كامل عبد الله - اغتصاب نساء.. اختطاف شباب ومعارضين.. تعذيب وقتل.. معتقلات رهيبة تتفوق على سجن جوانتانامو وأبوغريب وأبو سليم .. وفرق موت جوال.. وحكومة غير قادرة على ملاحقة المجرمين من تنظيمات وكتاب وميليشيات مسلحة ترتدى عباءة الدين.. هذه هى حال ليبيا الآن. هذه الكتائب والميليشيات المسلحة في ليبيا تمتلك سجونا خاصة بها، منها ما هو معلن ومنها غير المعلن، ويدرك قادة ليبيا الجدد خطورة الوضع الحالي، لكنهم في نفس الوقت يبدون خوفا على حياتهم من سطوة هذه الميليشيات، التي لا تتردد في تهديد أي مسئول ليبي يطالب بوضع حد لتصرفاتها غير المسئولة. لقد سلطت حادثة الاعتداء التي تعرضت لها الناشطات البريطانيات المتضامنات مع قطاع غزة صبيحة يوم الأربعاء 27 مارس الماضي خلال مرور قافلتهم بليبيا، الضوء على الانتهاكات المتزايدة ضد حقوق الإنسان التي تحدث في ليبيا من قبل بعض الميليشيات الخارجة على سيطرة الدولة والقانون، حيث حظيت هذه الحادثة بإدانات واسعة. وقال الدكتور عوض البرعصي النائب الأول لرئيس الوزراء الليبي، في بيان له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك" إن البريطانيتين اغتصبتا بطريقة وحشية أمام أبيهما. كما أفاد مسئول بالجيش الليبي أنه يعتقد أن هؤلاء المقبوض عليهم أعضاء سابقون بقوات الأمن، ممن فصلوا من العمل قبل بضعة أشهر. بينما قال مجدي العرفي المتحدث باسم وزارة الداخلية الليبية إنه تم إلقاء القبض على أربعة رجال للاشتباه في صلتهم بالحادث, وأفاد بيان ناصر الهواري رئيس المرصد الليبي لحقوق الإنسان الذي حصلت «الأهرام العربي» على نسخة منه أن"الأمر أكبر من اختزاله فى كونه عملا فرديا، فجرائم الاغتصاب فى ليبيا، كثرت بعد الثورة ووصلت حداً، لم يكن موجوداَ أيام النظام المنهار، يجب أن ننظر للأمر من الناحية الدينية والأخلاقية ومدى تأثير مثل هذه الجرائم على بنيان المجتمع وتماسكه وسمعتنا أمام العالم. ويبدو أن كلام وزير العدل الليبي الحقوق صلاح المرغني منذ أيام خلال مداخلته على إحدى القنوات الليبية عن خطورة السجون السرية لهذه الميليشيات الخارجة عن سيطرة الدولة في العاصمة طرابلس وأفعالها الخطيرة، قد أثارت حفيظة إحداها والتي سرعان ما أعلنت عن تهديدها بهدم وزراة العدل على رأس الوزير وتوجهت هذه الميليشيات بآلياتها العسكرية لمقر الوزراة يوم الأحد 31مارس، وتم اقتحامها من قبل هذه المليشيات التي تتبع هيثم التاجوري، وهي مسلحة بالأسلحة الآلية والأغراض العامة وقواذف آر بي جي ومتمركزين فوق مبنى الوزارة وأمامه وأقفلوا الطريق أمام وزارة العدل. وينسب لهيثم التاجوري قائد هذه الميليشيا التي اعتدت على مقر وزارة العدل أيضا القيام بانتهاكات حقوقية في مدينة بني وليد، كما أن مجموعته المسلحة متورطة في أعمال خطف وتعذيب خارج سجون الدولة، كما جاء تهديده لوزير العدل نتيجة حديث الوزير عن سجون الميليشيات السرية وتعذيب المعتقلين الذين بحوزتهم. وتتحدث مصادر ليبية عن وجود معتقلات كثر من النساء لدى هذه الميليشيات. وتقول الصحفية الليبية “شريفة الفسي" إن السجون الليبية الآن تضم ما يزيد على 2000 سيدة ليبية بتهمة الولاء للنظام السابق، منهن عدد خرجن فى المسيرات المؤيدة للقذافي ومنهن حرس شعبي وثوري، تعرضن للتعذيب وقتلت إحداهن فى أحد السجون، وتم اغتصاب عدد منهن. بينما نجحت إحداهن وعمرها 20 عاما في الهروب عن طريق أحد أفراد الميليشيا الذى تعرف عليها لأنها كانت طالبة معه في الجامعة. ومن الواضح أن هذا فقط ما يحدث فى سجون الميليشيات المعلنة،لكن يبدو الآن أن هناك سجون سرية لايعلم عنها أحد شيئا. أحد شباب هذه الميليشيات قال أيضا طلبا عدم الكشف عن هويته حرصا على حياته إن قاعدة “إمعيتقة" العسكرية التي تم تغيير اسمها الأسبوع الماضي لقاعدة “الملاحة" الواقعة على الساحل الشرقي من العاصمة