اليوم، إجازة بالبنوك والبورصة بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    ترامب يبرم اتفاقا يلزم أوروبا بدفع ثمن معدات عسكرية لإرسالها إلى أوكرانيا    الصحة العالمية: جوع جماعي في غزة بسبب حصار إسرائيل المفروض على القطاع    حديثه عن حب النادي طلع مدهون بزبدة، هذا ما يخطط له أليو ديانج للرحيل عن الأهلي    نجاح فريق طبي بمستشفى الفيوم في إنقاذ مريض مصاب بتهتك وانفجار في المثانة بسبب طلق ناري    من «البيان الأول» إلى «الجمهورية الجديدة»| ثورة يوليو.. صانعة التاريخ ومُلهمة الأجيال    بينهم عمال غابات.. مصرع 10 أشخاص في حريق هائل بتركيا- صور    القوات الإيرانية تُحذر مدمرة أمريكية في خليج عمان.. والبنتاجون يعلق على التحذير    بمناسبة ثورة 23 يوليو.. اليوم الخميس إجازة مدفوعة الأجر    في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب.. «قاهرة ابن دانيال» زاوية مجهولة من «العاصمة»    رجال غيّروا وجه مصر.. ما تيسر من سيرة ثوار يوليو    ترامب: أمريكا ستقود العالم في الذكاء الاصطناعي    الخارجية الأمريكية: روبيو بحث مع الصفدي اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا    استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال في بلدة الخضر    رئيس محكمة النقض يستقبل وزير العدل الأسبق لتقديم التهنئة    علاء نبيل: احتراف اللاعبين في أوروبا استثمار حقيقي    رياضة ½ الليل| إقالة سريعة.. سقوط المصري.. السعيد فرحان بالزمالك.. وفحص الخطيب بباريس    منتخب 17 عامًا يفوز على العبور وديًا ب8 أهداف    إخماد حريق في محطة وقود بالساحلي غرب الإسكندرية| صور    الاكتتاب في سندات الخزانة العشرينية الأمريكية فوق المتوسط    مخرج «اليد السوداء»: نقدم حكاية عن المقاومة المصرية ضد الاحتلال    بأغنية «يا رب فرحني».. حكيم يفتتح صيف 2025    راغب علامة: مصر هوليوود الشرق.. وقبلة الفنان مش جريمة    وزير الزراعة: الرئيس السيسي مُهتم بصغار المزارعين    حسام موافي لطلاب الثانوية: الطب ليست كلية القمة فقط    بمستشفى سوهاج العام.. جراحة دقيقة لطفلة مصابة بكسر انفجاري بالعمود الفقري    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل سلطة التونة بالذرة    بعد أنباء