مروة فودة أسطورة إيزيس وأوزويس ألهمت كريتسيان التطوع بالجيش لتبحث عن زوجها الغائب فتكتشف خيانته “هل أنت زوجى؟..أبحث عن زوجى الجندى ريتشارد ويلش.. هل أنت زوجي؟..”.. يال المسكينة التى اختارت أن تتنكر فى ذى الرجال وتنضم إلى صفوف الجنود المشاة فى الجيش البريطانى لتبحث عن زوجها.. لم أعلم بقصة كريتسيانكافانا إلا بعد انتهاء أحداثها بنحو قرنين أو أكثر، أما عن سبب اهتمامى بقصة هذه السيدة فهو قرارها الجسور بدخول حصن الرجال العتيد والتقليدى أى حياة الجندية، فرغم كونها سيدة وأما لعدد من الأطفال فإنها أولا تحدت الصورة النمطية التى خصت الأعمال العسكرية للرجال فقط وذهبت إلى جبهة القتال بحثا عن زوجها الغائب، وهو الأمر الذى فعلته أنا أيضا وأسمى دوروثى لورنس متتبعة خطوات كريتسيان، لكن لأسباب مختلفة، حيث كنت أعمل صحفية وأردت أن أنقل صورة واقعية عن جبهات القتال خلال الحرب العالمية الأولى، ولعبت قصة كريتسياندور الإلهام الذى قادنى إلى مصيرى الذى سترويه لكم كاتبة هذه السطور التى أرادت أن تخرجنا من صفحات التاريخ وتعيد تقديمنا لقراء القرن ال21، فسأترككم معها ومع غيرى من بطلات حكى مثل مارى أندرسون وأمانتينأورولوسيلدوبين.. مستعدون للأنصات لأصوات قادمة من أماكن بعيدة وأزمنة موغلة فى القدم؟.. فلنبدأ الرحلة مع ملهمتى كريتسيان”.. إيزيس تقود كريتسيان لكسر “التابو”.. “ربما لن أستطيع أن أكتب لكم بشكل عميق وبأسلوب مشوق كالذى تمتلكه دوروثي، فأنا سيدة بسيطة لم أتلق من التعاليم ما تلقته صديقتى فى زمنها، لم أكن أحلم بأن أصبح مثلا يحتذى به، ولم أكن أتخيل أن أسمى ستردد فى أزمنة تبعد عن زمانى بالكثير من القرون ولكن القدر أراد شيئا آخر.. كنت قد سمعت عن القصة الفرعونية الشيقة عن إيزيس التى جابت الأرض بحثا عن أجزاء جسد زوجها أوزوريس وكيف أنها جمعته وبكت أمامه حتى استجاب القدر لدموعها فأعاده لها، كانت أسطورة جميلة أحببتها ولعبت لى دور الرسول الذى رافقنى فى رحلة البحث عن زوجى ريتشارد الجندى المفقود فى الحرب البريطانية مع هولندا..كان ذلك عام 1697 حين قررت أن أتخلى مؤقتا عن كينونتى كأنثى وأم وأنضم إلى صفوف الجيش الإنجليزى كأحد جنود المشاة.” مرت 6 سنوات على تلقى كريتسيان خطابا من زوجها ريتشارد ينبئها فيه أنه اضطر مجبرا إلى الانضمام لصفوف الجيش، ومع انتهاء العام السادس قررت السيدة -بعد أن أجهدها البحث- أن تترك أولادها فى رعاية أمها العجوز وتذهب إلى الجبهة لتبحث عن زوجها هناك، واضعة فى ذهنها أسطورة إيزيس الفرعونية. نهاية قصة المجندة المحبة “لم تكن رحلتى سهلة، بل كانت كرحلة الملكة الفرعونية طويلة ومرهقة وتخللها الكثير من العقبات، أولها بطبيعة الحال أن السيدات محظور عليهن الاشتراك فى القتال، ولكن إيزيس ألهمتنى لكسر هذا “التابو”، فلم أجد حلا آخر سوى التخلى مؤقتا عن كينونتى وأتنكر فى هيئة رجل متخذة لنفسى اسم”كريستوفر ويلش” حتى أتمكن من البحث عن رجلي. هل نجحت فى حياة الجندية؟ أستطيع أن أرى هذا التساؤل فى أعينكم، نعم يا قراء القرن ال 21 نجحت فقد قمت بجميع الأعمال الى يقوم بها الرجال فى الجيش،حاربت وجرحت وتعرضت للأسر ثم أنهيت خدمتى العسكرية قبل أن أعود إليها مرة أخرى.. أرى علامات الدهشة ومعها سؤال آخر هل وجدت زوجي؟ نعم، وجدت ريتشارد، وجدت زوجي، التقينا فى ساحات القتال ولكنه لم يعرفني، عملنا معا يدا بيد، ولكنه لم يتعرف إلي، لقد أحسنت التنكر، فلم يكن عجزه عن التعرف على هو ما سائنى أو دفعنى للتفكير فى جدوى ما فعلت، لكن ما آلامنى حقا هو أن زوجى لم يفكر فى عائلته وأولاده أو حتى يتذكرهم، فرأى فى الحرب الذريعة المثلى لأن تكون لديه علاقات نسائية متعددة.. حقا، تستطيع الحرب أن تفعل الكثير من الأشياء..”. مهنة البحث عن “المعارك” لم تكن دوروثى لورنس، الشابة الإنجليزية ذات الملامح الدقيقة متزوجة رجلا غاب فى الحرب مثلما حدث مع كريتسيان، بل كانت بطلة القصة القادمة صحفية تبحث عن الحقيقة، صحفية رأت فى الحرب العالمية الأولى فرصة لتحقيق السبق من خلال تقديم صورة واقعية لحالة الجنود على الجبهة، صورة ترسم فيها آلام الحرب لكن بيد نسائية فحاولت دخول مناطق القتال ولكن بالطبع تمن منعها، إلا أنها صممت على البحث عن “المعارك”. “سأجعل الجنرالات يشاهدون ما تستطيع فتاة إنجليزية عادية أن تحققه حين تسعى إلى التقدم، فتاة بسيطة لا تمتلك المال وليس لديها نفوذ لكنها لديها الموهبة.. سأريهم ماذا تستطيع أن تفعل هذه الفتاة”. هكذا حدثت نفسى بعد استلامى رفض الجنرالات طلبى تغطية أحداث الحرب. كنت أهدف إلى تقديم شيء جديد، كنت أريد كسر الكتابة الخاصة بقصر ساحات القتال على الرجال فحسب، كنت أريد إحداث تغيير فى طريقة تفكير المجتمع، وأظننى نجحت رغم فداحة الثمن”. “سأكشف لكم عن الكيفية التى اقتحمت بها “حصون الجنرالات”، كنت أمتلك “حصان طروادة” بالطبع لم يكن لدى الحصان الأسطورى الذى أبدعه خيال هوميروس ولكنى نجحت فى اكتساب صداقة جنديين بريطانيين، كانا هما حصان طروادة الذى عينته، حيث قاما بتهريب ملابس الجيش، ثم طلبت من جنديين آخرين لكنهما أسكتلنديان أن يقصا شعرى تماما كالجنود وهكذا خرج للوجود الملازم “دينيس سميث”. كشف الحقيقة ومصير حزين خلال 10 أيام نجحت دوروثى فى التنكر فى هيئة الرجل، حيث تمكنت من إخفاء تكوين جسدها بالملابس لتبدو كالجنود، وحلقت ذقنها بالموس لتكتسب مظهر الرجال، وعاشت على خط النار، ثم قررت أن تكشفت هويتها إلى رؤسائها، لكن هذا القرار كان بداية المأساة، حيث رفض الجنرالات الأسباب التى قدمتها لانتحال صفة ضابط فى الجيش البريطانى واتهموها بالتجسس، ثم تعاملوا كعها كأسيرة حرب. وحتى تكتمل مأساة الصحفية الباحثة عن المتاعب، فإن السبق الذى أرادت تحقيقة لم يكتب له الخروج إلى النور، أو بمعنى أدق لم يكتب له النجاح، فبعد أن وضعت الحرب أوزارها، قررت دوروثى أن تصدر تجربتها الفريدة فى كتاب، وبالفعل صدرت مذكراتها مع جبهة القتال فى كتاب أسمته “الجندية الإنجليزية الوحيدة”، كان ذلك عام 1919. كان لدى الصحفية الشابة تصور أن ما ستحكيه من تجارب