الأكاديمية المهنية للمعلمين تعلن تفاصيل إعادة التعيين للحاصلين على مؤهل عالٍ 2025    د. هشام عبدالحكم يكتب: عمران التعليم العالى وليس عمارته فقط    أحمد صفوت: «فات الميعاد» كسر التوقعات.. وقضاياه «شائكة»| حوار    الذهب يواصل مكاسبه للأسبوع الخامس.. 41 دولار زيادة في سعر الأوقية    أسعار الفراخ اليوم السبت 20-9-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    كيف تحصل على 5250 جنيه في الشهر من شهادات البنك الأهلي 2025؟.. اعرف عائد ال300 ألف جنيه    ترامب: القوات الأمريكية استهدفت سفينة تهريب مخدرات بالمياه الدولية    خبير عسكري| قرار نتنياهو بهدم غزة بالكامل هو رسالة ل«مصر»    ترامب يضيف رسومًا بقيمة 100 ألف دولار على تأشيرة العمالة في أمريكا    «تريزيجيه تخلى عن الأنانية».. محمود الدهب يعلق على فوز الأهلي ضد سيراميكا    قرار وزاري جديد.. 380 درجة للمجموع وتوزيع جديد ل المواد بالصف الثاني الثانوي 20262025    حبس المتهم بسرقة الدراجات النارية بالتجمع الأول    ترامب: الرئيس الصيني وافق على صفقة «تيك توك».. ولقاء مرتقب في كوريا    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات بمنشأة ناصر    ماذا تفعل حال تهشّم زجاج سيارتك؟ خطوات تنقذك على الطريق السريع    مهرجان الجونة السينمائي يقرر.. اختيار كيت بلانشيت ضيفة شرف وجائزة الإبداع لمنة شلبي    حكاية «الوكيل» في «ما تراه ليس كما يبدو».. كواليس صناعة الدم على السوشيال ميديا    «محبتش في حياتي غيره ولا هحب بعده».. مي كمال الدين تؤكد انفصالها عن أحمد مكي (صورة)    صلاة كسوف الشمس اليوم.. تعرف على حكمها وطريقة أدائها    عوامل شائعة تضعف صحة الرجال في موسم الشتاء    «هيفتكروه من الفرن».. حضري الخبز الشامي في المنزل بمكونات بسيطة (الطريقة بالخطوات)    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة    أسعار المستلزمات المدرسية 2025: الكراسات واللانش بوكس الأكثر شراءً    إيناس الدغيدي تلغي حفل زفافها بسبب التنمر    تحذير عاجل للأرصاد بشأن اضطراب البحر المتوسط غدًا والخريف يبدأ رسميًا الاثنين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    مذيع يشعل النار في لسانه على الهواء.. شاهد التفاصيل    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم السبت    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    ترامب عن هجوم حماس: ما حدث في 7 أكتوبر كان إبادة جماعية    ترامب يعلق على انتهاك مزعوم لمجال إستونيا الجوى من قبل مقاتلات روسية    كارول سماحة عن انتقادات إحيائها حفلات بعد وفاة زوجها: كل شخص يعيش حزنه بطريقته    بيتيس يفوز على ريال سوسيداد بثلاثية في الدوري الإسباني    رسميًا.. تامر مصطفى مديرًا فنيًا للاتحاد السكندري    عبد الحفيظ: جلستي مع الخطيب استمرت ساعتين.. ولا يوجد قرار رسمي    الأهلي: يتم استهلاكنا في أمور غير منطقية.. وزيزو يعود خلال أيام    الدفاع المدني بغزة: 450 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة    للمرة الثانية خلال 12 ساعة، توغل إسرائيلي في 3 قرى بريف درعا السورية    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    شوقي حامد يكتب: استقبال وزاري    كارول سماحة: «الحياة ومصر لم تعد عادية بعد وفاة زوجي» (فيديو)    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    مؤتمر إنزاجي: هذا سبب التعادل مع أهلي جدة.. وعلينا التعلم من المباراة    طابور صباح وأنشطة طلابية في الشارع، سور متحرك ينهي معاناة 38 سنة بمدارس ورورة ببنها (صور)    قرار عاجل من النيابة ضد أبطال فيديو سكب السولار على الخبز بالشرقية    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    انطلاقة قوية ومنظمة وعام دراسي جديد منضبط بمدارس الفيوم 2026    القرنفل مضاد طبيعي للالتهابات ومسكن للآلام    ديتوكس كامل للجسم، 6 طرق للتخلص من السموم    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً قبل الاقتصادي    سيف زاهر: جون إدوار يطالب مسئولى الزمالك بتوفير مستحقات اللاعبين قبل مواجهة الأهلى    محمود محيي الدين: الذهب يتفوق على الدولار فى احتياطات البنوك المركزية لأول مرة    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    طارق فهمي: المجتمع الإسرائيلي يراقب التطورات المصرية بقلق (فيديو)    تراجع كبير في سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الأهرام العربى» تفتح الملف: أطفال «العار».. مصريون بلا شهادات ميلاد!!
