أ ش أ قال وزير الشؤون الخارجية التونسي خميس الجهيناوي إن هناك تنسيقا مهما مع مصر لإنجاح مسارات التسوية السياسية المتعلقة بالأوضاع المتوترة في عدد من الدول العربية، خاصة فيما يتعلق بالوضع في ليبيا والقضية الفلسطينية، إلى جانب دعم العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، في إطار حرص قيادتي البلدين على تعزيز التعاون المشترك. وأوضح الجهيناوي - في حوار خاص مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط في تونس - أنه اتفق مع وزير الخارجية المصري سامح شكري - خلال زيارته الأخيرة للقاهرة لحضور الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية - على عقد اجتماع لجنة التشاور السياسي بين البلدين خلال الأسابيع المقبلة، مشيرا إلى أن هذا الاجتماع يندرج في إطار الحرص المشترك على التنسيق والتشاور حول السبل الكفيلة بدعم وتطوير العلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر بشأن الأوضاع التي تعيشها المنطقة والتحديات والمخاطر التي تجابهها. ولفت إلى أن الاجتماع سيتطرق إلى تطورات الأوضاع في المنطقة العربية، مشددا على أن "القضية الفلسطينية ستكون في أعلى سلم اهتماماتنا، خاصة في ظل المبادرات والجهود الجارية لإحياء عملية السلام، إلى جانب التعرض إلى ما تشهده بعض البلدان العربية من أزمات وصراعات، على غرار الأوضاع في كل من ليبيا وسوريا واليمن، وسبل إنجاح مسارات التسوية السياسية المتعلقة بكل منها". وأردف أن اجتماع لجنة التشاور السياسي سيتناول أيضًا بحث سبل تعزيز العمل العربي المشترك، وإضفاء مزيد من الفعالية على أداء مؤسساته بما يخدم مصالح الشعوب العربية ويحقق تطلعاتها. وحول الدور الذي تضطلع به تونس ومصر لدعم حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج والمساعدة في تحقيق الاستقرار في ليبيا، قال الجهيناوي إن "تونس ومصر بحكم جوارهما الجغرافي مع ليبيا، وتأثرهما المباشر بتداعيات الوضع في هذا البلد الشقيق، بالإضافة إلى العلاقات البناءة والوثيقة التي تربطهما بمختلف الأطراف الليبية، تقومان بدور بناء من أجل التوصل إلى حل سلمي توافقي للأزمة الحالية بما يجنّب ليبيا الشقيقة مخاطر التدخل الخارجي والتقسيم ويحافظ على وحدتها وسيادتها وأمنها واستقرارها". وأضاف: "تجسّم هذا التنسيق المصري - التونسي ضمن آلية دول جوار ليبيا، التي تعد من أهم آليات التشاور والتنسيق القائمة على المستوى الإقليمي، والتي تضم كل من تونس والجزائر ومصر والسودان وتشاد والنيجر، المعنية بالنظر في السبل الكفيلة بمساعدة الأشقاء الليبيين على تجاوز خلافاتهم وانتهاج الحوار للوصول إلى حل سياسي يضمن أمن واستقرار ليبيا الذي يعد جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة بأكملها". ونوَّه الجهيناوي بأن الاجتماع الوزاري الثامن لدول جوار ليبيا الذي احتضنته تونس يومي 21 و22 مارس الماضي شكَّل مناسبة لتجديد الدعم للاتفاق السياسي الذي تم اعتماده برعاية الأممالمتحدة بمدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر الماضي، والتعبير عن مساندة دول الجوار للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج لتمكينها من الاضطلاع بمسؤوليتها في إرساء السلم والأمن بليبيا وتحسين الظروف المعيشية للشعب الليبي الشقيق. وتابع: "حرصنا كذلك خلال الاجتماع الأخير لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري على التنسيق مع الجانب