سوزى الجنيدى وجدت دعوة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لعقد مؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب توجسا من البعض، خصوصا بعد الإعلان عن استضافة الخارجية الأمريكية وفداً من جماعة الإخوان أخيرا، وهى ليست المرة الأولى وإن كانت الأكثر إحراجا لأمريكا بعد أن وضع أعضاء الوفد صورهم وهم يرفعون شعارات رابعة داخل مقر الخارحية الأمريكية. وزاد من المخاوف ما ذكره وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هاجل فى تصريح له منذ عدة أيام، أنه لا يمكن هزيمة التنظيم الإرهابى «داعش» من خلال القوة العسكرية فقط، وأن النزاعات المجتمعية الكبيرة والتاريخية لم يتم حلها عسكريا، فهناك مكون عسكرى لحلها بالطبع، ولكن الحل الصحيح يتطلب دوما اتفاقا سياسيا. البعض فسر هذا التصريح بأن أمريكا ترى أن اليد التى لا تستطيع قطعها فلتقم إذن بتقبيلها، لأنه وعلى الرغم من أن داعش صنعية أمريكية فى الأساس فإن داعش ومثل تنظيم القاعدة خرجت عن السيطرة، فكان من الضرورى أن تسعى أمريكا للسيطرة على زمام الأمور، وذلك من خلال الحوار مع «داعش» حتى تظل الجماعات الإرهابية فزاعة فى منطقة الشرق الأوسط، فمن حضر العفريت عليه أن يصرفه إذا استطاع. سامح شكرى أكد ل«الأهرام العربى» حول رؤية مصر لدعوة واشنطن حاليا لعقد مؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب، أنه من حيث المبدأ فإن مصر كانت دائما تدعو لمؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب، طالما أن الدعوة مرتبطة بجذب الأطراف الدولية لفكر موحد وتصور ورؤية مشتركة لمواجهة هذه الظاهرة، ونرى أن الإرهاب لن يتم القضاء عليه إلا إذا خلصت النيات الدولية للتعامل معه بشكل ليس به أى نوع من أنواع المواربة أو الانتقائية فى الاستعداد لتصنيف هذه المنظمات بشكل مختلفا أو محاولة البعض الاستفادة لأغراض سياسية، وسيتم دراسة دعوة الرئيس الأمريكى لعقد مؤتمر مكافحة الإرهاب بشكل متأنى. وحول وجود مخاوف لدى البعض من أن توجه بعض الأطراف ذات الأجندات ما حدث فى باريس لمحاولة تمكين الإسلام السياسى مرة أخرى قال شكرى: «أتصور أننا متحسبون لذلك وأن الأطراف الدولية تقدر خطورة الإرهاب، وأن أى محاولات لاستخلاص مكاسب سياسية غير مرتبطة بشكل مباشر بمكافحة الإرهاب ستمثل إضعافا للعمل الدولى المشترك، وأرى أن أى رغبة حقيقية لمكافحة الإرهاب لابد أن تكون على أسس سليمة وليس بها أى محاولة لتشتيت الجهد أو لمحاولة النفاذ إلى أمور ثانوية، وهناك نظريات تتداول لكننا نعمل على وضع الأمور فى نصابها الصحيح .. ومن يقدر الأمور تقديرا سليما لا بد أن يبتعد عن مثل هذه الأفكار بعد أن ثبت فشلها وعدم قدرتها على تحقيق أى إنجاز لأنها إيديولوجية تتخذ خطوات تكتيكية لكن فى النهاية هدفها واحد ولا يوجد شىء سيؤدى لانحسارها إلا إذا تمت مقاومتها بشكل جوهرى». كما أكد أنه لا يتفهم التصريحات الأمريكية التى بررت استضافة وزارة الخارجية الأمريكية وفداً من جماعة الإخوان الإرهابية باعتبارها حزبا سياسيا. ويتساءل السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية السابق عن الدول والمنظمات التى سيتم توجيه الدعوة لها للمشاركة فى المؤتمر، وهل تتضمن فقط الدول المشاركة فى التحالف الدولى ضد تنظيم داعش أم ستشمل الدعوات أطرافا وتنظيمات أخرى مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى، وأيضا ما أجندة المؤتمر وهدفه والموضوعات التى سيناقشها والقرارات التى سيتخذها لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، وهل سيعقد المؤتمر على مستوى القمة أم الوزارى؟ وكلها أسئلة مهمة ستحدد مستوى المشاركة المصرية. ويرى هريدى أن الغرض من المؤتمر هو أن تواصل الولاياتالمتحدة احتكار موضوع مكافحة الإرهاب على المستوى الدولى لأنها لا تريد قيام أى تحالف إقليمى آخر ينافس تحالفها ضد داعش، معربا عن تخوفه من أن يكون الهدف الأمريكى الحقيقى هو توجيه كل الجهود الدولية لخدمة فقط تحالفها لمكافحة تنظيم داعش. ويضيف أن تعريف الإرهاب طالما كان عائقا أمام عقد مثل هذه المؤتمرات، فمثلا دول مثل مصر والإمارات وروسيا تعتبر الإخوان جماعة إرهابية على عكس أمريكا التى استضافت وفداً من الإخوان أخيرا، مؤكدا أنه من المهم مشاركة مصر فى موتمر الإرهاب برغم ذلك الموقف الأمريكى الأخير، لكن بمستوى ديبلوماسى منخفض احتجاجا على استقبال