أزمة عقده.. ديانج: «لم أكن أبدًا سببًا في أي مشكلة»    أليو ديانج يحكي ذكرياته عن نهائي القرن بين الأهلي والزمالك    محافظ قنا يطمئن على مصابي حادث سقوط مظلة تحت الإنشاء بموقف نجع حمادي.. ويؤكد: حالتهم مستقرة    نشرة التوك شو| توجيه رئاسي بشأن الطلاب محدودي الدخل.. وخالد أبوبكر يتعرض لوعكة صحية على الهواء    «الجبهة الوطنية» يكرّم طالب من أوائل الثانوية العامة بمؤتمر الجيزة ضمن مبادرة دعم المتفوقين    صاحب مغسلة غير مرخصة يعتدي على جاره بسبب ركن سيارة بالإسكندرية    إصابة شخصين في تصادم بين سيارة وتوكتوك بطريق التل الصغير بالإسماعيلية    إصابة شخصين في حادث انقلاب بطريق الإسماعيلية    بالأسماء.. إصابة ووفاة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بمحور ديروط فى أسيوط    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الخميس 24 يوليو 2025    ترامب: سنفرض رسومًا جمركية على معظم دول العالم ونعزز صفقات الطاقة مع آسيا    «الناصري» ينظم ندوة بالمنيا احتفالًا بذكرى 23 يوليو    موعد تنسيق الجامعات الأجنبية 2025 لطلاب الثانوية والشهادات المعادلة    «مبنحبش نتصادم».. كيف تحدث أحمد فهمي عن علاقته ب أميرة فراج قبل الانفصال؟    5 أبراج «فاهمين نفسهم كويس».. يعشقون التأمل ويبحثون عن الكمال    عبارات تهنئة مؤثرة ومميزة لطلاب الثانوية العامة 2025    السيد القصير يوجه 7 رسائل بمؤتمر الغربية: ندعم القيادة السياسية.. ومرشحينا معروفين مش نازلين بباراشوت    لو مجموعك أقل من 90%.. قائمة الكليات المتاحة ب تنسيق الثانوية العامة 2025    «محدش قالي شكرا حتى».. الصباحي يهاجم لجنة الحكام بعد اعتزاله    «أحمد فتوح بينهم».. جون إدوارد يسعى للإطاحة بثلاثي الزمالك (تفاصيل)    لا ترمِ قشر البطيخ.. قد يحميك من مرضين خطيرين وملئ بالفيتامينات والمعادن    اليوم، تعديلات جديدة في مواعيد تشغيل القطار الكهربائي بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    الأوراق المطلوبة للاشتراك في صندوق التكافل بنقابة الصحفيين    حماس تسلم ردها على مقترح وقف إطلاق النار بقطاع غزة إلى الوسطاء    5 معلومات عن المايسترو الراحل سامي نصير    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوهام التليفزيون تقود الشرق الأوسط للانفجار الكبير "الحلقة الثانية".. مستقبل ‬سوريا بين ‬صندوق ‬الانتخابات و‬صندوق ‬الذخيرة
