6 توجيهات فورية للأعلى للإعلام بشأن المحتوى المتعلق بأمراض الأورام    أحدهما ربح 80 مليار جنيه.. الرابحون والخاسرون من خفض المركزي سعر الفائدة 1% اليوم    40 ألف جنيه تخفيضًا بأسعار بستيون B70S الجديدة عند الشراء نقدًا.. التفاصيل    الإمارات تدين مقتل موظفين بالسفارة الإسرائيلية في واشنطن    عائلات الأسرى الإسرائيليين: وقف المفاوضات يسبب لنا ألما    صحيفة إسبانية: الأهلي على رأس 10 أندية تسعى لضم كريستيانو رونالدو    تعمل في الأهلي.. استبعاد حكم نهائي كأس مصر للسيدات    ترحيل المخرج عمر زهران إلى قسم الجيزة تمهيدًا للإفراج الشرطي عنه خلال ساعات    10 صور ترصد عرض "حكايات الشتا" على مسرح الغد    د.عصام الروبي يوضح معنى قول الله " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ "    الصحة: إنتاج أول جهاز موجات فوق صوتية محليًا يوليو 2025    بوتين: القوات المسلحة الروسية تعمل حاليًا على إنشاء منطقة عازلة مع أوكرانيا    د. فاديا كيوان: منظمة المرأة العربية تعمل بشكل محترف لخدمة الدول الأعضاء    صندوق Nclude يستثمر 42.5 مليون دولار في 12 شركة    انتهت الحكاية.. لوكا مودريتش يعلن رحيله عن ريال مدريد    تفاصيل مران الزمالك اليوم استعدادًا للقاء بتروجت    «الأعلى للمعاهد العليا» يناقش التخصصات الأكاديمية المطلوبة    نماذج امتحانات الثانوية العامة خلال الأعوام السابقة.. بالإجابات    طلاب الصف الخامس بالقاهرة: امتحان الرياضيات في مستوى الطالب المتوسط    مهرجان روتردام للفيلم العربي يحتفي بالفيلم الوثائقي عاشقات السينما في دورته ال25    المجلس النرويجي للاجئين: إسرائيل تضرب بالقوانين والمواثيق الدولية عرض الحائط    المبعوث الأمريكى يتوجه لروما غدا لعقد جولة خامسة من المحادثات مع إيران    الهلال الأحمر الفلسطيني: شاحنات المساعدات على الحدود ولم تدخل غزة    الأعلى للإعلام يصدر توجيهات فورية خاصة بالمحتوى المتعلق بأمراض الأورام    وزارة البيئة تطلق فعاليات تشاركية في شرم الشيخ بمشاركة 150 فردا وحملة تنظيف كبرى برية وبحرية    وزير الرياضة: تطوير مراكز الشباب لتكون مراكز خدمة مجتمعية    السفير الألماني في القاهرة: مصر تتعامل بمسئولية مع التحديات المحيطة بها    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    أحمد سالم: رفض تظلم زيزو لا يعني تعسفًا.. وجماهير الزمالك نموذج في دعم الكيان    محافظ البحيرة تلتقي ب50 مواطنا في اللقاء الدوري لخدمة المواطنين لتلبية مطالبهم    تعرف على قناة عرض مسلسل «مملكة الحرير» ل كريم محمود عبدالعزيز    وزير الخارجية يؤكد أمام «الناتو» ضرورة توقف اسرائيل عن انتهاكاتها بحق المدنيين في غزة    استمرار حبس المتهمين بإطلاق أعيرة نارية تجاه مقهي في السلام    إحالة أوراق 3 متهمين بقتل بالقناطر للمفتي    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها وجهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية (تفاصيل)    محافظ أسوان يلتقى بوفد من هيئة التأمين الصحى الشامل    أدعية دخول الامتحان.. أفضل الأدعية لتسهيل الحفظ والفهم    الأمن يضبط 8 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر في المنوفية    «العالمية لتصنيع مهمات الحفر» تضيف تعاقدات جديدة ب215 مليون دولار خلال 2024    أسرار متحف محمد عبد الوهاب محمود عرفات: مقتنيات نادرة تكشف شخصية موسيقار الأجيال    أسعار الفضة اليوم الخميس 22 مايو| ارتفاع طفيف- كم يسجل عيار 900؟    