المعتصم بالله حمدي - يطل الإعلامي محمود الورواري علي شاشة قناة العربية، من خلال برنامج «الحدث المصري»، ويقدم خبراته التي كونها من خلال سنوات طويلة من العمل الإعلامي عاصر خلالها العديد من الأحداث المهمة، وهو يحاول أن يكون برنامجه مختلفا عن باقي برامج التوك شو المصرية التي تعرضت هي ومقدموها لاتهامات عديدة، ومن خلال الحوار التالي مع الورواري نتعرف علي تفاصيل البرنامج ورؤيته لحال الإعلام المصري في الوقت الراهن وأمور أخري عديدة. كيف تري ردود الفعل حول برنامجك «الحدث المصري» الذي يعرض علي شاشة قناة العربية؟ البرنامج حقق تواصلا مع الجمهور المصري خلال الفترة القليلة الماضية، لأنه انحاز للقضايا السياسية والحياتية المهمة التي شغلت الرأي العام المصري أخيرا، والبرنامج مختلف تماما عن برامج التوك شو الأخري التي تعرض في الفضائيات المصرية، لأنه يعرض في قناة كبيرة لها ستايل وشكل خاص يلزمهم بالعمل في هذا الإطار. ألا تري أن برامج التوك شو المتخصصة في الشأن المصري أصبحت تتعرض لهجوم جماهيري كبير بحجة أنها تؤجج الخلافات بين مختلف الأطراف..فكيف ستواجهون ذلك؟ نحن ملتزمون في البرنامج بمعايير قناة» العربية» التي ترفع شعار»حيادية المهنة» وتجيد تطبيقها تماما، وهناك معيار آخر خاص بي أطبقه في قناة «العربية» أو في العشر سنوات التي سبقت عملي بها وهوالالتزام بالمهنية، حتي إن الناس تسأله «أنت مع من؟»،كما أنني أبتعد عن أمراض الواقع الإعلامي المصري الذي يعتمد علي افتعال الأزمات والبطولات الوهمية لدرجة تصل إلي سب الضيف أو المزايدة علي وطنيته أو الوقوع في كارثة تبني رأي وموقف مع أن المذيع من المفترض أن يكون في الوسط ويقف علي مسافة واحدة من جميع الأطراف وأعرف جيدا ما مطبات الإعلام المصري، وبرغم ذلك فلابد من الاعتراف أن هناك مهنيين وزملاء لهم جميع الاحترام والتقدير. وهل رغبة هذه البرامج في استقطاب الإعلانات يشوه مضمونها والهدف المرجو منها؟ كارثة الإعلام المصري حاليا أن الإعلان هو الذي يسيطر ويسير الإعلام أي أن «النون غلبت الميم»، وبالتالي فكل شىء أصبح مرهونا برضا المعلن وهذا أمر ضد قيمة الإعلام والإعلامي ويبعدنا كثيرا عن المهنية، ومطلوب حاليا أن يكون هناك مشروع كبير لإعادة ترتيب البيت الإعلامي المصري من الداخل ووضع ضوابط خاصة بالمذيعين وأصحاب القنوات خصوصا أن مهنة المذيع شديدة الصعوبة وتتكون بالتراكم وفي مصر من السهل جدا أن تكون مذيعا. هل أنت قريب من الناس للدرجة التي تجعلك قادرا علي تقديم برنامج يهتم بالشأن المصري ومختلف عما يعرض من برامج كثيرة أخري؟ لدي عادة الجلوس وسط الناس علي المقاهي والمشي في شوارع الحسين والسيدة وأحيانا في القري والنجوع لأن جذوري ريفية ووجدت أن الناس في حالة ضيق وملل وكراهية للبرامج والتليفزيون في ظل كثرة الاتهامات المتبادلة بين الفرقاء السياسيين في مصر، فاليبراليون يخونون الإخوان المسلمين والعكس، والمشاهد أصبح في حيرة وتوهان ولذلك فقد هرب المشاهد إلي كل ما هو جديد ومختلف، ومن حسن الحظ أنني أعمل في قناة ليست محسوبة علي الإعلام المصري وتقف علي مسافة واحدة من كل الأطراف. ولكن برامج التوك شو تواجه أزمة تكرار الضيوف الذين أصبحوا وجوها معروفة للجميع ويتحدثون في كل شىء؟ برنامج «الحدث المصري» يقوم بدراسة دقيقة لنوعية الضيوف الذين سيوجدون به وسيعتمد علي المتخصصين في القضايا المطروحة للنقاش لأن الأولوية عندننا أن يكون الضيف متسقا مع الموضوع. قدمت برامج إبان ثورة 25 يناير وبعدها مثل"مصر ما بعد مبارك"، “ستديو القاهرة"،"منتصف ليل القاهرة"،"المرشح الرئيس" وأخيرا"الحدث المصري".. ما الاختلاف بين هذه البرامج؟ إستراتيجية قناة “العربية" التي تحرص عليها هي أن البرنامج يتسق مع موضوعه ومحتواه مع عنوانه ومع المرحلة التي تمر بها الحالة المصرية، فمثلا برنامج"المرشح الرئيس" كان يغطي الانتخابات الرئاسية بمرحلتيها حتي إعلان اسم الفائز، بكل جدلها وزخمها وما كان لهذا البرنامج أن يستمر بعد اختيار الرئيس، وقدمت بعده مجموعة من الحلقات ناقشت فيها ملامح وطبيعة الجمهورية الثانية التي تأسست مع إعلان اسم الرئيس وبالنسبة للبرامج الثلاثة: “مصر ما بعد مبارك"، “ستديو القاهرة"،"منتصف ليل القاهرة"، فكانت تغطي مخاض ثورة 25يناير وجدل ما بعد الثورة حتي الانتخابات البرلمانية، ثم توقفت قبل برنامج"المرشح الرئيس" أما برنامج"الحدث المصري" فهناك دراسة للحالة المصرية وعندما أصبحت مصر دولة كاملة المواصفات لها رئيس وبرلمان حتي وإن حل، ودستور تتم صياغته فتصبح الأولوية للحدث وليس الأولوية لسؤال القلق،فالأسئلة العالقة بشكل الدولة قد حسمت والسؤال الذي لم يحسم وهو الحدث نناقشه. هل وصلت لحالة الرضا في مشوارك الإعلامي بعد كل سنوات العمل الطويلة؟ الحقيقة بعد ما يزيد على عشرين عاما من العمل في مهنة الإعلام، فالتوفيق أولا من عند الله سبحانه وتعالي، والاجتهاد هو شىء في طبعي وجيناتي الوراثية وفي جيلي الذي تخرج في تسعينيات القرن الماضي وأنا كنت محظوظا بالفرص والمجالات التي سمح لي بالعمل فيها، فرحلة الاحتراف الإعلامي التي بدأت مبكرة عام 1994 واستمرت حتي الآن سمحت لي بالوجود في دولة العراق وأطلع علي تجربة الاحتلال التي أعتقد أنها أهم حدث في تاريخ العالم العربي الحديث لأنه تغيرت مفاهيم عديدة بعدها، كما سمحت لي الظروف في الوجود في أفغانستان والسودان وإيران وباكستان وغيرها من الدول، وأري أن رحلة العمل تصل بي لدرجة الرضا. أنت صاحب أربعة عشر مؤلفا وكتابا..هل تأثرت في حياتك الإعلامية بتميزك الثقافي والأدبي؟ استفدت من الأديب العالمي نجيب محفوظ الذي قال لي في إحدى المرات" إن لم تروض الكتابة لاستعبدتك، فهي تأتيك وقتما تشاء، اكتب ولو حتي خطابات غرامية، وافترض أنك تكتب لامرأة جميلة فالمهم أن تكتب ويكون لديك مشروع مفتوح طوال الوقت، قصة قصيرة، مسرحية فعليك أن تكتب كل يوم ولو سطر حتي تكمل ما تكتب" ومن هنا لا يمر يوم دون أن أكتب أو أقرأ أو أشاهد فيلما أو أذهب إلي المسرح أو أجلس مع شخص أتعلم منه حتي وإن ندر وجود هؤلاء الأشخاص وتأثر مشواري الإعلامي إيجابيا من من هذه الحالة الثقافية التي عشتها.