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 03 - 2012

الخداع ‬الإستراتيجي ‬الذي ‬يحيط ‬بالملف ‬السوري ‬ليس ‬معصوما ‬من ‬الزلل .. ‬مثلا:‬ وقفت ‬السعودية ‬موقفا ‬مناهضا ‬علنيا ‬للثورة ‬المصرية ‬في ‬25 ‬يناير ،‬2011‬وكانت ‬ثورة ‬شعبية ‬بلا ‬قيادة ‬ضد ‬الظلم ‬الاجتماعي .. ‬سلمية ‬لم ‬يحمل ‬فيها ‬المصريون ‬أي ‬سلاح .. ‬وسقط ‬فيها ‬قتلى و‬جرحى ‬لا ‬يزال ‬القضاء ‬المصري ‬يتحقق ‬من ‬هوية ‬الجاني ‬في ‬قضيتهم، وقد ‬نأت ‬السعودية ‬بنفسها ‬عن ‬الحرب ‬الأهلية ‬التي ‬أفضت ‬لسقوط ‬النظام ‬في ‬ليبيا .. ‬بل ‬إنها ‬كانت ‬جزءا ‬من ‬خطة ‬الانتقال ‬السلس ‬للسلطة ‬في ‬اليمن .. ‬فلماذا ‬يطالب ‬وزير ‬الخارجية ‬السعودي ‬بتسليح( ‬الشعب ‬السوري)‬ اليوم ‬لإسقاط ‬النظام ‬السياسي ‬في ‬سوريا؟..‬ و‬لماذا ‬لا ‬تتبنى ‬السعودية ‬موقف ‬قطر ‬الداعي ‬لتسليح "‬المعارضة" ‬فقط ‬في ‬سوريا .. ‬و‬طبعا ‬هناك ‬فارق ‬بين ‬تسليح ‬المعارضة و‬تسليح ‬الشعب .. ‬الموقف ‬السعودي ‬هنا ؟‬
و ‬للمفاجأة- ‬هو ‬موقف ‬كاشف ‬لكثير ‬من ‬الجوانب ‬الخفية ‬في ‬الخداع ‬الذي ‬يحيط ‬بملف ‬الأزمة ‬السورية !!‬ من ‬أول ‬السطر:‬ رجال ‬المعارضة ‬جزء ‬لا ‬يتجزأ ‬من ‬الدولة ‬الحديثة ‬في ‬كل ‬أرجاء ‬العالم .. ‬هم ‬في ‬النهاية ‬رجال ‬دولة‬، و‬لا ‬يعني ‬مجرد ‬وجودهم أن ‬النظام ‬السياسي ‬الذي ‬يعملون ‬في ‬سياقه ‬نظام ‬فاسد .. ‬و‬إلا ‬فما ‬الذي ‬تقوم ‬به ‬المعارضة ‬في ‬بريطانيا ‬أو ‬فرنسا ‬أو ‬حتى ‬في ‬الكونجرس ‬الأمريكي .. ‬ لكن ‬هناك ‬شيئاً ‬غريباً و‬مثيراً ‬في ‬المعارضة ‬السورية .. ‬هذه ‬المعارضة ‬ليست ‬موحدة و‬هو ‬أمر ‬لا ‬يعيبها ‬إذ ‬ليس ‬من ‬المنطقي أن ‬تكون ‬المعارضة ‬شمولية ‬الطابع .. ‬و‬من ‬يقوم ‬بمعارضة ‬أي ‬نظام ‬سياسي ‬لابد و‬أن ‬يتقبل أن ‬يكون ‬هناك ‬من ‬يعارضه ‬من ‬داخله .. ‬لكن ‬الحقيقة ‬التي ‬لا ‬تقبل ‬الإنكار ‬أنها (‬معارضة ‬غير ‬منتخبة (.. ‬وإلى ‬أن ‬تتمكن ‬المعارضة ‬من ‬ذلك ‬علينا ‬مؤقتا أن ‬نسأل :‬هل ‬هناك ‬وسيلة ‬من ‬شأنها ‬أن ‬تجزم ‬بأن ‬هذه ‬المعارضة ‬التي ‬نراها ‬على ‬شاشات ‬التليفزيون ‬تمثل ‬كل ‬أطياف ‬المجتمع ‬السوري‬؟.. ‬ هل ‬هي ‬كل?