حسناء الجريسى وسط حالة الضبابية التي تسيطر على المشهد السياسي، والسجال الدائر في الأوساط المختلفة عن تعديل بنود الدستور، وحالة الترقب الشديدة والخوف من عودة الحزب الوطني، للمشاركة في الحياة السياسية بعد تجربة مشاركة الإخوان المريرة في الحكم، كان علينا ألا نتجاهل رؤية البعض فى مجلس الشعب المقبل، كونه أهم "منبر" مسئول عن رعاية حقوق المواطنين، لذلك اقتربنا من النخبة المثقفة للتعرف على مطالبهم من البرلمان، والتى جاءت واضحة في المطالبة بإلغاء مجلس الشوري ونسبة ال 50 ٪ عمال وفلاحين، لكن تباينت الآراء حول كوتة المرأة والأقباط، وتطبيق نظام القوائم والفردي. يطالب د.جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، أن يمثل البرلمان المقبل ائتلاف قوي الشعب المصري، دون تفرقة أو تمييز لأحد ويكون واجهة للدولة المصرية الحديثة، ويجمع بين نظام القوائم والفردي، ويرفض د. عصفور تمثيل الفلاحين والعمال بنسبة 50 ٪ في البرلمان المقبل، لكن في المقابل وجود كوتة للمرأة والأقباط، وضرورة إلغاء مجلس الشوري لأنه مجرد "صرف أموال علي الفاضي". بينما يقول د.نبيل لوقا بباوي، لابد أن يمثل البرلمان المقبل كل الاتجاهات ولا يكون حكرا على حزب واحد، بحيث يكون هناك حوار حقيقي مبني على تحقيق مصالح الشعب. ويضيف بباوى، لابد أن يمثل البرلمان التيارات الليبرالية والأقباط والعمال والإسلاميين، مثلما يحدث في أي دولة ديمقراطية، ويأسف د.بباوي على حال البرلمان المصرى منذ عام 1923، لأن ما يمثله الأغلبية المطلقة، على عكس ما يحدث في الدول المتقدمة، حيث تمثل الأغلبية 10 مقاعد فقط. ويلفت د. بباوى النظر إلى ضرورة تنمية ثقافة الاختلاف، أى تقبل الرأى الآخر مهما كان مختلفاً معي في الفكر، ويرى أن نتائج البرلمانات السابقة كانت سلبية، فلا يوجد برلمان في العالم ينص علي وجود 50 ٪ عمال وفلاحين، فالأمر هناك متوقف علي صناديق الاقتراع، وهذه النسبة "لعبة" صنعها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث كان الفلاحون فى زمنه يمثلون 70 ٪ من عموم الشعب المصرى، لكن الآن الأمر اختلف. وأضاف بباوى، أن هذا مخالف لمواد الدستور التي تطالب بعدم التمييز في الحقوق والواجبات بسبب المهنة والدين، مشيرا فى الوقت نفسه أنه لا يصح وجود كوتة للمرأة ولا للأقباط خصوصاً أن كفة المرأة راجحة في أي دولة، فهن يمثلن 54 ٪ من تعداد الشعب. أما المستشارة سامية المتيم، فتتمني أن تستمر خارطة الطريق نحو تحقيق الديمقراطية، وأن يصدر الدستور، ثم الانتخابات البرلمانية، مؤكدة أن الشعب المصري عانى كثيرا في البرلمانات السابقة، فكانت النتيجة محزنة للغاية، فليست لدينا الأحزاب القوية التى ترشح أعضاء قادرين على تحقيق طموحات الشعب المصري في هذه المرحلة الحرجة، وتفضل تطبيق نظام الفردى، لأن نظام القائمة أفرز نوعيات لا تصلح أن تكون في البرلمان، وهذا ما تسبب فى سقوطه مبكرا. وأوضحت المتيم، أن الشعب أصبح على درجة عالية من الوعي السياسي ولديه القدرة علي فرز الصالح من الطالح ولا يسمح بعودة أعضاء الحزب الوطني ثانية، وتطالب الشباب والمرأة بالترشح وأن يكونوا علي رأس القائمة، فالبرلمانات السابقة كانت لا تمثل كل فئات الشعب تمثيلا حقيقيا، ولابد أن يترشح من يجد في نفسه القدرة علي تحقيق مطالب الشعب وأبناء دائرته. وتطالب المتيم، بإلغاء مجلس الشورى، لأنه مجلس للمجاملات، لافتة النظر إلى وجود مجالس قومية متخصصة تقوم بدور أفضل منه، لكن لا أحد يشعر بها وهي عمل تطوعي، كما تري ضرورة كوتة المرأة في هذه المرحلة لدورة أو دورتين، فالمرأة الآن ليس لديها الضمانات الكافية أمام سطوة الرجال والمال وانتشار البلطجية، كما تعترض أيضا علي تمثيل العمال والفلاحين فى البرلمان بنسبة 50 ٪، فإن كانت ضرورية أثناء الحكم