حقيقية ومخاطر واجهتها سيجذب القراء لصحافة من نوع مختلف حيث مأساة الحرب ولكنه من وجهة نظر امرأة عاشت على خط النار، إلا أن توقعات دوروثى لم تتحقق فمع كل ما ألحقته الحرب من ويلات بالمجتمع، لم يكن لدى الإنجليز الطاقة النفسية للتعامل مع ذكريات أخرى للحرب فقد ذاقوا منها ما يكفيهم وهكذا لم تحقق الصحفية المجدة الشهرة أو المال من مبيعات الكتاب. هذا الفشل الأخير ترك فى دوروثى الكثير من الألم، فبعد 6 أعوام من صدور كتابها جرى إيداع بطلة قصتنا فى أحد مستشفيات الأمراض العقلية بلندن، كان ذلك فى عام 1925 لتقضى 39 عاما من عمرها فى هذا السجن العلاجى، وحيدة بعيدا عن عائلتها وأصدقائها، إلى ان منحها الموت الإفراج وكان ذلك فى عام 1964. المرأة التى خدعت الجميع السياسة الأمريكية كثيرا ما تفاجئ العالم بالكثير من الأشياء غير المتوقعة، فما كان أحد يتوقع فوز الرئيس باراك أوباما بمنصبة فى البيت الأبيض لفترتين رئاسيتين، ليصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة، لكن السياسة الأمريكية لها أسرارها، ومن ضمن هذه الأسرار أو المفاجآت ما حدث عام 1901، ففى هذا العام اكتشف الأمريكيون أن السياسى البارز موراى هال الذى دأبوا على انتخابه عضوا فى الكونجرس لمدة 25 عاما لنشاطه وهمته ومواقفه القوية، لم يكن سوى أمرأة.. امرأة، نجحت فى خداع الجميع. كانت مارى أندرسون شابة طموحة، تتمتع بقسمات وجه جميلة وإن اتسمت ببعض السمة الذكورية، كانت شابة تسعى للعلم وإحداث تأثير فى المجتمع، ولكن النساء الأمريكيات فى هذه الفترة الزمنية أى بداية القرن العشرين لم يكن لهم الحق فى التصويت فى الانتخابات أو ممارسة أى شكل مة أشكال العمل السياسي، كان هذا المنع حائط صد فى طريق أحلام مارى نحو مجتمع أفضل، وهكذا اتخذت الشابة الطموحة قرارها باتباع خطى كريتسيان ودوروثى فى التخفى بهيئة الرجال لتعيش فى صورة السياسى موراى هال لمدة ربع قرن، ونجحت فى ذلك وأصرت على الحفاظ على تخفيها فرغم إصابتها بسرطان الثدى فإنها رفضت أن تتلقَى العلاج الضرورى لمواجهة المرض حتى لا تكتشف النقاب عن هويتها الحقيقية. اختارت لنفسها اسم الرجل وهزت قلوب الرجال “لا أعلم هل أصف نفسى بالمتمردة أم أننى باحثة عن الحرية، سأحدثكم أكثر وأترك لكم الحكم، لقد اخترت لنفسى اسم جورج وهو اسم رجل أحببته، وقررت أن أرتدى البنطلون وأظهر به، كنت أتحدى المجتمع والقواعد غير العقلانية التى سيطرت عليه، كنت بما أفعل أهدف إلى الدفاع عن حقوق المرأة، فكانت هى محور كتاباتى وأشعارى، دائما هدفت إلى المساواة ورفع الظلم عن الإنسان وحماية البيئة، أتدرون لقد تحدثت عن البيئة وحماية الغابات والأشجار فى أعمالى قبل أن تحدث صرعة حماية البيئة التى انتشرت فى زمانكم، أنا جورج صاند، عشت حياة زاخرة بالأدب والموسيقى والحب والسياسة، وعلى الرغم من أن كاتبة هذه السطور كانت قد زاوجت بينى وبين الأديبة البريطانية جورج إليوت فى أولى حلقات هذه السلسلة فإنى أعتقد أنى أختلف عن إليوت كثيرا فهى أحبت بعقلها رغم