محمد آدم محمد تستضيف القاهرة فى الخامس والسادس من أكتوبر المقبل قمة سودانية - مصرية ذات أهمية خاصة وطابع فريد، تتجلى فيها حقيقة العلاقات الأزلية بين البلدين الشقيقين التى مادام رددتها النخب والعامة فى البلدين على حد سواء، فمن خلالها يتم افتتاح معبر "أرقين" الذى ستكون له آثار بعيدة المدى لتعضيد التواصل الاجتماعى والاقتصادى وتعزيز التواصل بين الشعبين، وفقا لوصف السفير السودانى بالقاهرة عبد الحليم عبد المحمود . كما تتم مشاركة الرئيس البشير كضيف شرف فى الاحتفال بذكرى 6 أكتوبر. أما الأهمية الخاصة للقمة فتتجلى فى ترأس الزعيمين - لأول مرة – اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين بعد إقرار ترفيعها إلى المستوى الرئاسى، وتم تأجيل عقدها لأكثر من مرة بسبب الظروف الداخلية والإقليمية المتسارعة . اللجنة العليا فى مستواها الرئاسى ستناقش بعمق المشكلات التى تواجه المشروعات المشتركة، التى تم إقرارها فى اجتماعات اللجان العليا السابقة، ثم فى الاجتماعات الثنائية بين الجانبين، وتعمل على إزالة كل معوقات التنمية بين البلدين. ما يثير الإعجاب أن بعض المشروعات لم يتأثر كثيرا بتأجيل انعقاد اللجنة ومضى فى طريقه نحو الإنجاز، فعلى المستوى السياسى فرغ البلدان من ملف سد النهضة بعد التوقيع على بدء الدراسات الفنية لسد النهضة الإثيوبى عقب موافقتها - أى إثيوبيا - على إدراج المطالب المصرية الخمسة، التى تقدم بها وأيدها الجانب السودانى ضمن الدراسات المقرر أن تقوم بها الشركتان الاستشاريتان الفرنسيتان. هو إنجاز لملف طالما استحوذ على اهتمامات القيادتين والشعبين معا فى الفترة الماضية. أما أهم تلك المشروعات الثنائية التى أنجزت بإرادة مشتركة، فتتمثل فى معبر "أرقين" الذى يتوقع افتتاحه خلال اللجنة العليا المشتركة، وهو من المشروعات المهمة لدى البلدين، من خلال العائد التجارى والاقتصادى ويبعد عن حدود مصر أكثر من 900 كيلو متر شمال العاصمة الخرطوم، على الضفة الغربية لنهر النيل بالقرب من بحيرة ناصر، ويمثل المعبر امتدادا بين الدولتين، لتبادل السلع والمنتجات التجارية، وبه مميزات للمنطقة، حيث إنه لا توجد به مسطحات مائية، وسوف يقلل تكلفة نقل البضائع، فضلا عن أهمية الطريق البري، لوصوله إلى الدول الإفريقية ومنها دولة جنوب إفريقيا . منفذ أرقين " هو الثانى بعد افتتاح معبر "أشكيت – قسطل " الحدودى بين السودان ومصر فى إبريل من العام الماضى، بحضور النائب الأول للرئيس السودانى الفريق أول بكرى حسن صالح، ورئيس مجلس الوزراء المصرى فى ذاك الوقت إبراهيم محلب. وهو مزود بالتجهيزات الجمركية والرقابة على الصادرات والواردات والجوازات، ويربط بين قسطل المصرية ووادى حلفا فى السودان، بطول 55 كم، منها 33 كم فى مصر و22 كم فى السودان وأدى إلى زيادة حركة التجارة والمسافرين بين البلدين. المعبرين يعكسان بحق إرادة الشعبين ومدى التواصل الاجتماعى والاقتصادى، الذى تحققه حركة التجارة من خلال المعبرين كما انها تعد نقلة نوعية فى مسيرة العلاقات بين البلدين" فى رحلات الشاحنات والأتوبيسات المارة عبر المنفذين يمكنها التحرك مباشرة من أى مدينة مصرية فى اتجاه أسوان ثم إلى أبو سمبل للوصول إلى أى منطقة داخل الأراضى السودانية . أما الطابع الفريد فى القمة فهو مشاركة الرئيس البشير مع شقيقة الرئيس السيسى فى الاحتفال ب (العبور)، وهو العبور الخالد الذى قامت به القوات المسلحة المصرية لشرق قناة السويس فى السادس من أكتوبر 1973، الذى يشارك الرئيس البشير أشقائه فى القوات المسلحة المصرية والشعب المصرى الاحتفال به هذا العام، مع انعقاد اللجنة العليا وذلك وفق ما أعلنه وزير الخارجية السودانى إبراهيم غندور الأسبوع الماضى . ولا شك أن نصر أكتوبر المجيد هو انتصارا للأمة العربية بأسرها، وقد كان تتويجا لتخطيط ومثابرة وتكتيكات عقب هزيمة 67 مباشرة، التى ظن العدو أنه بتلك الهزيمة أجهض إرادة الأمة وكسر شوكتها، فيما كانت الإرادة المصرية تخطط للنصر واستعادة الكرامة . لم يكن السودان بعيدا عن تلك الإرادة، حيث أرسل لواء مشاة للجبهة المصرية إضافة إلى عدد من المتطوعين السودانيين، وحاربت القوات السودانية رسمياً إلى جانب القوات المصرية كقوة مشتركة وتنقلت القوات السودانية بين خطوط الحرب حسب الأوامر التى تصدر من القيادات العليا . ومشاركة السودانيين فى حرب أكتوبر لم تبدأ من أيام الحرب نفسها، فقبل الحرب كانت هناك قوات سودانية موجودة على خط القناة، حيث يذكر أن اجتمع مجلس وزراء الدفاع فى الخرطوم لمساندة القوات المسلحة المصرية، وعلى ضوء ذلك تم تكوين كتيبة مشاة بقيادة العقيد أ.ج (آنذاك) محمد عبد القادر، تحركت هذه القوة بالقطار فى 7/6/1967. وكان لهذه القوة أهمية خاصة، حيث تم إعداد وتكوين القوة فى زمن وجيز واستطاعت الوصول فى زمن قياسى، فكانت أول القوات العربية التى وصلت وكانت الوحيدة الموجودة شرق السويس فى مواجهة القوات الإسرائيلية، ففى ذلك الوقت تم سحب كل القوات العربية لضرب القناة، وكلفت القوة بالدفاع عن منطقة فؤاد، وهى المنطقة الوحيدة التى لم تحتلها القوات الإسرائيلية، وبعد وصولها لموقعها تم دعم الكتيبة السودانية بوحدات دعم مصرية من المهندسين، وبعض المدافع المضادة للطائرات ووحدات طبية وسرية من القوات الخاصة. احتفال البلدين بالمعابر والعبور يؤكد مرة تلو الأخرى ما عليه الشقيقين من ماضى مشترك ووحدة مصير، وهو ما يتطلب الاستمرار فى قوة الدفع الحالية لعبور جميع العقبات، التى تحول دون الشراكة المطلقة فى علاقة البلدين الشقيقين.