أمنية حجاج «حُوت على الشاطئ» هكذا وصفه الرحالة البريطانى الشهير ويلفريد تيسجر( Thesiger Wilfred) منطقة جبل حفيت، الذى يشكل موقعاَ ثقافياً ذا قيمة استثنائية، نظراَ إلى أهميتها الجيولوجية والأثرية والتاريخية والبيولوجية، فهذا الجبل يقع وسط السهول الصحراوية المسطحة جنوب مدينة العين، على الحدود بين الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، ويتكون من صخور رسوبية يعود تاريخها إلى العصر الجيولوجى الثالث. فى عام 2011، أدرجت اليونسكو، بمشاركة جميع الدول الأعضاء فى لجنة التراث العالمي، عدداَ من المواقع الثقافية لمدينة العين فى إمارة أبو ظبى على قائمة التراث العالمى للبشرية.وتعود أهمية مدينة العين بالنسبة إلى التراث العالمى، إلى تنوع البقايا الأثرية والتاريخية فى المنطقة وغزارتها وتميزها، والتى أعطت أسماء بعضها لحضارات معيّنة، مثل حضارة الهيلى وحضارة حفيت، ويقف جبل حفيت منتصباً وسط السهول الصحراوية المسطحة، وقد ساعدت الأحافير المكتشفة فى الجبل على إلقاء الضوء على أشكال الحياة القديمة . ترتفع قمة جبل حفيت 1240 متراً فوق سطح البحر لتحتل المركز الأول من حيث الارتفاع فى إمارة أبو ظبى والمركز الثانى فى الإمارات العربية المتحدة من بعد "جبل جيس" فى إمارة رأس الخيمة . كما يتكوّن من صخور كلسيه شديدة الانحدار تعرّضت لعوامل الحت التعرية الطبيعية على مدى ملايين السنين. وقد اكتُشفت فى محيطه آثار أحفورية مهمة تمثل جزءاً أساسياً من حل لغز التاريخ القديم لهذه المدينة. حيث تم اكتشاف أكثر من 500 مدفن أثرى على سفح الجبل يعود تاريخها إلى ما يزيد على 5000 سنة . يقع جبل حفيت فى الحدود بين سلطنة عمان ودولة الإمارات، حيث يتبع لسلطنة عمان الثلثان الشرقى والجنوبى الغربى، أما الجزء الشمالى فيتبع لدولة الإمارات. فعلى سواحل الخليج العربى، ومع التعمق أكثر فى البر نجد الصحارى الرملية التى يكسوها غطاء نباتى خفيف وتكوينات كيماوية متباينة. ثم يتحول المشهد بعدها إلى سهول حصوية ووديان مع اقترابنا من جبال حجر، التى ترتفع لأكثر من 1200 متر داخل الإمارات، ويصل إلى أكثر من 2800 متر، حين نتقدم نحو الشمال داخل شبه جزيرة مسندم، وتتميز بقممها الصخرية الجرداء التى تقطعها وديان عميقة وملتوية. وتمتد جبال الحجر من منطقة رءوس الجبال فى رأس مسندم بالقرب من مضيق هرمز، وتمتد على شكل قوس عظيم يتجه من الشمال الشرقى لسلطنة عمان إلى جنوبها الغربي، ويصل أقصى ارتفاع له 3000 متر فى منطقة الجبل الأخضر. وجبل حفيت، يتكون من صخور رسوبية يعود تاريخها إلى العصر الجيولوجى الثالث، ويقع فى الحدود بين سلطنة عمان ودولة الإمارات، حيث يتبع لعمان الثلثان الشرقى والجنوبى الغربي، أما الجزء الشمالى فيقع فى دولة الإمارات، جنوب مدينة العين، وحظى باهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله الذى أمر بإنشاء طريق سريع يصل إلى قمته عام 1986، ولم يكن الأمر هيناً مع تضاريسه الصعبة، ومن ثم تم إنشاء منتجع واستراحة سياحية ومطعم فى قمة الجبل، بحيث يمكن الاستمتاع بالمنظر الجميل