أحمد سعد الدين مرت السينما المصرية بالعديد من الأزمات التى هددت بعدم وجود أفلام تعرض فى صالات العرض السينمائى، وذلك بسبب خوف المنتجين والموزعين من عدم تحقيق الأفلام لإيرادات تغطى التكلفة العالية للأفلام الروائية، وهو ما جعل جيل الشباب يفكر فى مخرج، وبالفعل ظهر على الساحة تيار السينما المستقلة الذى يعتمد على تسليط الضوء على بعض الموضوعات المهمة بمشاركة نجوم الفيلم فى العملية الإنتاجية التى لا تزيد على ثلاثة ملايين جنيه كمتوسط، وقد أطلت السينما المستقلة على الساحة المصرية وأثبتت وجودها فى المحافل الدولية وفازت بجوائز عديدة، والأسبوع الماضى وزعت جوائز الدورة الأربعين لمهرجان جمعية الفيلم وبعده بأيام قليلة جاء ختام مهرجان المركز الكاثوليكي، وكان للسينما المستقلة نصيب الأسد فى حصد الجوائز. «الأهرام العربى» تحدثت مع بعض النقاد عقب حفل توزيع الجوائز فى المهرجانين واستطلعت رأيهم فى مستقبل السينما المستقلة خلال الأيام المقبلة. فى البداية قال الناقد طارق الشناوى إن دورة هذا العام كانت مميزة من حيث نوعية الأفلام التى عرضت وفى مقدمتها أفلام السينما المستقلة التى اعتمدت على مخرجين جدد ونجحت فى الاستحواذ على معظم الجوائز، وهو ما يفسر لنا القيمة الفنية التى التى يقدمها جيل المخرجين الجدد، هذا التيار أثبت وجوده خلال السنوات الخمس الماضية عندما شارك فيلم هليوبوليس فى مهرجان القاهرة السينمائى عام 2009 ثم فى العام التالى شارك نفس فريق العمل بفيلم ميكروفون والذى حقق أكثر من جائزة سواء فى القاهرة أم حتى فى الخليج، وهذا العام قدمت المخرجة آيتن أمين وخالد أبو النجا فيلم "فيلا 69" بالإضافة للمخرجين نادين خان وماجى مرجان الذين قدما أفلام "عشم وهرج ومرج" وأعتقد أن المستقبل سوف يكشف عن مزيد من الأفلام المستقلة التى صنعت لها جمهورا جديدا مختلفا عن جمهور السينما التجارية التى لم تستطع تقديم أعمال لها قيمة، واهتمت بالجانب التجارى وهو ما جاء على حساب الجودة. من جانبه قال الناقد محمد عبدالفتاح، إن السينما المصرية قامت على تقديم الأفلام وصاحبت الأفكار الجيدة التى تمس حياة الجمهور كى يتفاعل معها، لكن الملاحظ أن السنوات الأخيرة جاءت ببعض المنتجين الذين فضلوا الاهتمام بالجانب التجارى على الجانب الفنى والأدبى، وهو ما جعل معظم الجمهور يصرف نظر عن الذهاب لدور العرض، فى المقابل ظهر جيل جديد من شباب السينمائيين يمتلكون أفكاراً ممتازة ولغة سينمائية جيدة ويريدون أن يبتعدوا على الأعمال التجارية ووجدوا ضالتهم فى السينما المستقلة، خصوصا بعد اختراع كاميرات الديجيتال التى قللت التكلفة العالية للفيلم، واعتمدوا على السيناريو الجيد ولم يعتمدوا على مشاركة نجوم الشباك أصحاب الأجور الفلكية، واستطاعوا إيجاد مكان لهم على الأرض سواء فى دور العرض التى أصبحت تستقبل أفلامهم فى المهرجانات التى احترمت عقولهم وفازوا بجوائز عديدة لأفلامهم، والعام المقبل سيشهد العديد من أفلام السينما المستقلة التى أصبحت الأمل الجديد للسينما المصرية. أما الناقدة نعمة الله حسين عضو لجنة تحكيم مهرجان مونبيلية فقالت: السينما المستقلة ظهرت فى الكيان الفنى العالمى منذ حوالى 20 عاما عندما فكر بعض النجوم تقديم أعمال فنية جيدة خارج إطار شركات الإنتاج الكبرى، فجاءت كلمة مستقلة بمعنى الاستقلال الإنتاجى بعيدا عن شركات الإنتاج العملاقة، وقد شارك بعض النجوم فى العملية الإنتاجية بأجورهم بمعنى أن يسهم النجم بأجره فى إنتاج الفيلم ثم بعد ذلك يسترد هذا الأجر، وقد حققت هذه النوعية من الأفلام نجاحا كبيرا فى أمريكا وانتقلت لأوروبا، لكنها وجدت أرضا ممهدة فى مصر خلال السنوات الماضية نظرا لتدنى العملية الإنتاجية، وهو ما أثار حفيظة المهتمين بالشأن السينمائى الذين وجدوا بارقة أمل فى ظهور مجموعة جديدة من المخرجين والمؤلفين اختاروا تقديم نوعية من الأفلام تعتمد على الفكرة ولا تنظر للجانب التجارى فقط، فالتف معظم السينمائيين حول هذا التيار وشجعوه بقوة حتى وصل لمكانة عالية الآن، والواضح أمامى أن السنوات الثلاث المقبلة ستكون سنوات السينما المستقلة لسببين، الأول هو وجود جيل يمتلك لغة سينمائية جديدة، والثانى عدم رغبة المنتجين فى التخلى عن النظرة التجارية البحته فى إنتاج الأفلام، وهذان السببان يقدمان خدمة جليلة للسينما المستقلة التى سوف تزدهر بقوة فى المستقبل القريب بعد أن استطاعت أن تجذب شريحة مهمة من الجمهور المتذوق لفن السينما.