الرئيس السيسي يشهد فعاليات الندوة التثقيفية للقوات المسلحة    لجنة تطوير الإعلام تشكل 8 لجان فرعية والاجتماعات تبدأ غدًا    الحكومة تبحث التعاون مع مجموعة «أروجلو» لإدارة وتشغيل مصانع الغزل والنسيج    الحكومة تستعد لطرح 745 فدان على كورنيش النيل للمستثمرين    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    محافظ أسوان: تخصيص خط ساخن وواتسآب لتلقّي شكاوى المواطنين بشأن تعريفة الركوب الجديدة    نائب رئيس حزب الاتحاد: مبادرة الرئيس لجمع تبرعات لإعمار غزة تؤكد النهج الإنساني لمصر    يديعوت أحرونوت: إسرائيل تقرر وقف إدخال المساعدات إلى غزة حتى إشعار آخر    أستون فيلا يقلب الطاولة على توتنهام في الدوري الإنجليزي    يلا جووول بث مباشر محمد صلاح يقود ليفربول في مواجهة مانشستر يونايتد المثيرة على آنفيلد    مصرع شاب على يد صديقه بطلق ناري إثر نشوب مشاجرة بينهما بشبرا الخيمة    تأجيل محاكمة 29 متهما بالهيكل الإداري في السلام    علاء عابد: كلمة الرئيس السيسي بالندوة التثقيفية تجسّد رؤية قائد يضع مصلحة الوطن أولًا    بالصور- اطلالات مهرجان الجونة تثير الجدل    أول تعليق للرئيس السيسي على الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود    ماس رحيم تطلق أولى أغنيات ألبومها الجديد "ضيعتني"    أبو سمبل تتزين استعدادا لاستقبال السياح لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس    هل يجب إخراج الزكاة عند بيع المحصول أم قبل الحصاد؟.. الدكتورة إيمان أبو قورة توضح    غدا.. انطلاق قافلة طبية مجانية بقرية الحبيل في الأقصر    تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    الفنانة دينا فؤاد: "جيش مصر هو شعبها و مصر للمصريين وبس"    كشف ملابسات مشاجرة بالشرقية بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    التحريات : الغاز سبب وفاة عروسين داخل شقتهم بمدينة بدر    الثلاثاء.. محمد الحلو وريهام عبدالحكيم على مسرح النافورة    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    معهد الفلك يكشف موعد ميلاد هلال جمادي الأول وأول أيامه فلكياً    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    شعبة الذهب تقدم نصيحة للمتعاملين.. شراء الذهب الآن أم التأجيل؟    منتخب المغرب يرفض مواجهة الأرجنتين لهذا السبب    مدرب الزمالك يتقدم باستقالتة والنادي يعلن رحيله    إصابه سائق ومرافق في حادث انقلاب سياره تريلا محمله بالقمح في المنوفية    اللواء محيى نوح: الرفاعي استشهد على تبة الصواريخ بعد تدمير دبابات العدو    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    البنك التجارى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بمنتصف التعاملات    زراعة المنوفية: تنقية الحيازات وضبط منظومة الدعم للمزارعين    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    إبراهيم العامري يكشف تفاصيل انضمامه لقائمة الخطيب في انتخابات الأهلي    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    وزير الخارجية يؤكد استمرار مصر في تقديم الدعم الفني للدول الإفريقية والعربية    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    علاج 1846 مواطنا بقافلة طبية بقرية بالشرقية    وزير الصحة: ميكنة جميع بنوك الدم بنهاية 2026 وربطها بغرفة الطوارئ والأزمات    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    الدفاع الجوى الروسى يدمر 45 مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    تمهيدا لإدخالها غزة .. قافلة المساعدات ال52 تتحرك باتجاه منفذي كرم أبو سالم والعوجة    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    50 جنيهًا للحصة.. إجراءات جديدة من التعليم لتنظيم عمل المعلمين بنظام الحصة في المدارس 2025-2026    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلة فى ضيافة مولانا الحب
نشر في الأهرام العربي يوم 30 - 01 - 2016