المصري والأشقاء العرب للتوصل إلى قرار يعكس الإجماع العربي على ضرورة تقديم الدعم السياسي والمادي والمعنوي لحكومة الوفاق الوطني الليبي بوصفها الحكومة الشرعية الوحيدة لليبيا". وفيما يخص القضية الفلسطينية، أكد الجهيناوي التنسيق مع مصر حيال الجهود المبذولة لدعم القضية الفلسطينية من منطلق موقف ثابت في هذا الشأن، إلى جانب دعم المبادرات المطروحة لإحياء مسار السلام العادل والشامل. وأعرب وزير الخارجية التونسي عن اعتقاده بأن مبادرة السلام العربية تمثل فرصة ثمينة وأرضية مثلى لتنشيط عملية السلام وتوفير الأمن والاستقرار للمنطقة وتحقيق تطلعات شعوبها في التقدم والازدهار وتمكين الشعب الفلسطيني من استرداد حقوقه الكاملة وإقامة دولته المستقلة على أراضيه وعاصمتها القدس الشريف. وأشار إلى دعم تونس كذلك لمبادرة السلام الفرنسية وكل جهد أو مسعى يهدف إلى تجاوز حالة الجمود الراهنة وإحياء مسار السلام بهدف إيجاد تسوية عادلة تضع حدا للاحتلال الإسرائيلي وسياسة التوسع والاستيطاني وتمكن الشعب الفلسطيني الشقيق من استرداد كافة حقوقه المشروعة. وناشد الجهيناوي الأشقاء الفلسطينيين تجاوز الخلافات وتوحيد كلمتهم وتحقيق المصالحة الوطنية بما يعزز الموقف التفاوضي الفلسطيني، ويقطع الطريق على المناورات الإسرائيلية الرامية إلى إجهاض أية مبادرة لتحقيق السلام. كما جدد وزير الخارجية التونسي دعوة بلاده للمجتمع الدولي وخاصة القوى الفاعلة للعمل على حمل إسرائيل على الانصياع للشرعية الدولية والانخراط الجدي في مسار السلام وإنهاء الاحتلال وفق جدول زمني محدد، مطالبا مجلس الأمن بتحمل مسؤوليته الكاملة في توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني ووضع حد لسياسة الاستيطان الإسرائيلي. ومن ناحية التعاون الثنائي بين مصر وتونس، قال الجهيناوي إن علاقات التعاون بين البلدين تشهد نسقا تصاعديا ملحوظا، خاصة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الباجي قايد السبسي إلى مصر العام الماضي، بما يترجم عمق أواصر الأخوة بين الشعبين الشقيقين ويجسد إرادة قادة البلدين. ولفت إلى أن انعقاد الدورة ال15 للجنة العليا المشتركة بتونس يوم 8 سبتمبر من العام الماضي كان مناسبة مهمة مكنت البلدين من تعزيز الإطار القانوني للعلاقات المصرية - التونسية من خلال التوقيع على 16 وثيقة قانونية تشمل العديد من المجالات مثل الثقافة والتربية والتعليم والطفولة والسياحة والمجال البنكي والتعاون الصناعي والشباب والرياضة والبحث العلمي والزراعة وحماية البيئة والتعاون في المجال الإعلامي. ونوَّه الجهيناوي كذلك باجتماعات اللجان الفنية والقطاعية المشتركة بين البلدين، من بينها اللجنة القنصلية التي اجتمعت في منتصف أبريل الماضي، واللجنة العسكرية واللجنة الدائمة للتعاون في مجال الشؤون الإسلامية التي عقدت في مايو الماضي، إلى جانب اللجنة الفنية للنقل البحري التي اجتمعت في مارس الماضي، ولجنة الاتصال والمتابعة المصرية - التونسية في مجال التجهيز والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية التي انعقدت في ديسمبر الماضي. وأضاف أن "هذا الزخم يعطي من الاجتماعات الفنية دلالة واضحة عن الحركية التي أضحت تشهدها العلاقات المصرية - التونسية في مختلف المجالات، ويترجم أيضا حرص وإرادة قيادة كلا البلدين على إعطاء هذا التعاون طابعا عمليا ملموسا بما يساهم في تدعيم مقومات شراكة فعلية تعود بالنفع على الشعبين الشقيقين".