الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا.. وعيار 21 يتجازو 6 آلاف جنيه لأول مرة    تصعيد داخل التحالف: انفصاليون يمنيون يتهمون السعودية بشن غارات جوية على قواتهم في حضرموت    جيش الاحتلال يشن هجوما ضد أهداف لحزب الله في لبنان    القاهرة الإخبارية: غارات مفاجئة على لبنان.. إسرائيل تبرر وتصعيد بلا إنذار    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    وزير الصناعة والنقل يتوجه إلى جيبوتي في زيارة مهمة بهدف تعزيز التعاون    أحمد عبد الوهاب يكتب: حل الدولتين خيار استراتيجي يصطدم بالاستيطان    رئيس وزراء السودان: نحن أصحاب مبادرة السلام ولا أحد يفرض علينا القرارات    تفوق نسبي ل الأولاد.. تاريخ مواجهات مصر ضد جنوب إفريقيا    موعد مباراة المغرب ومالي في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    الحماية المدنية: إنقاذ عاملين احتُجزا داخل خزان مياه فارغ أثناء أعمال صيانة بالسيدة زينب    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    المتحف القومي للحضارة يطلق فعاليات «روح ومحبة» احتفالًا برأس السنة وأعياد الميلاد    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد العباسي ببورسعيد (بث مباشر)    خطوات هامة لضمان سلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع لجنة المسؤولية الطبية    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بقنا    رخصة القيادة فى وقت قياسى.. كيف غير التحول الرقمي شكل وحدات المرور؟    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    وزارة التضامن تفتتح غدا معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية بالبحر الأحمر    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    هل انتهى زمن صناعة الكاتب؟ ناشر يرد بالأرقام    نقل الفنان محمود حميدة للمستشفى بعد تعرضه لوعكة.. اعرف التفاصيل    كلية المنصور الجامعة تعزّز الثقافة الفنية عبر ندوة علمية    غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة بقطاع غزة    كامل الوزير: إلزام كل مصنع ينتج عنه صرف صناعي مخالف بإنشاء محطة معالجة    زيلينسكي: اتفقت مع ترامب على عقد لقاء قريب لبحث مسار إنهاء الحرب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26-12-2025 في محافظة قنا    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 26-12-2025 في قنا    مباراة مصر وجنوب أفريقيا تتصدر جدول مباريات الجمعة 26 ديسمبر 2025 في كأس أمم أفريقيا    مخالفات مرورية تسحب فيها الرخصة من السائق فى قانون المرور الجديد    متحدث الوزراء: مشروعات صندوق التنمية الحضرية تعيد إحياء القاهرة التاريخية    مسؤول أمريكي: إسرائيل تماطل في تنفيذ اتفاق غزة.. وترامب يريد أن يتقدم بوتيرة أسرع    شروط التقدم للوظائف الجديدة بوزارة النقل    زعيم كوريا الشمالية يدعو إلى توسيع الطاقة الإنتاجية للصواريخ والقذائف    مخاطر الوجبات السريعة على صحة الأطفال    وزير العمل يصدر قرارًا وزاريًا بشأن تحديد العطلات والأعياد والمناسبات    معركة العمق الدفاعي تشغل حسام حسن قبل مواجهة جنوب إفريقيا    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 26 ديسمبر 2025    شعبة الأدوية: موجة الإنفلونزا أدت لاختفاء أسماء تجارية معينة.. والبدائل متوفرة بأكثر من 30 صنفا    الزكاة ركن الإسلام.. متى تجب على مال المسلم وكيفية حسابها؟    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    «الثقافة الصحية بالمنوفية» تكثّف أنشطتها خلال الأيام العالمية    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    نجم الأهلي السابق: تشكيل الفراعنة أمام جنوب إفريقيا لا يحتاج لتغييرات    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعلنت أنها صارت حزبا مدنيا بمرجعية عربية إسلامية.. حركة النهضة تكرس القطيعة مع «المنهج الإخوانى»
نشر في الأهرام العربي يوم 21 - 05 - 2016


تونس كمال بن يونس
حسمت اللوائح المضمونية للمؤتمر العاشر لحركة النهضة نهائيا، القطيعة مع منهج «الجماعة الإخوانية الدعوية» وأعلنت بوضوح أن «الحركة أصبحت حزبا سياسيا مدنيا له مرجعيات عربية إسلامية».
