د. أحمد إمام: تحقيق التعاون الإقليمى من خلال تجارة الطاقة محمد يوسف: نجاح الاتفاق مرهون بالتوافق السياسى
د. عبد النبى عبد المطلب: ضم دول حوض النيل يمنع إنشاء السدود
يعد الربط الكهربى فرصة لتبادل التجارب والإستراتيجيات المرتبطة بالطاقة وتحقيق رؤية تمكن العالم العربى على المدى البعيد من تنويع أكبر لمصادرها، ولتحقيق ذلك لا بد من تضافر وتنسيق الجهود بين الدول العربية لتلبية متطلبات بلدانها من الكهرباء، إذ يعد الربط الكهربائى أفضل الحلول لما فيه من تبادل للخبرات وتوحيد للرؤية.. وقد كان توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء بين كل من الإمارات والبحرين والجزائر والسعودية والسودان والعراق وسلطنة عمان وقطر وجزر القمر والكويت وليبيا ومصر والمغرب، يتم بمقتضاها جعل القاهرة محورا للربط الكهربائى بين دول المشرق والمغرب العربى، بالإضافة إلى دول الخليج من خلال مشروع الربط الكهربى بين مصر والمملكة العربية السعودية.
واعتبر الكثيرون ذلك فرصة لإقامة سوق عربية مندمجة ومتناغمة للكهرباء ستفتح الكثير من المجالات المتنوعة، وتمكن الدول العربية من القضاء على الكثير من مشكلات أزمات الطاقة، خصوصا أن مصر تمتلك فائضا من الإنتاج يصل إلى 8 آلاف ميجاوات، ونحاول خلال التحقيق التالى عرض جميع تفاصيل الاتفاقية للوقوف على أكبر قدر ممكن من الاستفادة.
الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء يشيد بمشروع الربط الكهربائى العربى، ذلك للجدولة الاقتصادية والفنية حيث يعد أحد أهم محاور التعاون العربى، نظرا لما للطاقة الكهربائية من دور فاعل فى دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب وطننا العربى.
وأوضح أن الربط الكهربائى التام سيكتمل من الناحية الفنية فى المنطقة بحلول 2018، وذك بمجرد استكمال إنشاء محطة الربط بين مصر والسعودية بقدرة 3 آلاف ميجاوات.
محمد يوسف، الخبير الاقتصادى، أكد أن المنطقة العربية لها ميزة نسبية فى سوق الكهرباء، سواء المنتجة من البترول أو من مصادر الطاقة الشمسية، لأن النفط يعد المصدر الأول لإنتاج الكهرباء بالدول العربية، كما أن الدول العربية تقع معظمها فى منطقة الحزام الشمسي، الذى يتميز بأكبر سطوع شمسى فى العالم، وهذه الميزة العربية فى قطاع الطاقة الكهربائية يجعل التكامل بينهم ذا آثار إيجابية متعددة، أولها التوسع فى الإنتاج وتقليل الفاقد فى الطاقة الكهربائية، ثانيها الحماية من مخاطر تعطل الشبكات الرئيسية للكهرباء فى كل دولة على حدة، ونقل الخبرة التكنولوجية والاستفادة من القدرات التمويلية للدول العربية المصدرة للنفط، ثالثا تسهم الشبكات الرابطة بين الدول العربية فى إتاحة الفرصة للتكامل فى القطاعات الاقتصادية المعتمدة على الطاقة الكهربائية، ويسهم أيضا فى خلق مناطق جغرافية فى الحدود المشتركة بين الدول تلائم الاستثمارات المشتركة فى هذه القطاعات المعتمدة على الطاقة الكهربائية.
لكن هناك مشكلات فى هذا الربط الكهربائي، أولاها التكلفة الراسمالية المرتفعة، ثانيتها ارتفاع تكلفة التأمين للشبكات، وثالثتها ارتفاع تكلفة الصيانة، أما بالنسبة للوضع المصرى فالقاهرة تقع فى وسط الإقليم الجغرافى العربي، وهذا أهم الأسباب لجعلها المسئول عن شبكة الربط والذى بدوره من المتوقع أن يحقق الكثير من الفوائد للاقتصاد أهمها زيادة البنية الأساسية لقطاع شبكات الكهرباء وتقليل الفاقد فى الطاقة مع إمكانية جذب الاستثمارات العربية المتشابكة مع قطاع نقل الكهرباء.
وأوضح أن نجاح الاتفاق مرهون بالتوافق السياسى أولا، وثانياً بالقدرة على الوصول للوضع الأمثل فى توزيع العوائد والتكاليف بين الدول العربية المنضمة للاتفاق، لأن أساس الانضمام والتكامل هو زيادة العوائد الإجمالية للدولة، فى مقابل تقليل التكاليف المتوقعة والفعلية فى قطاع الكهرباء.
الدكتور عبد النبى عبد المطلب، الخبير الاقتصادى، اعتبر هذه الاتفاقية من الاتفاقيات الحيوية والمهمة لمصر والمنطقة العربية، فهى تضمن الاستخدام الأمثل للطاقة الكهربائية، نظرا لأنها غير قابلة للتخزين أو إعادة الاستخدام، وأعرب عن أمله أن تشمل هذه الاتفاقية دول حوض النيل إلى جانب الدول العربية، بحيث يكون هناك ربط كهربائى كامل يضمن توفير الكهرباء لدول حوض النيل، ولا يضطرها إلى إنشاء سدود جديدة على مجرى النهر.
وكشف عن أن مصر لا تعانى من أزمة كهرباء، فإجمالى الطاقة المتاحة يبلغ نحو 30 جيجاوات، بينما يبلغ الاستهلاك المصرى فى أقصاه نحو 29 جيجا وات، لكن أزمة انقطاع الكهرباء كانت ناتجة من عدم توافر الوقود لتشغيل محطات توليد الكهرباء فى مصر، لذلك أعتقد أن أهم مزايا هذه الاتفاقية هى ضمان توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء، ليس هبة أو بمقابل، لكن فى إطار التعاون والتكامل والمصلحة المشتركة، حيث ستجعل هذه الاتفاقية المنطقة العربية وحدة واحدة فيما يتعلق بتوليد الكهربا، وهذا سيضمن رفع كفاءة محطات التوليد فى مصر بما يضمن عدم انقطاع التيار الكهربائى، وتوفير مدفوعات الحصول على الغاز أو المازوت المطلوين لتشغيل محطات توليد الكهرباء فى مصر.
ولا يبتعد الدكتور أحمد إمام، وزير الكهرباء السابق عن هذه الرؤية فى أن الاتفاقية ستسهم فى تحقيق التعاون الإقليمى من خلال تجارة الطاقة وربط الشبكات الكهربائية العربية عن طريق مشروع الربط العربى الشامل الذى يتبناه المجلس الوزارى العربى للكهرباء، والذى سيكون له المردود الإيجابى على استخدام الموارد الطبيعية المتنوعة للطاقة بشكل أمثل.
وأضاف أن مشروع الربط العربى سيحقق تنمية إقليمية مستدامة تعتمد على تكامل سياسات حاضر ومستقبل الطاقة، لا سيما أن الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية فى العديد من الدول بات أمرا مستمرا، لذلك أصبحت هناك ضرورة لدعم الشبكات الحالية وتوسيعها لاستيعاب المزيد من التبادلات لمواجهة متطلبات التنمية ورفاهية شعوب المنطقة واستغلال الغاز الطبيعى لتصدير الكهرباء.