محمد هلال
ضع أذن روحك على قلبك، فإن وجدته يرقص فاعلم أنه عامر بالحب، فليلة فى حضرة مولانا الحب - مولى القلوب - تعدل عمرا كاملا، وربما يزيد. وقديما قال الشاعر مخاطبا خالق القلوب ومقلبها:
خلقت الجمال لنا فتنة وقلت أيا عبادى اتقون
وأنت جميل تحب الجمال فكيف عبادك لا يعشقون

فالحب هو ماء السماء، به تربو الأرض وتهتز ويعظم حمل بطنها كما قال ربنا: «اهتزت وربت»، اهتزت فرحا وربت عشقا، حبلى بالخيرات من نباتات وورود وزهور ليسكر كل مخلوق فيها ويلتذ بذكر ربه، فكل شىء يسبح بحمده، فالحب أجنحة العاشق لنور محبوبه، يدور حوله كالفراشات حول ضياء النار.
ترى هل هناك تعريف جامع مانع للحب، به نعرفه ونحيط بسره؟ لا أعتقد ذلك، فهو إن شئت جميل وجمال للبشر والحجر والمدر والبحار وما بها والأشجار وما عليها، والسماوات وما فيها.

وهو أيضا عذب العذاب ورائع الألم، وعلى رأى الشاعر الحنون المجنون كامل الشناوى، مؤلف أغنية «لا تكذبى إنى رأيتكما معا»: الحب جحيم يطاق، والحياة بدون حب نعيم لا يطاق.وما أخرج أبانا آدم من الجنة إلا الحب، لكنه الحب المحرم، حب الخلود كما أوهمه الشيطان.

ويدهشنا ما قال الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى، بأنه لا فرق بين الحب الأرضى البشرى، والحب الإلهى: الحب صفة الموجود وما فى الوجود إلا الله، فإن الأصل فى المحبة أن تكون أنت عين محبوبك وتغيب فيه فيكون هو ولا أنت، ولهذا فإن الحق يغار على المحب أن يكون له وجود فى قلبه لغير محبوبه.
يقول الحق فى حديث قدسى: «ما وسعنى أرضى ولا سمائى، ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن».ويكمل المعنى مولانا جلال الدين الرومى: دين العشق لا مذهب له كالثلج الذائب يغسل نفسه بنفسه، العاشقون أمة واحدة وإيد واحدة وهذا هو الله.وللصوفية قول لطيف يقول: لله طرائق بعدد أنفاس الخلائق، وحالة الهيام، والذوبان هى ما جعلت قيس بن الملوح مجنون ليلى يزعق فى الفيافى والصحارى، وكذا وهو يتعلق بأستار الكعبة: أنا ليلى وليلى أنا، وذلك عين ما زعق به الحلاج شهيد العشق الإلهى: أنا الحق والحق أنا ودفع الثمن غاليا، وهو يضحك فرحان جذلان، بينما الدماء تسيل منه بعد قطع يديه ورجليه ثم رأسه بعد ذلك.
وكأنى بسلطان العاشقين عمر بن الفارض المدفون بقرافة جبل المقطم وينشد شعره:
فإن شئت أن تحيا سعيدا فمت به شهيدا وإلا فالغرام له أهل
وللشاعر العظيم وليم شكسبير مقولة فى ذلك: ما الحب إلا جنون، ولعل أجمل ما يباهى به أهل المواهب والفن والحب أنهم مجانين.

وهناك العديد من القصائد والكتب والمقالات عن ماهية الحب على رأسها كتاب العالم والمفكر والفقيه ابن حزم الأندلسى «طوق الحمامة فى الألفة والآلاف».
وبالحب يتغنى البشر ويرقص الطير والشجر، ومن الفرق المميزة فى هذا اللون الجميل من المدائح النبوية والإلهية «الإخوة أبوشعر» السورية، وهى فرقة عجيبة فى تكوينها، فالأسرة كلها قد وهبت نفسها للحب، الحب النبوى والإلهى، الأشقاء الستة قد وهبهم الله الصوت الشجى والحضور الإنسانى الراقى،، أبو بهجت وأبو ياسر وعبدالرحمن وأبو طارق وأبو محمود وأنس المعروف بضارب الإيقاع، والطريف أنها فرقة قد تجلت فيها عوامل الوراثة الفنية والروحية، فوالدهم هو الشيخ موفق أحمد إسماعيل أبو شعر، الذى كان منشدا فى دمشق، عالما بأسرار الأنغام وحلو الكلمات، وكانت الدعوة الكريمة منهم لحضور حفل عامر بالحب على ضفاف النيل بقلب القاهرة المحروسة.