طرابلس الغرب “أنه توجد بها معتقلات تفوق فى سوء معاملاتها سجون القدافى وسجن أبو سليم، بل وتفوق أيضا جوانتانامو وأبو غريب المعروفين. مضيفا أنه إذا كان لدى الحكومة الليبية نية فى تطهير المعتقلات الخارجة عن سلطة الدولة، فلتبدأ ب"إمعتيقة"، حيث تنتهك حرمة الإنسان كآدمي. وبينما رفض هذا الشاب الإفصاح عن اسم الكتيبة التي كان ينتمي إليها في قاعدة “إمعيتيقة" نصحنا أيضا ألا نشير إليها سوى بأنها تتخذ من اللحية ساترا لها ولأعمالها الإجرامية وليس الدين على حسب وصفه لنا. أحد الليبيين أعطانا صورة لجثة المواطن الليبي عيسى ميلاد الفيتوري من مدينة زليتن والذي قال إنه قد تم خطفه في وضح النهار من أمام منزله في 20 فبراير الماضي من قبل ميليشيات تابعة لوزارة الداخلية، وقد اقتادوه لمكان مجهول وقاموا بتعذيبه وقتله مع مجرمين من مدينة مصراتة محسوبين على الثوار. للأسف وجد مقتولا في إحدى ثلاجات مستشفيات مصراتة مكث فيها أكثر من 20 يوما دون إبلاغ أهله وجد بالمصادفة بعد أن دلوا عليه أهل الخير من أبناء مصراته, ليبي آخر قال إن أبرز الكتائب غير المنضبطة في ليبيا الآن كتيبتين، هما كتيبة سرايا السويحلي المتمركزة في العاصمة طرابلس وتضم بين عناصرها أفرادا من مصراتة وغيرها من المرتزقة من كل مكان في ليبيا، وهي مسيطرة أكثر من الحكومة، وتدعم في عضو المؤتمر الوطني عن مصراتة عبر الرحمن السويحلي، ومستشارها السياسي هو محمد السويحلي شقيق عبد الرحمن الذي كان يقيم في العاصمة المصرية القاهرة خلال حكم القذافي، وآمرها هو فرج السويحلي، وهذه الكتيبة تهدد باستمرار المؤتمر والحكومة. أما الكتيبة الثانية فهي كتيبة تابعة لعضو المؤتمر الوطني أيضا عن مصراتة صلاح بادي وهي سبب المشاكل في مصراتة وطرابلس وتقود الآن حملة عنيفة ضد رئيس الحكومة على زيدان، وتملك هذه الكتيبة أكثر من 500 آلية عسكرية وسيارة مدججة بمختلف أنواع الأسلحة. في مدينة ترهونة الليبية أيضا انتقد ناشطون من أبناء المدينة تأخر الحكومة ووزير الداخلية في تنفيذ قرار النائب العام الليبي المتعلق بتشكيل لجنة تحقيق وقبض بخصوص ميليشيات الشيخ عبد العليم الليبي (أحمد الساعدي) عضو الجماعة الليبية المقاتلة، ونائب مقرر المؤتمر الوطني والنائب عن ترهونة، والتي تقوم بالقبض على شباب المدينة وتقتحم حرمات البيوت من دون إذن وقد هاجمت هذه الميليشيات أيضا منزل مواطن من قبيلة الفرجان وأطلقوا طلقات آر بي جي داخل بيته فاضطر للرد عليهم وأصاب أشخاصا من المهاجمين وبعد ذلك كثفوا هجومهم عليه واستمروا في عدوانهم حتى قتلوه ونسفوا المنزل فأزالوه.. وذلك في ظل غياب تام للدولة والأجهزة الأمنية الرسمية. مسئول ليبي بارز"أ-س" رفض الكشف عن كامل هويته قال ل"الأهرام العربي":إن علي زيدان رئيس الوزراء يخشى من هذه الميليشيات ويعلم مدى سطوتها، كما أن حكومته ليست بالقوة الكافية وليس لديهم قوة على الإطلاق لوضع حد لممارسات هذه الميليشيات برغم علمهم بها، فالأمر في ليبيا ليس مرهونا بهذه الحكومة لأنها لم تملك السيطرة الحقيقية على هؤلاء. وأضاف هذا المسئول أن الحكومة تخطو بحذر شديد تجاههم لأنها لا تملك القوة للتعامل معهم وتحاول كسبهم في صفها، من خلال الاعتماد على بعض الكتائب في طرابلس التي تستطيع التعامل معهم لحماية العاصمة لمنع دخول أي آليات من خارج طرابلس، خصوصا التابعين لعبد الرحمن السويحلي وصلاح بادي الذي يطالبون دائما بإقالة علي زيدان. وأوضح المصدر أن خطة زيدان هذه محفوفة بالمخاطر، خصوصا أنه يميز بين هذه الكتائب ويتعامل مع الكتائب المنضبة والتي يثق بها، وهو ما يقود إلى كوارث لا يعلم مداها إلا الله في حالة فشلها، كما أن زيدان يراهن على وقوف الشارع في صفه. مشيرا إلى أن العميد عاشور شوايل وزير الداخلية لديه خطة طموح للتعامل مع هؤلاء لكنها لا تكفي للوصول لما يريد.