وفاة شقيق المستشار عدلى منصور وتشييع الجنازة من مسجد الشرطة بأكتوبر اليوم    الأزهر للفتوى يوضح أحكام المرأة في الحج    ضبط 9 آلاف قطعة شيكولاته ولوليتا مجهولة المصدر بالأقصر    كرة يد - إنجاز تاريخي.. سيدات الأهلي إلى نهائي كأس الكؤوس للمرة الأولى    "سائق بوشكاش ووفاة والده".. حكاية أنجي بوستيكوجلو مدرب توتنهام    أمين الفتوى: هذا سبب زيادة حدوث الزلازل    «الداخلية»: ضبط 46399 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    كامل الوزير: نستهدف وصول صادرات مصر الصناعية إلى 118 مليار دولار خلال 2030    عاجل.. غياب عبد الله السعيد عن الزمالك في نهائي كأس مصر يثير الجدل    الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية تستضيف اجتماعات مجلس الكنائس العالمي في أثينا    وزير الداخلية الفرنسي يأمر بتعزيز المراقبة الأمنية في المواقع المرتبطة باليهود بالبلاد    الكشف عن اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الزراعة : تعزيز الاستقرار الوبائي في المحافظات وتحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ 2025    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذهب الأبيض يعيش أيامه السوداء..القطن الثروة التى تآمر عليها وزراء الزراعة ومافيا الاستيراد
نشر في الأهرام العربي يوم 26 - 08 - 2014

أحمد أمين عرفات
يا معجبانى يا أبيض يا معجبانى.. يا قطن يا للى مبيض وش الغيطانى
يا معجبانى يا أبيض يسعد صباحك.. يا قطن يا للى مبيض وش فلاحك
وبعوده الأيام يا حبايب فى سلام
هكذا تغني به شاعرنا الراحل صلاح جاهين، ولم لا وقد كان يوما ما من أفضل المحاصيل في العالم ، وبلغ من الشهرة ما جعله يحمل لقب "الذهب الأبيض" أنه القطن خصوصا طويل التيلة، الذي لم يكن مجرد محصول، ولكنه كان ثروة قومية أسهم في اقتصادنا وأقيمت من أجله المصانع، ولكنه فجأة أصيب بالسكتة القلبية، فلا إنتاجية حقيقية ولا جودة، في الوقت الذي غزت فيه الأسواق الأقطان المستوردة، كل ذلك لماذا حدث؟ ومن المسئول؟ ولمصلحة من؟ وهل يمكن أن يعود القطن المصري لسابق عهده ويعود معه لقبه "الذهب الأبيض" لا ليبيض وش فلاحه كما قال جاهين، ولكن ليبيض وش مصر كلها، خصوصا ونحن على أعتاب مرحلة جديدة؟ وأسئلة أخرى كثيرة حاولنا الإجابة عنها فكان هذا التحقيق:
في البداية يقول د. على سعيد محمد شريف رئيس قسم المحاصيل قسم الزارعة جامعة المنصورة: القطن لم يأخذ نصيبه من البحث فى مراكز البحوث العلمية مثل غيره من المحاصيل كالقمح والأرز وغيرهما، ويرجع السبب في ذلك لوزراء الزراعة السابقين فقد أهملوه بحثيا ولم يعطوه اهتمامهم، وكانت عيونهم فقط على الربح التجاري السريع، خصوصا أننا لدينا مشكلة كبيرة وهي أن القطن وتحديدا طويل التيلة تتم زراعته صيفا فى الدلتا وقبلى، حيث ارتفاع الحرارة والرطوبة مع المياه الجوفية والملوحة، كل ذلك يتسبب في مشاكل للنبات مثل انتشار الأمراض والعنبكوت ونتيجة زيادة المياة الجوفية لا تكتمل عملية تفتح الأزهار فتصاب بالديدان، لذلك كان لابد من الاهتمام بالبحث العلمي للوصول إلى طرق حديثة لاستنباط أصناف تتحمل الجفاف والملوحة بما يمكنا من التوسع فى زراعة مثل هذه المحاصيل وبطرق رى حديثة .كما أن زحف العمران على الأراضى الزراعية أدي إلى تقليصها، بجاب ذلك فإن المزارع نفسه لم يجد في زراعة القطن الدخل الذي يعينه على الحياة، فأهمل زراعته واتجه لزراعة المحاصيل التي تدر عليه دخلا أكبر مثل الأرز، وساعده في ذلك تغاضى الدولة عما كان يعرف بالدورة الزراعية فى زراعة القطن، حيث كانت تجبر المزراعين على زراعة مساحات معينة بالقطن، فلما أهملت ذلك وأعطت الحرية للمزارع اتجه لزراعة المحاصيل التي تدر عليه دخلا أكبر وتخدم مصالحه الشخصية.
