د. حامد العراقي: مصير المستشفيات الحكومية غامض.. ونخشى التلاعب بأموال التأمين الصحى د. محمد عز العرب: لو طبق القانون حرفيا فسيكون نقلة نوعية وحضارية للمريض المصرى
فى الوقت الذى يتمتع فيه قانون التأمين الصحى الشامل بإيجابيات كثيرة تعود على المواطنين، حيث إنه يلبى الحد الأدنى من الخدمات العلاجية بالشكل الذى يليق بآدمية المريض المصري، وسينظم العملية العلاجية داخل المستشفيات الحكومية والخاصة التى ستحصل على الاعتماد. إلا أن هناك بعض التساؤلات التى يطرحها الأطباء بما يضمن أن يؤتى القانون ثماره، من بين تلك التساؤلات: ما مصير المستشفيات والأطباء الذين لن يدخلوا لمنظومة التأمين الصحي، وما الضمانات التى ستمنع فتح الباب لسرقة المال العام تحت بند التأمين الصحى الشامل؟
الدكتور حامد العراقي، استشارى أمراض الكلى بمستشفى المنصورة الدولي، وعضو مجلس نقابة الأطباء، يقول: إن فكرة قانون التأمين الصحى الجديد فكرة ممتازة، وخصوصاً أنها تهدف لتقديم خدمة علاجية متميزة للمواطن فى مكان مهيأ ومناسب، لكن ما يقلق جميع الأطباء هو آلية التنفيذ وطريقة الرقابة على تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل.
وأضاف العراقي، لدينا عدة نقاط رئيسية طالبنا كنقابة أطباء وزارة الصحة، أن تجيب عليها أو توضحها لنا لكنها عجزت ولم تفعل حتى الآن، منها: معظم المستشفيات الحكومية غير مؤهلة للدخول للاعتماد من هيئة الجودة، وبالتالى لن تدخل ضمن منظومة التأمين، فماذا سيكون مصيرها؟
هل ستغلق أم ستعرض للبيع لشركات خاصة أو أجنبية تنفق عليها وتطورها ومن ثم تؤهلها للحصول على الاعتماد والجودة، وفى حالة حدوث ذلك ما الذى يحمى المواطنين من هذه الشركات التى اشترت المستشفيات الحكومية إذا أرادت رفع سعر الخدمة؟
وأشار العراقي، إلى أن من بين التساؤلات فى المنظومة، الأطباء الذين لن يدخلوا المنظومة ماذا سيكون مصيرهم؟ حيث إن منظومة التأمين الصحى الجديد ستتعامل مع مستشفيات معينة حاصلة على الاعتماد، وبالطبع ستتعامل مع أطباء متميزين يقدمون خدمة مميزة وستعطيهم أجرا مناسبا لذلك، لكن ماذا عن بقية الأطباء خصوصا الذين يعملون فى مستشفيات لم تدخل أصلا فى المنظمة ولا تصلح للحصول على الجودة؟
وأكد عراقي، أنه هناك مستشفيات تبنى منذ 20 عاما ومازالت حتى الآن لم ينته العمل بها بعد، وتطبيق هذا القانون يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة، والطبيعى أن الدولة كانت تجهز المستشفيات أولا من حيث المبنى والإمكانات والخدمات وتوفير أطباء بمستويات جيدة، وتحسين الأجور الخاصة بطاقم الأطباء والتمريض، ثم بعد ذلك نقوم بعمل النظام حتى يتسنى للمستشفيات الدخول فيها، أما الآن فلن ترى فى كل محافظة إلا مستشفى حكوميا واحدا هو الصالح للحصول على الجودة، وبقية المستشفيات ستكون من القطاع الخاص والهيئات المختلفة.
ولفت العراقي، النظر إلى أن منظمة التأمين الحالية المطبقة فى قطاعات بعينها يحدث بها تلاعب، حيث يصرف تقريبا للموظف 1000 جنيه دواء وهو لا يحتاجه، فيذهب الموظف ويطلب من الطبيب كتابة دواء أو مضادات حيوية ويذهب للصيدلى ويغيرها بمواد تنظيف وتجميل ويكسب الصيدلى فيها نحو 500 جنيه، فما الذى يمنع أن يتحول هذا المشهد فى التأمين الصحى الجديد، أو تنفيذ العمليات وتشخيص الحالات، خصوصا أن منظومة التأمين الجديدة ليس لها حد أقصى فى العلاج أو الأمراض حتى لو كانت زرع أعضاء.
الدكتور محمد عز العرب، مؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد، قال إن قانون التأمين الصحى الجديد طال انتظاره لما فيه من إيجابيات كثيرة تعود على المواطنين، كما أنه يلبى الحد الأدنى من الخدمات العلاجية بالشكل الذى يليق بآدمية المريض المصري، وسينظم العملية العلاجية داخل المستشفيات الحكومية والخاصة التى ستحصل على الاعتماد، ومن ثم سنحصل على الجودة التى يتمناها المواطن، ووفقا للدستور المصرى التى يكفل حق المواطن فى علاج جيد وآمن.
وأضاف عز العرب، أن الجودة التى سيوفرها هذا القانون، تتمثل فى دخول المواطن للمستشفى ليجد تشخيصا مرضيا سليما وعلاجا وفقا للمعايير الدولية ودرجة التعقيم أثناء التدخلات العلاجية ٪100 وجميع المستلزمات متوافرة ولا يقال للمواطن «اذهب واشتريها من الخارج»، وفى هذا القانون لأول مرة نجد ثلاث هيئات تشرف على تنفيذ هذا القانون الجديد وليست جهة وحيدة كما كان فى السابق وهى وزارة الصحة.
وأشار عز العرب، إلى أن هيئة الجودة والاعتماد على سبيل المثال منوط بها إعطاء تصاريح للمنشآت الطبية بل العاملين فيها، فعلى سبيل المثال: المناظير الطبية يجب أن توضع فى جهاز تعقيم لمدة 52 دقيقة، وهذا لم يكن يحدث فى السابق، لكن بعد تطبيق القانون فإن معايير الجودة والمتابعة الدورية تلزمه بالتعقيم الصحيح، مع توفير عدد مناسب من المناظير، علما بأن هيئة الجودة والاعتماد من سلطاتها سحب الترخيص من المستشفى أو العاملين، وتخضع مباشرة لرئاسة مجلس الوزراء وليست وزارة الصحة.
وأكد عز العرب، أهمية الميكنة التى تعمل عليها الدولة حاليا، حيث سيخضع جميع المواطنين لنظام التأمين الصحى الشامل، ويحمل كل مواطن كارتا ذكيا يحمل نظامه التأميني، كما ستتكفل الدولة بعلاج الأورام والأمراض المزمنة، والتأمين الصحى الجديد من شأنه القضاء على الروتين وتأخر حصول المريض للعلاج، وكنا قديما نضع المرضى على قوائم الانتظار لحين توافر العلاج أو استيفاء الأوراق وهو ما يؤدى إلى وفاة عدد كبير من المرضى لا تستطيع حالتهم الانتظار.
ونوه إلى أن الدولة، ستقوم بتحمل قيمة اشتراك 23 مليون مواطن فى منظومة التأمين الصحى الجديد، وسيكون ذلك من خلال وزارة التضامن الاجتماعي، ولو طبق القانون بما هو مكتوب حاليا فأنا أعتقد أنه سيكون نقلة نوعية وحضارية للمريض المصري.