السؤال: ما الذي تغير بالضبط في توجهات قيادات «الاتجاه الإسلامي» التونسي بعد عقود من الانتساب إلى منهج الجماعات الإسلامية المتأثرة بمدرسة حسن البنا الإخوانية وتلامذته البارزين مثل سيد قطب؟
ولماذا قطعت خطوة جديدة في اتجاه التصالح مع دستور تونس الجديد الذي يمنع بوضوح الخلط بين «المقدس الديني المشترك» و»السياسي الدنيوي»؟
وهل جاء مثل هذا التطور ضمن ديناميكية داخلية مرت بها «حركة الاتجاه الإسلامي» التي غيرت تسميتها في عهد بن علي بعد أن جربت الاضطهاد والمشاركة في الحكم ثم الانسحاب منه تحت ضغط قطاع كبير من الناخبين؟
وما علاقة قرار «الفصل بين السياسي والدعوي» بالتطورات التي شهدتها علاقات الإسلاميين بالسلطات في المشرق العربي وخصوصا في مصر بعد «الربيع» العربي؟

وزير خارجية تونس السابق والقيادي البارز في حزب حركة النهضة، أورد في تصريح ل«الأهرام العربي» أن «الفصل بين النشاط الدعوي والسياسي» جاء في سياق «مسار تطور تصاعدي يمر به التيار الإسلامي منذ عقود».
في السياق نفسه، أوضح نور الدين البحيري رئيس كتلة الحركة في البرلمان التونسي والوزير السابق للعدل أن «الحركة الإسلامية التونسية تطورت من «جماعة دينية دعوية ثقافية اجتماعية، تأسست مطلع السبعينيات «إلى» حزب سياسي عام 1981 “ ثم إلى حركة تخلت عن “الصبغة الإسلامية في تسميتها” عام 1989 عندما أصبحت “حركة النهضة” وصولا إلى “التفرغ “ للعمل السياسي البحت بالنسبة للنشطاء السياسيين .
وبرر نائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي هذا التطور بوجود إرادة لدى عدد كبير من مناضلي الحركة ونشطائها للتفرغ للعمل الثقافي والدعوي.

مرحلة التخصص
أما راشد الغنوشي الزعيم التاريخي المؤسس ورئيسها المثير للجدل منذ قراره في صيف 2013 ، انسحابها من الحكم “طواعية” ففسر هذا المنعرج الجديد في مسار حركته ب الحرص على “ التخصص”، قائلا:”الذين اختاروا العمل الثقافي والدعوي والاجتماعي يتفرغون لذلك ضمن جمعيات يسمح القانون بتأسيسها، في المقابل يتفرغ البقية للعمل السياسي” داخل حزب مدني قانوني عصري”.
في السياق نفسه أيضا، أورد الأمين العام للحركة ورئيس الحكومة السابق علي العريض أن “ آلاف المشاركين في التحضيرات للمؤتمر العاشر للحركة، قرروا توجيه رسالة سياسية واضحة للشعب التونسي ونخبة حول تخصص الأحزاب في العمل السياسي وتخصص الجمعيات في الأعمال الثقافية والاجتماعية والدعوية”.
ودافع فتحي العيادي رئيس مجلس الشورى في حركة النهضة المتخرج فى ألمانيا عن فكرة “التخصص” و” الفصل بين السياسي والدعوي” بكون” أوروبا والعالم الغربي يشهدان منذ عقود تعايشا بين الأحزاب العلمانية والأحزاب المسيحية الديمقراطية في الوقت نفسه الذي تقوم فيه آلاف الجمعيات بأعمال ثقافية دينية واجتماعية دينية في سياق القانون”.

