أسعار الخضروات في سوق العبور للجملة اليوم الأربعاء 4 يونيو    أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الأربعاء 4 يونيو    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» الأربعاء 4 يونيو 2025    محلل عسكري أمريكي: روسيا قادرة على التعافي من الضربة الأوكرانية الكبرى بالطائرات المسيرة    الصين تدرس شراء مئات الطائرات من أيرباص    طلاب جامعة نيويورك يواصلون إضرابهم عن الطعام دعما للقضية الفلسطينية    موعد مباراة الأهلي وباتشوكا استعدادا لكأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    انتهاء امتحانات الشهادة الإعدادية اليوم    وزير الصحة يتفقد حالة الحجاج في مستشفيات المدينة وعيادات بعثة الحج    شيماء سيف تعتذر عن عدم استكمال مسرحيتها في الكويت    «صحة البحر الأحمر» تنهي استعداداتها لاستقبال عيد الأضحى    طقس الأربعاء مائل للحرارة بوجه عام نهارا والعظمى في القاهرة 33    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    احتجاز زوجة وأبناء منفذ الهجوم على مسيرة لمؤيدى إسرائيل فى كولورادو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 4-6-2025 في محافظة قنا    دوري الأمم الأوروبية، قمة نارية اليوم بين ألمانيا والبرتغال في نصف النهائي    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    زلزال يضرب جزيرة «سيرام» في إندونيسيا بقوة الآن    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    اليوم.. السيسي يتوجه إلى أبو ظبي للقاء رئيس دولة الإمارات    علي الهلباوي يحتفل مع جمهوره بعيد الأضحى في ساقية الصاوي    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة إنتاج مجموعة أوبك+    كامل الوزير: تذكرة المونوريل بنصف تكلفة بنزين السيارة    جيش الاحتلال يحذر سكان غزة من التوجه لمراكز توزيع المساعدات    الدولار ب49.62 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 4-6-2025    تنسيق 2025.. هؤلاء الطلاب مرشحون لجامعة "ساسكوني مصر"    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    حبس مقاول و4 آخرين بتهمة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    إصابة 14 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوى الغربى بأسيوط    "مايكل وملاكه المفقود" لهنري آرثر جونز.. جديد قصور الثقافة في سلسلة آفاق عالمية    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    موعد أذان فجر الأربعاء 8 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    «بين الصدفة والرسائل المشفرة».. هل تعمد الأهلي وبيراميدز إفساد اللحظات الجماهيرية؟    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    قبل العيد.. ضبط 38 كيلو أغذية غير صالحة للاستهلاك بالمنيا    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    رشوان توفيق ينعى سميحة أيوب: موهبتها خارقة.. وكانت ملكة المسرح العربي    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الأهرام العربى» تفتح الملف: أطفال «العار».. مصريون بلا شهادات ميلاد!!
نشر في الأهرام العربي يوم 11 - 03 - 2013

عماد أنور - هيثم حسن - رحلتنا إليهم ذكرتنا برحلة 25 يناير التى خضناها معا، البداية مع قطار مترو الأنفاق من حى دار السلام الشعبى، والخطوة الأولى على رصيف محطة أنور السادات أو كما تشتهر"التحرير".
فى هذا الممر المظلم الذى تحمل حوائطه إشارة زرقاء للاتجاهات، كتب عليها ميدان طلعت حرب، التحرير، الجامعة الأمريكية. نلتقى بهم فى هذا الظلام الدامس الذى لا تكسر حدته سوى أضواء الليزر الأخضر الذى يستخدمه الثوار للتشويش على عيون القناصة والكاميرات وضباط الأمن المركزى.
تبدأ قصتهم، وتنتهى هنا، هذا هو مجتمعهم وهذه دولتهم .. دولة الأرصفة وحوائط الممرات وأكياس المناديل و"الفوط الزفرة" فى الإشارات.. هنا إنسان الغاب وشريعته، البقاء للأقوى والأسرع والأفضل حظاً.
