منذ ثورة 25 يناير تغيرت مفاهيم كثيرة.. منها برامج التوك شو التي اتخذت من الحرية الإعلامية شعارا استخدمته في فرض سيطرتها علي الموضوعات والأفكار التي تؤمن بها لطرحها علي المشاهد والضيوف ، وفي بعض الاحيان يصل الأمر لدرجة الاستهزاء بأي ضيف لا يوافق المذيع في وجهة نظره.. أو العكس أحيانا .. لذلك سألنا بعض المذيعين : هل من حق المذيع أن يعتبر وقت الهواء فرصة لعرض وجهة نظره وأفكاره الشخصية .. وهل من حقه إحراج الضيوف والاستهزاء بهم بل وتجريحهم أحيانا لمجرد أن لهم وجهة نظر مخالفة !. وهل أصبح المذيع الشرير هو المطلوب في هذه الفترة؟ في البداية تقول ريم ماجد مقدمة برنامج بلدنا بالمصري علي قناة ON TV : ما يميز برنامجنا وقناتنا انه ليست لدينا حرب الديوك والمشاجرات التي تحدث بصوت عال , وبالتالي لم نتغير بعد الثورة واستمررنا علي نفس المنوال , فإذا كان الإعلامي من الأساس يراعي أصول المهنة وأخلاقها فليس مطلوبا منه أن يغير أسلوبه قبل أو بعد الثورة ومن المفروض أن يفهم الإعلامي دوره جيدا فلا يفرض رأيه ' بالعافية ' ويجرح ويحرج ضيوفه بهدف كسب شو إعلامي , من الممكن أن آخذ من الضيف كل ما أريده بدون أن أجرحه أو أحرجه أمام المشاهدين وهناك فرق كبير بين الحرية والتجاوز .. وبين الفجاجة والتجريح فالحرية بالضرورة مقترنة بالاحساس بالمسئولية وهي ليست إثارة بلبلة وجري وراء أي خبر يقال بدون تدقيق . ومن حقي كمذيعة أن أنتقد موقفا مادام النقد لم يتطرق إلي التجريح والإساءة , وإحراج الضيف يندرج تحت عدة مسميات .. فأنا لابد أن أكون مذاكرة الضيف جيدا لكيلا أسمح له بأن يكذب علي المشاهدين وفي حالة كذبه أستطيع أن أقول له ' أنت قلت كذا من قبل ' وفي هذه الحالة لا أعتبره تجريحا بل أعتبره ' تنويرا ' لأن ليس من حقك أن تضلل الناس خاصة بعد الثورة وأنا لا أري ضيفي قبل الهواء وممنوع أن أعطي الضيف الأسئلة قبل التسجيل وهناك اتفاق مسبق علي ذلك مع رئيس التحرير وفريق العمل وعموما كثرة برامج التوك شو بعد الثورة سلاح ذو حدين ... وبصراحة الله يكون في عون المشاهد . أما شريف عامر مقدم برنامج الحياة اليوم علي قناة الحياة فيقول : لا يوجد لدينا إحراج أو تجريح للضيف في غير الحقيقة والمعلومات ولا نضع وصاية علي أي مشاهد .. فلم نغير طريقة أدائنا بعد الثورة سوي بمزيد من الحرية التي لا تجرح كما أن دوري هو العمل بطريقة مهنية وحيادية دون الانحياز لجانب علي حساب جانب آخر كما أن دوري ليس مصادرة آراء الضيوف إنما أتحكم في ردود أفعالي حتي أعطي الضيف الفرصة في التحدث وأعطي الفرصة للمشاهد أن يقيم وإذا كان لدي معلومات حقيقية ضد آراء الضيف أو عكس ما يقوله أطرحها فورا , وللأسف ظروف عملي تمنعني من تقييم زملائي فلا أستطيع أن أبدي رأيا في هذا لأنني لست بموضع حكم علي زملائي نعم تحدث بيننا أنا ولبني عسل خلافات كثيرة في بعض وجهات النظر لكنها خلافات طبيعية نتيجة التواجد اليومي معا وهذا يحدث في أي مكان به زملاء يغارون علي مهنتهم وأعتبر برنامج العاشرة مساء البرنامج الوحيد المنافس لنا أما باقي البرامج فلا أستطيع أن أبدي رأيي فيها . وتقول المذيعة ريهام إبراهيم والتي كانت لها تجربة قصيرة