‬ و‬أكرر ‬كل - ‬الشعب ‬السوري .. ‬هل ‬تملك ‬التفويض ‬اللازم ‬لكي ‬تتحدث ‬باسم ‬الجماهير و‬تقول » ‬الشعب ‬يريد» .. ‬إن ‬سوريا ‬اليوم ‬قوامها ‬24 ‬مليون ‬مواطن و‬فيها ‬العديد ‬من ‬الأطياف ‬الاجتماعية و‬الثقافية ‬فهل ‬المعارضة ‬التي ‬نراها ‬في ‬صندوق ‬التليفزيون ‬تمثل» ‬الرأي ‬الآخر«‬ في ‬كل ‬هذه ‬الأطياف .. ‬هل ‬الشعب ‬السوري ‬كله ‬معارضة ‬؟..‬المنطق ‬يفرض أن ‬الإجابة ‬عن ‬هذه ‬الأسئلة ‬تحتاج ‬إلى ‬صندوق ‬انتخابات ‬شفاف و‬نزيه ..‬ لكن ‬فيما ‬يبدو أن ‬لدى ‬تحالف ‬الملكيات ‬العربية و‬الغرب و‬أمريكا ‬بديل ‬ديمقراطي ‬آخر ‬لصندوق ‬الانتخابات .. ‬اسمه: ‬ صندوق ‬الذخيرة !!‬ من ‬بين ‬السطور: ‬الحقيقة ‬التي ‬لا ‬يمكن ‬الجدال ‬فيها:‬ الشعب ‬السوري ‬شعب ‬عنيد و‬صعب ‬المراس .. ‬و‬تاريخه ‬يشهد ‬بصلابته و‬ببأسه ‬الشديد ‬عند ‬الازمات .. ‬و‬الحكومة و‬المعارضة ‬في ‬سوريا ‬ليست ‬استثناء ‬من ‬هذه ‬القاعدة ‬فكلا ‬الطرفين ‬سوري ‬، ‬قوام ‬الدولة ‬في ‬سوريا ‬بالمحصلة ‬الأخيرة ‬هو ‬انعكاس ‬واضح ‬لهذه ‬السمات ‬التي ‬تميز ‬الشخصية ‬الوطنية ‬السورية .. ‬لكن ‬الشاشات ‬الفضائية ‬تريد ‬أن ‬تزيف ‬جانبا ‬مهما ‬في ‬صورة ‬الهوية ‬الوطنية ‬السورية .. ‬تمهيدا ‬للقضاء ‬عليها و‬محوها ‬من ‬ذاكرة ‬التاريخ ‬، ‬فهي ? ‬مثلا - ‬تصطنع ‬شعبا ‬وديعا ‬سلسا ‬مرنا ‬ضعيفا ‬يواجه ‬نظاما ‬صلبا ‬متعنتا ‬عنيدا ‬قمعيا .. ‬إنها ‬تنفي ‬الصلابة و‬شدة ‬البأس ‬عن ‬جانب ‬مهم ‬من ‬السوريين و‬تختص ‬به ‬النظام ‬السياسي .. ‬و ‬هي ‬تروي ‬في ‬كل ‬ساعة ‬قصة ‬فيها) ‬الطيب(‬ هو ‬المعارض ‬الذي ‬يحمل ‬السلاح ‬في ‬وجه ‬الدولة) ‬للدفاع(‬ عن ‬نفسه ..‬بمقابل (الشرير(‬ الذي ‬يدير ‬السلطة ‬من ‬خلال ) ‬الهجوم(‬ بالآليات و‬الدبابات ‬ضد ‬المدنيين ‬العزل ‬من ‬السلاح (!!).. ‬ عندما ‬يتصل ‬الأمر) ‬بالمعارضة( ‬تتم ‬الإشارة) ‬لكامل ‬الشعب (‬السوري .. ‬و ‬عندما ‬يتصل ‬الأمر ‬برد ‬فعل )‬الدولة(‬ تكون ‬كل ‬القوى ‬الصلبة ‬هي )‬كتائب ‬الأسد(.. ‬ المعادلة ‬هنا :‬إن ‬الشعب ‬كله ‬يصطف ‬في ‬وجه ‬الرئيس ‬بشار ‬الأسد ‬، ‬وبعبارة ‬أخرى : ‬هناك ‬24 ‬مليون ‬مواطن ‬بمواجهة ‬مواطن ‬واحد .. ‬و ‬بالتالي ‬لا وجود ‬لمؤيدين ‬للرئيس ‬السوري و‬لا ‬وجود ‬لإرادات ‬أخرى ‬غير ‬إرادة ‬إسقاط ‬شخص ‬الرئيس ‬السوري !!