ضوابط لقانون الاستثمار لعدم التفريط في حقوق الأجيال القادمة الاقتصاد في مصر متوقف علي طرح قانون الاستثمار الجديد، الذي تعثرت ولادته وتاه وسط تناقضات ومصالح ضيقة بين الوزارات من أجل الاستحواذ علي نصيب كبير في كعكة المكاسب المنتظرة، وكأن الوزارات المصرية جزر منعزلة ولا تخضع لميزانية عامة واحدة ولا يرأسها رئيس وزراء واحد ولا تخضع لقيادة سياسية واحدة. والمدهش حد العجب أن الحياة السياسية المصرية تراوح مكانها بسبب هذا القانون، وربما الحياة نفسها متوقفة في مصر ولا يحكمنا سوي فوضي السوق واحتكارات مصاصي الدماء الذين يطلقون علي أنفسهم زورا وبهتانا رجال أعمال، والأغرب أن هؤلاء كوّنوا في غفلة من الزمن كيانات للمافيا تسمي بالغرف التجارية والصناعية، والسؤال إذا كان حق كل جماعة أو مجموعة تعمل في قطاع معين أن تنشئ غرفة تدافع عن مصالحها، فأين الاتحاد والغرف التي تدافع عن حقوق المصريين والمستهلكين؟ لماذا لا يكون هناك اتحاد غرف المستهلكين المصريين؟ الرأسمالية في كل دول العالم لها أنياب تحاكم المحتكرين ومصاصي الدماء، لكن في مصر الرأسمالية لا تعرف سوي تحقيق مصالح السماسرة ومصاصي الدماء, والسؤال الأهم إذا كانت القيادة السياسية مؤمنة بالرأسمالية المتوحشة فلماذا لم تأت بقوانين الرأسمالية من أي دولة في العالم مثل أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا وتترجمها بالنص حتي تعرف أو تدرك أن السوق الحر تحمي المستهلكين من جشع التجار لا سيما ونحن علي أعتاب إصدار قانون الاستثمار الجديد والذي طال انتظاره ونخشي أن يكون القانون الجديد الوجه الآخر لبرنامج الخصخصة الذي ابتدعه وزير البيع في زمن مبارك محمود محيي الدين. لأن قانون الاستثمار الجديد من المفترض ألا يكرر جرائم وخطايا الماضى، والتي تتجسد في بيع مصر بالرخص المجاني في سوق النخاسة. حيث إن أصول مصر وثرواتها قدرت في عام 1996 تقريبا بنحو 800 مليار جنيه، حسب تصريحات الدكتور عاطف عبيد وزير قطاع الأعمال وقتها، لكن عند بيع هذه الأصول قامت الحكومة بالتخلص منها وليس بيعها، ومثال ذلك شركة البراجيل البخارية والتي كانت النواة الأولي والمهمة في إقامة محطات الطاقة النووية وشركة موبينيل التي تم إهداؤها بالأمر المباشر لرجل الأعمال نجيب ساويرس، وشركة إيديال إلي عائلة سلام، وبنك الإسكندرية إلي اليهود الإيطاليين، والعيب في قصة بيع بنك إسكندرية أن الدولة دفعت نحو 9 مليارات جنيه لتنظيف المحفظة الاستثمارية للبنك من الديون المعدومة والمشكوك في تحصليها، وباعت البنك بقيمة 11 مليار جنيه، مع الاحتفاظ بنحو 20٪ من أسهم البنك للعاملين، مما يعني أن الحكومة باعت البنك «ببلاش». وحتي لا ندفع فاتورة سبق أن دفعناها في الماضى، فإنه ثمة معايير يجب أن تكون محددة وواضحة في قانون الاستثمار الجديد الذي كان من المفترض أن يخرج إلي النور قبل المؤتمر الاقتصادي الذي يعقد في مارس 2015 لكنه لم يصدر حتي الآن ونحن علي بعد أيام من بداية عام 2017.