هم مصريون بلا شهادات ميلاد أو وفاة أو حياة، بلا قوت أو بيوت أو مدارس أو كتاب أو طيارة ورق.
هنا بلا شك .. طفل القرن الأول تعبث بمصيره النظرات المحتقرة وركلات الأحذية المفتخرة وصيحات المارة وسياسات الحكام، هنا «طرف ثالث» ليس ب «طرف ثالث»، هنا مهمشون لا بلطجية، مساكين لا “قابضين"، يحلمون بضحكة قبل أن يحلموا بوجبة، يطلبون العدالة الاجتماعية، بدون بدل رسمية أو كرافتات أو أحزاب أو إعلام، إنما هى العدالة الاجتماعية التى تعطيهم الحق فى الحياة بعيداً عن برد الأرصفة وقسوة الشارع.
من يقرعون ناقوس الخطر على أسوار الميدان فى كل هجوم، ندق نحن ناقوس الخطر قبل أن يتعرضوا هم للهجوم .. إنهم من نقول عنهم “أطفال الشوارع"..
“أيام الثورة وقنابل الغاز والقناصة كنا نايمين فى الجامع، وشفنا الثوار، وهتفنا معاهم، لأنهم قالوا لنا الثورة قامت علشان حقنا، وعلشان نجيب ريس يجيب حق الناس الغلابة، وما حدش يجراله اللى جرالنا، وينام جعان زينا".
هكذا بدأت “فاطمة" حديثها لتفتح لنا ملف هؤلاء “أطفال الوطن"، “أطفال الجوع" “أطفال الإهمال والمأساة"، أو من نقول عنهم “أطفال الشوارع".
تضيف “فاطمة" قائلة “الناس تعبوا ع الفاضى وماتوا ع الفاضى، والريس زى اللى مشى، وإحنا زى ما إحنا، وكل يوم بيزيد العدد وولاد وبنات كتير بيعيشوا فى الشارع، والريس مش عاوز يعمل حاجة للناس “.
“نورا" 17 سنة، أمسكت بطفل رضيع فى أحضانها قالت إنه “ابنها" لتبدأ حديثها قائلة: « كنت أعيش فى دار رعاية، لكن فى يناير علمت إن هناك ثورة وأن مبارك رحل، وجاء رئيس منتخب، لكن للأسف لم يختلف الأمر فى شيء عايشين فى البلد مش فاهمين حاجة زى الأول بالظبط، ويمكن أوحش".
وأضافت “أنا هربت من دار الرعاية منذ عام، بسبب سوء المعاملة، لوكان ملاذى الوحيد أن أعيش على الأرصفة فى الشارع، الذى احتضننى منذ مولدى، وأنا الآن حامل فى الشهر السابع، ولم تثبت الشرطة واقعة التعدى على، ولا حاولت المؤسسة التى كانت بها الكشف عن الفاعل فضاع حقها، لأن بعض الجهات المسئولة تنظر لهذه الفئة على أنها فئة ضالة دون حقوق، كما يقول أشرف، أحد الإخصائيين الاجتماعيين بمؤسسة مجتمع مدنى لرعاية أطفال الشوارع.
“كريم" الذى قضى 10 سنوات كاملة بين مؤسسة الرعاية الاجتماعية والشارع قال: إنه اضطر إلى العيش فى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية بعد أن عجز أهله عن تحمل مصاريفه، وأضاف قائلاً: “ حين انتقلت للمؤسسة محدش كان بيزورنى من أهلى خالص، ولما سبت المؤسسة رحت قعدت مع عيال فى أبوالريش، إحنا كتير قوى فى الشارع، والناس بتبصلى بقرف وأنا بتضايق جدا من نظراتهم، هما شايفنا كلاب عشان عايشين فى الشارع، هو إحنا لقينا مكان يلمنا وقلنا لأ،وأنا لم أجد عملا شريفا إلا فى فرز القمامة، حيث أجمع عبوات المياه الغازية المعدنية وأبيعها لأحد تجار الخردة،ولو سألت حد على شغل حيطلب منى بطاقة وشهادة ميلاد، وإحنا فى زمن محدش بيضمن حد، وأهلى معرفش عنهم حاجة عشان كده كملت حياتى فى الشارع".