‬ السؤال ‬الذي ‬لا ‬يريد ‬أحد ‬أن ‬يطرحه :‬الإستراتيجية ‬الإعلامية ‬التي ‬تتبناها ‬القوى ‬الخارجية ‬التي ‬تريد ‬إسقاط ‬النظام ‬في ‬سوريا .. ‬تمارس ‬تزييفا ‬مروعا ‬للوعي ‬لدى ‬الرأي ‬العام ‬العالمي ‬، ‬إذ ‬إنها ‬طيلة ‬الوقت ‬تتفادى ‬حقيقتين ‬رئيسيتين : ‬الأولى أن ‬هناك ‬مؤيدين ‬للبعث و‬بالتالي ‬للنظام ‬السياسي ‬العلماني ‬في ‬دمشق .. ‬و‬الثانية :‬إن ‬هناك ‬من ‬يحمل ‬السلاح ‬على ‬الجانبين .. ‬وإن ‬قواعد ‬اللعبة ‬هي ‬الموت ..‬ وأن ‬القصة ‬ليست ‬بين ‬طيب و‬شرير ‬بل ‬بين ‬قاتل و‬مقتول ..‬و‬الأهم و‬الأخطر :‬إن ‬سوق ‬السلاح ‬ليست ‬سوقا ‬للزبون .. ‬إنها ‬السوق ‬الوحيدة ‬التي ‬يختار ‬فيها ‬البائع ‬زبونه .. ‬سلاح ‬الدولة ‬السورية ‬هو ‬خيار ‬إستراتيجي ‬لدول ‬متعددة و‬يخضع ‬لتوازنات ‬قوى ‬عظمى و‬أخرى ‬إقليمية .. ‬فما ‬هي ‬حسابات ‬بائع ‬السلاح ‬للطيبين ‬المعارضين ‬في ‬سوريا ‬؟ مصر ‬واللعبة ‬الخطرة ‬ الحقيقة ‬المرة: ‬ لقد ‬مرت ‬النظم ‬الجمهورية ‬في ‬العالم ‬العربي ‬باستثناء ‬الجزائر ‬مؤقتا ?‬بتجربة ‬إسقاط ‬الأنظمة .. ‬و‬في ‬ليبيا ‬كان ‬جليا أن ‬القوى ‬العظمى ‬الغربية ‬بالإضافة ‬لتحالف ‬الملكيات ‬العربية ‬قد ‬انحازت ‬للمعارضة ‬لنظام ‬الحكم ‬من ‬خلال ‬التسليح ..‬ و‬بلغ ‬الأمر أن ‬حلف ‬شمال ‬الأطلنطي ‬قام ‬بالانخراط ‬في ‬الصراع ‬إلى ‬جوار ‬طرف ‬بعينه ‬يمثل ‬مصالحه و‬خياراته ‬الإستراتيجية ..‬ و‬النتيجة:‬ صعود ‬الإخوان ‬المسلمين و‬الجماعات ‬السلفية ‬الوهابية ‬إلى ‬قمة ‬السلطة ‬في ‬ليبيا و‬بداية ‬التقسيم ‬بإعلان ‬إقليم ‬برقة ‬فيدرالية ‬ذات ‬حكم ‬شبه ‬ذاتي ‬بمباركة ‬أطراف ‬دولية و‬إقليمية .. ‬فهل ‬تختلف ‬حسابات ‬هذه ‬القوى ‬عن ‬حساباتها ‬في ‬سوريا ..؟‬و‬الأهم : ‬هل ‬تصب ‬هذه ‬الحسابات ‬في ‬مصلحة ‬الأمن ‬القومي ‬العربي ‬عموما .. ‬و‬الأمن ‬القومي ‬المصري ‬على ‬صفة ‬الخصوص‬؟ لقد ‬تقلص ‬النفوذ ‬الإقليمي ‬للدولة ‬المصرية ‬بشكل ‬لافت ‬للانتباه ‬منذ ‬عام.. ‬و‬لم ‬تعد ‬مصر ‬طرفا ‬في ‬الحسابات ‬الدولية و‬بالذات ‬فيما ‬يخص ‬لعبة ?‬و‬أكرر ‬هنا ‬لعبة -‬ إسقاط ‬الأنظمة ‬في ‬الجمهوريات ‬العربية ..