وزارة الخارجية الأمريكية وفدا إخوانيا برغم من تحريض الإخوان على العنف فى مصر، فمن المهم وجود مصر حتى نتطلع على المواقف المختلفة التى سيتم طرحها وتكون لدينا مواقفنا التى نسعى لإبرازها وردود وسيناريوهات لكل ما سيتم طرحه لتقوية الموقف المصرى، والتأكيد على الخطوات المصرية لمكافحة الإرهاب والأطراف التى تقف خلفه واتخاذ موقف هجوم وليس دفاعا بالنسبة لتوضيح الحقائق حول جماعة الإخوان ورعايتها للإرهاب. ويشير السفير حسين هريدى إلى أن الجماعة الإرهابية فى سيناء سبق أن أعلنت الانضمام إلى داعش، وبايعت أبا بكر البغدادى وغيرت اسمها إلى ولاية سيناء، وبالتالى فإن مصر تواجه نفس ما يواجه العالم بالنسبة لداعش، وكل المطلوب من أمريكا وغيرها أن يقوموا بدعم مصر ومساندتها فى حربها ضد الإرهاب وعدم الكيل بمكيالين خصوصا أننا جميعا فى خندق واحد ونحارب نفس التنظيم الإرهابى، ولهذا فمن المهم حضور مصر ولو بتمثيل دبلوماسى منخفض فى المؤتمر. وفى المقابل يرى السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية السابق، أن مشاركة مصر فى المؤتمر يجب أن تكون بوفد كبير يضم ممثلين من الخارجية والداخلية والأزهر والكنيسة والمجتمع المدنى لإظهار حقيقة الحرب التى تخوضها مصر ضد الإرهاب، وعلينا إثبات بالأدلة موقف جماعة الإخوان والمتعاطفين معهم المساند للإرهاب، ومن المهم أن تهدف المشاركة المصرية إلى مزيد من تبادل المعلومات مع الأطراف الأخرى خصوصا الولاياتالمتحدة بالنسبة لتحركات التنظيمات الإرهابية فى المنطقة،كما أنه من المهم أن يقتصر المؤتمر على الحوار والتشاور بين الأطراف وليس إصدار قرارات إلا بعد موافقتنا، لأنه بالتأكيد هناك تعامل غربى بمبدأ الكيل بمكيالين فى موضوع مكافحة الإرهاب. أما السفير فتحى الشاذلى مساعد وزير الخارجية السابق فيرى أن مشاركة مصر مهمة فى المؤتمر الدولى لمكافحة الإرهاب ويمكن للوفد المصرى الانسحاب إذا وجد أن هناك ضغوطا أمريكية لفرض قرارات معينة ليست فى صالح مصر، مشيرا إلى أن عائق عدم وجود تعريف دولى متفق عليه حول مفهوم الإرهاب لا يزال موجودا، لكنه لن يكون عقبة كبيرة أمام عقد المؤتمر ولهذا فلابد من مشاركة مصرية تطرح المواقف بقوة وحسم فلا معنى لرفض المشاركة حتى لو كان لدينا تخوف من الأهداف خلف عقد هذا المؤتمر الدولى لمكافحة الإرهاب، خصوصا أن مصر كانت من أوائل الدول التى طالبت بعقد مؤتمر دولى لمكافحة الإرهاب منذ التسعينيات من القرن الماضى. .أما الاتحاد الأوروبى فقد كان له موقف مشابه للموقف الأمريكى ومنذ فترة ليست قصيرة، ويشير جيمس موران سفير الاتحاد الأوروبى بالقاهرة ل«الأهرام العربى» حول الربط بين الأحداث الإرهابية الأخيرة فى مصر وجماعة الإخوان، إنه أمر لابد أن نكون واضحين بشأنه فالمهم هى الأدلة، ولابد من وجود تحقيقات ومعلومات جيدة حول هذا الأمر لكى تكونوا متأكدين من هو المسئول خلف ما حدث، ومسألة كتابة بيانات وعناوين الصحف أمر، لكن القيام بالواجب المطلوب والتحقيقات الجيدة وإيجاد الدليل أمر آخر، ومن المهم وجود دليل على تورط أى منظمة فى أى أحداث إرهابية فهذا أمر مطلوب. أما جيل دى كرتشوف، منسق الاتحاد الأوروبى لمكافحة الإرهاب، فقد أوضح ل«الأهرام العربى» لدى زيارته إلى مصر منذ عدة أيام عندما سألته عن تصنيف الإخوان جماعة إرهابية، أوضح أن أوروبا لديها معايير مختلفة عن دول أخرى بالنسبة لوضع المنظمات على قوائم الإرهاب وتجميد أصولها وتشمل معايير قانونية، بالإضافة إلى التقييم السياسى، وهل كان هذا قرارا حكيما أم لا وأحيانا ما نبحث مع أعضاء المنظمات منعهم أو وقفهم عن الإرهاب وإقناعهم بالعدول عنه. وأحيانا نعتقد أنه ليس الوقت المناسب أو التحرك المناسب لوضعه على قائمة الإرهاب، مشيرا إلى أن قرار الاتحاد الأوروبى باعتبار حزب الله الجناح العسكرى منظمة إرهابية تم بعد إثبات تورطه فى قتل سياح إسرائيليين فى بلغاريا، لكن لم يتم وضع حزب الله بشكل عام على القائمة أحيانا ما يكون وضع أى منظمة على قائمة الإرهاب من عدمه أداة للسياسة الخارجية..وضرب مثلا بتنظيمات مسلحة كانت فى الماضى فى أمريكا اللاتينية ووجود حوار أمريكى معها لنبذ العنف ولهذا تراجعت أوروبا عن تصنيفها جماعات إرهابية حتى لا يؤدى ذلك لإفشال الحوار الأمريكى معها، وعندما سألته إذا كان معنى ذلك أن هناك حواراً بين أمريكا حاليا والإخوان تراجع، مؤكدا أنه لم يقصد ذلك بالتحديد!!