نشر في الأهرام العربي يوم 11 - 03 - 2013

عماد أنور - هيثم حسن - رحلتنا إليهم ذكرتنا برحلة 25 يناير التى خضناها معا، البداية مع قطار مترو الأنفاق من حى دار السلام الشعبى، والخطوة الأولى على رصيف محطة أنور السادات أو كما تشتهر"التحرير".
فى هذا الممر المظلم الذى تحمل حوائطه إشارة زرقاء للاتجاهات، كتب عليها ميدان طلعت حرب، التحرير، الجامعة الأمريكية. نلتقى بهم فى هذا الظلام الدامس الذى لا تكسر حدته سوى أضواء الليزر الأخضر الذى يستخدمه الثوار للتشويش على عيون القناصة والكاميرات وضباط الأمن المركزى.
تبدأ قصتهم، وتنتهى هنا، هذا هو مجتمعهم وهذه دولتهم .. دولة الأرصفة وحوائط الممرات وأكياس المناديل و"الفوط الزفرة" فى الإشارات.. هنا إنسان الغاب وشريعته، البقاء للأقوى والأسرع والأفضل حظاً.
هم مصريون بلا شهادات ميلاد أو وفاة أو حياة، بلا قوت أو بيوت أو مدارس أو كتاب أو طيارة ورق.
هنا بلا شك .. طفل القرن الأول تعبث بمصيره النظرات المحتقرة وركلات الأحذية المفتخرة وصيحات المارة وسياسات الحكام، هنا «طرف ثالث» ليس ب «طرف ثالث»، هنا مهمشون لا بلطجية، مساكين لا “قابضين"، يحلمون بضحكة قبل أن يحلموا بوجبة، يطلبون العدالة الاجتماعية، بدون بدل رسمية أو كرافتات أو أحزاب أو إعلام، إنما هى العدالة الاجتماعية التى تعطيهم الحق فى الحياة بعيداً عن برد الأرصفة وقسوة الشارع.
من يقرعون ناقوس الخطر على أسوار الميدان فى كل هجوم، ندق نحن ناقوس الخطر قبل أن يتعرضوا هم للهجوم .. إنهم من نقول عنهم “أطفال الشوارع"..
“أيام الثورة وقنابل الغاز والقناصة كنا نايمين فى الجامع، وشفنا الثوار، وهتفنا معاهم، لأنهم قالوا لنا الثورة قامت علشان حقنا، وعلشان نجيب ريس يجيب حق الناس الغلابة، وما حدش يجراله اللى جرالنا، وينام جعان زينا".
هكذا بدأت “فاطمة" حديثها لتفتح لنا ملف هؤلاء “أطفال الوطن"، “أطفال الجوع" “أطفال الإهمال والمأساة"، أو من نقول عنهم “أطفال الشوارع".
تضيف “فاطمة" قائلة “الناس تعبوا ع الفاضى وماتوا ع الفاضى، والريس زى اللى مشى، وإحنا زى ما إحنا، وكل يوم بيزيد العدد وولاد وبنات كتير بيعيشوا فى الشارع، والريس مش عاوز يعمل حاجة للناس “.
“نورا" 17 سنة، أمسكت بطفل رضيع فى أحضانها قالت إنه “ابنها" لتبدأ حديثها قائلة: « كنت أعيش فى دار رعاية، لكن فى يناير علمت إن هناك ثورة وأن مبارك رحل، وجاء رئيس منتخب، لكن للأسف لم يختلف الأمر فى شيء عايشين فى البلد مش فاهمين حاجة زى الأول بالظبط، ويمكن أوحش".
وأضافت “أنا هربت من دار الرعاية منذ عام، بسبب سوء المعاملة، لوكان ملاذى الوحيد أن أعيش على الأرصفة فى الشارع، الذى احتضننى منذ مولدى، وأنا الآن حامل فى الشهر السابع، ولم تثبت الشرطة واقعة التعدى على، ولا حاولت المؤسسة التى كانت بها الكشف عن الفاعل فضاع حقها، لأن بعض الجهات المسئولة تنظر لهذه الفئة على أنها فئة ضالة دون حقوق، كما يقول أشرف، أحد الإخصائيين الاجتماعيين بمؤسسة مجتمع مدنى لرعاية أطفال الشوارع.
