نكسة 5 يونيو عام 67 كان وقعها شديدا مزلزلا علي كل من عاش تلك الفترة.. كنا قبلها في عنان السماء فهوينا الي سابع ارض.. كنا نسير في شوارع القاهرة مطأطأي الرؤوس فاغري الافواه غير مصدقين ما حدث.. تحجرت الدموع في المآقي واحزان الدنيا كلها تتجمع فوق صدورنا ... لكن روح الاصرار والتحدي بعثت فينا من جديد.. نهضنا من كبوتنا سريعا استعدادا ليوم الثأر وغسل عار..لهزيمة.. وكانت ملاحم الاستنزاف المتواصلة شرفا كبيرا للعسكرية المصرية والتي توجها نصر اكتوبر العظيم..في تلك الاثناء خرجت مظاهرات طلاب جامعة القاهرة اعتراضا علي ما سمي محاكمات الطيران ... وكنت واحدا ممن القي القبض عليهم في تلك المظاهرات واودعنا سجن الاستئناف لاكثر من شهر ونصف.. وبالمناسبة كان خيرت الشاطر ممن القي القبض عليهم في احداث المنصورة وجامعة الاسكندرية آنذاك.. المهم اننا رفضنا الهزيمة بكل اصرار وشاركنا اخوتنا الجنود علي خط النار بمدن القناة من خلال فصائل خدمة الجبهة التي تكونت بجامعة القاهرة.. نقلتنا المركبات العسكرية الي مدينة السويس لنعيش مع اخوتنا الجنود مدة شهر كامل.. نحفر معهم الدشم والخنادق ونقيم حوائط الصواريخ ليلا كي لا يرانا العدو الجاثم امامنا علي الشاطيء الشرقي للقناة..وكم اغارت علينا طائرات العدو التي كانت مدفعيتنا تقف لها بالمرصاد وتجبرها علي الفرار.. ولا انسي تلك الليلة التي اشتعلت فيها النيران بخزانات الوقود بالزيتية ونحن نهرول حاملين دانات المدافع لتصب نيرانها علي جنود العدو المختبئين داخل خط بارليف الذي اعتبروه حصينا.. كنا نتسلل الي بنايات بور توفيق المطلة علي مياة القناة مباشرة لنراقب الاعداء داخل ممرات خط بارليف الذين كان رجالنا من القناصة يصطادونهم واحدا تلو الآخر..وتحت جنح الظلام كان رجالنا البواسل يعبرون القناة بقواربهم المطاطية في مهام ليلية يعملون فيهم قتلا وتدميرا وعائدين باجزاء آدمية ممن اجهزوا عليهم من الاعداء.. ملاحم عديدة مشرفة قدمها ابناء مصر قبل عبورهم العظيم بقيادة البطل محمد انور السادات ورجاله الشرفاء من قادة وضباط وجنود ابناء وادي النيل خير اجناد الأرض.