التعاون في مشروع تنمية محور قناة السويس. تضمن الوفد كلا من تيم فلير, مدير المكتب التجاري في لندن ورود جريفين, خبير إدارة المشروعات العملاقة ببريطانيا, وممثلين من مكتب التمثيل التجاريUKTI بالسفارة البريطانية بمصر. وتمت مقابلة مسئولين في هيئة قناة السويس بالإسماعيلية, ووزارة النقل بالإسكندرية وذلك في ظل اختيار أربع شركات بريطانية ضمن المرحلة الأولي للمشروع عن طريق المناقصة من ضمن14 شركة عالمية. - ما هي المعوقات التي يصطدم بها المستثمر البريطاني في مصر؟ أكبر وأهم عائق هو عدم القدرة علي استقراء المستقبل بمعني عدم العمل في ظل قوانين وقواعد مستقرة مما ينتج عنه عدم يقين يجعل المستثمر تحت تهديد دائم. بالإضافة إلي القيود المفروضة علي حرية حركة وتنقلات الأموال والنقد الأجنبي في مصر بما يشعر المستثمر البريطاني بالقلق من ضخ استثمارات كبيرة لمصر في ظل عدم تقينه من إمكانياته من جني أرباحه. لكن الأمل أنه بإقرار الدستور الجديد سوف يتبع ذلك إصدار حزمة من القوانين الجديدة التي نأمل ان تكون محفزة للاستثمار وتحافظ علي الحقوق والحريات كما ذكر الدستور. هذا بالإضافة إلي البيروقراطية وعدم الالتزام بمبادئ الشفافية والمحاسبة والحوكمة في مؤسسات الدولة بطريقة واضحة. وأنا اعتقد ان المستثمرين في بريطانيا يتابعون تطور العملية السياسية وتنفيذ بنود خارطة الطريق في مصر للشروع في الاستثمار في مصر علي وجه الخصوص في مجالات الغاز الطبيعي والنفط والأدوية والاتصالات نظرا لان السوق المصري سوق واعد ومليء بالفرص. - ما هو مشروع سيريسSirius و هل حقق الأهداف المرجوة منه؟ هو مشروع تابع للهيئة البريطانية للتجارة والاستثمار وتبلغ مدة هذا البرنامج12 شهرا وهو يهدف إلي جلب أفضل مواهب ريادة الأعمال في العالم للعمل في بريطانيا بحيث يقوم البرنامج بتمكين الخريجين أصحاب الأفكار وتقديم الدعم اللازم لتحويل أفكارهم إلي واقع ملموس. ويهدف البرنامج إلي جذب المئات من رواد الأعمال إلي المملكة المتحدة في أول عامين, بحيث تسهم الأعمال الناشئة في توفير فرص عمل جديدة وجلب الاستثمارات الأجنبية وإحداث تأثير تراكمي كبير علي الاقتصاد البريطاني. وأتمني أن أري عددا كبيرا من المصريين يتقدمون لأني أؤمن أن مصر أظهرت نفسها بقوة في مجال ريادة الأعمال وأنا أثق في المواهب الشابة المصرية في العديد من المجالات وبالأخص مجال تكنولوجيا المعلومات. - هل آتي المشروع ثماره؟ من الصعب تقييم التجربة قبل الانتهاء منها فهي مازالت في بدايتها لكنني عندي ثقة في تحقيقها للنجاح. - ما هي المجالات الواعدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين؟ لا شك ان هناك تعاونا وثيقا بين البلدين في مجال التعليم ويلعب المركز الثقافي البريطاني دورا محوريا في تدعيم العلاقات في هذا المجال ونحن نسعي إلي مزيد من تطوير العلاقات في مجال التعليم ففي الأسبوع الماضي زار وفد من ممثلي وزارات التعليم والتعليم العالي وعدد من المدارس الدولية في مصر معرضBETT للتعليم في بريطانيا مما سيتيح للجانب المصري التواصل مع الشركات البريطانية العاملة في هذا المجال والاطلاع علي آخر المستجدات التكنولوجية في مجال تكنولوجيا المعلومات والتعليم. أيضا لا يجب إغفال ان هناك تعاونا مثمرا بين البلدين في مجال البحث العلمي من خلال وزارة البحث العلمي والمراكز البحثية المتميزة في الجامعات المصرية الحكومية والخاصة. - هل سينعكس إقرار الدستور الجديد بالإيجاب علي إنعاش التعاون الاقتصادي بين البلدين؟ بلا شك سوف يكون له عظيم الأثر لأنه خطوة هامة علي طريق استقرار الأوضاع في مصر. وفي هذا الإطار يتم التنسيق بين كل من مجلس الأعمال المصري البريطاني والجمعية المصرية البريطانية للأعمالBEBA والسفارة للتحضير للذهاب في بعثة ترويجية مصرية إلي بريطانيا في مارس المقبل بهدف جذب مزيد من الاستثمارات البريطانية لمصر في مجالات المنسوجات والمشروبات والأغذية وتكنولوجيا المعلومات والخدمات اللوجستية لمواكبة التغيرات الاقتصادية العالمية التي تعتمد بشكل متزايد علي الشركات الصغيرة والمتوسطة في المجالات السالفة الذكر. - ما هو دور السفارة البريطانية في نقل الصورة الحقيقية عما يجري في مصر بما يشجع القطاع الخاص البريطاني علي مزيد من الاستثمار في مصر؟ مما لا شك فيه ان الاستثمارات البريطانية تعد الأولي في مصر في مجالات متعددة ويبدي القطاع الخاص البريطاني في الوقت الحالي اهتماما خاصا بالتعاون مع الجانب المصري في مجال تنمية وتطوير وإدارة المواني المصرية بشكل كامل أو بالشراكة مع مصر وقد قام فيرجس ماكلادي الخبير في مجال الشحن والمواني بزيارة مصر في ديسمبر الماضي لجمع معلومات عن فرص الشركات البريطانية للاستثمار في هذا المجال في مواني بورسعيد والعين السخنة والإسكندرية ودمياط وقد دهش ماكلادي من وجود إمكانية عظيمة للتعاون بين البلدين. - ما جوابكم علي ان زيارات وفود من السفارة البريطانية في القاهرة الي المحافظات تهدف بالأساس إلي التواصل مع الإخوان المسلمين وتقديم الدعم المادي لهم؟ هذا محض خيال فبريطانيا صديق راسخ للشعب المصري ككل ولا تدعم أي فصيل سياسي علي حساب الآخر, وبناء علي ذلك لم ولن ندعم أي فصيل بعينه. وتجري السفارة البريطانية في القاهرة بانتظام, زيارات خارج المراكز الحضرية الرئيسية لتعميق فهم المملكة المتحدة لمصر. ويأتي في هذا الإطار زيارة نائب السفير البريطاني في مصر, ستيفان هيكي, إلي المنوفية وطنطا والزقازيق في نوفمبر الماضي لعقد اجتماعات مع محافظي المنوفية والشرقية, فضلا عن اجتماعات مع مجموعة من الناشطين السياسيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني. بالإضافة إلي زيارة وفد من السفارة محافظات المنيا وبني سويف والفيوم والسويس وتم تقديم مبلغ000,200 جنيه إسترليني كدعم لمشروع الجمعية المصرية للتسويق والتنمية الذي يهدف إلي تحسين نوعية الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين في كل من المنياوالمنوفية. -ما هو موقف بريطانيا من ترشيح الفريق عبد الفتاح السيسي؟ نحن نؤيد اختيار الشعب المصري بكل وضح وقوة ونحن لا نتدخل أو نعلق علي اختياراته. شريطة احترام الرئيس المصري المقبل لمؤسسات الدولة وتبني ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة. أيا كانت خلفيات هذا المرشح طالما أتي عن طريق انتخابات نزيهة يرضي عنها الشعب المصري.