ومشاهدة كامل مدينة العين. جبل حفيت لكل من هذه المناطق مناخها المصغر وبيئتها المصغرة المحليتين الخاصة بها، وهو ما يؤثر بدوره على تنوع الحياة النباتية والحيوانية فيها. بالتوازى مع جبال حجر على بعد كيلومترات أخرى فى عمق البر، هناك سلسلة جبال كلسيه أخرى أقل ارتفاعاً. وقد كانت هذه السلسلة شواطئ بحر قديم هو بحر تيثيس. وحين ارتفع قاع المحيط وانطوى بفعل نشاط بركانى تحت قاع هذا البحر، مشكلاً جبال حجر، وارتفعت هذه الشطآن وانطوت أيضاً، وأصبحت الآن تلالاً تكثر فيها الأحافير وتعود إلى الحقبة الثلثية. يشكل جبل حفيت الثنية الأكبر من عدة ثنيات ثلثيه تنتشر على الجوانب الغربية من جبال حجر. وتقطع هذا الجبل الضخم عدة وديان تنساب على جانبيه الشرقى والغربي. وتمكن رؤيته بسهولة من الفضاء، وفيما ينحدر سفحه الغربى بزاوية تتراوح بين 25 و30 درجة نجده على الجانب الشرقى أكثر انحداراً بكثير. كما تكثر فيه الصدوع التى تتنوع فى أشكالها مثل العادية الممتدة أو الملتوية أو العكسية. يحظى جبل حفيت باهتمام خاص من دارسى الجيولوجيا؛ لأن قشرته الخارجية متآكلة، بحيث تكشف عن كل الطبقات الأرضية المكونة له بسهولة من على السطح. وبلغة الجيولوجيين يقدم جبل حفيت نمطاً محلياً لتشكيلين جيولوجيين رئيسيين: تشكيل حفيت وتشكيل سينا، وهناك تشكيل ثالث موجود أيضاً ويسمى الجو. والتشكيلان غنيان بمستحثات البلانكتون الذى يعيش فى عمق البحر، ويدعى فورانيميرا. وعند سفح الجبل قريباً من المكان الذى يمر به الطريق من فجوة صناعية، كما يمكن مشاهدة أحافير المرجان والمحار والرخويات الأخرى، وعلى نحو أقل قنافذ البحر، وهدبيات الأرجل، وأطراف السرطانات. ومن أنماط الأحافير التى يختص بها الجبل هناك النوموليت، التى تبدو كرقائق البطاطا، حيث تأخذ شكل قطع صخرية رقيقة ومدورة، وغالباً ما تكون مقوسة نوعاً ما، وحين تكسر تبدو فى مقطعها بنية واهية من خطوط مدورة وطولية. وهذا النوموليت هو بقايا عضويات وحيدة الخلية منقرضة حالياً تتباين أحجامها بين 3 و1 ملليمتر. إن جبل حفيت يتمتع بخصوصية جغرافية فى الإمارات، جعلته موقعاً لدراسات مكثفة عامى 1997 - 1998 بهدف إعلانه تراثاً وطنياً، أو تحويله إلى محمية طبيعية، فالسهل الرملى عند سفح الجبل كان المكان الوحيد فى الإمارات الذى تعيش فيه نبتة صفراء جميلة اسمها العلمى «أنفيلا غارسينى»، ويسمى الوادى الذى يخرج من الجبل نزولاً نحو هذا السهل الرملى وادى «التربات» وهو المكان الذى وجدت فيه الموموليت، وإلى الأعلى قليلاً فى الوادى تعيش أشجار «أكريدوكاربوس أوريانتاليس» الصغيرة الوحيدة التى توجد فى الإمارات، كما يعيش على ذلك الجبل الماعز العربى الصغير الماهر فى التخفى عن الأعين. وكان يعتقد أن الماعز العربى، وهو فصيلة صغيرة الحجم من الحفريات تشبه الماعز العادى قد انقرض منذ 1982 حين عثر على جثة أحدها قرب حفرة ماء على الجبل. غير أنه عثر على هذا الحيوان مرة أخرى عام 1995. وأثناء الدراسة التى أجرتها مجموعة الإمارات للتاريخ الطبيعي، تم تسجيل وجود الثعلب الجبلى الصغير عام 1995 «فولبس