عقد د. هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء اليوم الأ حد مؤتمراً صحفياً لتدشين "المبادرة الوطنية للانطلاق الاقتصادى" ، وقد استهل رئيس الوزراء كلمته فى المؤتمر الصحفى بتوجيه التهنئة إلى الشعب المصرى بحلول العام الجديد، كما وجه التهنئة إلى الأخوة المسيحيين فى مصر وخارجها بمناسبة قرب حلول عيد الميلاد المجيد. وأوضح د. قنديل أن هناك مسارين يسيران بالتوازى فى عملية البناء والتنمية لمصر ما بعد الثورة: الأول هو المسار السياسى والذى أصبح واضحاً ومحدداً بعد إقرار الدستور الجديد، الذى ينص على خطوات ومراحل استكمال باقى المؤسسات ، والثانى هو المسار الاقتصادى الذى يجب أن يكون محل اتفاق بيننا جميعاً، وأن يظل بمنأى عن أية اختلافات أو تأثيرات سياسية، فتقاطع المسارين يؤدى إلى تعطيل خطط التنمية، ولا شك أن تنمية هذا البلد هى أولوية تمثل محل إجماع بين مختلف القوى السياسية.. ومن هنا جاء اختيار شعار هذه المبادرة وهو "لنتفق على ما يجمعنا". أضاف د. قنديل أنه بالرغم من أنه لا مجال للحديث عن إفلاس، إلا أننا نواجه ظروفاً اقتصادية دقيقة وصعبة ينبغى التعامل معها، خاصة ما يتعلق بمشكلات البطالة، والفساد، والأمية، وعجز الموازنة. وأوضح رئيس مجلس الوزراء أن مشكلة عجز الموازنة (زيادة المصروفات عن الإيرادات) هى إحدى المشكلات التى تتطلب حلولاً عاجلة. اوضح قنديل أنه كان أمام الحكومة أحد خيارين: إما أن تتخذ قرارات شعبوية لن تلقى معارضة ولكنها فى الوقت ذاته لن تحل الأزمة بل ستزيد الأمور تعقيداً وتضاعف الأعباء، أو أن نضع الحلول الفاعلة ونتخذ قرارات صعبة ، ولكنها فى الوقت ذاته قرارات سليمة وقوية وكفيلة بإخراج الاقتصاد من كبوته، فى إطار من الشفافية والحوار مع المجتمع. أكد د. قنديل أن حكومته ليست حكومة جباية، وأنها لن تلجأ لفرض رسوم وضرائب إلا فى إطار الحد الأدنى الذى يُمَكّن من تجاوز الأزمة، ويراعى فى الوقت ذاته العدالة الاجتماعية، وبحيث يتحمل عبئها الشريحة القادرة دون المساس بأصحاب الدخول المحدودة وغير القادرين، فلا يُعقل بعد ثورة يناير أن تأتى حكومة تلحق الضرر بغير القادرين. استعرض د. هشام قنديل الإجراءات العاجلة التى قامت بها حكومته للتعامل مع الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، وهى الإجراءات التى ركزت فى شقها الأول على زيادة إيرادات الدولة من خلال حل مشكلات المصانع المتوقفة وحل مشاكل المستثمرين المصريين والأجانب ، وتوسيع قاعدة المجتمع الضريبى، وتنشيط قطاع السياحة، وترشيد منظومة الدعم، فضلاً عن الشق الثانى المتعلق بالتعامل السريع والحاسم مع مشاكل الحياة اليومية للمواطنين، حيث نجحت الحكومة فى وضع حلول ناجحة لأزمات البوتاجاز والوقود والكهرباء، وتقوم بجهود كبيرة للتعامل مع أزمتى المرور والنظافة. أكد قنديل أنه إزاء العجز الحالى فى الموازنة العامة للدولة فقد أصبح الاقتراض حتمياً، حتى تستطيع الحكومة التعامل مع فجوة العجز الحالية، وكذلك لأن الاتفاق مع الصندوق يمثل فى حد ذاته شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى، ويبعث برسالة تطمين إلى المستثمرين الأجانب. أشار رئيس الوزراء إلى أن التوترات السياسية التى تحدث بين الحين والآخر تؤثر بشكل سلبى على توقيتات تنفيذ برامج الحكومة، وتعطل المسار الاقتصادى، كما أنها أثرت بشكل كبير على قطاع السياحة الذى شهد تراجعاً كبيراً فى الربع الثانى من العام المالى الجارى، حتى أنه فى ذروة الموسم السياحى الحالى، فإن نسب الإشغال ضعيفة للغاية. اختتم د. قنديل حديثه بالتأكيد على أنه من خلال هذه المبادرة التى تضم الجانب الحكومى مع الجانب الأهلى سوف تتم صياغة كل التوصيات والمقترحات التى تمثل مطالب الشعب، ومن ثم نخرج ببرنامج وطنى متفق عليه ، ليس لهذه الحكومة فقط، وإنما أيضاً للحكومات المقبلة، فى إطار من المشاركة لصالح هذا الوطن. وطمأن د. قنديل الجميع إلى أنه يوجد ضوء ساطع فى نهاية النفق، من خلال العمل وزيادة الانتاج والاستقرار، لكن الوصول إلى هذاالضوء يعتمد على تقصير مسافة النفق، ولذا فقد دعا رئيس الوزراء كل أبناء الوطن إلى تنحية خلافاتهم السياسية جانباً، و التوحد على ما يجمعنا ، وإلى العمل الجاد من أجل المساهمة فى الارتقاء باقتصاد هذا الوطن، من أجل تحقيق أهداف ثورة يناير المجيدة، وحتى يسجل التاريخ أن مصر قد قامت بسواعد أبنائها حينما استشعروا مسئوليتهم تجاه بلدهم، ولبّوا نداء وطنهم الذى يحتاج اليوم أكثر من أى وقت مضى إلى التعاون والبناء.