أحمد أمين عرفات التين البرشومى، هو أحد المحاصيل المحبوبة فى المجتمع المصرى، ولسنوات طويلة ظل مزدهرا ويملأ مصر كلها من أول العريش وحتى السلوم ومن البحر الأبيض المتوسط والساحل الشمالى حتى أسوان، إلا أنه يعانى فى الفترة الأخيرة من الانكماش، لماذا حدث هذا؟ وما أسباب انكماشه؟ ولماذا اختفت بعض أنواعه؟ وهل اهتم المسئولون به بالحفاظ عليه من خلال وضعه فى بنك الجينات؟ وأسئلة كثيرة تخص هذه الفاكهة التى كرمها الله بذكرها فى كتابه المجيد، طرحناها على الدكتور عدلى فرحات الخطيب، أستاذ الفاكهة بمعهد بحوث البساتين فى هذا الحوار الذى بدأه قائلا: كان لك منطقة فى مصر التين المميز لها، ففى أسوان كان هناك تين أسوان وفى الجيزة التين الجيزاوى، والتين الفيومى فى الفيوم التى تعد أكبر منطقة لزراعته، والتين البرشومى فى محافظة القليوبية نظرا لنشأته فى قرية برشوم بها، وأنواع أخرى عديدة كانت تمتد على طول الساحل الشمالى، بجانب أصناف كثيرة دخلت مصر خصوصا الأصناف الإيطالية والتركية والإسبانية. هل حدث تهجين لهذه الأصناف من أجل الحصول على ثمار أفضل؟ التهجين فى التين عملية صعبة جدا، لذلك لجأنا إلى الحصول على الأصناف الجيدة فيه من بلد المنشأ والملائمة لمناخنا وقمنا بزراعتها وقد حققت بالفعل نجاحا كبيرا، خصوصا القادمة من إيطاليا، وإسبانيا وتركيا. هل اتجاهنا للاستيراد، يعنى أن إنتاجنا غير كاف؟ إنتاجنا غير كاف بالنسبة للتصنيع كالمربى، لكنه يكفينا إذا كان فقط للاستهلاك الطازج. وعادة يزيد استيرادنا منه قبل شهر رمضان، خصوصا من الشام وتركيا واليونان وبكميات كبيرة حتى تكفى المشروبات المعدة قبل الإفطار فى شهر الصوم. ألا توجد لدينا أصناف نقوم بتصديرها؟ ليس لدينا تصدير، لأن الكمية المزروعة فى مصر ليست مستقرة، فهى تعانى كثيرا من انكماش وتمدد يتراوح ما بين 45 إلى 70 ألف فدان. وما أسباب انكماشه؟ فقدان المساحة الكبيرة التى كان يزرع بها فى الساحل الشمالى ومطروح بسبب القرى السياحية التى أقيمت بها، حيث زرعت أعمدة الخرسان مكان شجر التين، لكن فى الفترة الأخيرة استطاع المزارع البدوى أن ينقل زراعته إلى جنوب المنطقة، لتزيد مساحة زراعته مرة أخرى، خصوصا أن التين يعتبره البدو المحصول الرئيسى الذى يعتمدون عليه فى حياتهم، فهو محصول اجتماعى بالنسبة لهم، لدرجة أنهم يزوجون أبناءهم فى موسمه، وكثيرا ما يخاطب الرجل ابنته بقوله «لما نبيع محصول التين أجيب الشوار بتاعك «. هل هناك أصناف مصرية انقرضت؟ هناك أصناف انقرضت لعدم إقبال الناس عليها، مثل بعض الأنواع التى كانت تزرع فى أسوان وتتميز بصغر حجمها، فالتينة فى حجم الزيتونة برغم أن المادة السكرية عالية جدا، ولكن المزارع أصبح يفضل الثمرة الكبيرة، لذلك أهمل زراعتها فانقرضت، ولكن فى نفس الوقت هناك أصناف جديدة أضيفت، فمن سوريا وحدها جلبنا 12 صنفا تعد من أروع الأصناف فى سوريا، ولكن عندما زرعت فى مصر تغيرت ملامحها لاختلاف البيئة التى أثرت على شكل التينة ولونها والأمراض التى يمكن تصيبها. وماذا عن الأصناف المشهورة فى مصر ؟ لدينا 8 أصناف أهمها، البرشومى أو كما يلقبونه ب»السلطانى « والتين الجيزاوي، علاوة على الأصناف التركية والإسبانية والإيطالية. وهل هناك أصناف يتم الاحتفاظ بها فى بنك الجينات؟ عندما أنشئ بنك الجينات فى مصر طلب منا إحضار المحتوى الوراثى لأهم الأصناف المحلية، فأرسلنا لهم الصنف البرشومى «السلطانى» والجيزاوى، ونحاول أن ندخل البنك باقى الأصناف المحلية الأخرى، ولكن الأمر ليس سهلا ويحتاح إلى تكاليف باهظة للبحث عنها فى المناطق المختلفة فى مصر وفى حدائق كبار الملاك من أجل الوصول لصفات التين القديمة، ولذلك كنوع من الاقتصاد اكتفينا فقط بالبرشومى والجيزاوى . ألا يهدد ذلك تراثنا من هذا الفاكهة التى ذكرت فى القرآن؟ الناحية الوراثية العلمية، نعم هناك تهديد، لكن من الناحية الاقتصادية، نجد أن الأفضل هو الذى يسود فى الأسوق.