مشروع قانون لتنظيم الفتوى.. ومكرم محمد أحمد يطالب القنوات بالاعتماد على رجال الأزهر فى مناقشة القضايا الشرعية عبد الله كامل: إصدار الفتاوى لابد أن يستند إلى معرفة بالفقه وإلمام بظروف المجتمع
أثارت بعض الفتاوى التى صدرت أخيراً من بعض رجال الدين حالة من البلبلة والاستنكار والاستهجان فى المجتمع المصري، لأنها فتاوى شاذة لا تتسق مع العقل أو المنطق والقيم الإنسانية السوية، والمدهش حد العجب أنها خرجت من علماء أزهريين وأساتذة جامعة، مبررين ذلك بأنها جاءت ردًا على أسئلة الجمهور. كان آخرها فتوى أصدرتها الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بالأزهر، تبيح استخدام الأدوات الجنسية ومعاشرة البهائم، وفتوى الدكتور صبرى عبد الرؤوف، أستاذ الفقه المقارن بالأزهر الذى حلل معاشرة الزوجة «الميتة».
من بين الفتاوى الشاذة أيضا، إباحة أكل لحوم الكلاب التى أطلقها الداعية الأزهرى خالد الجندي، وتحريم «الشات» بين الشباب والفتيات والتى أطلقها الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل الأوقاف السابق، وفتوى الدكتور أسامة القوصى بإباحة رؤية الخطيب لخطيبته وهى تستحم، وفتوى أسامة عسكر، أحد علماء الأزهر، بأن الأغانى نوع من أنواع الدعارة، وفتوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء الإسلام مصطفى راشد، إن الخمر ليس حراماً، لكنه مكروه، هذا بخلاف تكرار الفتوى السلفية بحرمانية أداء تحية العلم فى المؤسسات الرسمية التى أطلقها الداعية السلفى سامح عبد الحميد، وفتوى د. عزت عطية، رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، الذى أباح للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها فى العمل منعا للخلوة المحرمة.
والسؤال كيف يواجه المجتمع تلك الفتاوى الشاذة، وما دور مؤسسة الأزهر فى وقفها ومجابهة فتوى غير المتخصصين ...هذا ما سنحاول معرفته من خلال هذا التحقيق: يرى الداعية عبد الله كامل أن الفتوى، يجب أن تكون من شخص متخصص فى الفقه. وفى الوقت نفسه على علم بالواقع، لأن العلم بالفقه وأصوله لا يكفى دون مراعاة للمجتمع، فقد تختلف الفتوى من شخص لآخر، فالشيخ يختلف عن الشاب. فقد روى عن رسول الله أنه جاءه شيخ وسأله: «أأقبل وأنا صائم، فقال نعم، ثم جاءه شاب وسأل نفس السؤال فقال لا، فسأل الرسول: لقد قلت للأول نعم والثانى لا، فقال الأول شيخ كبير يملك أربه، والثانى شاب لا يملك أربه» إذن فالفتوى تتغير حسب حال الشخص وحسب الظرف الاجتماعى، فالمفتى ليس مجرد شخص دارس للفقه والحديث والتفسير فقط، فهو يلاحظ حال المجتمع والبيئة والزمن، فالفتوى برمضان مثلا تختلف عن باقى العام .
التجرؤ على الإفتاء
الداعية محمد توفيق من علماء الأزهر يقول: إن الأزهر قام بدوره على أكمل وجه عندما قام باستدعاء الدكتور صبرى عبد الرؤوف والدكتورة سعاد صالح للتحقيق معهما، لأن إصدار الفتاوى عبر وسائل الإعلام يجب أن تكون بتصريح مسبق، بمعنى أنه تم الاتفاق عليها من قبل فى مركز كبار العلماء والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خصوصا المتعلقة بشىء جديد على الناس مثل معاشرة الوداع، وهى»حرام حرام حرام»، فنعم يجوز للرجل أن يغسل زوجته ويجوز للمرأة أن تغسل زوجها، فالتغسيل جائز، لكن بعد خروج الروح يحرم على الزوج معاشرة زوجته، فحتى الحيوانات لا تقبل هذا، وحتى من يبرر أن هذا بسبب الحب. فمن الأولى أن يحزن عليها، فالعقل غائب تماما فى هذه الفتوى، ولو أخذ أحد بتلك الفتوى فحكمها سيكون حكم الزانى بالموتى. وشدد توفيق على أنه يجب الرجوع عن الخطأ سواء بالقول أو الفعل وتصحيح ما تم قوله وكثرة الاستغفار. فقد قال عبد الله ابن عمر «أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار»، فالتجرؤ على الإفتاء غير الصحيح ولا أساس له، لأنها غير نافعة ولا تفيد أحدا ولا يبرئهم منها سوى الاعتراف بالخطأ والاستغفار بين يدى الله .
وأكد الدكتور عادل هندى، أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر، أن الفقيه أو المفتى ليس كل ما يعرفه يقوله، وليس كل سؤال يجب الرد عليه خصوصا فى وسائل الإعلام، ويجب أن نحترم مؤسسات الدولة المسئولة عن إصدار الفتاوى، وليس معنى هذا منع أساتذة الفقه من الفتوى، فيمكن لأساتذة الفقه إبداء آرائهم لكن فى الأمور العامة، أما الأمور الخاصة التى ستثير المجتمع فلا تجب مناقشتها فى الإعلام حتى تصدر فتوى من الأزهر أو دار الإفتاء.
تنظيم الفتوى
وفى إطار محاولات الدولة محاربة مثل تلك الدعاوى الشاذة، تقدم الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، بمشروع قانون لتنظيم الفتوى فى اللجنة الدينية، وسيتم طرحه فى الفصل التشريعى المقبل. ويحتوى القانون على 4 مواد أهمها: أنه تقتصر ممارسة الفتوى العامة عبر وسائل الإعلام على المصرح لهم فقط من هيئة كبار العلماء ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية والإدارة العامة للفتوى، ويعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وغرامة لا تزيد على 5 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العودة تكون العقوبة هى الحبس وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه .
كما أصدر مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قرارا بمنع ظهور الدكتور صبرى عبد الرؤوف على شاشات التليفزيون، وعدم استضافته فى المحطات الإذاعية حتى ينتهى الأزهر من تحقيقاته معه وإصدار قراره الأخير.
كما أكد أن المجلس أصدر خطابا للقنوات بمراعاة اختيار الضيوف والاعتماد على علماء من الأزهر والأوقاف فى مناقشة القضايا الشرعية.