قرار سياسي
وحول المطلوب لعودة القطن لسابق عهده واصل د. سعيد قائلا: لابد من البحث عن طرق حديثة للري وكذلك أراض حديثة للاستصلاح، علاوة على تبني الدول لسياسة تشجع على زراعته، أى لابد من جود قرار سياسي يتخذه الرئيس ويعمل على تنفيذه وزير زراعة قوى الشخصية، يعطي كل جهده لحل مشاكل المزارعين في كل المحافظات، حتى يصل بنا لصنف قطن طويل التيلة ذات جودة وإنتاجية عالية، خصوصا أن وجود تقصير في إنتاجيته دفع بعض الدول لعمل هيكلة لماكينات الغزل لديها بحيث تتماشى فقط مع القطن متوسط وقصير التيلة.
وعما إذا كان للتعاون بين إسرائيل وإثيوبيا في زارعة القطن دوره في ضياع سمعة القطن المصري قال: نحن نحارب برا وجوا و بحرا فى كل المجالات زراعة أو اقتصاداً أو غيره، واليهود يهمهم إضعاف مصر حتى يسهل السيطرة عليها، وما حدث للقطن هو مؤامرة بدأت مع الانفتاح، والتوسع في زراعة الفراولة والموز وغيرهما من المحاصيل التي جعلتنا نتخلى شيئا فشيئا عن القطن.
ويختلف د. سعيد مع من يقولون إن إنتاجية مصر وصلت ل 7 قناطير فقط للفدان مؤكدا أنها تترواح ما بين 11 و14 قنطارا، ولكنه جودته ليست على ما يرام ولو تم التركيز على الأصناف فائقة الطول مثل جيزة 45 الذي يزرع في مصر منذ 40 عاما سيعود له بريقه وتعود كلمة الذهب الأبيض من جديد.
رعاية خاصة
ويضيف الدكتور محمد عبد الرحمن الوكيل أستاذ أمراض النبات المتفرغ بكلية الزراعة جامعة المنصورة، قائلا: السوق العالمية أسهمت في إغراء مصانعنا باستيراد الأقطان قصيرة التيلة لما تتميز به من أسعار رخيصة جدا، وهو ما أثر بالسلب على القطن طويل التيلة فقل إنتاجه، علاوة على أن هذا النوع من القطن يحتاج إلى رعاية خاصة فى عملية جمعه، ويحتاج لعمالة كثيفة في الوقت الذي نعاني من وجود مشكلة في هذه العمالة، أضف إلي ذلك مافيا القطن فهي في مصر كمافيا الحبوب بالضبط، والتي استفحلت بعد أن رفعت الدولة يدها عن القطن ودعمها له من خلال صندوق دعم القطن، حيث كانت تعطي تسهيلات كثيرة للمزارعين لتحفيزهم على زراعته، وهو ما يحدث في دول كثيرة مثل أمريكا، حيث تدعم محاصيلها الإستراتيجية للحفاظ على سمعتها، والمشكلة الأكبر أن المزارعين برغم تخلي الدول عنهم إذا غامروا وزرعوه لايجدون من يشترونه منهم، مما يعرضه للتلف، كل ذلك دفع الفلاح دفعا لهجر زراعته واستبدالها بالفاكهة مثل العنب وغيره من الفاكهة التي يحصل على عائدها بسرعة.