وكان الأستاذ علاء العطار، رئيس التحرير والأستاذ الزميل أحمد أمين عرفات، قد استقبلا أبو ياسر وأبو بهجت نيابة عن الفرقة فى مجلة «الأهرام العربى»، وكانت ليلة حافلة تلتها الدعوة النبيلة لحضور الحفل الذى قامت على تنسيقه والاهتمام بمفرداته أختنا الجميلة نيفين عبدالعزيز وصورته الموهوبة الزهراء محمد.وامتلأت القاعة بالحضور، وبدأ الحفل بآيات القرآن الكريم، بعدها تحلقت طيور الحروف النورانية، والكلمات المشتعلة بنور الحب ونار الشوق وموسيقى التجلى فى المكان، وزاد المشهد جلالا رجال المولوية فى الخلف.

وما بين أصوات موشاة بالعذوبة والشجن، وجمهور كأنه فراشات تحوم حول نار العشق وتتعلق بأستار كعبة حب النبى الكريم، كانت حالة الجذب والمجاذيب، وكأنى بابن الفارض ينشد:
إن الغرام هو الحياة فمت به صبا فحقك أن تموت وتعذرا
وكأنى بالحضور يصرون على الموت عشقا، فما بين زاعق وباك ومتأوه، وما بين تارك لمقعده، وكأن الوجد قد طار به فى سماوات الإنشاد وسادت حالة السكر الحلال فى حانة «الإخوة أبو شعر» على أشعار الحسين بن منصور الحلاج شهيد التصوف:
والله ما طلعت شمس ولا غربت إلا وحبك مقرون بأنفاسى
ولا خلوت لى قوم أحدثهم إلا وأنت حديثى بين جلاسى
ولا ذكرتك محزونا ولا فرحا إلا وأنت بقلبى بين وسواسى
ولا هممت بشرب الماء من عطش إلا رأيت خيالا منك فى الكاس

وتحولت القاعة إلى ما يشبه المسجد الحسينى بعد صلاة الجمعة، حيث تشتعل الفرق الصوفية ذكرا بمناحى المسجد وهتاف الدراويش الله.. الله.. الله. بينما المنشدون يحلقون بكلمات نورانية فى مسجد سبط النبى وإن شئت قل ابنه، فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: أنا حسين وحسين منى».. سيد شباب أهل الجنة - رضى الله عنه - فقد تخلى الجالسون عن جلوسهم سواء كانوا شبابا أم عجائز أو كبار السن من الرجال - لفظ العجوز لا يطلق إلا على المرأة فنقول : «امرأة عجوز» وليس عجوزة، وهاموا تمايلاً وتصفيقاً، وزعقوا بكلمات الإعجاب، واشتعلت حلقة الذكر والحب، بينما الإخوة أبو شعر تتجلى بهم الحالة، وكأنما جبل الطور يتجلى لجلال حب خالقه، وكأن قلوبنا موسى عليه السلام يخر صعقا.
حقا لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها

ما ترجمته تلك الحالة التى كان أكثرها من الشباب، هى أن القلوب عطشى للقول الجميل واللحن الرقيق والكلمات الساحرة، ولو توفر لها ذلك الفن الراقى ما ذهبت لغيره ووقعت فى شباك وحبائل الإسفاف، وذلك ما يكذب مقولة «الجمهور عايز كده»، فالحفل لم يكن بالمجان حتى نبرر كثافة الحضور، بل وسؤالهم عن موعد الحفل القادم.. وإنما جذبهم شراب الأرواح الذى ثملوا به وانتشوا فى حضرة مولانا الحب الإلهى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.