‬ فإسقاط ‬الأنظمة ‬لا ‬يصح أن ‬يكون ‬هدفا ‬في ‬حد ‬ذاته .. ‬وهذا ‬هو ‬الدرس ‬الذي ‬ينبغي ‬أن ‬نعيه ‬جيداً ‬من ‬تداعيات ‬كل ‬ما ‬جرى ‬في ‬ليبيا و‬تونس و‬اليمن و‬حتى ‬مصر .. ‬لقد ‬رحل ‬زين ‬العابدين ‬بن ‬علي و‬مبارك و‬القذافي و‬على ‬عبد ‬الله ‬صالح .. ‬ لكن ‬الأنظمة ‬ذاتها ‬لم ‬تتغير .. ‬أي أن ‬الإنجاز ‬الوحيد ‬الذي ‬حظت ‬به ‬الجماهير ‬كان ‬مجرد ‬تغييب ‬شخص ‬رئيس ‬الجمهورية ‬في ‬كل ‬هذه ‬البلدان .. ‬أما ‬الفقر و‬البطالة و‬الظلم ‬الاجتماعي ‬والفساد و‬الرشوة و‬التعذيب و‬انتهاك ‬حقوق ‬الإنسان .. ‬فقد ‬بقي ‬على ‬حاله و‬راجعوا ‬تقارير ‬منظمة ‬العفو ‬الدولية و‬غيرها ‬من ‬المنظمات ‬التابعة ‬للأمم ‬المتحدة ‬بشأن ‬ما ‬تغير ‬في ‬سياق ‬ما ‬يسميه ‬الغرب) ‬الربيع ‬العربي (.. ‬و‬الذي ‬هو ‬في ‬جوهره ‬ربيع ‬للإسلام ‬السياسي ‬المدعوم ‬أمريكيا و‬أوروبيا و‬خليجيا !!‬ لقد ‬انتهت ‬انتفاضات ‬الجماهير ‬إلى ‬صعود ‬تيار ‬الاسلام ‬السياسي ‬الذي ‬أظهر ‬نزوعا ‬فاضحا ‬للاستيلاء ‬على ‬كل ‬أشكال ‬السلطة ‬التشريعية و‬التنفيذية و‬القضائية و‬سلطة ‬الصحافة ‬في ‬كل ‬الدول ‬التي ‬تمكنوا ‬منها .. ‬و‬هي ‬قوى ‬أظهرت ‬بكل ‬الوسائل ‬عداونها ‬للديمقراطية ‬التي ‬يفترض ‬أنها ‬أتت ‬بهم .. ‬ و‬باتوا ‬أقرب ‬لمشروع ‬هيمنة ‬يستبدل ‬كل ‬ما هو ‬قومي ‬بما ‬هو ‬طائفي .. ‬و‬القاهرة ‬في ‬خطر ‬كبير ‬من ‬هيمنة ‬هذا ‬التيار ‬دون ‬سواه ‬على ‬المنطقة و‬سيذهب ‬دورها ‬الإقليمي ‬للأبد .. ‬إذا ‬ما ‬تمكن ‬الإسلام ‬السياسي ‬من ‬إخضاع ‬دمشق .. ‬و‬المتابع ‬بدقة ‬لتطورات ‬الأوضاع ‬في ‬المنطقة ‬يجد ‬المجال ‬الحيوي ‬للدولة ‬المصرية ‬محاصرا ‬من ‬كل ‬الاتجاهات ‬باستثناء ‬البوابة ‬السورية ‬الشمالية .. ‬و ‬فقدان ‬سوريا ‬لحساب ‬القوى ‬التي ‬تريد ‬تحجيم ‬دور ‬الأمة ‬المصرية ‬قوميا و‬عربيا .. ‬يعني ‬خروج ‬مصر ‬من ‬الجغرافية ‬السياسية ‬والإستراتيجية ..‬ وبالتالي ‬من ‬التاريخ .. ‬و‬هذا ‬هو ‬التحليل ‬النهائي ‬الذي ‬لا ‬يجد ‬لهذه ‬اللحظة ‬ما ‬يفنده ‬أو ‬يقلل ‬من ‬إمكانية ‬حدوثه. ‬ إسقاط ‬الدول و‬تسليح ‬الشعوب ‬ اللعبة ‬حتى ‬هذه ‬اللحظة ‬تدور ‬في ‬فلك ‬حرب ‬المعلومات و‬استخدام ‬العمليات ‬النفسية ‬من ‬خلال ‬الإعلام .. ‬و‬هناك ‬تناقضات ‬فاضحة ‬في ‬خطاب ‬ملف ‬تغيير ‬النظام ‬في ‬سوريا، ‬‬فما ‬يمكن ‬أن ‬يتحدث ‬عنه ‬المروجون ‬لتغيير ‬الأنظمة ‬عن ‬الحرية و‬الديمقراطية ‬يصطدم ‬بالحقائق ‬المرة ‬على ‬شاشات ‬التضليل ‬التليفزيوني ..