لم افاجأ،، ويخطئ من يقول إنه فوجئ بقرار الرئيس الأمريكي ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الامريكية إليها، جميعنا كان يعرف ذلك ويتوقعه، والرجل أعلن عن اعتزامه القيام بذلك اثناء حملته الانتخابية قبل توليه الرئاسة، ولم يتوقف عندها احداً طويلاً من منطلق أن هناك رؤساء قبله سبق أن أعلنوا عن ذلك ولم يقومون بالتنفيذ خوفاً من الرأي العام العالمي وتعرض أمريكا لأعمال إرهابية من المتشددين الذين يعتبرون القدس عاصمة أبدية لفلسطين. منذ أن تولى الرئيس ترامب مقاليد الحكم في الولاياتالمتحدةالامريكية، وهو يضع منطقة الشرق الأوسط على قائمة اهتماماته واطماعه ولا ننسى تلك الزيارة التي قام بها للمملكة العربية السعودية وابرم هناك اتفاقات عسكرية بمليارات الدولارات...ثم يتوجه منها الى إسرائيل ليؤكد دعمه لها. لقد اختار الرجل توقيتاً في منتهى الذكاء، فها هو الوطن العربي يتخبط في خلافاته الداخلية والإقليمية، تدخلات إيرانية لزعزعة استقرار دول الخليج التي سارعت لطلب الحماية الامريكية من هذا التدخل الإيراني، اغتيال رئيس اليمن السابق على عبد الله صالح على يد الحوثيين الموالين لإيران، تحالف عربي رباعي ضد دويلة قطر التي أصبحت تعتبر شوكة خيانة في قلب الخليج العربي ومصر بعدما اكتشف دورها السافر في دعم العمليات الإرهابية الموجهة ضد مصر تحديداً وبعض الدول العربية الأخرى مثل ليبيا واليمن، اهتمام مصر بمحاربة الإرهاب وتداعيات بناء سد النهضة وتأثيره على الامن القومي المصري، والسعي لتحسين الأحوال المعيشية للمواطن المصري البسيط، واستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، واستدعاؤه في السعودية ثم عودته في قراره بعد ضغوط دولية مورست بشكل او باخر على هذه الدولة او تلك ليعود مرة أخرى رئيساً لوزراء بلاده، تدهور الأوضاع الأمنية في سوريه وليبيا واليمن والعراق...رفض حركة حماس وحزب الله اللبناني ترك أسلحتهم بما يشكل خطر دائم على سوريه ولبنان وايضاً الحكومة الشرعية الفلسطينية. في كل هذه الأجواء الملتهبة التي تجعل كل دولة عربية مشغولة بهمومها، قام الرئيس الأمريكي بالاتصال ببعض الرؤساء العرب لإبلاغهم عن قراره الذي اتخذه...ولم يكن لهم من ردود أفعال قوية جعلته يتراجع عن قراره سوى انهم ابلغوه بان هذا القرار غير مدروس وسيكون له مردود سلبي على السلام في المنطقة العربية، ولم يعلنوا عن رافضهم لهذا القرار إلا الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي كان واضحاً وحاسماً في هذا الشأن حيث أعلن رافضه وتحذيراته من التداعيات التي سوف تحدث نتيجة هذا القرار. وكما هو متوقع انطلقت المظاهرات وارتفعت أصوات الحناجر تندد وتشجب وترفض وامتلات صفحات التواصل الاجتماعي بآراء من ليس لهم حول ولا قوه سوى الصراخ والعويل وانتقاد الحكام العرب على تخاذلهم تجاه هذا القرار...في حين جاءت تصريحات العديد من دول العالم الغربي اقوى وأكثر وضوحاً وصراحة من بعض الدول العربية. وبالرغم من كل ذلك، فإنني أرى أن هذا القرار كان بمثابة الحجر الذي القى بالمياه الراكدة، وأنه سوف يضع معظم – وليس كل – القيادات العربية في مواجهة مع شعوبهم مطالبين إياهم باتخاذ موقف متشدد ومؤثر يجعل الإدارة الامريكية تعيد النظر في هذا القرار. وهنا اشير إلى قيام بعض الدول العربية بدعوة مجلس الامن لجلسة طارئة لمناقشة هذا القرار بعد ضمان الدعم الروسي والصيني وبعض الدول الأوروبية الأخرى. ومع توقعنا باستخدام أمريكا لحق الفيتو إلا أن هذا الموقف القوى قد يجعلها تفكر بجدية في تأجيل تنفيذ القرار، وايضاً بالنسبة لضرورة انعقاد جامعة الدول العربية للنظر في هذا الشأن، وهنا يجب أن نكون اكثر واقعية ولا ننتظر ان تقوم أي دولة عربية بقطع علاقاتها مع أمريكا، ولكن يمكن أن يحدث ذلك من خلال الدبلوماسية الغاضبة وإلغاء بعض الصفقات العسكرية معها، لعل ذلك يمكن أن يحدث نتيجة إيجابية في هذا الصدد. كما أننى أتوقع أن تحدث بعض العمليات الإرهابية التي تستهدف الرعايا والمصالح الامريكية في دول كثيرة من العالم خاصة وأن الإدارة الامريكية قد لعبت بشكل غير مسئول على المعتقدات الدينية والتاريخية سواء بالنسبة للمسلمين او الاقباط فيما يتعلق بالقدس الشريف الذي يضم مقدسات إسلامية ومسيحية على حد سواء وهو ما يمكن ان يجعل ما حدث شرارة ونيران قد يكتوى بها الشعب الأمريكي سواء داخل أمريكا او خارجها. لابد من اتخاذ موقف عربي موحد سياسياً ودينياً وشعبياً ولا نكتفي بعبارات الشجب والتنديد والاستهجان، وليقف الأزهر الشريف والكنيسة المصرية موقفاً متشدداً لمواجهة هذا الغزو الصهيو أمريكي للقدس الشريف. فلتكونوا على قلب رجل واحد ولو مرة واحدة...ولتتذكروا انتصار أكتوبر 1973 عندما اتحد العرب معاً تحقق لنا هذا الانتصار وعادت لنا عزة الأوطان واحترام شعوب العالم لنا. وتحيا مصر