عندما نتصفح جغرافية المشهد السياسي داخل منطقة اليورو، نشعر بشئ من القلق والخوف علي مستقبل هذة القارة البيضاء، وهو ما أكده وحذر منه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما ألقي خطابه الأهم والاخطر داخل أروقة البرلمان الأوربي منذ ايام قليلة. فقد طالب أعضاء البرلمان ورئيسه من تحقيق مبادئ الديمقراطية هذا من ناحية، ومن ناحية اخري قد نبه بخطورة الصراع بين اليمن المتشدد والأقليات المتطرفة الحاصلين علي الجنسية الثانية في دول المربع وهي فرنسا وألمانيا وبلجيكاوبريطانيا، إشارة الي العناصر الجهادية التي توطّنت القارة البيضاء منذ سبعينات القرن الماضي وهي فترة التحرك بكثافة للعناصر الراديكالية من بلدان الوطن العربي. هنا لابد ان نتوقف امام خطاب الرئيس الفرنسي الذي جاء متأخراً وهو ما كان يجب ان تنتبه اليه الحكومة البريطانية عندما وقعت حادثة سيڤن سيسترز في شمال شرق لندن في رمضان الماضي، وهي الواقعة التي تؤكد علي صحة ما حذّر منه الرئيس الفرنسي اعضاء البرلمان. هذة الواقعة تؤكد علي أن هناك صراع بين اليمين المتطرف وهم اصحاب القارة البيضاء والأقليات المتشددة والتي تسعي لتأسيس ما يعرف بالدولة الجهادية العظمي في دول المربع ، وملخص هذة الواقعة أن احد العناصر الراديكالية عقب انتهائه من صلاة الفجر في احد المساجد في شمال شرق لندن ، قام احد العناصر اليمينية المتشددة التي ترفض وجود هذة الأقليات الراديكالية بدهسه بسيارته اثناء خروجه من المسجد وتوفي في الحال- ووقتها قام جهاز شرطة إسكتلندا يارد بالتعتيم علي هذا الصراع واعتبارها حادثة عادية ، حفاظاً علي سمعة وتاريخ إسكتلندا يارد الأمنية - ولكن تبقي التفاصيل والمعلومات التي تؤكد صحة تحذيرات الرئيس الفرنسي بان هناك خطر سيهدد مستقبل القارة البيضاء، وهذا التهديد يتعلق بخريطة توزيع العناصر الراديكالية المتشددة في مَحيط دول الاتحاد الأوربي وأبرزها وليس الحصر - عناصر السلفية الجهادية في مدينة مولنبيك ببلجيكا وهي العناصر التي خرجت منها مجموعة نجم العشراوي الذي استهدف مطار زڤنتين في بلجيكا عام 2015، مجموعة فؤاد بلقاسم في بريطانيا ، لواء المقاتلين الأجانب برئاسة عبدالإله حميش المغربي في فرنسا بالاضافة الي جماعة فرسان العزة في نيس جنوبفرنسا، التنظيم الدولي لجماعة الاخوان في لندن ( مكتب كريكلوود ) - وجميعهم شاركوا داعش في حربه في دولة الشام والعراق خاصة العناصر التي انتقلت من فرنساوبريطانياوبلجيكا حسب تقرير الامن القومي الامريكي لعام 2015 ان العناصر المتطرفة القادمة من اوربا تمثل 45 ٪ من قوة المقاتلين التي قاتلت مع داعش منذ ظهورة. بالاضافة الي الدور التمويلي الذي قام به التنظيم الدولي لجماعة الاخوان لدعم هذة العناصر المتشددة التي شاركت داعش، والتي قاتلت في صفوف تنظيم ولاية سيناء في شمال سيناء ، كل هذا يقودنا ان الحكومات المتعاقبة داخل الاتحاد الأوربي تشارك في المسؤولية حول انتشار هذة الشبكات العنكوبتية والتي باتت تهدد منطقة اليورو في آطار حرب أهلية اشار اليها الرئيس الفرنسي في خطابه الأخير داخل البرلمان الأوربي. ربما يكون التحذير الأخير لما آلت اليه القارة البيضاء من انتشار موسع لعناصر متطرفة حصلت علي الجنسية الثانية وباتت مكون جغرافي وسياسي وتاريخي للقارة البيضاء، بل أن بعضهم يسعي ليكون لاعب أساسي في المشهد السياسي علي مستوي دول الاتحاد الأوربي كبداية لانطلاقات الدولة الجهادية العظمي بديلاً عن القارة البيضاء قارة السحر والجمال.