تمردها هى الأخرى على قواعد المجتمع، أما أنا فإنى عشقت وأحببت وعشت المغامرة ولكنى ظللت حزينة ولم أجد متعتى سوى فى الكتابة”. السطور السابقة لم ترد على لسان الأديبة الفرنسية أمانتينأورولوسيلدوبين ولكنها تعبر عن بعض من رحلتها الطويلة بين الرموز الخالدة فى حيوات الفن والموسيقى والشعر والسياسة خلال فترة مميزة من التاريخ الأوروبى فى القرن التاسع عشر. لقد ولدت صاند عام 1804 وتوفيت عام 1876، نحو 70 عاما كانت غنية بفيض من الإنتاج الأدبى قال عنه المؤرخ والفيلسوف الفرنسيإيرنست رينان: “ستظل روائع جورج صاند تُقرأ بعد ثلاثة قرون.”.. حازت صاند –أو جورج كما أحبت أن يناديها عشاقها– الكثير من الألقاب فوصفها الأديب الفرنسى فولتير بأنها الروائية التى تجسد المجد الفردى للأدب النسائي، فيما وصفها عملاق الأدب الروسى ديستوفسكى بأنه “رمز للمرأة الفريدة فى موهبتها”. المتمردة التى سبقت عصرها “وصفنى عصرى بأننى متمردة لأنى تشبهت بالرجال فى زيهم لكنى لم أهدف حقا إلى التمرد وهذا ما سيذكره عنى المؤرخون فى عصركم حيث سيشهدون أننى كنت فى ارتدائى لهذه الأزياء استجيب لنصيحة أمي، التى هدفت هى الأخرى إلى تحقيق بعض الأسباب الاقتصادية، فتبييض الملابس وتجفيفها بالنشاء يحتاج لميزانية كبيرة افتقدتها بعد طلاقى من زوجى فلجأت لضغط نفقاتي أنا وولدي، أما عن استخدامى التبغ وتدخين السجائر، وكان ذلك أمراً مشيناً فى حق امرأة تعيش فى مجتمع برجوازي، فقد جاء -وأقولها صادقة- بدافع التودد للشعراء الرومانسيين والاقتداء بهم وتقليد سلوكهم وتبنى مواقفهمأحياناً “.. كانت هذه المرأة سابقة لعصرها، بل كانت كالعرافة التى ترى المستقبل فى كتاباتها، فللسياسة تنبأت لألمانيا بخروج طاعون منها يغزو أوروبا حين كتبت “لا تزال جِيَف فرنسا تنبض برعشات الحياة.. إنها خلجات ألمانيا التى تحولت إلى بؤرة لطاعون مستفحل فى أوروبا”.. وكان الطاعون الذى رأته جورج بعين المستقبل هو ولادة النازية وخروجها من ألمانية لتسيطر على أوروبا. وفى قراءة استشرافية أخرى كتبت عن الصلح الذى سيحدث بين فرنساوألمانيا رغم عذابات الحرب حين قالت: “ستتمخض مصالحة الجنسين الفرنسى والألمانى غداً عن ولادة علاقة أخوة دائمة ستغدو قانون مستقبل السلالات المتحضرة”.. لتصبح جورج بذلك عرابة دعاة السلم فى العالم. ولم تقف نبوءاتها عند هذا الحد بل رأت البيئة وأوجاعها فتكشف فى أحد نصوصها الصحفية المنشورة فى صحيفة “لو فيجارو” الفرنسية عام 1872 النقاب عن الجرائم المرتكبة بحق البيئة من اقتلاع للأشجار وإحراق لجزوعها حيث كتبت: “لو أهملنا الاهتمام بالشجرة وغرسها فإن الجفاف سيحمل كارثة للكرة الأرضية ألا وهى نهاية المعمورة بسبب الإنسان.. لا تضحكوا يا سادة فالذين درسوا هذا الموضوع يعتصر قلوبهم الألم والحزن لما اقترفته أيديهم.. ولا أحد يدرى كيف اختفت مجتمعات بعينها إثر زحف الصحراء إلى الغابات، ومن يعلم إذا كانت هناك مجتمعات سابقة استوطنت القمر المجاور لأرضنا.. وقضت نحبها نتيجة وَهَن قوى الطبيعة المحيطة