وحول الاتهامات التى توجه إلى أطفال الشوارع وتعتبرهم “الطرف الثالث"المتسبب الأول فى كل الأحداث السياسية بعد الثورة، قال كريم" الحكومة بتقول إننا بنحرق وبنخرب، والحقيقة إن اللى بيعملوا كده ناس ساكنة فى بيوت ومعاها حبة فلوس ومش عاوزة تبات فى الحبس، فيلبسوها لأطفال الشوارع عشان مالهمش ظهر،والحكومة ما تقصدناش إحنا بالذات، لكنهم بيدوروا على الحيطة الواطية، واللى حتلبس القضية من غير ما تلاقى حد يدافع عنها، دول بيسيبوا تجار السلاح والمخدرات وييجوا علينا إحنا.
سيد" صديق “كريم" ورفيق دربه فى شوارع القاهرة قال، أنا قضيت 8 سنوات فى الشارع وكنت حملا ثقيلا على والدتى التى لم تستطع أن توفر لى أدنى مقومات الحياة البسيطة،وأنا عاوز كل حاجة، بس مفيش حاجة من اللى حقولها حتتنفذ عشان أنا متشرد، ماليش أصل وماليش كلمة، لكن نفسى الناس ماتمشيش تلطش فينا، والحكومة تبطل تبهدلنا وتقبض علينا كل ما تشوفنا، والحياة فى الشارع يعنى تجوع وما تلاقيش أكل وتحس بالبرد وماحدش يغطيك، والناس بتضربنا وبتاخد فلوسنا، وأنا نفسى أحس إنى بنى آدم، ونفسى الشعب مايبقاش قاسى للدرجة دى “سيد" رفع شعار “الكلة هى الحل الوحيد للتخلص من المعاناة اليومية"، وقال الكلة بتخلينى أحس إن الناس بتعاملنى كويس، أنا عارف إنها بتلحس المخ.
أما “عمر" هذا الطفل الصغير الذى لا تتجاوز سنوات عمره أصابع اليد الواحدة قابلته بإحدى الإشارات المؤدية لأرقى فنادق مصر يمر بين السيارات دون خوف من أن تصطدم به إحداها، واعتصر قلبى عندما تخيلت مدى قلقى على صغارى خلال الدقائق المعدودات من نزولهم من باص المدرسة وحتى دخولهم العقار الذى نقطنه، فما بالك بهذا الصغير الذى يقضى يومه بين السيارات، ولكن من سيقلق عليه فهو بلا أم، الأكثر من ذلك أنه يجيد فن الاستجداء والإلحاح للحصول منك على نقود لن يستفيد منها سوى رضاء المعلم.
وفى الطريق إلى التحرير قابلنا “شيماء"، والتى قالت إن ما تحتاجه هى وأمثالها فى أيام العيد ليس النقود بقدر حاجتهم لملابس نظيفة وليست جديدة حتى لا يسرقها منهم البلطجية ويبيعوها، كذلك حلوى مثل التى يحملها أطفالكم وإلا لا تجعلوهم يتناولونها أمامنا حفاظا على مشاعر الحرمان لدينا، وقليل من الطعام يوزع علينا صباحا ومساء فى أيام العيد، وهذا أفضل من العيدية، وأكدت أنها تخاف المارة كما يخافون منهم، ولكنها أكدت أن أطفال الشوارع بينهم السيئ والمجرم، ولكن أيضا فيهم الطيب الضعيف وكذلك فيهم الشريف وأنهت حديثها مؤكدة أن ما أفعله لن يجنى ثمارا مفيدة فقد جاء قبلى كثيرون وسألتنى وهى تبتعد: هل ستجدين حلا؟ الحل فى المأوى. هل لديك مأوى؟ سؤال يحتاج لسنوات من العمل المخلص من أجل هؤلاء ومن أجل مصر. فهل من مجيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.