في تقديم برنامج ' مصر النهاردة ' بعد ثورة 25 يناير : حصلت علي إجازة من التليفزيون المصري وأعمل حاليا بقناة النهار مذيعة نشرة وبعد رمضان سأقدم برنامج توك شو أتمني أن يضعني علي الطريق الصحيح الذي أتمناه لأكون عند حسن ظن جمهوري الذي وثق بي في برنامج مصر النهادرة وبخصوص فرض بعض المذيعين آراءهم علي المشاهد والضيف فأعتقد أنها مرحلة سوف تمر ولن يبقي إلا الجيد فنحن في مرحلة لخبطة وهناك طريقة مهنية تجعل الاعلامي يمارس دوره دون أن يسئ لضيفه أو للمشاهد , فلا يصح أن يتخذ المذيع موقفا ضد ضيفه حتي إذا كان يكرهه .. فليست مهمته أن يظهر إنه يحبه أو يكرهه علي الشاشة لكن مهمته أن يسأل ويناقش ويتحاور ثم المشاهد بعد ذلك يمكنه تكوين موقف من هذا الشخص بناء علي ردوده ثم أن نجاح برنامج التوك شو لا يكون للمذيع وحده , فالعمل الإعلامي متكامل والنجاح يعود لفريق العمل من إعداد وتصوير وإخراج . وتعلق الدكتورة ليلي عبد المجيد الأستاذ بقسم الصحافة وعميدة كلية الإعلام السابقة قائلة : ليس معني أن يمارس الإعلام حريته في التعبير وأداء مهمته أن يتجاوز بالاعتداء علي حرمة حياة الآخرين أو استفزاز الضيوف في برامجه .. فهذا ضد المهنية واخلاقيات المهنة , فالمهنية أن يمارس المذيع دوره الرقابي والنقدي كإعلامي مع مراعاة آداب الحوار وأنه أمام شاشة ويشاهده الملايين .. فلا يصح أن يتجاوز مع الضيف أو ينافقه .. بل يطرح أسئلة ويناقشه بشكل لا يسئ إليه , والاعلام مؤسسة من مؤسسات المجتمع وانعكس عليه بعد ثورة 25 يناير حالة غياب رؤية وعدم الاستقرار , وهذا طبيعي في ظل عدم التوافر الكامل للمعلومات لكن أنا أتصور أن الإعلام بعد أن يبدأ المجتمع بناء مؤسساته وعلي رأسها الدستور سوف يتأثر إيجابيا , وسينعكس هذا علي الأسس التي تحكم العمل الاعلامي في مجتمعنا واهمها التشريعي والقانوني والاقتصادي فكل الأوضاع الخاصة بالاعلام ستنعكس عليها الثورة ايجابيا لكن هذا سوف يتطلب وقتا بعد أن يبني المجتمع مؤسساته ويستقر . أما الدكتورة كريمان فريد الأستاذ المساعد بكلية الإعلام فتقول : برامج التوك شو تستخدم لتوجيه الرأي العام وبالتالي المذيع يعطي لنفسه الحق في توجيه النقاش وطبعا من حضر كضيف في برامج التوك شو يعرف إنه في الكواليس لا يتم توزيع الوقت علي المتحدثين بعدالة .. وخاصة إذا كانوا أصحاب وجهات نظر مختلفة فإذا كنت أريد أن ادعم وجهة نظري المختلفة وأقويها أعطيها ضعف الوقت الذي حصلت عليه زميلتي في البرنامج .. فقط علي بالانحياز لرأي المذيعة , ومقدمة البرنامج علي الطريق الآخر نجدها توجه السؤال بطريقة متحيزة لكي تحصل علي إجابة معينة .. تستعين بأشرطة ومادة فيلمية مثيرة للجدل وغير واضحه ثم تطلب من الضيوف تعليقا عليها , وعموما .. برامج التوك شو الكثيرة سلاح ذو حدين .. هي أفادت بنوع من التنوير خاصة وأن المجتمع المصري به نسبة الأمية عالية وهناك كثيرون لا يعرفون تفاصيل قضايا يعيشها مجتمعهم وبالتالي يتم تنويرهم وتثقيفهم من خلال الحوارات التي تدور في البرامج , وفي نفس الوقت أحيانا قد يكون الضيوف اصحاب وجهات نظر متطرفة أو لا تعبر عن المنطق الصحيح وبالتالي يضللون الناس قليلي الثقافة .