حوار إيمان عمر الفاروق دخلت مبنى جهاز حماية المستهلك، وأنا أشفق على المواطن الغلبان، وخرجت وأنا أترحم عليه، فرياح الحوار مع سيادة اللواء عاطف يعقوب، رئيس الجهاز، كانت تسير باتجاه تحميل المواطن عبء حماية ذاته بتطوير سلوكه الاستهلاكى وهو خطاب وإن يكن لا يخلو من وجاهة، إلا أنه يتماشى مع أعضاء نوادى روتارى المعادي، التى كان سيادته مشرفا عليها وليس مع من يبحثون عما يسد الرمق مؤقتا، حتى لو كان مغموسا بموت مؤجل، فنظرة سريعة للتقرير السنوى لإدارة التحريات ومراقبة الأسواق، تكشف بجلاء أن الجهاز يعيش خلف حائط زجاجى، فأقصى مخالفات تم تحريرها بالعام الماضى تتراوح ما بين ضبط بضائع منتهية الصلاحية، وأخرى بدون ترخيص وتحرير محاضر اشتراطات النظافة الصحية ويلاحظ أن أغلبها كان بناء على شكاوى من المواطنين عبر الخط الساخن وليس تحركا ذاتيا من الجهاز، ناهيك عن عدم وجود أى ذكر على الإطلاق لمصانع اللانشون والمخلل المخلوط بالورنيش، فمثل تلك الأمور فى تقدير سيادته سوف تستمر طالما أن ثنائية الخير والشر دائمة ليوم القيامة والكرة بملعب المحليات. وكانت لنا معه تلك المواجهة. ■ هل منح مشروع القانون الجديد لحماية المستهلك وضعا مستقلا للجهاز بعيدا عن الحكومة؟ لا .. لا يزال الجهاز تابعا لوزارة التجارة وهو ما يعد مفارقة، فليس من المنطق أو العدل أن نكون الخصم والحكم! فأنا أدعو الناس أن ترفع دعاوى قضائية ضد وزارة الكهرباء لعدم التزامها باللائحة التنفيذية لجهاز تنظيم الكهرباء والتى تنص على ضرورة الإخطار عن قطع التيار الكهربائى قبلها ب48 ساعة، ووزير التموين قال لي: "أتمنى أن يقدم الناس شكاوى ضدى لجهازكم" فكيف يستقيم ذلك مع وضع التبعية؟ وإن كانت للجهاز استقلالية فيما يتعلق بقرارات مجلس الإدارة، حيث تعتبر نافذة بمجرد صدورها، وعندما تقرر الدولة منح الجهاز استقلاليته تكون قد وضعت يدها على كلمة السر لحماية المستهلك. ■ وماذا بشأن الأسعار هل لديكم سلطة تحديد تسعيرة جبرية؟ طالبنا بوضع سعر عادل فى القانون الجديد، ففى حال صدوره يجب أن ينظر لما يسمى بهامش الربح نظرة جادة، لكن لا ظهير فى القانون لفرض تسعيرة جبرية وإن كنا نتمنى ألا تترك السلع الأساسية المهمة لمحدودى الدخل لآليات العرض والطلب. ■ لكن سيادتك تتكلم بالأمنيات وما يجب أن يكون، لكن ما هو كائن شيء آخر؟ نحن نحاول تعظيم القوة المضادة وهى قوة الطلب والسلوك الاستهلاكى الترشيدي، فإذا ما قاطع المستهلك السلع التى يرفع أصحابها أسعارها سيضطر التاجر حتما لخفض سعرها خوفا من فسادها، لكن بالطبع أكرر أن هناك سلعاً يجب ألا تترك لآليات العرض والطلب مثل ألبان الأطفال حتى لا نخسر جيلا يعانى أمراضاً تكبد الدولة أموالا فيما بعد. ■ هل تعتقد أن القوانين كافية لضمان حماية المستهلك خصوصا أنه غالبا لا يتم تفعيلها؟ نحن لدينا سلطة الضبط القضائى ونعمل بالتوازى مع إجراءات أخري. ■ يعانى كثير من المستهلكين بسبب عدم إلزامية الحصول على فاتورة مما يؤدى إلى ضياع حقوقهم، كيف يعالج الجهاز هذا الأمر؟ أضاف القانون الجديد نقطة غاية فى الأهمية تتمثل فى إلزامية تقديم الفاتورة حتى لو لم يطلبها المشتري، على خلاف القانون الحالى والأهم أن يكون السعر المعلن سعرا شاملا، فأحيانا عندما نطالب البائع بفاتورة نفاجأ بإضافة 10% ضريبة مبيعات، فنرفض الحصول عليها ومن ثم لا أستطيع إثبات حقى إذا ما اكتشفت أنها غير صالحة للاستخدام. ■ لديكم خط ساخن لتلقى الشكاوى.. ما الخطوات التى تتبنوها حيال القضايا التى يتم الإبلاغ عنها؟ فى البداية يتم استدعاء المنتج فإذا أنكر وادعى أنه سوء استخدام نذهب لهيئة المواصفات والجودة أو الرقابة الصناعية لتحديد مدى صحة كلامه، فإذا ما أكدت إحدى تلك الجهات أن المنتج به عيب صناعة، نحيل الأمر لمجلس الإدارة وقد يأخذ قراراً برد المبلغ أو استبدال السلعة أو إصلاحها. ■ وما السلع التى تتصدر قائمة الشكاوي؟ السلع المعمرة كالأجهزة المنزلية والسيارات. ■ هل يعد ذلك مؤشرا على تفاعل الطبقات الغنية فقط معكم؟ بالطبع لا، وقد بدأنا الآن النزول للشارع ونخطط لإنشاء فروع على مستوى الجمهورية، لكن الناس تريد عصا سحرية. ■ كم تبلغ ميزانية الجهاز؟ 13 مليون جنيه. ■ وهل هذا المبلغ كافِ؟ متدنى للغاية. ■ ربما يكون ذلك أحد أسباب ضعف أداء الجهاز؟ لا يوجد ضعف فى أدائنا وهناك خطة انتشار أفقى وأخرى رأسي. ■ لا يوجد ضعف فى الأداء بدليل كوارث الأسواق الشعبية، فما الإجراءات التى اتخذها الجهاز لمواجهة مخالفات مصانع اللانشون مثلا؟ ليس لدى وقائع محددة وعامة ما لم يتم إنشاء هيئة سلامة الغذاء فى مصر لن تختفى مصانع بير السلم التى أطلق عليها المشروم. ■ ألا يوجد تعاون بينكم وبين وزارة الصحة؟ لدينا لجنة عليا للرقابة على الأسواق تضم رئيس هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، رئيس مصلحة الجمارك، رئيس مباحث التموين، مساعد وزير الصحة للأدوية، وكيل وزارة الصحة للأغذية، رئيس جهاز حماية المنافسة، ورئيس هيئة المواصفات والجودة. ■ كل هذه الجهات لا تستطيع السيطرة على التلاعب والمتاجرة بصحة المواطن؟ لدينا آفة الباعة الجائلين والأمن لم يسترد عافيته بعد، ومن يدعى القدرة على الضبط فهو كاذب وقد طالبنا وزارة التربية والتعليم بإدخال مفاهيم حماية المستهلك ضمن المناهج فلا بد من تغيير سلوك الناس. ■ أنت بذلك تحمل المستهلك المسئولية؟ لا بد أن يدرك المستهلك أن سلوكه بالضغط على التاجر سوف يعود عليه بالنفع وتخفيض السعر، وإلغاء وحدة القرش كان كارثة حيث أصبحت وحدة تحريك الأسعار بالجنيه. ■ أعود مرة أخرى لمصانع الأغذية المخالفة .. ما عقوبتها؟ مصانع الأغذية التى تعمل بدون ترخيص لو ثبت أن منتجاتها تعرض حياة المواطن للخطر تكون عقوبتها الحبس، وذلك وفقا لقانون الغش الغذائى وممارسة العمل بدون ترخيص. ■ استخدام مخلفات المستشفيات فى صناعة لعب الأطفال التى تباع على الرصيف قضية خطيرة ألم تتصدوا لها؟ هذه جناية، وكنت مسئولا عن أكبر قضية استخدام مخلفات المستشفيات الطبية فى تاريخ مصر عام 2010، وتم الحكم فيها ب17 سنة سجن على المتهم. ■ ولكن هذا المسلسل لا يزال مستمرا ولا يقتصر الأمر على لعب الأطفال بل الأخطر أنه يشمل حفاضات الأطفال والمناديل الورقية، فهل أنت متابع له؟ الخير والشر موجودان منذ الأزل وتجارة المخدرات مثلا لم تنته بالقانون. ■ ولكن هذا ليس مبرراً مقبولاً لقصور الدور الرقابي؟ لا بد أن توجد جرائم طالما أن هناك خيراً وشراً، وأحيانا يصعب تطبيق القانون لصعوبة الوصول للجانى أو هروبه أو لضعف الأجهزة الرقابية، ومنذ حوالى شهرين ضبطنا بالإسكندرية لعب أطفال من إعادة تدوير البلاستيك، لكننا لم نستطع تحديد مصدرها هل المستشفيات أم القمامة، ومفتاح تلك المأساة بيد المحليات. ■ الناس لا تشعر بدور الجهاز فحجم المخالفات بالشارع أكبر بكثير من المضبوط لديكم؟ إننا نحارب لكى يكون الجهاز.. قويا ونحاول أن نحرك المجتمع المدنى فكان لدينا 19 جميعة لحماية المستهلك واليوم أصبح العدد42. ■ بمناسبة الجمعيات صرحت من قبل بأن دورها لمقاضاة المخالفين أقوى من الجهاز ما سر هذا التناقض؟ لأنه بإمكان تلك الجمعيات رفع قضايا بالذهاب للمحاكم مباشرة، أما نحن فلا بد من الذهاب لهيئة مفوضى الدولة أولا. ■ هل كان الجهاز بالفعل خاضعا لسيطرة رجال أعمال الحزب الوطني؟ رئاسة مجلس إدارته كانت من رجال الأعمال وإن كان العاملون به على أعلى مستوى من الكفاءة وقبل 25 يناير، كان أشبه بالجهاز التوافقى كالديكور أما اليوم فأنا أعمل بالقانون. ■ ألم يخلق ذلك نوعا من تضارب المصالح؟ لا نريد البكاء على اللبن المسكوب وعامة مجلس الإدارة اليوم يضم نائب رئيس مجلس الدولة وممثلين عن جهات رسمية. ■ انتشرت أخيرا ظاهرة الإعلانات المضللة عبر الفضائيات ما آلية حماية المستهلك منها؟ تم إنشاء مرصد إعلامى بالجهاز وأحلنا المسئولين عن قناتى بانورما فيلم، وكايرو دراما، و6 شركات تسوق عبر الهاتف للنيابة العامة وربما يتم إغلاقهما قريبا وذلك لإعلانهما عن منشطات وكريمات تجميل وأدوات تخسيس وأدوية علاج سكر مجهولة المصدر وغير مصرح بتداولها مثل كريم بادى إيليت جبان، بيتون، زيت ثرى شيك،كريم كول جيل، فياجرا جيل، زيت صن برست.