الناصري فهي غير ضرورية الآن حيث لا يتم استغلالها استغلالاً خاطئاً. وبالنسبة لترشح الإخوان المسلمين تقول المتيم: برغم تحفظي علي التجربة المريرة التي مررنا بها العام الماضي، فإن هذه الجماعة مازالت موجودة ولا يوجد قانون يقول إنها جماعة إرهابية, واتجاه الدولة لمنعهم من الترشح ليس واضحا حتى الآن والمسئولية في الاختيار تقع علي عاتق الشعب، وتفضل إجراء انتخابات الرئاسة قبل الانتخابات البرلمانية حتى تستقر مؤسسات الدولة. ومن جهته يؤكد د. محمود علم الدين، أنه مهما كان المقبل، فوظائف البرلمان معروفة في المجمل وهي الرقابة والتشريع، ونحن نريد برلماناً يقوم بهذا الدور التقليدي علي حد تعبيره لابد من عودة البرلمان لدوره الأصيل، لافتا النظر إلي وجود حزمة من التشريعات والقوانين ينتظرها الناس من البرلمان المقبل منها قانون التظاهر والإعلام والمعلومات وقانون الطوارئ وغيرها. وأضاف علم الدين، أن البرلمان المقبل يجب أن يختلف عن السابقين ويعبر عن روح ثورتي 25 يناير و30 يونيه، ويعتقد أن تمثيل العمال والفلاحين بنسبة 50 ٪ لابد من مناقشتها خصوصاً أن التجربة السابقة أثبتت أن من يرشح نفسه ضمن هذه الفئة لا يمثلونها بل هم من كبار الملاك ويستفيدون من بطاقة تعريف العمال، ويفضل د. علم الدين تطبيق النظام الفردي، فهو مازال الأكثر ملاءمة للوضع الحالي، فليست لدينا أحزاب قوية تمكن قواعدها في الشارع، لذلك نحتاج إلي فترة كبيرة حتي نطبق نظام القوائم تطبيقا سليما. أما الدكتور عبد الغفار شكر، فيقول: نريد برلماناً يعبر عن قوي الثورة ويطبق شعاراتها "عيش حرية عدالة اجتماعية" وإذا لم يتمسك مجلس الشعب المقبل بهذه الشروط سيكون مخيبا للآمال، وهذا يتطلب أن تنسق القوي السياسية الطامحة للعدالة فيما بينها نظام الانتخابات. ويري شكر أن تطبيق نظام القوائم أفضل من الفردي، بينما يعترض علي 50 ٪ عمال وفلاحين، هذه النسبة فتحت الباب أمام الكثيرين للترشح منتحلين صفة العامل والفلاح، في الوقت الذي لم يترشح عامل واحد إلا فيما ندر، لافتا النظر إلي أن هذه النسبة يصعب إلغاؤها من الدستور، وتظل كمادة انتقالية لدورة أو دورتين. من ناحيته لا ينكر نبيل عتريس، مدير الاتصال السياسي بحزب التجمع، تخوفه من البرلمان المقبل لذلك يطالب باتحاد القوي اليسارية والحزبية علي هدف واحد، كما يري أن نسبة ال50 ٪عمال وفلاحين ستظل لدوره أو دورتين حتى تستقر الأوضاع في مصر، لكن لابد من وضع تعريف دقيق للعامل والفلاح، ولابد من وجود برنامج انتخابي واضح لكل مرشح مع زيادة حملات التوعية الانتخابية. ويشاركه الرأي محمد عبد العزيز، منسق حركة تمرد، فيري أنه من المفروض أن يعبر البرلمان عن روح ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وهذا يستلزم اتحاد قوي الثورتين بالاتفاق علي عدم تفتيت الأصوات وتشكيل أكبر تحالف انتخابي منعا لعودة قوي الظلام والإرهاب ثانية. ويتفق معه فى الرأي الفنان حلمي التوني، حيث يقول: لابد من وجود وسيلة لمنع المنتهزين لفقر وجهل البسطاء، ولابد من توعيتهم حتى يختاروا النائب الحقيقي الذي يعبر عنهم ويطالب بحقوقهم، مطالبا بإلغاء نسبة 50 ٪عمال وفلاحين ويري أن كوتة المرأة والأقباط ضرورية حتى يتحقق النضج الثقافي في المجتمع، ويفضل النظام الفردي إلي أن يتكون حزب حقيقي يمثل كل فئات المجتمع. بينما يطالب المخرج أحمد إسماعيل، بالاهتمام بالثقافة في مقدمة البرلمان المقبل، فكل المشكلات السياسية نابعة في الأساس من غياب المفهوم الثقافي، باعتبار أن السائد لدي كل حزب أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، ومن ثم يستحيل التوافق مع الآخرين، ومن هذا المنظور نحن في حاجة إلي الاتفاق حول أولويات بناء المجتمع وإعادة بناء الوطن والثقافة هي التي تحدد هذه الأولويات.