بها وذلك رغم القول الشائع أن هذا الكوكب (القمر) غير مأهول بالسكان”.. الكثير من الأصدقاء .. الكثير من العشاق “فى يوم ما سيفهمنى العالم أكثر، لكن غير مهم إن لم يأت هذا اليوم، سأكون قد فتحت الطريق لامرأة أخرى” هكذا تحدثت جورج عن نفسه، وهى عبارة لخصت فيها حياتها الذاخرة بالأصدقاء والعشاق، فللتدليل على كثرة أصدقاء بطلتنا نروى لكم هذه القصة: “بعد الثورة الفرنسية وأمام ما حققته جورج من نجاحات أدبية وشهرة واسعة بتفردها فى شخصيتها وطباعها، فقد سعى الكثيرين لإقناعها بأن ترشح نفسها للجمعية الوطنية”البرلمان”، كان ذلك عام1848، إلا إنها رفضت، فعاد أبرز نادٍ للنساء فى فرنسا إلى تكرار توجيه الطلب، وزادوا فى الإلحاح، إلا أن جورج انصرفت عن إلحاحهم واستغرقت فى كتابة وتوقيع أكثر من 50 ألف رسالة وجهتها إلى أصدقائها على رأسهم هوجو وبلزاك ودوماس الأب وباجانينى وروسينى وليستوكان هذا الأمر هو ما أدخل السعادة الحقيقية على قلبها أكثر من الترشح لمقعد برلماني. أتدرون أن أحد القابى هو “روائية الأرياف”، فرغم أنى ولدت فى باريس فإن وفاة والدى المبكرة وكنت ابلغ من العمر حينها أربع أعوام أثرت فى مسار حياتى حيث انتقلت للعيش مع جدتى فى الأرياف وهكذا أمضيت طفولتى بعيدا عن العاصمة ومستمتعة بالقصص التى يحكيها الفلاحون، تلك القصص التى حولتها فيما بعد إلى مادة استعنت بها فى رواياتى. كانت حياتى متقلبة، أعترف، ففى عام 1822 تزوجت من البارون “دودافان” إلا أنى انفصلت عنه بعد مرور أقل من 10 أعوام. ورجعت إلى باريس ومعى أولادي”. لم تعرف حياة جورج الاستقرار فهى دائمة الترحال كثيرة المغامرات العاطفية، فكما شغلت الصالونات الأدبية بأعمالها، شغلتها أيضا بقصص مغامراتها بدءاً بصداقتها مع الأديب جول صاندو الذى أخذت عنه لقب “جورج صاند” وساعدها فى كتابة أول رواية تنشرها “وردة بيضاء”، ثم الشاعر الرومانسي ألفريد دى موسيه. ثم الموسيقى الكبير فريدريك شوبان، الذى أمضت بصحبته عشر سنوات مليئة بالسعادة. واتسمت قصة جورج مع شوبان بالغموض رغم طول مدتها الزمنية فقد بدأت علاقتهما كصديقين، ثم صارا حبيبين رغم أن بطلتنا كانت تكبر شوبان بنحو ست سنوات، لكن لم يكن ذلك جوهر الخلاف بينها فقد كانا من طبيعتين مختلفتين، جورج جريئة بينما كان شوبان منطوى وخجول. أحبت جورج الموسيقى الفذ شوبان إلا أنها تخلت عنه بشكل حاد وقاطع ففى 28 يوليو علم 1847 تلقى شوبان رسالة وداع من محبوته، وكان هجرها قويا وصارما حتى أنها رفضت حضور مراسم دفنه. وفى نهاية هذه القصة الرومانسية انتقلت جورج إلى عالم السياسة، بعد أن سطرت قصصها فى أشعار وروايات باقية للأجيال. كلمة أخيرة على مدار ثلاث حلقات حاولت صاحبة السطور السابقة البحث فى التاريخ لتقديم شخصيات أثرت فى بناء الحضارة الإنسانية بأعمال وكلمات خلدت أسماءهم على مدى الزمان، هناك العديد من الشخصيات والكثير من المعلومات التى لم تسمح ظروف النشر التطرق إليها ولكنها محاولة للقراءة والبحث الدائم عن الوجوه المتعددة لحقائق التاريخ.