الطيب الصادق هدير صلاح طالب المهندس أيمن الجندى مدير عام الاتحاد العربى لتنمية الموارد البشرية، الحكومة بالاهتمام بالتدريب واستغلال رأس المال البشرى لإنقاذ الاقتصاد ونهضته مرة أخرى، ولزيادة معدلات الإنتاج من خلال وضع رؤية وإستراتيجية والتخطيط السليم لموارد الدولة، مشيرا إلى أن نسبة التدريب فى الوطن العربى تراجعت إلى 60% بسبب تداعيات ثورات الربيع العربى . وأكد الجندى فى حواره مع " الأهرام العربى "خطورة زيادة هجرة العقول العربية فى السنوات الثلاث الأخيرة، مشيرا إلى أن نحو 45 % من معامل أبحاث العالم يعمل بعقول عربية، وذلك بسبب الاهتمام برأس المال البشرى الذى نفقد الاهتمام به فى الوطن العربى ... وإلى نص الحوار بداية التنمية البشرية هى العامل الرئيسى فى الإنتاج.. فيكف ترى اهتمام الدول العربية بها حاليا؟ لا يوجد تحسن فى نسب التدريب فى الوطن العربى حاليا ولم نفاجأ برؤية لتطوير رأس المال البشرى، والأمر مغيب عن الفرد ونحتاج لمصالحة ومكاشفة من الحكومات لوضع إستراتيجية لتطوير الاستثمار فى رأس المال البشرى، الذى يعد المعبر الوحيد للاقتصاد القوى والمجتمع الراقى فلابد من الاهتمام بالتعليم والتدريب والصحة كما يجب على الحكومة أن تنفق على الفرد حتى يتكون لديه من المعارف والخبرات التى تترجم إلى أرباح بأرقام ولذلك تراجعت نسبة التدريب إلى 60 % حاليا ونتمى الاهتمام بالتدريب لأنه المحرك الرئيسى لتطوير الفرد الذى يعد العامل الرئيسى فى منظومة العمل، والذى يؤدى إلى زيادة الإنتاج. لكن من الذى يقوم بدور تطوير مهارات الأفراد وتنميتها؟ دور الحكومات التدريب والتطوير والاهتمام بالفرد ولا يحتاج لمعجزات بقدر ما تكون هناك خطة للتطوير والتدريب المستمر للفرد وبدون الحلقات الثلاث التعليم والتدريب والصحة لا يكون هناك تقدم لأى دولة، ومع وجود منتج ردىء للتعليم لن نجد مؤسسات متقدمة أو مجتمعات راقية. الجهاز الإدارى للدولة معروف بالفساد والبيروقراطية فكيف يتم التغيير وإعادة الهيكلة؟ للأسف لا توجد رؤية أو إرادة حقيقية للتغيير والتطوير فى الوطن العربى والبيروقراطية ليس عيبا، لأنها التزام بقانون وخطوات، ولكن يتم وضع رؤية للتخطيط السليم ووضع رقابة قوية للتنفيذ، لأن ترزية القوانين موجودون فى كل نظام وما أسهل من سن القوانين لكن الصعوبة فى تطبيقها، وصعوبة الرقابة تهدر القوانين وتهدر قيمة الفرد وحقوقه وقيمة المؤسسة والدولة، لأن القانون سهل أن يصدر والصعوبة فى تطبيقه. مصر تراجعت بشكل كبير فى تقرير التنافسية العالمية الأخير فما الأسباب؟ وما تعليقك على ذلك؟ هذا التراجع جاء بسبب النتائج والتداعيات لأحداث 25 يناير 2011 وما بعدها، وتوقف جميع الأنشطة الاقتصادية، مما أدى إلى تراجع مصر نحو 50 مرتبة، ولدينا مشكلة كبيرة فى التنافسية بحيث لا توجد جودة فى الأساس، فمن يطبق معايير الجودة الشاملة أو غيرها ومصر خارج نطاق التنافسية سواء فى التجارة أم الزراعة أم الصناعة، وهى مأساة حقيقية، خصوصا أننا نجد مثلا تصنيف الدول الخليجية نفطية والسودان زراعية، لكن ما تصنيف مصر حاليا رغم الإمكانات والموارد المتاحة لديها ليضعها فى التصنيف؟ وكان من الممكن أن تكون مصر دولة تجارية لو تم استغلال قناة السويس وتنفيذ مشروعات استثمارية كما يمكن أن تصبح مصر دولة سياحية لو تم إدراك قيمة مصر من عوامل سياحية كما يمكن أن تكون دولة زراعية إذا تم استغلال الأراضى الزراعية . لكن ذكرت أن التعليم والصحة والتدريب مثلث النجاح.. كيف ذلك؟ لأنه لا يوجد تعليم ولا تدريب ولا صحة بدون الاهتمام بالفرد، وأن أى نشاط فى البلد قائم على الفرد، ولولا الاهتمام بالفرد لم نصل إلى إنتاج أو تقدم ولابد من الاهتمام بإدارة الموارد البشرية وليس تحويل إدارة شئون العاملين لإدارة الموارد البشرية كما يحدث حاليا فهو ليس دورها، لأن دور إدارة الموارد البشرية حسب التجارب الحديثة فى العالم والتى تطبقها أنظمة حكومية هى استغلال رأس المال البشرى وتوظيف الطاقات فى أماكنها الصحيحة ليعود على الإنتاج، لذلك أين توجد حرفية رأس المال البشرى فى الوطن العربى؟ وكم من المعارف والخبرات التى يحملها الفرد فى مؤسسته؟ فلابد من التدريب المتكرر وإدراك قيمة رأسمال البشرى لإنتاج نوع معين من الجودة، كما لابد أن يكون للمؤسسة رأسمال بشرى ورأس مال مادى والاهتمام يكون بالتوازى، لأن الفرد نصف رأس المال وفى بعض المؤسسات أكثر من النصف؟ من وجهة نظرك ما أفضل دولة عربية فى الاهتمام بالفرد وأسوأها؟ الاهتمام بالفرد يخلق دولا حديثة وهناك دول عربية جاءت فى تصنيف الأعلى 15 دولة فى العالم من حيث الدخل، حيث جاءت قطر الأولى والإمارات فى المرتبة السادسة ثم الكويت فى المرتبة 15، لأن دخل الفرد فى قطر يبلغ نحو 88 ألف دولار فى العام، والإمارات من الدول التى تقدر قيمة الفرد، وهى أول دولة عربية طبقت الحكومة الإلكترونية لتقديم الخدمات لمواطنيها وليشعر بقيمته وآدميته، والدولة هى الحريصة لتوفير جميع الخدمات، وهى تعكس قيمة الفرد فى المجتمع . لكن دول الخليج تنفق على الرأسمال البشرى من خلال العوائد النفطية الكبيرة؟ نعم، بدليل أن السعودية هى الدولة الأولى العربية فى الإنفاق على التدريب وهو مؤشر على اهتمام المملكة بقيمة الفرد مقارنة بالدول الأخرى، حيث نحتاج فى مصر لميزانيات للتدرب وتفعيل دور التدريب داخل المؤسسات وليس بشرط أن يكون بميزانيات ضخمة وتكلفة، كالدول الغربية الأوروبية، لكن لابد من تصليح منظومة التدريب . ما التحديات التى تواجهها التنمية البشرية فى مصر؟ لا توجد رؤية ولا تخطيط ولا إرادة للتغيير، فلابد من قناعة بعملية التدريب للفرد ورفع معدلاته المهارية، فما المانع من إلغاء المؤهل الدراسى بعد خمس سنوات لعدم التدريب فى المجال، وكثير من الدول تقوم بتدريب الفرد مرتين على الأقل فى العام الواحد وفى مصر يتم تخريج آلاف الطلاب بدون النظر لسوق العمل والمخرجات المطلوبة، كما أن المؤسسات القائمة على التدريب فى مصر لابد أن تخضع لكيان واحد وهيئة واحدة تنسق بينها، وتراقب دور المؤسسات فى عمليات التدريب من خلال هيئة واحدة، كما توجد فى السعودية هيئة التدريب التقنى والمهنى لأنه كيان يراقب جودتها ومنتجها فى التدريب والتنمية، فلابد من مظلة توحد السياسات التدريبية فى مصر . أين دور القطاع الخاص فى كل هذا؟ القطاع الخاص له مذهبان أولهما يعتقد أن الفرد ينتج ويكسب، فلماذا يقوم بدفع مصاريف عليه ولا يهتم بتدريبه والمذهب الثانى ينفق ويهتم بالفرد ويعتبره رأس ماله ويقوم بتنميته ويرسله للتدريب المستمر ليحصل على إنتاج أكثر؟ ما مقترحاتك للحكومة المقبلة للاهتمام بالتنمية البشرية والوصول للإنتاج؟ لابد من الحكومة أن تقوم بوضع رؤية وإستراتيجية للاهتمام بالفرد ولابد من الاهتمام بمثلث التدريب والتعليم والصحة لكى تخرج مصر من كبوتها الحالية وتتحول إلى الرقى، لأن المنتج التعليمى لم يصل إلى المستوى المطلوب، وهناك خلل كبير فى التعليم ولذلك يجب على الحكومة إعادة هيكلة المؤسسات لأن أغلب المؤسسات لم تتغير منذ الستينيات . ما دور الاتحاد فى كل ذلك؟ الاتحاد مؤسسة عربية وتم تأسيسه بدون دعم من أى دولة ويقدم خدماته لأكثر من 300 جهة عالمية، ويضع خطة تدريبية تشمل معظم القطاعات الإدارية ويعمل فى محورى التنمية الإدارية والبشرية لأنهما وجهان لرقى المؤسسات . كيف ترى هجرة العقول العربية إلى الخارج؟ المفارقة أن هناك نحو 45 % من معامل أبحاث العالم عقول عربية ولا يمكن أن ننكر أن هناك إبداعا عربىا وعقولا عربية ويتم استقطابها والاهتمام بها وتدريبها من خلال الدول، لذلك تتم هجرة العقول العربية للخارج لاحترام قيمة الفرد هناك، وهو ما نتمنى أن يحدث فى الوطن العربى الفترة الحالية.