نتمني أن يكون القانون واضحا في إزالة الالتباس القائم حول مفهوم الاستثمار في مصر , وهل الاستثمار في مصر يعني نهب ثروات البلاد والعباد والأجيال المقبلة، تحت مسمي الاقتصاد الحر؟ أم أن الاستثمار يعني الحفاظ علي مصالح الدولة والشعب مع التأكيد علي حق المستثمر في الربح والنمو!! ولتلافي كل العوار في القوانين السابقة، وكذا كل المشاكل لا بد أن ينص القانون الجديد علي أن الأراضي المصرية لكل المستثمرين العرب والأجانب والمصريين، ستكون بحق الانتفاع ومقابل إيجار محدد يدفع سنويا بنسبة معينة يتفق عليها وفقا لآليات السوق، ولا يحق للمستثمرين التنازل عن هذه الأرض في حال تعثر المشروع. وأن ينص القانون أيضا علي التزام المستثمر أو رجل الأعمال تدبير موارد الطاقة اللازمة له بعيدا عن الدولة، وليس هناك دعم للطاقة لأن المستثمر سيبيع منتجاته بالسعر العالمي في مصر، لذا فمن الطبيعي أن يحصل علي الطاقة بالسعر العالمى. وأن ينص القانون كذلك علي أنه في حالة وجود خلافات أو مشاكل فإن المحاكم المصرية هي المسئولة وهي المختصة بالحكم فيها ولا يوجد ما يسمي التحكيم الدولى، لأن من يعمل في مصر لا بد وأن يتعامل وفقا للقوانين المصرية. وأن يحدد القانون أوجه الاستثمار في مصر بعيدا عن القطاع العام، حيث لن يسمح ببيع أي شركة من شركات القطاع العام تحت مسمي الخصخصة، كذلك يحدد القانون المجالات التي يحظر فيها الاستثمار الأجنبي في مصر، والصناعات الخاصة بالدولة المصرية. ويحدد قانون الاستثمار الشكل الضريبي بوضوح، مع تحديد قيمة الضرائب التصاعدية، ونسبة كل فئة وكل صناعة، وأن تلتزم الدولة المصرية بتعهداتها، وعند وجود خلل في العقود يحاكم المسئول المصري بعيدا عن المستثمر إلا إذا كان هناك ما يستوجب محاكمته. وأن يكون معيار التنمية المستدامة هدفا حقيقيا ويلزم القانون كل المستثمرين بالحفاظ علي البيئة. وأن تكون العقوبات واضحة ومحددة ورادعة. وأن تقوم وزارة الاستثمار نيابة عن المستثمر بإنهاء كل الإجراءات الخاصة بالحصول علي ترخيص مزاولة العمل مقابل مبلغ محدد، وأن تقوم وزارة الاستثمار بالتعامل مع كل المؤسسات والوزارات بدلا من المستثمر، وذلك بغية القضاء علي الروتين والرشوة والفساد. هذه النصوص من شأنها أن تحد من المعوقات الحالية بغلق الفساد وتشجع المستثمرين وتضمن حقوق الدولة، إضافة إلي الاستفادة من جميع قوانين الاستثمار في كل دول العالم وتمصير ما يخدم الاستثمار في مصر. أتمني أن يقوم برلمان دولة 30 يوليو الذي يشارك الرئيس السلطة بدورة في إصدار القوانين الاقتصادية بسرعة وبخاصة قانون الاستثمار، وتعديل قانون منع الاحتكار وتشجيع المنافسة، وإصدار تشريع يحدد هامشا أقصي للربح كما هو معمول به في كل دول العالم، لأن قرار رئيس الوزراء الخاص بتحديد هامش ربح، لا يساوي الحبر الذي كتب به، لأنه قرار إداري ويمكن لمافيا اتحاد الغرف إبطاله بالقضاء الإدارى، كما فعل من يطلقون علي أنفسهم كفاءات خاصة مع قرار رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب الخاص بالحد الأقصي للأجور. والسؤال هل: الدولة عازمة علي ضبط الأسواق وتطبيق الرأسمالية كما تطبقها الدول الغربيةوأمريكا؟ أم أنها منحازة إلي الأغنياء ورجال الأعمال؟! هذه أسئلة ليست لها إجابة لكن من المؤكد أن الدولة إذا أرادت أن تضبط سوق الصرف وضبط الأسعار وتفعيل الرقابة علي الأسواق وكسر الاحتكار ومحاربة الفساد, ستفعل لأنها قادرة وذراعها طويلة, لكن للأسف سيف دولة يوليو مسلط علي رقاب البسطاء ومحدودي الدخل رغم كل ما تفعله من مشروعات لتحقيق العدالة الاجتماعية، من إسكان اجتماعي وبطاقات التموين ومشروع كفالة وكرامة وعلاج فيروس س. لأن مؤشرات النمو الاقتصادي باتت تقاس بمدي رضا الناس عن أوضاعهم الاقتصادية، ومستوي دخولهم، وأعتقد أن هذا الرضا غير موجود في الشارع المصري الآن في ظل الأزمات اليومية التي يصنعها المحتكرون من سكر إلي أرز إلي أنابيب البوتاجاز . هل يحكم اتحاد الغرف التجارية والصناعية مصر ؟