الأحزاب الديمقراطية المسيحية
وأقر عالم الاجتماع و رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة نور الدين الحرباوي أن “الحسم في مثل هذا الفصل بين السياسي والدعوي ليس سهلا في مجتمعات إسلامية تختلف عن المجتمعات الغربية، التي لا تؤثر فيها الأديان في التشريعات وفي تنظيم حياة المجتمع والقضاء وقوانين الأحوال الشخصية والشأن العام”.
لذلك أجلت قيادة حركة النهضة البت في هذه المسألة إلى المؤتمر الوطني العاشر باعتبار “المؤتمرات محطة مهمة وفاصلة في تاريخ الحركات والأحزاب السياسية” ولأن المؤتمر” أعلى سلطة في مؤسساتها شارك في التحضير له آلاف المنخرطين . وشملت الحوارات التمهيدية له والمناقشات لمشاريع لوائحه المضمونية أصدقاء ومواطنين من خارج الحركة”.
أحد هؤلاء “الأصدقاء” والخبراء في دراسة فسيفساء التيارات الفكرية والسياسية والحزبية في تونس والدول المغاربية الأكاديمي علي اللافي لخص تقييمه للمستجدات في توجهات حركة النهضة التونسية في جملة واضحة ومختزلة :”النهضة قررت أن تتطور من جماعة إسلامية شمولية إلى حزب مدني عادي مماثل للأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوروبا”.

حزب وطني جامع
لكن الوزير السابق رفيق عبد السلام الذي أعد رسالة دكتوراه في لندن حول “التيارات العلمانية والدينية” يبدو أكثر “ تفاؤلا “ بمضاعفات قرار” الفصل بين الدعوي والسياسي “ أو “ التخصص الحزبي والتخصص الجمعياتي”.
ويعتبر رفيق عبد السلام أن من بين أبرز المكاسب التي سوف تتحقق لحركة النهضة الإسلامية التونسية بعد إقرار “التخصص” والمصادقة على “اللائحة المضمونية” لضمان تطورها من مجرد “جماعة إسلامية دعوية تقليدية” إلى “حزب وطني مدني جامع تتطابق توجهاته كليا مع دستور تونس الجديد” دستور يناير2014 الذي كان نواب حركة النهضة يمثلون القوة الأولى عند صياغته وفق قاعدة “التوافق” عامي 2012 و2013 .
وفي هذا السياق أيضا يفهم الجامعي محمد القوماني قرار الفصل بين الدور السياسي للأحزاب وبينها حركة النهضة “ ودور المجتمع المدني ، بما في ذلك الجمعيات الخيرية والدعوية والثقافية ودور الدولة التي ينبغي دعم قوتها وفرص تكريس أولوياتها وبينها ضمان العدل وتحقيق المطالب المشروعة التي قامت من أجلها ثورة الشباب والكرامة”.
مدرسة الإخوان المسلمين
لكن من بين أكثر الإشكاليات إلحاحا بالنسبة للنخب والمراقبين في تونس وخارجها تلك التي تهم توضيح العلاقة بين حركة النهضة ومدرسة الإخوان المسلمين الفكرية والسياسية التي أثرت خلال العقود الماضية في توجهات جانب من رموز “الجماعة الإسلامية” ثم “النهضة” .
في هذا السياق، نظم منتدى ابن رشد المغاربي للدراسات بتونس ملتقيات حوارية مع مؤسسة “رابطة الثقافة والتعدد” ومراكز دراسات إستراتيجية تونسية حول “جذور تيار الهوية في تونس” لمناقشة مرجعيات مؤسسي تيار “الإسلام الاحتجاجي” التونسي: هل كانت تونسية مغاربية أم إخوانية أم متاثرة بمدرسة الخوميني والثورة الإيرانية؟
أم كانت “خليطا” وتراكما لمجموعة من التجارب والمدارس؟
وقد كشفت المناظرات التي شارك فيها منشقون عن “الجماعة الإسلامية”و”حركة الاتجاه الإسلامي” منذ نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينات، مثل المفكرين احميدة النيفر والكاتب صلاح الدين الجورشي، وأستاذ الفلسفة بنعيسى الدمني وأستاذ الحضارة زهير بن يوسف، أن من بين أبرز نقاط القوة في تجارب “الإسلام الاحتجاجي” التونسي انفتاحه مبكرا على مرجعيات عديدة من خارج منظمومة “الإخوان المسلمين”.