“كريم" الذى قضى 10 سنوات كاملة بين مؤسسة الرعاية الاجتماعية والشارع قال: إنه اضطر إلى العيش فى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية بعد أن عجز أهله عن تحمل مصاريفه، وأضاف قائلاً: “ حين انتقلت للمؤسسة محدش كان بيزورنى من أهلى خالص، ولما سبت المؤسسة رحت قعدت مع عيال فى أبوالريش، إحنا كتير قوى فى الشارع، والناس بتبصلى بقرف وأنا بتضايق جدا من نظراتهم، هما شايفنا كلاب عشان عايشين فى الشارع، هو إحنا لقينا مكان يلمنا وقلنا لأ،وأنا لم أجد عملا شريفا إلا فى فرز القمامة، حيث أجمع عبوات المياه الغازية المعدنية وأبيعها لأحد تجار الخردة،ولو سألت حد على شغل حيطلب منى بطاقة وشهادة ميلاد، وإحنا فى زمن محدش بيضمن حد، وأهلى معرفش عنهم حاجة عشان كده كملت حياتى فى الشارع".
وحول الاتهامات التى توجه إلى أطفال الشوارع وتعتبرهم “الطرف الثالث"المتسبب الأول فى كل الأحداث السياسية بعد الثورة، قال كريم" الحكومة بتقول إننا بنحرق وبنخرب، والحقيقة إن اللى بيعملوا كده ناس ساكنة فى بيوت ومعاها حبة فلوس ومش عاوزة تبات فى الحبس، فيلبسوها لأطفال الشوارع عشان مالهمش ظهر،والحكومة ما تقصدناش إحنا بالذات، لكنهم بيدوروا على الحيطة الواطية، واللى حتلبس القضية من غير ما تلاقى حد يدافع عنها، دول بيسيبوا تجار السلاح والمخدرات وييجوا علينا إحنا.
سيد" صديق “كريم" ورفيق دربه فى شوارع القاهرة قال، أنا قضيت 8 سنوات فى الشارع وكنت حملا ثقيلا على والدتى التى لم تستطع أن توفر لى أدنى مقومات الحياة البسيطة،وأنا عاوز كل حاجة، بس مفيش حاجة من اللى حقولها حتتنفذ عشان أنا متشرد، ماليش أصل وماليش كلمة، لكن نفسى الناس ماتمشيش تلطش فينا، والحكومة تبطل تبهدلنا وتقبض علينا كل ما تشوفنا، والحياة فى الشارع يعنى تجوع وما تلاقيش أكل وتحس بالبرد وماحدش يغطيك، والناس بتضربنا وبتاخد فلوسنا، وأنا نفسى أحس إنى بنى آدم، ونفسى الشعب مايبقاش قاسى للدرجة دى “سيد" رفع شعار “الكلة هى الحل الوحيد للتخلص من المعاناة اليومية"، وقال الكلة بتخلينى أحس إن الناس بتعاملنى كويس، أنا عارف إنها بتلحس المخ.
أما “عمر" هذا الطفل الصغير الذى لا تتجاوز سنوات عمره أصابع اليد الواحدة قابلته بإحدى الإشارات المؤدية لأرقى فنادق مصر يمر بين السيارات دون خوف من أن تصطدم به إحداها، واعتصر قلبى عندما تخيلت مدى قلقى على صغارى خلال الدقائق المعدودات من نزولهم من باص المدرسة وحتى دخولهم العقار الذى نقطنه، فما بالك بهذا الصغير الذى يقضى يومه بين السيارات، ولكن من سيقلق عليه فهو بلا أم، الأكثر من ذلك أنه يجيد فن الاستجداء والإلحاح للحصول منك على نقود لن يستفيد منها سوى رضاء المعلم.
وفى الطريق إلى التحرير قابلنا “شيماء"، والتى قالت إن ما تحتاجه هى وأمثالها فى أيام العيد ليس النقود بقدر حاجتهم لملابس نظيفة وليست جديدة حتى لا يسرقها منهم البلطجية ويبيعوها، كذلك حلوى مثل التى يحملها أطفالكم وإلا لا تجعلوهم يتناولونها أمامنا حفاظا على مشاعر الحرمان لدينا، وقليل من الطعام يوزع علينا صباحا ومساء فى أيام العيد، وهذا أفضل من العيدية، وأكدت أنها تخاف المارة كما يخافون منهم، ولكنها أكدت أن أطفال الشوارع بينهم السيئ والمجرم، ولكن أيضا فيهم الطيب الضعيف وكذلك فيهم الشريف وأنهت حديثها مؤكدة أن ما أفعله لن يجنى ثمارا مفيدة فقد جاء قبلى كثيرون وسألتنى وهى تبتعد: هل ستجدين حلا؟ الحل فى المأوى. هل لديك مأوى؟ سؤال يحتاج لسنوات من العمل المخلص من أجل هؤلاء ومن أجل مصر. فهل من مجيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.