‬مثلا:‬ تطالب ‬المجموعة ‬الأوروبية و‬معها ‬قطر و‬السعودية ‬بالاعتراف ‬بالمعارضة - ‬التي ‬تعترف ‬بأنها ‬غير ‬موحدة و‬تصرف ‬النظر ‬عن ‬أنها ‬غير ‬منتخبة - ‬ممثلا ‬شرعيا ‬عن ‬كل ‬الشعب ‬السوري .. ‬و ‬هذا ‬نوع ‬من ‬الحرية و‬الديمقراطية ‬يتم ‬ترويجه ‬حاليا ‬لا ‬نظير ‬له ‬في ‬التاريخ ‬الديمقراطي ‬للشعوب ‬في ‬العالم ‬القديم ‬أو ‬الحديث .. ‬ و‬الأكثر ‬إثارة :‬إنه ‬على ‬شاشات ‬الجزيرة و‬العربية و‬البي ‬بي ‬سي و‬فرانس ‬24 و‬الدويتش ‬فيله و‬حتى ‬التليفزيون ‬المصري ‬يظهر ‬النشطاء ‬السوريون و‬لا ‬مطلب ‬لديهم ‬سوى) ‬إسقاط ‬النظام( .. ‬ حتى ‬عندما ‬يتعلق ‬الأمر ‬بإقامة ‬حوار ‬سياسي ‬للخروج ‬من ‬الأزمة .. ‬يشترطون ‬أولا ‬إسقاط ‬النظام ‬ثم ‬الحوار .. ‬و‬لا ‬أحد ‬يسألهم : ‬مع ‬من ‬ستتحاورون ‬بعد ‬إسقاط ‬النظام .. ‬أو ‬علام ‬ستتحاورون ‬؟..‬ الأصل ‬في ‬إدارة ‬صراع ‬الإرادات ? ‬و‬هو ‬جوهر ‬العملية ‬السياسية ‬في ‬أي ‬مجتمع - ‬أن ‬تكون ‬هناك ‬إرادتان ‬على ‬الأقل .. ‬لا ‬أن ‬يدار ‬الصراع ‬مع )‬لا ‬أحد(.. ‬ فإذا ‬ما ‬اتجه ‬الحديث ‬إلى ‬صندوق ‬انتخابات ‬يعيد ‬الشرعية ‬إلى ‬أصحاب ‬الشرعية و‬هم ‬المواطنون .. ‬تجد ‬النشطاء ‬السوريين ‬على ‬الشاشة ‬يرفضون ‬الاحتكام ‬لأي ‬نوع ‬من ‬الانتخابات ‬في ‬ظل ‬النظام ‬السياسي ‬الحالي ‬في ‬دمشق .. ‬حتى ‬لو ‬توافرت ‬له ‬الرقابة ‬الدولية !!‬ لا ‬تريد ‬المعارضة ‬التليفزيونية ‬السورية ‬أي ‬حوار، ‬و‬عندما ‬دعاها ‬كوفي ‬عنان ‬المبعوث ‬الأممي و‬العربي ‬إلى ‬دمشق ‬اشترطت ‬إسقاط ‬النظام ‬أولا .. ‬و‬من ‬الغريب أن ‬المناشدات ‬الدولية ‬التي ‬تطالب ‬الدولة ‬السورية ‬بالكف ‬عن ‬استخدام ‬العنف ‬تطالب ‬في ‬البيان ‬ذاته ‬في ‬كل ‬مرة ‬بتسليح ‬المعارضة .. ‬وفي ‬كل ‬بيان ‬دولي ‬يتحدث ‬عن ‬مجهودات ‬لازمة ‬لإغاثة ‬المدنيين و‬تقديم ‬مساعدات ‬إنسانية ‬أو ‬فتح ‬ممرات ‬آمنة ‬تتجاور ‬في ‬البيان ‬الواحد ‬المناشدات ‬بضرورة ‬تسليح ‬المعارضة .. ‬إن ‬مجرد ‬التأمل ‬في ‬تحليل ‬مضمون ‬كل ‬البيانات ‬العربية و‬الدولية ‬الغربية و‬حتى ‬القطرية و‬السعودية ‬الصادرة ‬خلال ‬الأشهر ‬الثلاثة ‬الماضية ‬يظهر ‬هذا ‬التلازم ‬العجيب ‬بين ‬ضرورة ‬إسقاط ‬النظام ‬في ‬سوريا ‬بالتوازي ‬مع ‬تسليح ‬الشعب ‬السوري .. ‬و‬هو ‬أمر ‬لا ‬يتوقف ‬عنده ‬المحللون برغم خطورته ..