حذر تقرير جديد صادر عن قطاع الأعمال الدولية من أن استخدام الوقود الأحفوري أى المستخرج من الفحم الحجري،والفحم النفطي الأسود، والغاز الطبيعي، يدفع البشرية نحو إرتفاع كارثي في درجات الحرارة على كوكب الأرض، بنسب تتراوح بين أربع وست درجات مئوية. و نبه إلي أن ذلك يحدث في وقت لا تبذل فيه أي دولة صناعية أو نامية كبيرة أي جهد تقريبا للحيلولة دون تحول أجزاء كبيرة من هذا الكوكب إلي أماكن غير صالحة للسكن. "الأمر لا يتعلق بتكتيكات صدمة.. وإنما برياضيات بحتة". هكذا أكد ليو جونسون، الشريك بمؤسسة "برايس ووترهاوس كوبرز الدولية المحدودة"، واحدة من كبري شركات العالم في مجال المحاسبة، والذي أعد التقرير. وقال جونسون "نحن نتوجه إلي منطقة مجهولة من حيث حجم التحول والابتكارات التقنية اللازمة" للحد من انبعاثات الكربون بما يكفي لمنع الكوارث. وبمجرد أسابيع قليلة علي مؤتمر الأممالمتحدة المعني بالتغيير المناخي في الدوحة، كشف مؤشر الإقتصاد منخفض أكسيد الكربون -الذي أصدرته برايس ووترهاوس كوبرز - عن حجم التحديات التي يواجهها المؤتمر العالمي في العاصمة القطرية. فمنذ قمة كوبنهاجن للمناخ في عام 2009، ويحث العلماء والمنظمات غير الحكومية على حد سواء كافة الدول على وضع أهداف أعلى لخفض الانبعاثات وإعتماد سياسات لمواجهتها. لكن كل هذه النداءات لم تجد إستجابة لها إلى حد كبير، كما جاء في تقرير برايس ووترهاوس كوبرز. فيبين التقرير أنه في حين كان هناك انخفاضا بنسبة 0.7 في المئة في انبعاثات الكربون العالمية لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي (وهو المقياس المعروف بإسم كثافة الكربون) في عام 2011، فتعتبر هذه النسبة جزءا بسيطا من ما هو مطلوب لتلبية الالتزام الدولي للحد من الزيادة العالمية في درجة الحرارة إلى درجتين مئويتين. "يتحتم علينا الآن الحد من الانبعاثات بنسبة 5.1 في المائة في السنة .. في كل سنة من الآن وحتى عام 2050". هكذا يؤكد جوناثان جرانت، مدير الاستدامة والتغير المناخي في برايس ووترهاوس كوبرز. ثم ينبه أنه "يبدو من غير المرجح جدا أننا سوف نكون قادرين على تحقيق هذه الأهداف". فلو كان خفض الانبعاثات قد بدأ في عام 2000، لبلغ معدل الانخفاض نسبة 3.7 في المئة. وحتي لو كان الانخفاض الحديث في نمو الانبعاثات قد بلغ 1.5 في المائة سنويا لكان من المتوقع ان ترتفع درجات الحرارة العالمية فوق أربع درجات مئوية، وفقا للتقرير. وتجدر الإشارة إلي أن زيادة بقدر أربع درجات تعني أن العالم يصبح أكثر سخونة من أي وقت مضي علي مدي ال 30 مليون عام الماضية. كذلك فسوف ترتفع درجة الحرارة الأرضية لتكون درجتين مئويتين أكثر دفئا في بعض الأماكن، بل وما بين ثمان وعشر درجات في كندا وأجزاء من أوروبا، وحتي 15 درجة في المنطقة القطبية الشمالية وغيرها. ويعني ذلك أيضا أن الجفاف وارتفاع درجات الحرارة سوف يهلك افريقيا والكثير من المناطق الاستوائية في العالم. كما أن عالما أكثر دفئا بنسبة أربع درجات مئوية يعني أيضا إرتفاع مستوى سطح البحر بمعدل متر إلى مترين بحلول عام 2100 ما من شأنه أن يترك مئات الملايين من البشر بلا مأوى. كذلك فسوف تكون المحيطات حمضية جدا للمحار والشعاب المرجانية ومعظم العوالق، وسوف تتأثر العديد من أنواع الأسماك سلبا. وكمثال علي حجم التحدي القائم للحد من انبعاثات الكربون، هو أن الولايات يجب أن تحول جميع محطات الطاقة التي تعمل بالفحم الى الغاز الطبيعي في السنوات الثماني المقبلة، وذلك بغية تلبية تعهدات قمة المناخ في كوبنهاغن بتخفيض الإنبعاثات بنسبة 17 في المئة عن مستويات عام 2005. لكن حتى هذا التعهد غير كاف مقارنة بالدول الصناعية الأخرى. ومثال آخر: تعهدت المملكة المتحدة بالحد من الانبعاثات بنسبة 34 في المئة دون مستويات عام 1990. وحاليا حققت ذلك بنسبة 18 في المئة دون مستويات عام 1990. فإذا أرادت الوفاء بالتزاماتها لكان عليها أن تغلق جميع محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم بحلول عام 2020، وفقا للتقرير. أما الصين والهند وروسيا والبرازيل فعليها أيضا إجراء تخفيضات سنوية تتراوح بين ثلاثة الى سبعة في المئة في كثافة الكربون الخاصة بها من أجل الوفاء بتعهداتها. وعلي الرغم ما ذلك، فحتى الوفاء بمثقل هذه التعهدات يضع هذا الكوكب على طريق زيادة درجة الحرارة بنسبة 3,5 درجة مئوية، وفقا لدراسات مركز تعقب العمل المناخي، وهو المركز المستقل المتخصص في إجراء التقييمات العلمية للإنبعاثات والإجراءات التي تتخذها الدول لخفضها.