الكوبونات اسم يتداول حاليا بين المصريين، لاسيما بعد إعلان الحكومة عن نيتها فى توزيعها على المواطنين للحصول على احتياجاتهم من الغذاء والمستلزمات الأخرى، مبررة سعيها برغبتها فى القضاء على الفساد ووصول الدعم لمستحقيه، بعد عجزها عن إيجاد وسيلة أخرى بديلة، فهل هو الحل السحرى للحكومة أم أن تطبيقه يحتاج إلى طرق خاصة لا تستطيع الوصول إليها؟ وما البديل؟ هذا ما حاولنا طرحه خلال التحقيق التالى. أكد الدكتور محمد مجاهد الزيات رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، أن إقرار نظام الكوبونات يعود بنا إلى أجواء الحرب العالمية عندما دخلت مصر المعركة دون أن تكون لها مصلحة وأصيبت البلاد بأزمة اقتصادية طاحنة، ونحن بتطبيقنا هذا النظام نرجع بمصر إلى أكثر من 70 عاما مضت، ليقف المصريون فى طوابير طويلة لشراء الأرز والشاى وهو أسلوب مهين جدا تلجأ إليه الدول عند الأزمات القصوى التى يصعب فيها السيطرة على الأوضاع وتعجز فيه عن توفير الغذاء للمواطنين. وأوضح أن الشعب المصرى حاليا يعيش أزمة قرارات غير مدروسة تستمر الحكومة فى تنفيذها، ويدفع المواطن الفقير الفاتورة، فما الذى يحمى المصريين من استغلال الكوبونات فى إذلالهم وإخضاعهم والتحكم فيهم؟ دراسة مسبقة وكشفت الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد العام لجمعيات حماية المستهلك عن خطورة تطبيق هذا النظام دون إجراء دراسة مسبقة وافية له، ذلك لأنه سيؤدى إلى رفع الأسعار بشكل جنونى لتكالب الناس على شراء السلع، لاسيما أنهم لا يشعرون بأن الحكومة بسعيها لتنفيذ نظام الكوبونات عاجزة عن توفير احتياجاتهم اللازمة من الغذاء، وهو ما يدفعهم إلى شراء السلع دون إدراك لمردود ذلك على السوق والطريقة التى سيتعامل بها التجار مع الوضع الجديد، وهم بالتأكيد سيستغلون الظروف بشكل سيىء جدا. ولفتت النظر أنه برغم أثره السيىء فإن الدولة مضطرة لتنفيذه لمواجهة الأزمة الاقتصادية التى تمر بها، لذا من الضرورى العمل على إجراء دراسة متأنية والتريث قليلا قبل تطبيقه، ووضع الأسلوب الأمثل لتوزيع الكوبونات وتحديد المستحقين دون غيرهم ونوعية السلع التى من الضرورى أن يحصلوا عليها، هذا فضلا عن أهمية ضبط أسعار السوق والحد من احتكار التجار للعديد من السلع، لاسيما الغذائية لأنه من المعروف أنه قبل تنفيذ أى قرار يمس مصلحة المواطنين يقابل من التجار برفع الأسعار، وعليه لابد من الضرب بيد من حديد لتجنب حدوث أى زيادات مفاجئة، ولحماية المواطنين. وقالت إنه على الحكومة أن تدرك أبعاد الفكرة المطروحة حاليا قبل تنفيذها سواء كانت اجتماعية أم سياسية وحتى اقتصادية ولا تترك مجال للمراهنات أو التجربة، لأن الوضع بشكل عام لا يسمح بذلك، ولا تراهن على المواطن لأنه أرهق كثيرا ولن يتحمل أى أعباء جديدة. إهانة للشعب بينما يرى الدكتور عيسى عبد الباقى مدرس الإعلام السياسى بجامعة بنى سويف أن هذا القرار بعيد كل البعد عن الوضع الحالى للبلد وطرح الكوبونات لا يلبى متطلبات الناس الواقعية، ويعتبر إهانة للشعب، لاسيما أننا فى مرحلة تقدم ديمقراطى ولدينا وعى سياسى واجتماعى، ونحن بهذه الطريقة نبعد الشعب عن أى تمدن حضارى بل نعيده إلى مراحل متأخرة من التخلف والعبودية. وتابع قائلا: إن تنفيذ هذا القرار لابد له من آلية جيدة وتطبيقه بصورة متكاملة لتحقيق الهدف المطلوب، ولابد من إجراء مسح شامل لكل فئات وطبقات المجتمع لتحديد مستحقى الدعم وإلا سنكون بذلك بدلا من حل المشكلة وعلاج المريض أصبناه بالتسمم فمات. وقال إن ما يحدث الآن ما هو إلا استنساخ للآليات القديمة التى كانت موجودة بشكل عشوائى، لأنه من الناحية العلمية عندما أسعى إلى اتخاذ قرار فى أمور تمس احتياجات الناس لأنها قضية اجتماعية فى المرتبة الأولى لابد من تحديد وسائل تنفيذ هذا القرار، والأدوات التى يعتمد عليها وطرق التطبيق ووضع أسباب محددة لاختياره دون غيره لنضمن نجاحه. أما الدكتورة ممدوحة محمد أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان، فتصفه بأنه نوع من تحقيق النظام ومن لا يحب أن تسير الحياة فى نظام، لاسيما المتعلقة بمسألة الغذاء وتوفير الاحتياجات الضرورية للناس لا يدرك جيدا وضع البلد وما يحتاج إليه فى الوقت الحالى. وتساءلت عن الطريقة التى ستسلكها الحكومة لتنفيذ هذا القرار وآليات تنفيذه، ولم تستبعد أنها ستشعر المواطنين بالإهانة والحاجة، فالأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر حاليا مهما كانت شدتها لا تصل بنا إلى إذلال الناس بهذا الشكل، فبالتأكيد هناك بدائل أخرى يمكن الاعتماد عليها وتطبيقها بأسلوب أكثر تحضرا، لأن الدول المتقدمة تلجأ إلى الكوبونات خلال فترات الأزمات، وفى الحروب ونحن فى مصر لم نصل إلى هذه المرحلة حتى الآن. وأشارت أننا بذلك نضع المواطن فى أزمة ونقسم المجتمع إلى فئات فقيرة تحصل على كوبونات وأخرى غنية لا تحتاج إليها، ومن المرجح أن الفئات المهمشة لن تدخل ضمن هذه الحسبة وسنعود إلى نقطة الصفر إذا لم يتم تطبيق هذا القرار بشكل علمى مدروس.