ويأسف د. الوكيل على الحالة التي وصل إليها القطن، مشيرا إلى أن المناخ لدينا يسمح بزراعة جميع أنواع الأقطان، خصوصا قصير التيلة في الوجه القبلى، وطويل التيلة في الوجه البحرى، ولكن أهمل الوزراء السابقون هذا المحصول الإستراتيجي، لكي تنعم المافيا بمكاسبها من استيراد الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة واحتكارها، وإعطاء تسهيلات ائتمانية لمستوردي القطن لإغراق بلدنا به، كان السبب في حدوث هذه الكارثة، وعدم قدرة مزارعينا على بيع إنتاجهم، خصوصا أن سوء تخزين بذرة القطن طويل التيلة يصيبه بالتسوس والأمراض.
وعن كيفية الوصول بالقطن لأن يصبح مرة أخرى الذهب الأبيض قال: لابد أن تكون هناك ثورة علمية لرفع الإنتاجية، سواء بالتوسع الرأسي في الزراعة نظرا لمحدودية الأراضى الزراعية، والابتعاد عن طرق الري العقيمة، واستبدال العمالة اليدوية بالميكنة، واستخدام التكنولوجيا العالية في الإنتاج للوصول إلى أصناف قوية تقاوم الأمراض وغيرها من الظروف البيئية مثل ملوحة الأرض، علاوة على الإنتاجية العالية التي نصل إليها كذلك بالزراعة في المساحات الكبيرة في الصحراء، فالدلتا لم تعد مجدية، والأمل الحقيقي في الأراضي الزراعية الحديثة التي تتم إدارتها من خلال شركات عملاقة، مع عودة الدورة الزراعية مرة أخرى والقوانين التي تدعم زراعة القطن، ولو حدث ذلك فسوف نحقق نجاحا عظيما ونصل بالفعل إلى مصاف الدول المتقدمة.
عوامل عديدة
ومن جانبه يقول الدكتور فوزى فتحي سعد، أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة القاهرة: هناك عوامل عديدة تحكم الإنتاج الزراعى مثل المساحة الزراعية، والناحية الاقتصادية للمحصول الذي تتم زراعته، بجانب دور البحث العلمي فيه، ولكي يعود القطن لسابق عهده فلابد من زيادة المساحة الزراعية له، والتأكد من جدوى زراعته بيعا وشراء وصناعة، فهذا يجعله أفضل من محاصيل أخرى عديدة، وتزيد أهميته مع عمل البحث العلمي عليه، كأن نصل لأصناف محاصيل شتوية تنضج مبكرا، مثل القمح، مما يعطي لنا وقتا أطول لزراعة القطن، وبالتالي مع زيادة الرقعة الزراعية له تزيد معه فترات زراعته، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجيته بشكل كبير، أما فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، فلابد من رفع أسعار بيع القطن حتي يكون في ذلك تحفيز للمزارع على زراعته فالمزارع ما هو إلا مؤسسة اقتصادية تتحرك على الأرض، ويحسب كل شيء بدقه قبل زراعته لأي محصول، فإذا وجد مصلحته في زراعة البرسيم أو القمح سيهمل زراعة القطن، وهو ما حدث بالفعل.
مجرد خطوة
وعن دور البحث العلمي تجاه القطن قالت د. ابتسام حسين على أستاذ الوراثة بكلية الزراعة جامعة القاهرة: هناك أبحاث قمنا بها عن جينوم القطن، استخدمنا فيها تقنيات الهندسة الوراثية لتحديد المادة الوراثية للقطن، واستطعنا بالفعل تحديد بعض صفاتها، وبالشكل الذي يمكنا من عمل انتخاب للصفات المهمة والمميزة، بما يمكننا من الوصول لأصناف قوية تتميز بالتزهير المبكر، والإنتاجية العالية، ولكن ما قمنا به مجرد خطوة على طريق طويل ومازلنا نواصل البحث، خصوصا على القطن طويل التيلة وخصوصا جيزة 45 الذي يكاد ينقرض برغم أنه ظل لسنوات طويلة أجود الأنواع، وأملنا أن نعيد القطن لأفضل من صورته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.