سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يرى أن تأثير الأندلس في الإسبان لم يقتصر على اللغة لكن أيضاً الطعام والعادات والثقافة.. مورينو: الأندلس مثال للتعايش والتسامح بين الثقافات الكبرى الثلاث
حوار أسامة الألفي رافائيل غيريرو مورينو، صحافي وإعلامي إسباني من المهتمين بحقوق الإنسان وحرية الصحافة، وعبّر عن إيمانه بهذه المبادئ عمليًا من خلال الأعمال التي مارسها بدءًا من الإذاعة العامة بالأندلس، ومرورًا بالتدريس على فترات مختلفة للأجيال الجديدة من الصحفيين الأندلسيين، مع رئاسته تحرير "الكوربو الأندلسي" وانتهاء بعمله في قناة "سور" التليفزيونية. جمعني به مهرجان سينما الذاكرة المشتركة في مدينة الناظور بالمغرب، وحين عرفت أنه من مواليد غرناطة، قلت له: مرحبا يا ابن العم، وكانت بداية حوار بيننا حول الأندلس والثقافة الإسبانية، والعلاقات المصرية الإسبانية.. وموضوعات أخرى. ترتبط مصر وإسبانيا بعلاقات تاريخية قديمة، ما صورة مصر حاليًا في ذهن المواطن الإسباني؟ وهل هو على علم بما حدث من تغيرات بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو؟ من وجهة نظري، المواطن الإسباني يرى مصر باعتبارها واحدة من أهم الدول في العالم العربي وتعاطف مع سقوط ديكتاتورية مبارك في يناير 2011م، وكانت ثورتها من أبرز ثورات الربيع العربي في بلدان شمال إفريقيا، فالشعب المصري والشعوب العربية الأخرى، كسروا حاجز الخوف وبدأوا التطلع إلى المستقبل، ومع ذلك فإسبانيا تعرب عن قلقها إزاء التطورات وعدم الاستقرار السياسي الذي يبرر انخفاض السياحة في السنوات الأخيرة. في الفترة بين 1609م و1614 م، أمر فيليب الثالث بطرد السكان المسلمين من كل الأراضي الإسبانية، طرد نحو 350 ألف رجل وامرأة وطفل قسرًا، اليوم عاد وجود الإسلام في إسبانيا من خلال نحو 750 ألفا؟ كيف هي علاقتهم بالمجتمع والدولة؟ خلال العقدين الأخيرين زادت الهجرة الاقتصادية من أعداد المسلمين في إسبانيا خصوصا المغاربة بأرقام أعلى بكثير من تلك التي طردت في 1609م، وهم يعملون في وظائف متدنية كعمال في الزراعة والبناء، والنساء في الخدمة المنزلية، ولا يوجد صراع اجتماعي، إلا بشكل استثنائي مع أقلية مثل مجموعات النازيين الجدد. وحين زادت الأزمة الاقتصادية الراهنة نسبة البطالة في إسبانيا لتسجل 25 ٪ بشكل عام وأكثر من 50 ٪ بين الشباب، انخفضت نسبة وصول المغاربة، لكن لم تتوقف هجرات مواطني جنوب الصحراء الإفريقية. نحن في العالم العربي والإسلامي ندين بشدة ما فعلت وتفعل الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، ونعتبره خروجًا على قيم الإسلام، لكن ربط وسائل الإعلام الغربية هذه الأحداث بالإسلام، يجعلنا نتساءل: أليس ما فعله هؤلاء المتطرفون سبقهم إلى القيام به الملك فيليب ومحاكم التفتيش في حق الشعب الأندلسى، وكولومبوس في حق الهنود، ولم تنسب أعمالهم إلى المسيحية، التي هي دين سماوي يحمل مكارم الأخلاق؟ من الصعب الحكم على الماضي من خلال عيون الحاضر، لكن كان صحيحًا أن محاكم التفتيش التابعة للكنيسة الكاثوليكية والملكية الإسبانية اضطهدت غير الكاثوليك، واعتبرتهم "كفارًا" بين القرنين 15 و17م، وحاكمت أكثر من مائة ألف شخص على مدى 350 سنة، تعرض خلالها العديد منهم للتعذيب والحرق، وخيّرت اليهود والمسلمين بين النفي أو القتل إذا لم يتخلوا عن دينهم. إن أساس المشكلة هو التعصب والأصولية الدينية ودمج الدين مع السلطة السياسية، يمكن فهم قسوة الماضي بشكل أكثر على الرغم من عدم إمكانية تبريرها أبدًا لأن الإنسان وقتها كان أكثر بدائية، فالقسوة الحالية في مجتمع بشري أكثر تقدمًا، هي أمر غير مفهوم. برغم مرور خمسة قرون على سقوط الأندلس نجد تأثيرًا للثقافة العربية في اللغة الإسبانية التي لا تزال تضم في مفراداتها نحو 6 آلاف كلمة عربية الأصل، فهل هناك مؤثرات ثقافية أخرى تركها العرب في إسبانيا؟ التأثير لم يقتصر على اللغة فقط، ولكن أيضًا الطعام والعادات والثقافة الأندلسية مثل الإسقاط مع الفلامنكو الإسبانية باعتبارها صورة نمطية موجودة في الواقع اليومي بإسبانيا - خصوصا في الأندلس - هناك أيضا التراث المعماري الضخم: قصر الحمراء في غرناطة الأثر الأكثر زيارة في اسبانيا، ومسجد قرطبة، والخيرالدا. أثارت واقعة بيع مسجد قرطبة إلى الكنيسة القوطية الإسبانية مقابل 50 يورو غضبًا في العالم العربي والإسلامي، فكيف واجهت الحكومة الإسبانية هذه القضية؟ مسجد قرطبة يجب أن يكون تابعًا للتراث الإسباني وليس للكنيسة، الكنيسة الكاثوليكية تملك من القوة السياسية والنفوذ السياسي أكثر من أي بلد أوروبي آخر بسبب الامتيازات التي حصلت وحافظت عليها في كثير من الحالات، عبر التواطؤ مع الانقلاب العسكري غير الديمقراطي عام 1936م وديكتاتورية فرانكو، والكنيسة الكاثوليكية الإسبانية لا تمتلك فقط مسجد قرطبة، لكن مئات من المباني الدينية والمدنية بمجرد وضع اسمها في سجلات الملكية الرسمية. وكيف ترون الحل المعقول والممكن لقضية مدينتي سبتة ومليلية؟ مشكلة سبتة ومليلية هي الإرث الاستعماري وهو أمر غير مريح للمغرب، مثل احتفاظ بريطانيا بجبل طارق بالنسبة لإسبانيا، ومع مرور الوقت سيتضح ماذا يحدث، ومن الواضح أن هناك وجودًا متزايدًا من المسلمين الذين ينتمون إلى المغرب في كل المدن ومستوى معيشتهم ومن الأفضل أن تنتمي إلى إسبانيا.