كانا»،كما تم أيضاً تأكد وجود الثعلب الأحمر «فولبس فولبس»، ويبدو أن هذين الحيوانين يستخدمان الجبل كمأوى يخرجان منه للصيد فى الصحارى أو المزارع المحيطة به، فبالإضافة إلى قيمته الجيولوجية، يعتبر جبل حفيت موطناً للعديد من أنواع النباتات والحيوانات ذات الأهمية البيئية والثقافية مثل المهر العربى. بيئة غنية يتميز مناخ مدينة العين بفصل صيف حار تصل درجات الحرارة فيه إلى أكثر من 40 درجة مئوية، فيما تصل فى فصل الشتاء إلى 4 درجات مئوية ليلا، كما يقّل فيها تساقط الأمطار، حيث يبلغ متوسط هطول الأمطار سنويا نحو 100 مللم، وتتبخر هذه الكميات بسرعة لتكوّن تجمعات المياه المؤقتة بعض الوديان الحادة والأخاديد التى تقطع الخواصر المنحدرة للجبل. ويتمتع جبل حفيت ببيئة تأوى حوالى 157 نوعاً من النباتات بعضها خاص بالمنطقة فقط. كما تنمو الشجيرات على نحو جيد فى التربة الفقيرة عند سفح الجبل، فيما تنمو نباتات أخرى بشكل غير ثابت عند المنحدرات العليا. أما شجر «الغاف» الذى يصل ارتفاعه إلى 16 مترا، فيعتمد على المياه التى يمتصها عبر جذوره المتفرعة من مصادر المياه الجوفية العميقة. كما يتميز الجبل بوفرة نباتات الأشنة. لكن كان للأعمال التطويرية التى شهدتها المنطقة فى السنوات الأخيرة بعض التأثير على الحياة البرية. وأصبح من النادر اليوم مشاهدة القطط الوحشية والثعالب الحمراء التى تعيش على فرائس من الثدييات الأصغر حجما. ويعتبر الثعلب الأحمر الأكبر حجما من بين أنواع الثعالب الثلاثة الموجودة فى الإمارات، بينما يستوطن ثعلب بلانفورد المناطق الصخرية. كما يوجد حيوان ليلى آخر أقل تناسلاً وهو جرذ واجنر الذى يقتات على البذور والحشرات والوزغات الصغيرة، أما حيوان الوبر الصخرى الذى يشبه الأرانب الكبيرة، فيعيش ضمن مجموعات تصل أعدادها إلى 80 وبرا. كما يضم جبل حفيت العديد من الطيور المستوطنة والمهاجرة. وتعتبر هذه المنطقة ملاذاً لأكبر تجمع للنسور المصرية فى دولة الإمارات، حيث يعتقد أن هذه النسور تستخدم الجبل كمأوى لها. أيضاً يتكاثر صقر العاسوق فى المنحدرات المنخفضة للجبل، فيما يعيش الصقر المغربى فى المرتفعات، ويقتات كل النوعين على الحمام والثدييات الصغيرة وحمائم الجبل. ويتمتع جبل حفيت بوجود عدد لا بأس به من الطيور المهاجرة من إفريقيا وآسيا وشمال يوراسيا، ومن بين هذه الطيور توجد طيور جارحة مثل الصقر والنسر والباز والطيور المغردة مثل أبو الحناء والهازجة والسمنة. ويؤكد هذا التنوع فى التراث الطبيعى أهمية جبل حفيت على الخريطة البيئية والسياحية للدولة والمنطقة. ال " مبزرة الخضراء" ال "مبزرة الخضراء" عبارة عن واحة تحيط بخبل حُفيت، وتُعتبر من أجمل المناطق السياحية فى الإمارات وزاد جمالها إقبال الناس عليها، ومرافقها الحيوية المتميزة المنسجمة مع طبيعة المكان الموجود فيه، حيث يستمتع زائر المبزرة بالسباحة فى مياه الآبار الساخنة، حيث تتميز هذه المسابح عن غيرها بمياهها الكبريتّية الحارة المعروفة بخصائصها العلاجية، وتتوسط هذه البحيرة أعلى نافورة فى الشرق الأوسط، بارتفاع 80 مترا .