وقد كشفت دراسات اجتماعية وفكرية وحضارية قدمها جامعيون مثل كمال الغزي ومحمد القوماني ومنصف دريرة ومحمد الحاج سالم أن “الاتجاه الإسلامي التونسي” تميز بمراجعاته منذ السبعينيات ل” ثوابت مدرسة الإخوان المسلمين” وبينها “الخلط بين مفهوم الجماعة الدينية والحركة السياسية المدنية”.

فشل الربيع العربي
لكن من يصدق أن كل المراجعات الفكرية والسياسية التي قامت بها قيادة حركة النهضة في العامين الماضيين كانت فعلا “مبدئية” و لم تكن “تحت الضغط”؟
ألم يفرض عليها “فشل الربيع العربي” وسقوط تجربة حكم الإخوان المسلمين في مصر “تنازلات” جديدة في اتجاه مزيد من “الواقعية والبراغماتية “ بما في ذلك الابتعاد عن مربع “المقدسات” والانحياز للمطالب الاجتماعية ومشاغل المجتمع المدني؟
نائب حركة النهضة عبد الفتاح مورو والناطق الرسمي باسمها العجمي الوريمي أقر بكون “مصر كانت ولا تزال قلب الوطن العربي، لأن شعبها يمثل ثلث المواطنين العرب وأن ماجرى في مصر في صيف 2013، وجه رسائل سياسية بالجملة إلى كل السياسيين العرب والإسلاميين التونسيين والمغاربيين من بينها “سلبيات الخلط بين السياسي والديني في المعارك الحزبية”.
وبدأ المنعرج في صفوف قيادات حركة النهضة وأنصارها في تونس منذ لقاء أغسطس 2013 في باريس بين “ الشيخين” راشد الغنوشي زعيم “الترويكا الحاكمة” والباجي قائد السبسي زعيم المعارضة ومؤسس “حزب نداء تونس” العلماني .
وكانت أبرز نقطة في تلك الإستراتيجية التي لقيت ترحيبا دوليا دفع الأطراف السياسية والدينية عموما وحركة النهضة خاصة نحو “ التخصص” ورفض الخلط بين المقدس الديني والسياسي الدنيوي.
وقد رد راشد الغنوشي على منتقديه مرارا بصراحة كبيرة قائلا:”لم يبق في العمر 20 عاما إضافية نقضيها بين المنافي والسجون” قبل أن يستطرد قائلا:”إن معركة الهوية العربية الإسلامية حسمت لصالح أنصار الهوية ولا مبرر اليوم لتقسيم المواطنين على أسس دينية، ويجب أن نتجند داخل أحزاب وطنية مدنية ومنظمات تابعة للمجتمع المدني تخدم الشعب على الرصيف وفي مراكز عمله وسكنه وليس المطلوب من أحزابنا تعويض مؤسسات الإفتاء أو الجمعيات الدعوية”.
علمانيون غاضبون
لكن هل سوف تقنع مثل هذه الخطوات النخب العلمانية التونسية التي تطالب قيادة حركة النهضة بإعلان الفصل النهائي بين الديني والسياسي وليس بين الدعوي والحزبي؟
بعض أصحاب المواقف المعارضة بصفة “راديكالية” لحركة النهضة مثل الزعيمين اليساريين عبد العزيز المزوغي والطاهر بن حسين ورئيس حزب “مشروع تونس” محسن مرزوق يقللون من أهمية “الإصلاحات” و”التغييرات” التي جاءت بها لوائح مؤتمر حركة النهضة.