‬ ولقد ‬شهدنا ‬تداعيات ‬توافر ‬السلاح ‬في ‬أيدي ‬الليبيين ‬خلال ‬الحرب ‬الأهلية ‬الليبية ‬التي ‬انتهت ‬بقتل ‬القذافي .. ‬و‬يشهد ‬المصريون ‬كميات ‬الأسلحة ‬المهربة ‬عبر ‬الحدود ‬من ‬ليبيا ‬إلى ‬مصر .. ‬كما ‬يشهد ‬العالم ‬بأسره ‬تداعيات ‬وفرة ‬السلاح ‬في ‬أيدي ‬الليبيين ‬في ‬مرحلة ‬ما ‬بعد ‬القذافي ‬من ‬استيلاء ‬المسلحين ‬على ‬المباني ‬الحكومية ‬إلى ‬الاقتتال ‬الداخلي ‬وصولا ‬إلى ‬إعلان ‬الفيدرالية ‬في ‬برقة .. ‬فهل ‬هذا ‬هو ‬الهدف ‬النهائي ‬من ‬تلازم ‬الدعوة ‬لإسقاط ‬شخص ‬رئيس ‬الجمهورية ‬السورية ‬مع ‬تسليح ‬الشعب ‬السوري‬؟ لقد ‬أظهرت ‬تصريحات ‬سعود ‬الفيصل ‬وزير ‬الخارجية ‬السعودي ‬الأسبوع ‬الماضي ‬بضرورة) ‬تسليح ‬الشعب ‬السوري(.. ‬ حقيقة ‬حاولت ‬قطر ‬إخفاءها ‬مرارا و‬تكرارا .. ‬فالهدف ‬هو ‬تسليح ‬الشعب ‬لا ‬المعارضة ‬، و‬وزير ‬الخارجية ‬السعودي ‬كان ‬أكثر ‬دقة ‬من ‬نظيره ‬القطري ‬في ‬كل ‬المواقف ‬التي ‬تتصل ‬بالأهداف ‬النهائية و‬قد ‬كان ‬هذا ‬جليا ‬لكل ‬ذي ‬عينين ‬من ‬موقف ‬وزير ‬الخارجية ‬السعودي ‬من) ‬خلاصات(‬ ما ‬انتهى ‬إليه ‬مؤتمر ‬أصدقاء ‬سوريا ‬الذي ‬انعقد ‬في ‬تونس ‬في ‬أواخر ‬فبراير ‬الماضي .. ‬فلقد ‬كان ‬الموقف ‬السعودي ‬رافضا ‬لكل ‬ما ‬جرى ‬في ‬تونس ‬لأنه ‬لم ‬تكن ‬هناك ‬دقة ‬في ‬التصويب ‬تجاه ‬الهدف ‬الكبير .. ‬تسليح ‬الشعب ‬العربي ‬في ‬سوريا و‬إقصاء ‬رئيس ‬سوريا ‬عن ‬المشهد .. ‬والسعودية ‬في ‬النهاية ‬ليست ‬قوة ‬إقليمية ‬صغيرة .. ‬أو ‬دويلة ‬صغيرة ‬تريد
أن ‬تستولي ‬على ‬النفوذ ‬الإقليمي ‬لمصر و‬سوريا ‬كدولة ‬قطر .. ‬السعودية ‬استثمرت ‬مليارات ‬الدولارات ‬في ‬الملف ‬السوري .. ‬وهي ‬لا ‬ترى ‬ثمرة ‬حتى ‬الآن ..‬اللهم ‬إلا ‬من ‬الفاعلين ‬الدوليين ‬من ‬دون ‬دولة .. ‬و‬في ‬مقدمة ‬هذه ‬القوى ‬الفاعلة ‬تنظيم ‬القاعدة..‬ و‬هو ‬ما ‬نتناوله ‬بالبراهين و‬الشهادات ‬الدولية ‬الموثقة .. ‬ في ‬الحلقة ‬المقبلة .‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.