سيظل يوم الخامس والعشرين من إبريل من كل عام يوما خالدا فى قلوب المصريين ووجدانهم، لن ينسوه أبدا، ففى مثل هذا اليوم منذ عام 1982 عادت سيناء الحبيبة إلى أحضان الوطن الأم بعد أن عانت من الاحتلال الإسرائيلى لها فى نكسة 5 يونيو عام 1967، بعد أن اجتاحتها القوات الإسرائيلية بالكامل ووصلت إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، وتبلغ مساحة سيناء 61 ألف كيلو متر مربع أكبر من مساحة إسرائيل التى تبلغ 22 ألف كيلو متر مربع، بما فيها هضبة الجولان والقدس الشرقية. وكان من الطبيعى أن تكون سيناء بالنسبة لإسرائيل هى المطمع الإستراتيجى سواء من حيث المساحة أو الموقع أو الثروات الطبيعية الهائلة التى تحتوى عليها، وتصورت إسرائيل أن احتلالها لسيناء فى حرب الأيام الستة من شهر يونيو عام 67 يمكن أن يستمر طويلا، فخططت للاستيلاء على مدن العريش ورفح ودهب ونويبع وطابا ونشرت قواتها فيها، كما أقامت خط بارليف على امتداد الضفة الشرقية للقناة، وأقامت التحصينات القوية والمواقع الحصينة المزودة بأحدث الأسلحة، كما أقامت مراكز للقيادة والسيطرة فى منطقتى أم مرجم وأم خشيب فى عمق سيناء، لإحباط أية محاولة لاقتحام القناة أو توجيه ضربات جوية لمواقع القوات الإسرائيلية على امتداد جبهة قناة السويس.
ذاقت مصر مرارة الهزيمة وتجرع المصريون آلام النكسة، وهم يرون أرض سيناء تحت الاحتلال، وقد رفع الإسرائيليون أعلامهم على النقاط الحصينة فى خط بارليف على امتداد الجبهة، وتصوروا أن احتلالهم لسيناء سيمتد إلى الأبد، وتوحد المصريون جميعهم لمواجهة هذا الخطر والاستعداد لإزالة آثار العدوان، وتحملوا الظروف الاقتصادية الصعبة التى عاشتها مصر فى أعقاب النكسة، وفى نفس الوقت كانت عملية إعادة بناء القوات المسلحة تجرى على قدم وساق، وتم تجنيد حملة المؤهلات العليا ودفعهم إلى الجبهة للارتقاء بمستوى الجنود والتعامل مع الأسلحة الحديثة استعدادا لمعركة التحرير، وكنت محظوظا أن التحقت بالقوات المسلحة بعد تخرجى فى الجامعة عام 72، وتمركزت مع مجموعة من الزملاء المجندين من خريجى الكليات المختلفة فى اللواء الخامس مشاه ميكانيكى بالفرقة 19 فى مواجهة العدو، بقطاع الجيش الثالث الميدانى، وفى الوقت الذى كانت الاستعدادات للحرب تجرى فى سرية تامة حتى لا يكتشفها العدو، كانت هناك عملية رائعة للخداع الإستراتيجى يقودها الرئيس السادات بنفسه، وأمكن خداع إسرائيل وأمريكا وأقمار التجسس، وكانت تصريحاته وتسريب معلومات للجواسيس والعملاء بأن مصر لا تستطيع أن تحارب وظروفها الاقتصادية صعبة، وإسرائيل لديها أحدث الأسلحة والطائرات الأمريكية.
وفى ظهر السادس من أكتوبر عام 1973، حدث الزلزال وانطلقت الطائرات المصرية على ارتفاع منخفض إلى قلب سيناء، وقصفت مراكز القيادة والسيطرة الإسرائيلية وفتحت الطريق إلى النصر، بينما أطلقت المدفعية آلاف القذائف على النقاط الحصينة لخط بارليف وانطلقت القوات المصرية على امتداد القناة، فى ملحمة رائعة لتحرر سيناء وتعبر الهزيمة إلى النصر العظيم الذى طال انتظاره. وتحققت المفاجأة وبدأت إسرائيل الانسحاب الجزئى من سيناء تنفيذا لاتفاقيات فك الاشتباك الأولى والثانية، وكما اتخذ الرئيس السادات قرار الحرب اتخذ أيضا قرار السلام بزيارته التاريخية للقدس وهو منتصر، وكانت اتفاقية كامب ديفيد، واستعادت مصر سيناء الحبيبة لتعود إلى أرض الوطن .
وكما ارتوت سيناء بدماء الشهداء فى نكسة 67 وفى حرب التحرير عام 73،خاض أبطال القوات المسلحة والشرطة حربا شرسة خلال الأعوام الأربعة الماضية ضد الإرهابيين وقوى الشر المأجورة، التى تصورت أنها قادرة على تنفيذ خطة جهنمية بإعادة احتلال جزء منها لصالح قوى استعمارية، وكان الأبطال على مستوى المسئولية فى الدفاع عن تراب الوطن وسالت الدماء الطاهرة مرة أخرى على ارض سيناء فداء لمصر وأوشك الإرهاب الأسود والإرهابيون أن يقتلوا ويدفنوا فى رمال سيناء لتعود عزيزة أبية إلى أرض الوطن، وتحتفل مصر كلها بالانتصار على الأعداء، وتتذكر هذا اليوم المجيد الذى نحتفل به كل عام.