ويطالب هؤلاء زعامات هذه الحركة التي أصبحت مجددا تحتل المرتبة الأولى في برلمان تونس بأن يعلنوا بوضوح رفض “توظيف المقدس الديني في خطابهم السياسي وتحركاتهم”.
ويرى محسن مرزوق الوزير المستشار السياسي السابق للرئيس قائد السبسي، أن «الفصل بين السياسي والدعوي شأن داخلي» بينما «يعتبر الفصل بين الديني والسياسي شأنا وطنيا» لأنه سيجعل المواطنين والناخبين يتعاملون مستقبلا مع حركة النهضة ومع الإسلاميين حسب برنامجهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي وليس حسب مرجعياتهم العقائدية وخطابهم الديني.
كما يتهم جامعيون وسياسيون آخرون النهضة ب” عدم التحرر نهائيا من مدرسة الإخوان المسلمين والتيار السلفي الحنبلي المتشدد” على غرار ما أورده الجامعي منذر بالضيافي صحاب كتاب “النهضة والهروب من معبد الإخوان”.
الطريق الثالث
بين هؤلاء وأولئك يسعى تيار قيادي من شبان النهضة مثل رضا إدريس وعبد الرؤوف النجار وعماد الحمامي إلى محاولة بناء “طريق ثالث “ يوفق بين تجديد الفكر الإسلامي والخطاب السياسي للنخب التونسية والعربية.
في هذا السياق يورد رضا إدريس الخبير في الدراسات الفلسفية والفكرية أن “ النهضة مرشحة لأن تتطور إلى حركة مدنية وطنية تونسية تحديثية ذات مرجعيات تونسية وعربية إسلامية”.
ويورد رفيق عبد السلام رئيس لجنة العلاقات الخارجية في قيادة حركة النهضة:”نحن نطمح إلى بناء قوة سياسية واسعة منفحة على كل النخب وعلى المجتمع. نحن نبحث عن طريق ثالث يوفق بين الصبغة المدنية للأحزاب الحديثة وخصوصياتنا الثقافية العربية الإسلامية”.
وحول العلاقة مع مدرسة الإخوان المسلمين، يؤكد رفيق عبد السلام تقديم قراءة نقدية لأداء جماعات الإخوان المسلمين في مصر وسوريا وعدة دول مثلما قامت النهضة بنقدها الذاتي العلني واعترفت بأخطاء الماضي القريب والبعيد.
ويستطرد رفيق عبد السلام قائلا:”نحن إذ نعلن تميزنا عن مدارس إسلامية عديدة من بينها تجربة الإخوان المسلمين في مصر وفي المشرق العربي فإننا نسجل أن الاختلاف والتميز لا يعنيان عدم الانفتاح على كل التجارب في منطقتنا وخارجها”.
وذكر عبد السلام بكون الزعيم التونسي السابق الحبيب بورقيبة وقادة الحركة الوطنية التونسية والمغاربية، سبق لهم أن تفاعلوا مع تجارب إصلاحية ووطنية في مصر والمشرق العربي والإسلامي بينها مدارس إسلامية وقومية. كما سبق للمواطنيين منذ مطلع القرن الماضي أن استضافوا رموز التيار الإصلاحي في المشرق مثل العلامة محمد عبده الذي زار تونس مرتين بطلب من أعلام جامع الزيتونة ورواد الحركة الوطنية”.

تجربة ماليزيا
وبعيدا عن التصريحات والتصريحات المضادة يسود داخل النخب التونسية تيار يدعو إلى تجاوز الأزمات التي تمر بها الأحزاب السياسية الوطنية عموما، بسبب الصراعات القديمة الجديدة بين العلمانيين والإسلاميين.
وفي هذا السياق تتزايد الدعوات في الكواليس بين ممثلين عن عدد من الأحزاب الليبرالية والإسلامية والقومية إلي الاستفادة من تجارب بلدان إسلامية تحررت من عقد الصراع بين الديني والسياسي عبر تأسيس “جبهات سياسية وطنية يتصالح فيها تيار الهوية وتيار البناء الوطني” بعيدا عن الشعارات الإيديولوجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.