عادت الجوائز إلى السينما المصرية بعد غياب طويل، رفعت فيه شعار الربح أولاً وقبل أى فن، وسلمت نفسها لمنتجى الأفلام الخفيفة ونجوم الكوميديا الجدد.. عادت الجوائز إلى السينما بفضل جيل جديد من السينمائيين، قرروا أن يَتَحَدُّوا الاتجاه السائد، ويقدموا أفكاراً جديدة، وتجارب جريئة، معظمها ينتمى إلى سينما الواقع أو سينما الشارع، وحصدوا جوائز مالية من مهرجانات عربية ودولية تفوق فى قيمتها بكثير قيمة تكلفة انتاج أفلامهم التى ردوا بها على حجج البعض وتذرعهم بعقبة قلة الإمكانيات. وفاز المخرج والسيناريست الشاب أحمد عبدالله بأكثر من جائزة عن ثانى تجاربه فى فيلم ميكرفون، وكان فيلمه الأول أيضاً «هيليوبوليس» قد مثلنا فى أكثر من مهرجان دولى. وشارك فى إنتاج وبطولة الفيلمين الفنان المثقف خالد أبو النجا والذى ظهر أيضاً فى أدوار صغيرة ولكنها مميزة فى أكثر من فيلم عالمى، ومعه زميلاه عمرو واكد وخالد النبوى، وكان موسم 2010 السينمائى هو عام الوصول إلى العالمية، سواء من خلال الاشتراك فى مسابقات مهرجانات دولية مهمة بعد سنوات عجاف كنا نبحث فيها دون جدوى عن فيلم واحد يمثل مصر فى مهرجانها السينمائى الدولى وهو مهرجان القاهرة فلا نجد، على عكس ماحدث هذا العام الذى فاز فيه فيلم «حاوى» للمخرج إبراهيم البطوط بجائزة أحسن فيلم فى مهرجان أبو ظبى السينمائى، وقيمتها 100 ألف دولار، رغم أن الفيلم لم يتكلف إنتاجاً عُشر هذا المبلغ.. وكذلك فاز «ميكرفون» بجائزة الأسدالذهبى فى مهرجان قرطاج السينمائى، والجائزة الأولى فى مسابقة الأفلام العربية لمهرجان القاهرة السينمائى الأخير وهى حالة جديدة تبشر بالأمل فى مستقبل جديد للفن السابع على يد شباب السينما المستقلة، وهى أيضاً خطوة تحتاج إلى مزيد من الدعم والتشجيع والمساندة حتى لاتتحول إلى مجرد مصادفة فى عام سينمائى سعيد، والمطلوب أن تخصص وزارة الثقافة منحتها للإنتاج السينمائى المتميز، والتى تقدر بنحو 20 مليون جنيه لهؤلاء السينمائيين الواعدين، بدلاً من أن تعطيها للمنتجين الذين يخصصونها لانتاج أفلام فاشلة يخرجها أبناؤهم ويقوم ببطولتها أصدقاؤهم. والمفروض على المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون أن يفى بوعوده بالدخول فى مجال الإنتاج السينمائى، وأن يتجه لتبنى ودعم مثل هذه التجارب السينمائية الوليدة، وألا يكرر نفس الأخطاء التى وقع فيها جهاز السينما بإنتاجه لأفلام تجارية ضعيفة المستوى وأن يشكل لجنة محايدة من كبار السينمائيين والنقاد المحترمين لاختيار السيناريوهات التى تستحق تبنيها وإنتاجها، وذلك لكى تستمر هذه الصحوة السينمائية ولا يُصاب هؤلاء الشباب بالإحباط نتيجة انصراف الجمهور الذى تعود لسنوات طويلة على مشاهدة السينما الرديئة عنهم وعن أفلامهم.