أسفرت المباحثات المصرية الروسية بين الرئيس الدكتور محمد مرسي وفلاديمير بوتين عن اتفاق الجانبين علي اعادة دعم التعاون بين البلدين عن طريق عدة مراحل وتتمثل المرحلة الاولي من هذا التعاون في العمل علي احياء بعض المشروعات القديمة مثل مصنع الحديد والصلب في حلوان حيث تم الاتفاق مع الجانب الروسي علي البدء في اجراء الدراسة الفنية خلال شهر علي اقصي تقدير للنظر في كيفية تطوير الافران الاربعة الموجودة بمجمع الحديد والصلب لرفع تقنية التشغيل للوصول بالانتاج الي مستوي من الجودة يجعله قادرا علي المنافسة في اسواق التصدير الخارجي. واذا كان الامر كذلك فان الاهرام الاقتصادي من جانبها تسهم في عرض المشاكل التي تعاني منها هذه الصناعة الاساسية من خلال الواقع الميداني سواء في عمليات التصنيع او استخراج الخام من المناجم حتي تكون امام صانع القرار عند التعامل مع الجانب الروسي في اجراء الدراسة الفنية لاعادة تأهيل صناعة الحديد والصلب علي اسس تقنية حديثة تعيد المجد التليد لهذه الصناعة الحيوية باعتبارها العمود الفقري لجميع الصناعات والمشروعات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ----- لجنة الصناعة بالشوري بعد زيارتها الميدانية له تحذر انهيار مصنع الحديد والصلب بحلوان علي ارض الواقع كشفت الزيارة الميدانية للجنة الصناعة والطاقة في مجلس الشوري برئاسة الدكتور طارق مصطفي عبدالرحمن لشركة الحديد والصلب المصرية بحلوان عن وجود خطر يهدد بانهيار هذا الصرح الصناعي العملاق الذي يعتبر فريدا علي ارض مصر لانه يمثل الركيزة الاساسية للصناعة الوطنية بكل مستوياتها حيث يتمثل هذا الخطر في النقص الحاد في احتياجات الشركة من فحم الكوك من2000 الي400 طن يوميا وزيادة اسعار الطاقة الكهربائية, وعدم تصريف الانتاج نتيجة لتوقف المشروعات القومية وزيادة اعباء الاجور لنحو12 الف عامل وتهالك الافران ومعدات التشغيل لعدم توافر قطع الغيار او اجراء الصيانة الدورية بسبب نقص التمويل وزيادة في المديونية العامة للشركة منها800 مليون جنيه مستحقة لمصنع فحم الكوك الذي يعتبر المصدر الوحيد لتوفير احتياجات الانتاج بالاضافة الي مديونيات القروض البنكية المتراكمة منذ سنوات طويلة واعباء فوائدها. وخلال الجولة الميدانية لاعضاء لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشوري برفقة علي فتح الباب زعيم الاغلبية بالشوري سابقا وهو احد العاملين بالشركة وابن من ابنائها, ابدي اعضاء اللجنة اسفهم وتحسرهم علي التدهور الخطير في مصانع هذه الشركة العملاقة التي لا تعمل بكامل طاقتها مما يعد اهدارا للثروة القومية وقيمة صناعية كان له دورها الحيوي في التصنيع المحلي ودعم القوات المسلحة والانتاج الحربي المحلي ودعم القوات والمجهود الحربي خلال حقب ثلاث من بداية الخمسينيات في القرن الماضي واستمرت حتي الثمانينيات وللأسف فقد ادي هذا التدهور القريب من الانهيار الي زيادة نسبة التلوث البيئي داخل الشركة وفي المناطق المحيطة حيث وصل عدد العاملين المصابين بالشركة بامراض مزمنة إلي اكثر من3000 عامل بنسبة25% من اجمالي عدد العاملين بالشركة وهوما يكلفها اعباء باهظة في نفقات علاج هؤلاء المصابين وما يضاف اليهم سنويا من مصابين جدد. ولقد كشفت الزيارة الميدانية ايضا عن ان نقص التمويل والدعم من الدولة هو السبب الاول وراء حالة التدهور الخطيرة التي تنذر بتوقف المصانع عن العمل بالاضافة الي تفشي ظاهرة الانتشار العشوائي لمواد وخامات التصنيع في جميع مواقع الانتاج مما يعطل حركة المعدات القديمة التي عفا عليها الزمن لانها من تكنولوجيا ثلاثينيات القرن الماضي كان قد تم استيرادها من المانيا ثم الاتحاد السوفيتي منذ بدأ العمل في انشاء هذه الشركة في بداية الخمسينيات ولاتزال الايدي العاملة المصرية قادرة علي العمل بها وتشغيلها رغم عدم جدواها الاقتصادية وفي ظل هذه الظروف الصعبة المحيطة داخل تلك المساحة الشاسعة من اراضي الشركة. وخلال المواجهة الميدانية بين اعضاء اللجنة البرلمانية وقيادة شركة الحديد والصلب المصرية حول المشاهد والاوضاع السيئة جدا في عمليات التشغيل والانتاج قام المهندس محمد سعد نجيدة رئيس مجلس الادارة بالإعراب ايضا عن اسفه الشديد لذلك مشيرا الي