عاد الاعلامي محمود الورواري مرة أخري الي بيته الأول قناة العربية بعد غربة استمرت أربعة أشهر في قناة المحور رفض الحديث عن تفاصيل الاعتذار عنها. مؤكدا أنها تجربة انتهت بما لها وما عشليها, وقال انه حزين علي حال الاعلام المصري سواء المرئي أو المسموع وما وصل اليه خاصة وأنه لايوازي الثورة التي صنعها أبناء مصر, كما تحدث عن انشغال النخب السياسية بالغنائم والمكاسب ولم تهتم بالثورة أو استكمالها للنهاية, وتفاصيل أخري كثيرة تحدث عنها في حواره مع الأهرام المسائي. * ماسبب العودة مرة أخري الي قناة العربية؟ ** جاء اختياري لقناة العربية بعد الصورة التي كونتها عن حالة الاعلام المصري المرئي, فحينما عدت الي القاهرة كانت لدي الرغبة في أن أعيش في مصر, أعمل في الاعلام المصري بعد17 سنة من الغياب, وبهذه الرغبة اخترت قناة المحور, وبدأت عملي كرئيس للقناة لمدة شهر ثم فضلت التفرغ لعملي الأصلي كمذيع. * ولماذا اخترت العربية بالتحديد؟ ** حينما انسحبت من قناة المحور كان أمامي ثلاثة خيارات اما العمل في قناة من القنوات الخاصة أو التليفزيون المصري أو العودة لقناة العربية, وكانت أمنيتي أن أبقي عاملا تحت مظلة الاعلام المصري سواء الخاص أو الحكومي, ولكن بعد تأن ودراسة عميقة, توصلت الي نتيجة مهمة وهو أن الاعلام المصري المرئي الآن يمر بأزمة شديدة الخطورة, وأننا نعاني من انفلات اعلامي وليس أمني فالأخير يمكن أن نضع له حلولا, كما أن هذه الزحمة الاعلامية لا تعبر عن الحالة المصرية أو المواطن المصري الذي كان منسيا في العهد السابق تحت شعار الفساد, وأصبح أيضا منسيا الآن بحجة أننا مشغولون بالسياسة, وحينما تأملت هذا الوضع, ووجدت انه ليست هناك ضوابط في العملية الاعلامية أمنيا في ترخيص القنوات, ولايوجد ميثاق شرف اعلامي بين القنوات الخاصة والحكومية, كما أن وزارة الاعلام الموجودة أصبحت مسئوليتها حل مشاكل الموجودين في التليفزيون ولاترسم سياسة اعلامية في مصر, ولذلك رفضت أن أكون مجرد شخص ممن تعلق صورهم في شوارع القاهرة ولايعرفهم أحد, وكان علي أن انسحب ببطء, وأعود الي قناة العربية لأنه لايوجد مكان الان موثوق به اخباريا سواها, ولكنني في الوقت ذاته حرصت علي ألا أنقض عهدي مع المواطن وهو أن أعيش في القاهرة خاصة وأنني واحد من الناس ينطبق علي ما ينطبق عليهم, كما انني رجل لايستطيع احد ان يستهويه بمال أوشهرة فلا أموال التوك شو او شهرته تجعلني اغمض عيني عن بعض الاشياء من اجل عمل قرشين, الشيء الثالث والأخير هو أنني أشعر جيدا أن المواطن المصري. أصبح يمقت نوعية برامج التوك شو, وفقد ثقته بالاعلام وأصبح كافرا بالتليفزيون والقنوات, لدرجة أنه باتت هناك لخبطة ماهي قنوات الفلول ومن هم مذيعو الفلول, ولذلك علي من يحترم نفسه أو يحترم تاريخه أن ينسحب في هدوء. * وفي رأيك من هم الفلول في الاعلام المصري؟ ** الفلول هم من حلقوا شواربهم وذقونهم وعملوا بقنوات يقال عنها فلول, ولكننا أصبحنا لانعلم من هم الثوريون ومن الفلول, وفقدنا المعايير والضوابط, وحينما نفقدها يصبح الأمر سويقة بمعني أن أي شخص يفعل أي شيء وقتما يشاء, وتجربتنا ليست دموية مثل تجربة العراق حيث انتشرت صحف وقنوات كثيرة واغلقت بعد فترة, فما يحدث في مصر من أنفجار في الصحف والقنوات الفضائية يشبه ماحدث في العراق, ولكنهم كانوا يعيشون فترة كبت طويلة وكان من الطبيعي ظهور هذا الكم من الصحف والقنوات عندهم, أما نحن فلم نصل الي هذه المرحلة من الكبت فقد كنت أتمني أن نصل الي اعلام يوازي الثورة ولايتملق الثورة. * قيل انك تركت المحور بعد فشلك في تقديم برامج التوك شو ماتعليقك؟ ** هذا غير صحيح بالمرة فكيف أفشل, بعد أن قدمت54 حلقة منها25 حلقة انفراد ناقشت موضوعات حيوية مثل قانون الغدر الذي يتحدثون عنه الآن, وقانون حماية الشاهد, وتأريخ الثورة المصرية, وقانون استقلال القضاء, وجمعة السلفيين وقد حذرت منها وقلت أن الميدان يفقد بياضه, وبعدها بدأت الانتقادات لهذا اليوم, كذلك أحداث السفارة, وتحذيري من اقتحام السفارات في الوقت الذي كان فيه بعض المذيعين يدعون للهجوم علي السفارات, وقلت ان الدولة التي لاتستطيع حماية المؤسسات الاجنبية الموجودة فيها هي دولة ناقصة السيادة, واذا صدر تحذير من الاتحاد الأوروبي ستكون ضربة قاصمة لمصر, اذن الخطاب الواعي كنت مسئولا عنه, وكنت أقدم البرنامج بقناعات ومهنية الورواري, وليس بقناعات التوك شو المصري, ولذلك ستجد لأول مرة مذيع التوك شو يسير في الأستوديو, وكرسي الضيف لم يكن مقصورا علي الوزراء والمسئولين فقط بل للمواطنين أيضا, كما أن برومو البرنامج كان عبارة عن ميثاق شرف بيني وبين المشاهد, وخلال أربعة أشهر فقط كان عندي مشاهد أعمل من أجله, وبخلاف كل ذلك لايصح بعد17 سنة من الاحتراف أن يقال عني فشلت, فقد قابلت خلال مشواري احباطات ومشاكل ولم يكن فيها فشل, وكان سلاحي الوحيد هو الاخلاص في العمل رافعا شعار الشيخ الشعراوي رحمه الله يابركة الاخلاص. * كيف كان الاتفاق مع العربية؟ ** دعني أؤكد لك أن قناة العربية لها نظام وقواعد يسير عليها كل العاملين, ولايمكن لأحد ان يتخطاها, فهم يكنون لي وأكن لهم كل الاحترام والتقدير, وقد توصلت هذه القناة لشكل برامجي يلائم الورواري والحالة المصرية برنامج يمزج بين الخبر والتوك شو, وهو منتصف ليل القاهرة فهم يرون أن مايميز الورواري مدرسته في قراءة الخبر ويريدون لي أن احتفظ بالشكل الذي تميزت فيه, وفي نفس الوقت يستفيدون بالشكل الحواري خاصة ان الحوار يعتمد علي الخلفية الثقافية, هذا بالاضافة الي برنامج آخر وهو حوار العرب والذي كان يقدمه الزميل طالب كنعان حيث سأقدمه في حلة جديدة وقد تم أختياري من قبل ادارة القناة لتقديمه بعد التنسيق مع الزميل طالب كنعان, ومفترض ان كل حلقة سوف تسجل في عاصمة عربية وهذا يرضيني, حيث صنعت شهرتي من المشاهد العربي والمصري علي السواء, كما عملت في أكثر من دولة عربية وأعرف ملفاتها جيدا مثل أهلها, ولذلك لايمكن ان أتجاهل هذه الخلفية لانها ممتعة لانك حينما تقدم رسالتك لكل العرب يكون الأمر مختلفا. * معني ذلك أن لديك برنامجين أحدهما يناقش الشأن المصري والثاني للشأن للعربي؟ ** نعم منتصف ليل القاهرة برنامج خاص بالشأن المصري, وهو شكل مختلف عن التوك شو المصري المكلمة والتي تدور علي القنوات التليفزيونية عبارة عن مذيع وأكثر من ضيف يتحدثون والنتيجة في النهاية لاشيء, وكان علي أن أصنع التركيز المكثف, انتهي يوم وبدأ يوم جديد في الثانية عشرة مساء يمر علي الملفات الساخنة التي دارت في مصر, وآخر يتحدث عن الوضع العربي من مصر, فقدمت مثلا حلقة عن نهايات الزعماء العرب الأول آثر الفرار, والثاني آثر البقاء في مصر وأن يحاكم علي يد قضائه, والثالث قتل علي أيدي الثوار, كيف يمكن لهذه النهايات أن تطرح نفسها في اطار قراءة الثورات العربية, وكان موجودا ضيوف من تونس وليبيا ومصر, اذن الأطراف الثلاثة معي ولكن هنا في القاهرة, وهو مايحقق شعاري أن مصر هي قلب الأمة العربية والأخ الأكبر, وحينما ينشغل هذا الأخ الأكبر بقضاياه دون أن ينشغل بقضايا أخوته الصغار فهو اناني, ونحن كنا أنانيين طوال فترة حكم النظام السابق, حيث كان كل برامج التوك شو تدور في فلك مصر فقط, ونسيت مصر كما أنساها مبارك أنها الأخ الأكبر, ولكن الحقيقة أنك اذا أردت أن تتحدث عن مصر فمصر هي اليمن وسوريا ولبنان وكل البلاد العربية, مناقشة الحالة المصرية لاتختلف تماما لانها تؤثر في الحالة الليبية, والليبية تؤثر في مصر, وتؤثر في الحالة السورية والسورية تؤثر في مصر, وليس أدل من ذلك سوي الوساطة المصرية في صفقة تبادل الأسري بجلعاد شاليط, واخلاء سبيل1022 معتقلا بدأنا المرحلة الأولي, ولاتزال المرحلة الثانية في الطريق, حينما تستعيد مصر كرامتها ودورها الذي كان مفقودا, وعلينا أن ندرك أيضا أننا في مصر هذا البلد الذي لايجب أن ينسلخ لأنه في المقدمة وفي أول الطابور وهو القائد, كانت بوابة الشرق الأوسط, بعد أن أغلقت علي يد حسني مبارك, وفتح أردوغان بوابته فأصبحت تركيا هي بوابة الشرق الأوسط, ثم ايران تتنافس لتكون بوابة واسرائيل تسعي لأن تكون بوابة والسعودية موجودة كبوابة بديلة, وهذا كله في خلفيتي وأنا أصنع برنامجا ولذلك الشكل البرامجي القادم سيكون قلبي في مصر ونصف آخر في كل عاصمة من عواصم العالم العربي, وهذا الطموح يرضيني, ولايحققه الا قناة كبيرة مثل العربية. * كيف تري الحالة الاعلامية المصرية الأن؟ ** أنا حزين لما يشهده الاعلام المصري في الفترة الحالية, وتحديدا الصحافة المكتوبة التي تعيش حالة من الاسترزاق بمعني أن يوكل الشيء الي غير أهله, فالآفة التي دمرت الاعلام المصري المرئي هي نقل ثقافة الصحافة المكتوبة الي الصحافة المرئية التي لها معايير وقواعد تختلف تماما عن غيرها, فحينما ذهبوا نقلوا الصحافة المكتوبة للمرئية وأصبحنا نجد للبرنامج مسميات مثل رئيس تحرير ومدير تحرير مع أن مثل هذه الألقاب ليس لها علاقة بالمرئية, اضافة الي التصنيفات بين منوعات واخبارية ورياضية, كذلك فإن أهم أسباب الأزمة مبدأ التوثيق لان جزءا من الأخبار التي تقدم لم يبذل أصحابها مجهودا في التأكد منها أو توثيقها فأصبحنا نعيش حالة من الخبر ونفي الخبر والحقيقة وعدم الحقيقة, وضاعت الأشكال الصحفية فدخل الخبر في المقال والعكس. وللأسف حينما جاءت ثورتنا25 يناير لم يكن هناك رواد يحملون علي أكتفاهم ترميم البيت الصحفي والتليفزيوني والفني والسينمائي, فالافلام التي جاءت بعد ثورة25 يناير أسوأ بكثير جدا من الأفلام التي قدمت في عهد النظام السابق. وللأسف ذلك جاء نتيجة أنشغال النخب بلعبة السياسة فأصبحوا غير قادرين علي ممارسة السياسة أو عمل تحالفات ونسوا المواطن البسيط, وكذلك الاعلامي يضع في ذهنه أن يقول كلمتين لكي يقول عنه الناس أن فلان تكلم ويشيرون إليه, ونقول اننا أحسن ناس وأعظم ناس, لكن علينا أن نتحدث عن الأخطاء التي وقعنا فيها وأن مسار الثورة ينحرف, لان الثورات مثل مجاري مياه الفيضانات اما ان تصنع وتمهد لها مجري ماء والا ستتفرع وبمجرد أن تتفرع ستصنع أنهارا صغيرة ولاتصنع نهرا كبيرا لان الانهار الصغيرة تردمها عاصفة تراب, ونحن الآن نمر بحالة من التخبط اوصلت المواطن المصري أن يذهب الي الفلول ليسلم عليهم ويشتم في الثورة, ولذلك أقول ان حالة التخبط والتوهة التي وصلنا لها المسئول عنها النخب في مصر وأنا واحد منهم, وأيضا المسئولون عن الحالة السياسية والقضائية والنقابية كلها حالات مشغولة بأنفسها, وكأننا في يوم القيامة.