تحديد بعدين اساسيين في هذا التدهور احدهما اقتصادي, والاخر سياسي, فاما الاول فانه يتمثل في نقص فحم الكوك وهو من العناصر الاساسية للتشغيل الاقتصادي, كما تخفض قيمة المواصفات الفنية في هذه المادة مما يؤثر سلبا علي الافران ويقلل من عمرها الافتراضي, الامر الذي ادي الي توقف اكثرمن نصف افران التشغيل البالغ عددها سبعة بالاضافة الي الانخفاض المستمر في نسبة الحديد في خام الواحات من67% الي51% علاوة علي وجود خلل في هيكل العمالة إما بسبب هجرة الايدي الفنية الجيدة الي دول عربية او الي مصانع القطاع الخاص المحلي, بجانب تهالك المعدات وعدم تحديثها كما ادت حالة الانفلات الامني الي تعدي المواطنين والبلطجية علي اراضي الشركة واقامة مساكن عشوائية عليها وسرقة المخازن وما فيها من معدات وقطع غيار لازمة للتشغيل والصيانة كما تأثر تصريف الانتاج سلبا بحالة الكساد في سوق العقارات وتوقف المشروعات الكبري التي كانت تعتمد علي منتجات الشركة في اعمال التشغيل بالاضافة الي توقف التصدير بسبب الازمة الاقتصادية العالمية, واغراق الاسواق المحلية بالحديد المستورد باقل الاسعار مما يشكل منافسة مدمرة للانتاج المحلي, علاوة علي زيادة اعباء الاجور نتيجة للمطالب الفئوية. اما البعد الثاني الذي يمثل احد جوانب التدهور بالشركة فيحدده رئيس مجلس الادارة في جانبه السياسي حين قال ان الشركة كانت تضم احد اهم مصنع بالشرق الاوسط كله لصيانة الموتورات العملاقة وكانت تخدم الصناعات الوطنية بجانب خدمة دول عربية وافريقية عديدة وهو ما اعتبره الاعداء انتشارا للوجود المصري في تلك الدول فكان حرصهم علي تقليص دور الشركة والعمل علي تراجعها في فترة الثمانينيات, ولان الشركة قامت بدور مهم ايضا في دعم القوات المسلحة والتصنيع الحربي لمصر فقد اصبحت عرضة لحرب شرسة علي المستوي الداخلي والخارجي لوقف هذا الدور بشكل كامل فكانت علي رأس قائمة الشركات المستهدفة للتصفية في ظل سياسة الخصخصة وتفكيك القطاع العام لصالح القطاع الخاص تحت مسمي تشجيع الاستثمار الاجنبي, بينما كان الهدف الحقيقي هو تدمير الصناعة المصرية من خلال القضاء علي قاعدتها الاساسية في شركة الحديد والصلب المصرية, وذلك تنفيذا لمخطط تحويل مصر الي دولة مستهلكة وليست منتجة لاضعاف دورها السياسي داخليا واقليميا وعالميا. ولان اللجنة البرلمانية كانت حريصة علي دراسة جميع المشاكل المحيطة التي تعاني منها شركة الحديد والصلب المصرية بهدف وضع تصور عن حلول تقيل هذا الصرح الصناعي العملاق من كبوته, فقد قام اعضاء اللجنة بوضع تصور مبدئي عن حلول لهذه المشكلات حيث تتمثل هذه الحلول في ضرورة تحمل الدولة لمسئوليتها في حماية الصناعة الوطنية ليعود دورها في دعم الاقتصاد وانطلاقا من شركة الحديد والصلب المصرية والبدء في سداد مديونياتها وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ خطتها في الاحلال والتجديد وزيادة الانتاج الي خمسة ملايين طن سنويا مع اتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان توفير احتياجات الصناعة من فحم الكوك العالي الجودة وتطوير وسائل نقل خامات التصنيع من الواحات البحرية والمنيا والسويس واعادة تأهيل افران الصهر ومصانع الدرفلة وازالة التدعيات التي وقعت علي اراضي الشركة حتي تتمكن من تنفيذ مشروعاتها الصناعية الجديدة, واعادة تأهيل العمالة من خلال تحديث مراكز التدريب التابعة للشركة, واعادة تشغيل الورش الانتاجية لتوفير قطع الغيار اللازمة, والاهتمام بمشروعات حماية البيئة للحفاظ علي الصحة العامة للعاملين من الامراض المزمنة التي يحتاج علاجها الي اموال طائلة تشكل عبئا علي ميزانية الشركة بالاضافة الي حماية الصناعة الوطنية من الاغراق بالمستورد عن طريق زيادة الجمارك علي استيراد الحديد وتوفير الطاقة الكهربائية بسعر مدعم للشركة او اعادة محطة الكهرباء الخاصة بها من وزارة الكهرباء لتعمل في انتاج الطاقة اللازمة للتشغيل لصالح الشركة باعتبارها المالك الاول لهذه المحطة وكان قد تم انشاؤها لتوفير الكهرباء للتشغيل ثم سلمتها الشركة لوزارة الكهرباء لتعمل في الشبكة القومية وقت التزام الدولة بتوفير الكهرباء للصناعة بسعر مدعم وقد تخلت الدولة الان عن مبدأ دعم الطاقة للصناعات الثقيلة.